معلمي قد جُنّ [ الفصل 67 ]
‘ما هذا …؟ ‘
ضيّقت مييل عينيها لا شعوريًا وهي تحدّق في هانليم.
ما أخرجه من سترته وراح يقبض عليه في كفه… كان عقدًا.
تتدلّى من السلسلة تعويذة دائرية ينبعث منها طيفٌ خافت، لكنه مألوف.
كان حجمها يعادل نصف راحة اليد تقريبًا، لكن شكلها بدا غريبًا.
جانبٌ منها دائري، أما الطرف الآخر فيبدو كما لو أن قطعة قد انتُزعت منه.
كان نصف سحاب منقوشًا عند الحافة، يتّصل بالشكل المقطوع على نحوٍ غير مكتمل.
‘ كأنه… جزء من شيء أكبر.’
ما شدّ انتباه مييل أكثر من الشكل هو تلك الهالة الرقيقة، التي بالكاد يمكن الإحساس بها، لكنها كانت مألوفة تمامًا…
‘ هذه طاقة والدي… ؟‘
انعقد حاجباها دون أن تشعر، وأخذت الاحتمالات تتكوّن في ذهنها.
‘ هل يمكن أن يكون هذا… من الكنوز الأثرية؟‘
لكنّها لم تكن متأكدة.
الطاقة المنبعثة كانت ضعيفة للغاية.
فحتى حين صادفت آثارًا مقدسة من قبل، كانت هالتها الطاغية تُحَسّ فور الاقتراب منها، حتى وإن كانت مختومة.
أما هذه… فلم يكن تأثيرها ظاهرًا على الإطلاق.
حدّقت في العقد برهة، ثم سألت بحذر:
“ هانليم… من أين حصلت على هذا العقد؟“
رفع هانليم رأسه، وقد غلبه البكاء:
“ هم؟ هذا؟“
“ نعم. بدا غريبًا بعض الشيء، لا أكثر.”
مسح دموعه وأجاب بهدوء:
“ أوه، هذا؟ وجدته منذ بضع سنوات… في كهفٍ عميق داخل الجبال.”
كهف في أعماق الجبال، مكانٌ يليق فعلاً بإخفاء كنز.
لكن أن يعثر عليه هانليم هكذا مصادفة…
‘ لا، لا يجوز أن أستعجل الحكم. لست متأكدة بعد من أنه كنز.’
تابعت مييل الاستماع بصمت.
“ كنت أتجوّل في جبل سوسا، فانزلقت من فوق منحدر، وسقطت في الكهف. وهناك عثرت على هذا الشيء…”
كهف يقع خلف منحدر… هذا يجعل الأمر أكثر احتمالاً.
“ كان هناك صندوق صغير في عمق الكهف، ووجدت هذا العقد بداخله. في الواقع، كان قطعة كاملة في البداية. كان هناك نصفٌ آخر له، لقد كان عقدًا كاملاً.”
ابتسم هانليم ابتسامة خفيفة وأكمل:
“ وقد أعطيت النصف الآخر لانستي. رأيته جميلاً، فأهديته لها.”
قالها بخجلٍ واضح.
‘ كان قطعة واحدة؟‘
مرّت في عقل مييل فكرة سريعة.
قطعة واحدة انقسمت إلى اثنتين.
ماذا لو أن القوة الحقيقية لا تُفعّل إلا حين تجتمع القطعتان معًا؟
‘ رغم ذلك… من غير المعقول أن يكون هذا كنزاً وحراسته ضعيفة إلى هذا الحد.’
نظرت إلى هانليم من جديد، لكن لم يكن فيه ما يُثير الريبة.
على عكس ما حدث سابقًا، لم تكن تظهر عليه أي أعراض غير طبيعية.
‘ هل يمكن أن يكون والدي قد ألقى عليه تعويذة خاصة؟‘
وهي لا تزال تفكر في ذلك، تذكّر هانليم شيئًا فجأة.
“ الآن وأنا أستعيد تذكر الأمر… أعتقد أنني أعطيت نصف العقد للآنسة قبل نحو شهر تقريبًا. وربما هو مجرد توهم… لكن حالتها بدأت تسوء بعد ذلك.”
اتسعت عينا مييل قليلاً.
وحدها نظرت بعفوية نحو جايد.
وكأنما قرأ أفكارها، التقت عيناهما في اللحظة نفسها.
قال هانليم بابتسامة مترددة وهو يعيد العقد إلى صدره:
“ لكن… هل يمكن لعقد أن يملك كل هذه القوة؟ ربما أتخيل فحسب.”
ظل جايد ومييل يحدّقان به بصمت.
ثم تبادلا نظرة صغيرة.
نظرة تقول لنراقب الوضع أولاً.
توروي الذي كان يراقب من الطرف الآخر، لاحظ تلك النظرة المتبادلة.
وحين التقت عينا مييل بعينيه، أدرك ما تخفيه نظرتها.
‘ لا تقولي إنك… ؟‘
فهم توروي مغزى الموقف كله من القصة التي رواها هانليم، ومن ردات فعل الاثنين.
في تلك اللحظة، حرّك جايد يده بلا مبالاة نحو زجاجة نبيذ قديمة موضوعة على الطاولة أمام الأريكة.
