بعد فترة قصيرة، بدأت الطاقة الذهبية المتدفقة من يد جايد تخفت تدريجيًا.
ومض الحاجز الكبير المحيط بالسور الشمالي مرة، ثم أصبح شفافًا تمامًا.
هوو…
مرّر جايد يده في شعره بهدوء، وكان العرق قد بدأ يتكوّن بخفة على جبينه.
“انتهيت، يا صاحب السمو.”
خفض جايد يده وتحدث إلى توروي الذي تقدّم بخطوات هادئة وعلى وجهه تعبير إعجاب خفي.
“كما هو متوقّع من سيد البرج… مهاراتك لا يُعلى عليها.”
“بالطبع،”
ردّ جايد بابتسامة جانبية، ثم ما لبثت ملامحه أن أصبحت جادة.
“على الأغلب، وصل السحرة الذين أرسلتهم إلى باقي الحدود الآن. كلٌّ منهم بارع في مجاله، وقد وزّعت أربعة على كل منطقة، لذا يفترض أن تُقام حواجز قوية في مختلف الجبهات.”
“فهمت. شكرًا لك.”
“لا بأس. حتى الآن ركّزت السحر على الدفاع، لكني ضمّنت فيه عناصر هجومية أيضًا. باختصار، الوحوش لن تتمكن من اختراق الحاجز.”
“حقًا؟“
“نعم. أما البشر، فيمكنهم العبور من خلاله، مما يسمح للجنود بالبقاء داخل الحاجز والتصدي للوحوش من داخله.”
كانت مييل تستمع بصمت، واتسعت عيناها قليلًا عند هذا التوضيح.
تابع جايد:
“إذا لامست الوحوش الحاجز، ستُفعّل تعويذة لهب تلقائيًا. لهذا لا يمكنهم تجاوزه.”
“مذهل…”
تمتم توروي، وقد لمعت عيناه للحظة.
أما جايد فاكتفى بهز كتفيه بلا مبالاة.
“وسيبقى الحاجز قائمًا ليوم كامل على الأقل، وربما أكثر. أما باقي الجبهات، فالحواجز هناك تعمل بنفس الكفاءة، لذا يمكنك أن تهدأ قليلًا.”
ربّت جايد بخفة على كتف ولي العهد ثم أنزل يده.
ولو أن شخصًا غير الساحر العظيم فعل ذلك، لعدّ تصرفًا فظًا.
لكن جايد لم يكن شخصًا عاديًا، بل بطلًا يحمي جيش الإمبراطورية.
فاكتفى تروي بالابتسام.
“نعم، شكرًا جزيلًا لك يا سيد البرج.”
“بما أن الأمر انتهى هنا، فسأعود أنا ومييل.”
قال جايد وهو يتجه نحو مييل.
في الحقيقة، كان توروي يود التحدث معها على انفراد،
لكن في هذا الوضع، لم يكن بوسعه منعها من الرحيل.
“مفهوم. سأرافقكما حتى العربة.”
“بكل سرور.”
نزل الثلاثة معًا من فوق السور.
وخلال الطريق، كانت مييل تستعيد في ذهنها مشهد سحر جايد.
‘كان يبدو سهلًا من الخارج… لكنني أعلم أنه لم يكن كذلك.’
بدا بسيطًا فقط لأنه نفّذ من قبل شخص مثل جايد الساحر العظيم.
ولم يمضِ وقت طويل حتى وصلوا إلى العربة مجددًا.
“أتمنى لكما طريقًا آمنًا يا سيد البرج وآنسة مييل، أرجو أن تسافري بحذر.”
أومأ توروي لجايد إيماءة بسيطة، بينما منح مييل ابتسامة دافئة.
“آه، نعم، شكرًا لك يا صاحب السمو.”
أجابته مييل بلطف، ثم صعدت إلى العربة برفقة جايد.
لقد انتهى كل شيء في الحدود الشمالية أسرع مما كانت تتوقع.
بمجرد أن ضخ جايد المانا في العربة، بدأت تتحرك من تلقاء نفسها.
وما إن بدأت الجدران الشمالية تختفي تدريجيًا عن الأنظار، ظهر كوسيليكو من جديد، واستقر بهدوء على يد مييل.
“مييل.”
فتح جايد عينيه ببطء، بعد أن كان مستريحًا مغمض العينين.
تقابلت نظراته القرمزية الداكنة مع عينيها.
“عندما كنت أشكّل الحاجز… برأيكِ، كم تعويذة دمجت معًا؟“
تأملت مييل للحظة قبل أن تجيب:
“ربما خمس؟“
“إذن، قولي لي ما هي التعويذات الخمس التي تظنين أنني استخدمتها.”
ارتسمت على شفتي جيد ابتسامة خفيفة، مستمتعًا بسؤالها.
“نعم، إجابتك خاطئة. لكن ليست سيئة. بهذا المستوى من الفهم يمكنكِ بالتأكيد تنفيذ شيء مشابه، ولو أن نسختي كانت أكثر احترافًا.”
وكان على وشك أن يضيف شيئًا، حين قاطعه كوسيليكو.
