“ عنيدة أيضًا على ما يبدو.”
“ ه– هل تتهكم عليّ الآن؟“
تذمّرت مييل قليلاً، فضحك جايد ضحكة خافتة.
“ بما أنك قادرة على الرد هكذا، فأنتِ بخير حقًا. إذًا، ارتاحي قليلًا بعد.”
قال ذلك وهو ينهض من مقعده.
“ الشمس أشرقت الآن، وأعتقد أن لورا ستجهّز الفطور قريبًا. استريحي حتى يحين ذلك الوقت.”
ثم مد يده وربّت بخفة على رأسها قبل أن يغادر غرفتها.
أطرقت مييل رأسها إثر فعله ذاك.
‘ رَبْتَ على رأسي؟ لا بد أن معلمي قد جن فعلًا.’
لكن المشكلة لم تكن في تصرفه فقط… بل في قلبها الذي بدأ ينبض بجنون.
“ مييل، هل استيقظتِ؟ اغتسلي وتعالي لتناول الفطور.”
بعد قليل، دخلت لورا غرفتها كما قال جايد تمامًا.
ردّت مييل وهي تحاول تهدئة قلبها:
“ نعم، سآتي حالًا.”
واتجهت مباشرة نحو الحمّام.
“ هممم؟ مييل، وجهك محمرّ!”
سألها كوسيليكو بفضول، لكن مييل تجاهلته تمامًا ودخلت الحمام دون أن تجيب.
‘ لا بد أن قلبي يعاني خللًا حقًا.’
لذا أخذت حمامًا بماء بارد حتى تهدأ، وما إن انتهت حتى استعادت هدوءها المعتاد.
ارتدت ملابسها وخرجت من الغرفة برفقة كوسيليكو، لتصادف توروي في الممر.
“ آنسة مييل، هل نلتِ قسطًا جيدًا من النوم؟“
“ أه… صاحب السمو. نعم، وأنت؟“
“ وأنا أيضًا، لقد نمت جيدًا.”
نزلا معًا إلى الطابق الأول، حيث كانت لورا قد جهزت مائدة فطور عامرة… وإن كانت نباتية بالكامل.
“ مييل، تعالي وكلي.”
“ شكرًا لك يا لورا. سأبدأ.”
جلست مييل تبتسم وبدأت بالأكل، وجلس أمامها كل من جايد وتوروي.
“ كيف تشعرين يا مييل؟“
سألها جايد بنبرة عادية، كأن شيئًا لم يحدث البارحة.
“ أنا بخير تمامًا.”
ردّت مييل وهي تأكل الخبز والسلطة بنشاط.
لكن في تلك اللحظة، فتح باب المنزل بقوة.
“ لورا! أمر عاجل! لا، في الواقع، إنه أمر مذهل!”
“ سامويل، لا تربكني! لورا، لقد حدثت معجزة!”
كان الداخلان هما سامويل وبيهين، وقد اندفعا إلى المنزل بسرعة.
“ سامويل؟ بيهين؟ ما الخطب منذ هذا الصباح؟“
“ لا وقت للشرح، عليكِ أن تري بنفسك!”
قالها سامويل وهو يمسك بمعصم لورا ليقودها معه، بينما اقترب بيهين من الثلاثة الجالسين:
“ مييل، أنتما أيضًا. تعالوا معنا.”
ولأول مرة، كانت ترتسم ابتسامة واضحة على محياه.
خرجت مييل ولورا وجزيد وتوروي معهما من المنزل، واتجهوا نحو وسط القرية.
“ إنها معجزة حقيقية!”
“ شجرة العالم استعادت حالتها الأصلية!”
كان الإلف في كل مكان يحتضنون بعضهم بفرح، لا يصدقون أعينهم.
في الطريق إلى موضع شجرة العالم، لم تكن لورا قد استوعبت الموقف بعد.
لكنها انتبهت حين لاحظت أن تلوّث إلرون قد اختفى تمامًا.
“هذا …!”
اتسعت عيناها بشدة، وما إن وصلت إلى الشجرة، حتى فاضت دموعها.
“ لورا! انظري!”
“ تلوّث شجرة العالم اختفى!”
“ بل ونبع الحياة أيضًا عاد كما كان!”
اجتمع الإلف حول الشجرة، يتهلّلون بفرح غامر.
كانت شجرة العالم تتلألأ في ضوء الشمس، تشع بالحياة والجمال.
“ كيف… حدث هذا؟“
توروي أيضًا وقف مشدوهًا، فقد كانت الشجرة بالأمس عديمة الحياة تمامًا.
ثم لاحظ أن مييل وجايد لم يبدُ عليهما الدهشة، بل كانا هادئين، وكذلك كوسيليكو.
“ آنسة مييل… هل تعلمين ما الذي حدث؟“
سألها توروي، لكنها لم تعرف كيف ترد، فتدخل جايد قائلًا:
“ حسنًا، فلتفترض أنني من أصلحت الأمر، يا صاحب السمو.”
“ أنت؟“
“ نعم. استخدمتُ قدرًا لا بأس به من قوتي البارحة.”
ابتسم جايد وهو يقول ذلك، ورغم أن توروي لم يكن واثقًا تمامًا من صدقه، لم يجد بُدًا من الإيماء.
“فهمت …”
بعد قليل…
اكتشف الإلف أن ليس فقط شجرة العالم ونبع الحياة قد عادا كما كانا، بل إن كامل الغابة استعادت حالتها الأصلية.
فما كان منهم إلا أن أقاموا مهرجانًا احتفاليًا على الفور.
“ شجرة العالم استعادت حياتها، وأزمة الطعام انتهت!”
