بعد انتهاء الوليمة الفاخرة، تم توزيع الغرف على مييل ورفاقها كلٌّ على حدة.
‘جميلة.’
هكذا فكّرت مييل وهي تتبع أحد خدم السيد جونغ داخل أروقة القصر.
لم يكن القصر مثل الجناح المنفصل الذي كانت به يونسو، بل كان فخمًا للغاية من الداخل، لكن اتساع مساحته، وما فيه من قطع أثاث عتيقة ومُختارة بعناية، أضفى عليه طابعًا هادئًا مميزًا.
‘مكان غريب فعلًا… هادئ، لكنه جميل.’
تابعت السير خلف الخادم، بينما ذهب جايد وتوروي في اتجاه آخر، إذ كانت غرف الضيوف في القصر مفصولة حسب الجنس.
بعد بضع دقائق، توقف الخادم أمام باب كبير وانحنى قليلًا قائلًا:
“هذه هي الغرفة التي ستقضين فيها ليلتك، آنستي.”
فتح الباب المنزلق، فكشفت الغرفة عن نفسها، واسعة، أنيقة، وإن كانت أكثر فخامة بقليل من الغرفة التي كانت تستخدمها آنسة الجناح المنفصل.
كان هناك سرير كبير، وإن لم يكن فخمًا كسُرُر القارة الشمالية، إلا أنه بدا مريحًا.
ارتسمت على شفتي مييل ابتسامة صغيرة.
“أتمنى لكِ ليلة هانئة.”
قالها الخادم بأدب، ثم انصرف.
تجولت مييل بعينيها في أرجاء الغرفة.
كان هناك طاولة صغيرة للأكل، وُضعت فوقها مزهرية تحمل أزهارًا وردية باهتة.
الأثاث القليل الموجود كان متناسقًا وأنيقًا، ولوحة حبر على أحد الجدران أضفت لمسة فنية هادئة.
“جميلة.”
قالتها مييل بصوت خافت، وفي تلك اللحظة، خرج كوسيليكو من حيث كان مختبئًا على كتفها طوال اليوم.
“آه، كنت سأختنق من ضيق المكان!”
قالها غاضبًا، وهو يحلق بجناحيه الصغيرين داخل الغرفة.
ابتسمت مييل وهي تتابعه بعينيها.
“آسفة، لم أقصد أن أطيل عليك.”
“لكنّك تجاوزتِ الحدّ يا مييل! ألا تشعرين بالذنب؟“
طاف بالقرب من وجهها وهو يرفرف غاضبًا.
“هاه؟ ماذا فعلت؟“
“عند الطعام! كيف يمكنكِ أن تتأخري في إعطائي نصيبي؟!”
تذكّرت مييل وجبتها قبل قليل.
كانت قد انشغلت بالطعام إلى درجة أنها نسيت كوسيليكو تمامًا.
ورغم أنها اعتادت مشاركته طعامها مؤخرًا، فقد تأخرت هذه المرة.
ضحكت بخفة.
“حقًا، آسفة. كنتُ مشغولة جدًّا بالطعام.”
“لكنّك أعطيتني نصيبي حين شبعتي تقريبًا!”
“لكنني أعطيتك كلّ ما رغبتَ فيه، أليس كذلك؟“
“نعم، لكنّي أردت أن أتذوّق الطعام معك، لا بعدك!”
“فهمت، فهمت. أنا المخطئة.”
ربتت على رأسه بخفة وهي تبتسم.
“مع ذلك… كان الطعم مدهشًا، رغم أني لم أرَ مثل تلك الأطعمة من قبل.”
“أليس كذلك؟ حتى أنا دُهشت من لذّتها!”
“لم أظن أنكِ ستأكلين بهذا النهم… هل سبق أن تذوقتِ شيئًا مماثلًا؟“
سألها بتلقائية، فترددت مييل للحظة قبل أن تهز رأسها نفيًا.
“لا، ليس تمامًا…”
لم تستطع أن تخبره بأنها تذوّقت مثل ذلك الطعام في حياتها السابقة، فاكتفت بابتسامة غامضة.
“أشعر بالشبع الآن. أفكر في ترتيب أغراضي ثم الخروج في نزهة قصيرة. هل ستأتي معي؟“
“نزهة؟ في هذا القصر؟“
رفرف بجناحيه متوجهًا إلى السرير، ثم تمدّد عليه.
“لا، لا أريد. أفضّل الراحة هنا.”
“غريب، عادة ما ترافقني دائمًا.”
“حتى أنا أحتاج إلى وقت خاص أحيانًا، أليس كذلك؟“
ضحكت مييل بهدوء.
“كوكو… أنت نعسان، أليس كذلك؟“
كان حدسها صائبًا، فأجابها بضحكة ناعسة:
“تبدئين في معرفتي جيدًا على ما يبدو.”