“في الواقع، استخدم ثمانية أنواع من السحر يا مييل إلى جانب الخمس التي ذكرتِها، كانت هناك تعويذة لتمييز البشر، وتعويذة توسعة، ومعزز سحري لتقوية أساس الحاجز.”
عند شرح كوسيليكو، ارتسمت على وجه جايد ابتسامة جانبية.
“كما هو متوقّع من متعاقد الحكيم العظيم.”
“همف، لست بحاجة إلى مجاملاتك.”
قال كوسيليكو وهو يدير رأسه ويعبث بمنقاره.
راحت مييل تمسح على رأس الطائر الصغير بلطف.
“فالمتعاقد يولد من السحر الخالص، لذا قدرته على كشف التعويذات توازي أغلب السحرة رفيعي المستوى.”
قالها جايد وهو ينظر إلى مييل بنظرة دافئة.
“وأنتِ، يا مييل، تملكين موهبة حقيقية. وإن واصلتِ تدريبك، ستغدين قوية للغاية، بغض النظر عن نوع القوة التي تملكينها الآن.”
أشرق وجه مييل بكلماته.
“بالطبع، اضطررنا لإيقاف تدريبك السحري مؤقتًا بسبب الظروف، لكن حين تهدأ الأوضاع، سأعلمك المزيد من التعويذات.”
قال جايد ذلك بنبرة صادقة.
أومأت مييل برفق وابتسمت ابتسامة هادئة.
“نعم، يا معلمي.”
وهذه الابتسامة أثارت في قلب جايد شيئًا دافئًا.
شعر بحرارة خفيفة تصعد إلى وجنتيه، فصرف نظره بسرعة.
“وبالمناسبة يا مييل، علينا أن نستعد للانطلاق قريبًا للبحث عن الكنز التالي.”
“أوه؟ بهذه السرعة؟“
“نعم. على الأرجح أن ولي العهد لن يتمكن من مرافقتنا هذه المرة، لذا من الأفضل أن نبحث عنه بأنفسنا. سيوفر علينا الوقت.”
أومأت مييل ببطء.
“نعم، أوافق. يمكننا المغادرة بعد بضعة أيام. ووفقًا لما أخبرتي به كوكو، فهو موجود في القارة الشرقية…”
“القارة الشرقية؟“
اتسعت عينا جايد قليلًا، وهذا طبيعي، فهي واحدة من أبعد المناطق على الإطلاق.
“همف. صحيح أنها بعيدة، لكن هذا يعني أن الكنز الموجود هناك أكثر قيمة.”
علّق كوسيليكو.
“ما نوع ذلك الكنز يا تُرى؟”
سأل جايد.
لكن كوسيليكو لم يجبه.
“ستراه بنفسك حين نصل.”
‘ما الذي يمكن أن يكون؟‘
تساءلت مييل بصمت، بينما كانت العربة تندفع نحو البرج.
حين وصلا، خلع جايد عباءته على الفور وقال:
“مييل، خذي باقي اليوم للراحة.”
وكان ظهره العريض ظاهرًا من تحت قميصه.
“نعم يا معلمي.”
ردّت مييل بصوت منخفض، واتجهت إلى غرفتها برفقة كوسيليكو.
‘سننطلق قريبًا للبحث عن ديريك…’
جلست على مكتبها، وبالرغم من انشغال توروي، شعرت أنه من الواجب أن تبلّغه على الأقل.
تناولت ريشة وبدأت تكتب رسالة قصيرة.
محتواها بسيط: أنها ستغادر قريبًا للبحث عن الكنز التالي مع جايد، ولا حاجة لأن ينضم إليهما ولي العهد بما أنه مشغول.
“همف. سيد البرج ذاك لن يُكلّف نفسه عناء إرسال رسالة. لكن لطفك ليس شيئًا سيئًا.”
قال كوسبليكو وهو يراقبها من على المكتب.
فقد كانت الرسالة، لمنع توروي من زيارة البرج ليجده خاليًا.
“أنتِ تبالغين في مراعاة الآخرين يا مييل.”
قالها كوسيليكو وهو يطالع الرسالة.
فردّت مييل بضحكة ناعمة:
“ليست مراعاة، بل أدب بسيط لا أكثر.”
ربّت كوسيليكو على يدها بجناحه الصغير.
“لكن عيشي ببعض الأنانية يا مييل. فكّري بوالدكِ.”
راحت مييل تمسح على رأس الطائر الصغير برفق.
“أعتقد أنني أنانية بما يكفي.”
ضحكت كوسيليكو بخفة.
“حسنًا، ربما هكذا أراها أنا فقط. إذًا، هل انتهيتِ من الرسالة؟“
“نعم، انتهيت.”
“جيد. سأرسلها لولي العهد.”
في تلك اللحظة، انبعث ضوء أبيض من جسد كوسيليكو، ثم تسلل إلى داخل الرسالة، وفي غمضة عين… اختفت الرسالة.
“مذهل يا كوكو.
“همف! هذا بسيط بالنسبة لي!”
____________
ترجمة : سنو
فتحت جروب تيليجرام يضم هذه الرواية PDF وأقسام طلبات لرواياتي ومستقبلاً نسوي فعاليات وهيك قسم للسواليف عن الروايات ويمديكم ماتسولفون وبس تقرأون ♥️.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 56"