فوييب—
تدفقت مانا ذهبية من أطراف أصابعه، فارتفعت الزجاجة بلطف في الهواء.
عبرت الغرفة بهدوء، وهبطت على الطاولة أمامهم.
“ مذهل… أنت ساحر فعلاً.”
قالها هانليم بإعجاب.
“ ليس أنني كنت أشك فيك! لكنّ السحر نادر جدًا في القارة الشرقية.”
ابتسم جايد بخفة، ثم لوّح بيده مرة أخرى.
ارتفعت أربعة كؤوس نبيذ من الخزانة القريبة، وانسابت بهدوء حتى استقر كل منها أمام أحد الحضور.
“ ما من شيء يناسب ليلة كهذه أكثر من كأس نبيذ، أليس كذلك يا هانليم؟“
قالها جايد بنبرة ودودة.
مييلزالتي تعرفه جيدًا، فهمت فورًا أنها مجرد تمثيلية، لكن هانليم الذي التقى به للتو، لم يدرك شيئًا.
“ هاها، لم يسبق لي أن تذوقت النبيذ من قبل… لكن إن كنت تعرضه، فسيكون من دواعي شرفي.”
“ اشرب قدر ما تشاء.”
اتسعت ابتسامة جايد، ثم أشار بإصبعه ففُتحت الزجاجة، وانساب منها سائل أحمر ملأ الكؤوس الأربعة تلقائيًا.
“ أوه… رائحته طيبة جدًا.”
لم يلاحظ هانليم ذلك، لكن كميّة النبيذ في كأسه كانت أكثر من البقية بنسبة ملحوظة، قرابة 1.5 .
بينما كان منغمسًا في استنشاق الرائحة، أرسل جايد إشارة خفية إلى مييل وتوروي بعينيه.
‘ لا تُفرطا في الشرب. فقط ما يكفي لتبدوا طبيعيين.’
فهم الاثنان الإشارة، وتبادلا ابتسامة خفيفة.
وكادت مييل أن تنفجر ضحكًا، لكنها تمالكت نفسها.
‘ معلمي هذا… يتصرف وكأنه شرير أحيانًا. لكنه يفعل ذلك بنية طيبة.’
بينما هي تفكر، رفع جايد كأسه.
قدّمه نحو هانليم وقال:
“ لنشرب معًا.”
“ بـ– بالطبع. هذا لشرفٌ لي يا أخي الأكبر!”
رفع هانليم كأسه وصدمه بكأس جايد، ثم شربه دفعة واحدة… وكأنه يشرب ماءً أو بيرة.
‘… سيثمل بسرعة.’
قلقت مييل قليلاً، فحاولت أن توقفه:
“ هانليم، خذ الأمر بهدوء.”
“ آه، نعم يا مييل. سأفعل.”
لكن من الواضح أن هانليم لا يتحمل الكحول، وشربه السريع لم يساعد.
في لحظات، احمر وجهه كليًا.
“ واو… النبيذ ألذّ مما توقعت! هاها…”
بدأ لسانه يثقل بالكلمات.
واتّسعت ابتسامة جايد أكثر.
“ أتعلمين… الآنسة يونسو جميلة جدًا—”
بدأ يهذي بكلام عشوائي، يلتقط حبّات فاكهة ويثرثر بثقل.
وكان كل ما يقوله يبدأ بـ:
“ الآنسة هي~”
“ حين كانت في الخامسة عشرة، ارتدت فستانًا ورديًا فاتحًا… وبدت ساحرة جدًا—”
“ فهمت.”
كانت مييل تتعامل مع هلوساته بهدوء بالغ.
“ والآن، تبدو كأنها جنية…”
“ هكذا إذن؟“
“ نعم! إنها أجمل امرأة في مملكة سوسون كلها.
الخطّاب يتهافتون على يدها…”
“ بجمالها هذا، لا عجب.”
“ كادت أن تُجبر على زواج سياسي في الماضي. لحسن الحظ، ثارت ورفضت. هاها…”
وبعد فترة قصيرة—
دُف.
سقط ذراع هانليم من على الطاولة، حيث كان يريح ذقنه.
وقبل أن ينهار تمامًا، تقدم توروي بهدوء وأمسكه.
“ من الأفضل أن نأخذه إلى السرير.”
لحسن الحظ، كانت هناك سرير اضافي فارغ.
رفع توروي هانليم بسهولة، ووضعه على السرير في أقصى الغرفة، ثم غطّاه بالبطانية.
وعاد بعدها إلى الطاولة.
اقتربت الكراسي أكثر، وبدأت الأحاديث الجدية.
همس توروي بهدوء:
“ لا بد أن وراء كل هذا سببًا.”
أومأ جايد قائلاً:
“ أردنا وقتًا نتحدث فيه دون مقاطعة. ولم يكن من اللائق طرده ببساطة.”
أومأت مييل موافقة.
ثم حدّق توروي بها بجدية وقال:
“ آنسة مييل… ذلك العقد الذي كان مع هانليم، هل هو ما ما أعتقده؟“
ترجمة : سنو
فتحت جروب تيليجرام يضم هذه الرواية PDF وأقسام طلبات لرواياتي ومستقبلاً نسوي فعاليات وهيك قسم للسواليف عن الروايات ويمديكم ماتسولفون وبس تقرأون ♥️ .
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 67"