حين بدأوا بالنزول من العربة، اختفى كوسيليكو من تلقاء نفسه.
يمكن الشعور بوجوده الخافت على كتف مييل، التي سارعت إلى تغطية رأسها بقلنسوة عباءتها.
وكذلك فعل كل من جايد وتوروي.
‘غيرنا ملامحنا بفضل جرعة التحول، وغطينا وجوهنا… لن يتعرف علينا أحد.’
فكرت مييل مطمئنة وهي تترجل برفقة الرجلين من العربة.
اقترب حرس الحدود الذين كانوا قد تحدثوا مع توروي قبل قليل.
قال أحدهم بأدب:
“تفضلوا بالدخول. سنرافقكم للداخل.”
كان من الواضح أنهم يعرفون هوية توروي، فلم يطلبوا أي معلومات عن مييل أو جايد، بل اكتفوا بمرافقتهم بصمت.
فكرت مييل وهي تخطو بهدوء:
‘يبدو أن مكانة سمو الأمير تكفل لنا الأمان… لم يشكك أحد في أمرنا.’
كان يفترض أنها سكرتيرة لتوروي، فيما جايد يؤدي دور خادمه.
‘حتى لو رأى أحد ملامحنا، فلن يتوقع أننا الساحر العظيم وتلميذته.’
في الواقع، لم تكن ملامح مييل معروفة لدرجة أن يتعرفها الناس، لكنها كانت مميزة، كوجه يصعب نسيانه.
أما جايد فرغم شهرته، فإن قلة من العامة سبق أن رأوه، وإن كان من يرى ملامحه يصعب أن ينساها.
عندما وصلوا إلى البوابة الرئيسية الهائلة للحدود، أشار الحرس إلى باب جانبي صغير بجانب الجدار:
“من هنا تفضلوا بالدخول. دخول الزوار من هذا الطريق غير مسموح به عادة لكن بما أنكم من الضيوف الكبار، سنستثنيكم.”
ساروا عبر ممر ضيق مظلم مضاء بالمشاعل المتناثرة على الجدران، حتى خرجوا إلى ضوء النهار.
أمامهم ظهرت مدينة يغلب على مبانيها اللون الأبيض، لكنها بدت بعيدة نوعًا ما عن السور، ما جعل تفاصيلها غير واضحة.
“يرجى الانتظار هنا قليلًا، ستصل العربة المخصصة للضيوف الكبار قريبًا.”
قال أحد الحراس قبل أن ينسحب بهدوء.
وبينما كانت المسافة تسمح ببعض الحديث، همست مييل:
“بفضل هوية سمو الأمير، يبدو أننا سنتحرك بحرية نوعًا ما.”
أجابها توروي بصوت منخفض:
“ذلك صحيح في الوقت الحالي، لكن قد يصبح الأمر معقدًا لاحقًا، خاصة اليوم…”
وأضاف جايد بصوت جاف وهو ينظر إلى مييل:
“من الطبيعي أن تستقبل العائلة الإمبراطورية زائرًا بمكانة ولي عهد مملكة هاغوران.”
أومأت مييل متفهمة:
“صحيح… لم أفكر في ذلك.”
وفي تلك اللحظة، ظهرت عربة فاخرة تجرها أربعة جياد بيضاء ناصعة، فتوقف الحراس وقالوا:
“ها هي العربة، بناءً على الوثائق التي قدمتموها، ستتوجه إلى القصر الإمبراطوري مباشرة.”
اكتفى توروي بإيماءة تأكيد.
وما إن وصلت العربة حتى انحنى الحرس احترامًا وقالوا:
“نتمنى لكم إقامة مباركة في فيرّهون.”
فتح السائق باب العربة، فصعد الثلاثة بهدوء، وما إن جلسوا وأُغلق الباب، حتى نزعوا قلانسهم.
تنهدت مييل بهدوء، وفي تلك اللحظة وضع جايد يده على نافذة العربة.
فانتشر من يده وميض من الضوء أحاط بمقصورة العربة.
سأله توروي بفضول:
“أي نوع من السحر هذا يا سيد البرج؟”
ابتسم جايد وقال باختصار:
“سحر عزل الصوت. لا نريد أن تتسرب محادثاتنا للخارج.”
“حتى السائق لن يسمع؟”
“بالطبع لا. رغم أنه بعيد بما فيه الكفاية، لكن لا ضرر في الحذر.”