“حسنًا، إذن سأخرج وحدي. ارتحْ جيدًا.”
مرّت يدها على بطنه وهو مستلقٍ، ثم خرجت من الغرفة.
‘السيد جونغ قال إنه يمكنني التجوّل بحرية في القصر.’
لم تكن تخطّط للخروج بعيدًا، فالوقت متأخر.
أرادت فقط التجول قليلًا في الحديقة، وربما المرور على البركة.
خرجت من القصر بهدوء.
كان الظلام يلفّ المكان، لكن بعض المصابيح أضاءت الأرجاء.
تابعت السير مبتسمة، حتى وصلت إلى بركة تعيش فيها أسماك الشبوط.
في الليل، كانت المياه ساكنة وهادئة.
جلست على صخرة كبيرة قرب البركة، وأخرجت من صدرها العقد الذي كان بحوزة كلٍّ من هانليم ويونسو.
كانت قد حصلت على النصف الآخر من يونسو بعد شفائها، وقد قدمته لها عن طيب خاطر.
‘ربما… أجرب ضمّهما الآن؟‘
أمسكت بكل جزء في يد، ثم ضمّتهما معًا ببطء.
فوووش—
انبثق ضوء خافت من العقد، وفي اللحظة ذاتها، شعرت بقوة تنبعث منه.
‘هذا…’
ارتسمت على وجهها ابتسامة راضية.
كأن المعلومات حول العقد انسيابت تلقائيًّا إلى ذهنها.
إنه كنز سحري بحق.
كنز لا يعمل إلا بيدها وحدها.
حتى لو جمعه غيرها، لن يتمكّن من استخدامه.
فقد ورثت دماء الحكيم العظيم، وهي الوحيدة القادرة على تفعيله.
وكانت قوّته، كما أخبرها كوسيليكو من قبل، مدهشة فعلًا.
‘يسمح لي بالانتقال إلى مكان زرته من قبل… مرة واحدة في اليوم.’
مرّرت أناملها بلطف عليه، فاستقر العقد المتّحد الآن في عنقها، مخفيًّا بين ثنايا ثوبها.
لم يعد مقسومًا بعد الآن.
ثم لمست شيئًا خلف العقد.
تفقدته… فوجدت قطعة صغيرة من لوحة فنية، كما حدث عندما جمعت كنوزًا من قبل.
بملمسها ومظهرها، بدت كجزء متمم للوحة السماء التي كانت قد حصلت عليها سابقًا.
‘هل هذا… قمة رأس؟‘
بدت في القطعة خصلات شعر وردي، لكنها كانت صغيرة جدًا، بحيث يصعب تحديد مَن صاحبها، أو حتى إن كانت لأنثى أم ذكر.
‘ما الذي تحاول هذه اللوحة أن تخبرني به؟‘
تأملت القطعة بصمت، ثم سمعت صوت خطوات تقترب.
التفتت فورًا.
فإذا بجايد يظهر، مرتديًا معطفًا أسود طويلًا.
وقد انحلّ زران من قميصه، إذ كان الوقت متأخرًا.
“…مييل؟ لم تنامي بعد؟“
اقترب منها بابتسامة هادئة فابتسمت بدورها.
“خرجت لأتنزّه قليلًا قبل النوم. وأنت يا معلمي؟“
“أنا كذلك. هذه زيارتي الأولى للقارة الشرقية بعد كل شيء… بالمناسبة، ما تلك الرسمة؟“
اقترب ناظرًا إلى يديها.
“آه، لقد جمعتُ للتو نصفي العقد. وتبيّن أنه كنز حقيقي.”
“حقًا؟ إذن كان توقّعي في محلّه.”
“بل وأفضل مما توقعت.”
“وما قدرته السحرية؟“
سألها جايد بفضول، فابتسمت مييل بخبث وقالت:
“ستعرف غدًا.”
اتسعت عيناه قليلًا عند ابتسامتها، ثم خفّت ملامحه وابتسم بهدوء.
“سأنتظر بشوق.”
نهضت مييل من على الصخرة.
“سأعود الآن إلى غرفتي.”
تردّد جايد لوهلة، متسائلًا إن كان عليه أن يطلب منها البقاء، لكنّه غيّر رأيه خشية أن يربكها.
“إذًا، فلنعد معًا. كنت أنوي العودة أيضًا.”
رغم أنه لم يخرج إلا منذ قليل، إلا أن ذلك لم يكن مهمًّا.
فكل ما كان يريده… هو أن يطيل الوقت الذي يقضيه بجانب مييل.
————
ترجمة : سنو
فتحت جروب تيليجرام يضم هذه الرواية PDF وأقسام طلبات لرواياتي ومستقبلاً نسوي فعاليات وهيك قسم للسواليف عن الروايات ويمديكم ماتسولفون وبس تقرأون ♥️.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
اوهذااللينك : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباداحتياطي : punnychanehep
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 75"