“ أخرجوا ما ادخرتموه من الشراب واحتفلوا جميعًا!”
أحضر الإلف الشراب والطعام إلى جوار الشجرة، وبدأوا يتشاركون الفرح.
“ هيا يا مييل، اشربي معنا!”
قالت لورا وهي تقدم لها كأسًا، فابتسمت مييل واعتذرت:
“ أفضل شيئًا غير كحولي، إن سمحتِ.”
“ إذًا جربي هذا، عصير البرتقال خاصتنا، من وصفات الإلف!”
تناولت مييل العصير وجرّبته… وكان لذيذًا حقًا، تمامًا كما تحب عصير التفاح.
“ طعمه رائع فعلاً!”
“ أليس كذلك؟ نحن الإلف نتقن الطهو أيضًا!”
وبينما كانت مييل تضحك مع لورا، كان جايد وتوروي يقفان في طرف الحشد يشربان بهدوء.
“ يا سيد البرج… هل مييل هي من أصلحت كل شيء؟“
سأل توروي، وقد بدأ يربط الخيوط.
فأومأ جايد دون تردد:
“ صحيح. لكن طريقة قيامها بذلك… تعتبر من أسرار البرج.”
“…فهمت .”
قبض توروي على يده ببطء دون وعي، ثم أرخاها.
طالما أن الأمر يخص برج السحر، فلا يمكنه الاستفسار أكثر.
وكما لا يمكنه البوح بأسرار القصر الإمبراطوري… كان يشعر فجأة ببعض البعد عن مييل.
‘ آنسة مييل…’
نظر بصمت إلى ظهرها وهي تضحك مع لورا.
وهكذا، مرّت لحظات أخرى من الهدوء والفرح.
“ مييل، حان الوقت لنُخرج لك ما تركه كاريلادين!”
اقتربت لورا وسامويل وبيهين من مييل.
“ أنتِ أتيتِ إلى هنا من أجل هذا، أليس كذلك؟“
“ وبما أنني الأفضل في السباحة بيننا، سأذهب لأحضره.”
قالها سامويل وبيهين بالتتابع، بينما اكتفت مييل بابتسامة هادئة وهي تنظر إليهما.
“ سأذهب معكما.”
ما إن تحركت مييل لمرافقتهم، حتى تبعهم كل من جايد وتوروي تلقائيًا.
‘ لقد زال التلوث، ويمكنني الآن أن أشعر بوضوح بطاقة والدي…’
وصلوا أخيرًا إلى نبع الحياة، وقد اختفى التلوث تمامًا منه، فبدت المياه صافية شفافة، يعكس سطحها السماء.
وكانت هناك أسماك غريبة الشكل تسبح بداخله، ويبدو أن عمقه ليس بالقليل.
“ سأعود بسرعة.”
قالها بيهين وهو يخلع قميصه، ليكشف عن نصف جسده العلوي، بنية متناسقة وجمال طبيعي يميز الإلف.
اتسعت عينا مييل قليلًا بدهشة، لكن في اللحظة التالية، مد جايد وتوروي يديهما في وقت واحد ليغطيا عينيها.
“ هاي، لا ينبغي لصغيرة مثلك رؤية هذا.”
“ أنا لست صغيرة على فكرة!”
احتجت مييل بصوت خافت، وأزاحت يديهما عن وجهها، لكن بيهين كان قد قفز إلى المياه بالفعل.
‘ تبا… فاتني المشهد.’
تمتمت في سرها بضيق، ثم اقتربت من حافة النبع.
رأت بيهين ينزلق برشاقة إلى أعماقه.
“ واو، إلى أي مدى يمكن أن يكون هذا النبع عميقًا… ؟“
“ احذري يا مييل. عمقه أكثر مما يبدو.”
قالت لورا وهي تمسك بذراعها برفق وتسحبها إلى الخلف.
“ طبعًا، لو سقطتِ، سأنقذك بنفسي.”
غمزت ممازحة.
ومر بعض الوقت…
صوت غطس في الماء– ( لمه اكتب كذا هو فعلًا فيه صوت بعيدًا عن التأثيرات الي ترجمتها غريبه..)
خرج بيهين من المياه، وقطرات الماء تتلألأ على جسده تحت ضوء الشمس، مما زاده تألقًا.
اتسعت عينا مييل مرة أخرى، ولم يتمكن جايد أو تروي من حجب رؤيتها هذه المرة، فقد اقترب بيهين منها مباشرة.
“ تفضلي يا مييل. هذا هو ما تركه لكِ كاريلادين.”
ناولها صندوقًا خشبيًا صغيرًا. أخذته على الفور.
رغم أنه كان محفوظًا في بيئة شديدة التلوث سابقًا، إلا أن الصندوق بدا وكأنه لم يُمس، وكان دون أي خدش.
حتى القفل ما زال سليمًا.
“ إنه مقفل…”
لكن ما إن وضعت مييل يدها على القفل، حتى انفتح بسلاسة دون أي مقاومة.
وما إن فتحت الصندوق، حتى وجدت بداخله كتابًا يبدو قديماً وعتيقاً.
‘ هذا هو كتاب العصور القديمة.’
تناولت مييل الكتاب، وما إن فعلت حتى اختفى كل من الصندوق والقفل.
ثم بدأت طريقة استخدام الكتاب تتدفق إلى ذهنها كأنها كانت تعرفه منذ البداية.
_____________
ترجمة : سنو
فتحت جروب تيليجرام يضم هذه الرواية PDF وأقسام طلبات لرواياتي ومستقبلاً نسوي فعاليات وهيك قسم للسواليف عن الروايات ويمديكم ماتسولفون وبس تقرأون ♥️ .
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 49"