ما لم يقله جايد هو أنه لم يكتفِ بهذا السحر فقط.
فقد تفحص العربة مسبقًا ليتأكد أنها لا تخضع لأي سحر تجسسي.
‘لحسن الحظ، لم أجد شيئًا مريبًا. يبدو أنهم لا ينوون مراقبتنا عن كثب، وهذا جيد… سيسهل علينا التحرك.’
مع اقتراب العربة من مدينة فيرّهون، خرج كوسيليكو من مخبئه على كتف مييل، وهبط إلى حجرها وهو يعبس:
“آه، هذا المكان سيء جدًا!”
ربّتت مييل على رأسه بحنان وسألته:
“ماذا بك يا كوكو؟”
أجاب جايد بدلًا منه، وهو يشير إليه:
“السبب بسيط. هذا الطائر مصنوع من طاقة سحرية نقية، وهذا المكان مليء بالطاقة المقدسة، وهما لا ينسجمان.”
فتحت مييل فمها متفاجئة:
“آه… صحيح، إنه أول متعاقد لأبي.”
أومأ جايد:
“لكن لا تقلقي، لن يموت أو شيء كهذا.”
قالها مبتسمًا، فاستدار كوسيليكو نحوه غاضبًا:
“أنت…!”
سألته مييل بقلق:
“هل أنت بخير يا كوكو؟”
تظاهر كوسيليكو بالمرض:
“آه، أشعر بالوهن…”
لكن جايد رفع حاجبه:
“لا تنخدعي يا مييل. إنه يمثل. حتى لو كان مخلوقًا من طاقة نقية، فإن ما في المكان من طاقة مقدسة لا يكفي لجعله بهذا السوء.”
قطّب كوسيليكو وجهه وترك التظاهر بالمرض.
قالت مييل بدهشة:
“إذًا كنت تمثّل؟”
“أوه، لا، ليس تمامًا! فقط… الجو غير مريح.”
ابتسمت مييل وقالت ممازحة:
“يبدو أنك حساس زيادة عن اللزوم.”
تدخّل جايد مجددًا ليشرح:
“ببساطة، الأمر مثل الفرق بين نوعين من الشاي الأخضر. كلاهما شاي لكن الطعم يختلف حسب مكان الزراعة. طاقة السحر والطاقة المقدسة متشابهتان من حيث الأصل، لكن طريقة إنتاجهما مختلفة.”
هزّت مييل رأسها ببطء، وتذكرت طعم الشاي الأخضر الذي شربته في غرين فوريون، وقد كان أكثر حلاوة من مثيله في هاغوران.
‘أجل، هذا يفسّر الفرق.’
قالت لكوسيليكو بعيون ضيقة:
“إذا كان الأمر كذلك… فأنت تمثّل فعلًا، أليس كذلك؟”
ردّ مرتبكًا:
“لااا! فقط كنت… منزعجًا جدًا.”
ضحكت مييل وقالت:
“حسنًا، يبدو أنك تتأثر أكثر من اللازم.”
حينها تحدث توروي الذي كان صامتًا طيلة الحديث:
“سنصل إلى عاصمة فيرّهون قريبًا.”
تبدلت ملامح مييل إلى الجدية.
“وجهتنا التالية هي القصر الإمبراطوري.”
أومأت مييل بتصميم:
“القصر…”
فمن الطبيعي أن يتوجه ولي العهد إلى هناك مباشرة.
‘مع ذلك، لا بد أنني سأجد فرصة للبحث عن الكنز…’
المشكلة أنها لم تشعر أبدًا بطيف والدها في هذه الأرض، رغم أن كوسيليكو أكّد أنه موجود هنا.
‘أصبح العثور على الكنوز أصعب من السابق…’
لكنها هزت رأسها نافية الفكرة.
‘لا. لن أستسلم الآن. تذكّري الحلم… لا بد أن أجد الكنز وبأسرع وقت.’
جددت عزمها من جديد.
ـــــــــ
ترجمة : سنو
فتحت جروب تيليجرام يضم هذه الرواية PDF وأقسام طلبات لرواياتي ومستقبلاً نسوي فعاليات وهيك قسم للسو
اليف عن الروايات ويمديكم ماتسولفون وبس تقرأون ♥️.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 86"