معلمي قد جُنّ [ الفصل 42 ]
“ من بين كل الأماكن… غرين فوريون؟“
“ ما الأمر يا سيدي المعلم؟“
“ ألَا تعلمين؟ الإلف يكرهون البشر بشدة، بل أقول إنهم يمقتونهم حدّ الكراهية العرقية. إنهم لا يحتقرون البشر فقط، بل يحتقرونهم كجنس بأكمله.”
“ كنت أعلم أنهم لا يحبون البشر، لكن… إلى هذه الدرجة؟“
أومأ جايد برأسه مؤكدًا:
“ نعم، فهم كائنات تعيش في انسجام مع الطبيعة، بينما يرون أن البشر يدمرونها دون رحمة.”
هزّت مييل رأسها موافقة:
“ حسنًا… هذا ليس خطأ تمامًا.”
“ صحيح، ولهذا السبب تحديدًا علينا أن نكون أكثر حذرًا هذه المرة. الأمور لن تكون سهلة كما كانت من قبل.”
كان موقع أول كنز في جبل جليدي، وكان التعامل مع الطبيعة فقط، لذا لم يكن التحدي كبيرًا خاصة بفضل سحر جايد.
لكن التعامل مع الإلف… قصة مختلفة تمامًا.
لا أحد يعلم كيف سيحاول أولئك المتعجرفون تعطيل طريقنا…
وقبل أن يغادر الغرفة، سأل جايد مييل:
“ متى تنوين الانطلاق؟“
“ بعد يومين.”
“ فهمت. أتمنى لكِ ليلة هادئة.”
وابتسم لها ابتسامة خفيفة وهو يغادر، فكان لتلك الابتسامة أثر كافٍ لجعل قلب مييل يخفق قليلاً أسرع من المعتاد.
“ أوه… ابنة لياد، هل تعانين من خلل في القلب؟“
سألها كوسليكو ببراءة.
“ ربما… يبدو ذلك.”
***
في اليوم التالي.
خططت مييل أن يكون الانطلاق بعد يومين لأسباب وجيهة، لكنها أنهت استعداداتها سريعًا نظرًا لما اكتسبته من خبرة من الرحلة السابقة.
لكن ما كانت تنتظره اليوم لم يكن له علاقة بالرحلة بل بزيارة الأميرة روبينا للبرج السحري.
“ كوكو، لم تنسَ ما قلتُه لك، أليس كذلك؟“
“ كاك… لم أنسَ.”
بينما كانت تسير نحو غرفة الاستقبال، تحدثت مييل إلى كوسيليكو الجالس على كتفها.
“ حاول ألّا تظهر للعيان، وعلى الأقل نادِ أبي بلقب الحكيم العظيم أمام الآخرين. اتفقنا؟“
“ فهمت فهمت.”
وفوراً، تحوّل كوسيليكو إلى طيف شفاف واختفى عن الأنظار. شعرت مييل بالارتياح ودخلت الغرفة.
“ مييييل!”
ركضت روبينا نحوها فورًا واحتضنتها بقوة.
“ أميرة! لقد اشتقتُ إليكِ!”
“ وأنا أيضًا! تعالي، لدينا الكثير لنتحدث عنه!”
جلستا سويًا وتبادلتا أطراف الحديث بحرارة.
مرّت نحو نصف ساعة، ثم قالت روبينا فجأة بعد رشفة من الشاي:
“ بالمناسبة، أخي الأمير غاب عن القصر لفترة مؤخرًا…”
“ن –نعم .”
“ وسمعتُ أنكِ أيضًا خرجتِ بمهمة سرية في نفس الوقت… لا تقولي لي أنكما كنتما في رحلة سويًا؟“
سألتها مازحة، لكن مييل كادت تختنق من الشاي الذي كانت تشربه.
“ م– مستحيل! بالطبع لا! قطعًا لا!”
كان رد مييل مبالغًا فيه لدرجة لا تخفى، لكن روبينا العارفة بطباعها، انفجرت ضاحكة.
“ يا إلهي، كنتُ أمزح فقط! أنتِ حقًا لطيفة!”
“ هـ– هاهاها…”
ضحكت مييل بخجل.
صحيح أن الرحلة لم تكن خاصة بهما فقط، لكنها لم تكن بعيدة عن الحقيقة.
عليّ أن أسرع بجمع الكنوز الباقية بأي طريقة…
***
يوم الانطلاق.
قرروا أن يجتمعوا في وقت مبكر هذه المرة، قبل شروق الشمس لتجنّب الأنظار.
اجتمع الثلاثة عند الباب الخلفي للبرج.
جايد وتوروي وصلا أولًا، ثم تبعتهما مييل حاملة أمتعتها، فبادر توروي بمساعدتها فورًا.
“ شكرًا جزيلاً يا سموّك.”
“ لا عليكِ.”
وفجأة، ظهر كوسيليكو على كتف مييل من حالته الخفية.
“ آه، إذا هذا هو الأمير المرافق لنا؟“
“…ما هذا؟ “
تفاجأ توروي من الطائر الصغير، لكن ما لبث أن ابتسم بلطف.
“ طائر لطيف فعلًا.”
“ هوه! تعرّفت على جمالي فورًا؟ يبدو أنك شخص لطيف!”
كان كوسليكو سيطير فرحًا لولا أن مييل أمسكته وأعادته إلى كتفها.
“ أفضل بكثير من ذلك الوقح جايد، الذي لا يعرف اللباقة.”
“ ماذا قلت أيها الريشي التافه؟“
وهكذا، بدأت العداوة مجددًا بين كوسيليكو وجايد.
‘ ربما بسبب لقائهما الأول…’
فكرت مييل، ثم تدخلت لتهدئة الجو.
“ كوكو، كفى. دعنا نبدأ بالتعارف.”
“ أنا العظيم—”
“ لا، سأقدّمك بنفسي.”
قاطعت مييل حديثه.
“ سموك، هذا التابع الروحي لوالدي، اسمه كوكو.”
“ مييل! اسمي كوسيليكو!”
“ كوكو أسهل.”
ضحك توروي بلطف وقال:
“ اسم ظريف.”
ثم انحنى قليلًا وقال لكوسيليكو:
“ أنا توروي دي هاغوران، ولي عهد الإمبراطورية. يشرفني مرافقتك.”
“ يا له من شاب مؤدب! سررتُ بلقائك.”
ثم نظر بحدة نحو جايد:
“ أما هذا الوقح، فلو كنتُ أملك قوى أكثر لأعطيته درسًا!”
“كفى .”
قالت مييل بينما كانت تتسلق العربة.
وهكذا، انطلقت العربة تقل ثلاث أشخاص وطائر صغير في طريقها نحو غرين فوريون.
***
مع بداية الفجر، قطعت العربة الصحراء بسرعة.
“ سمعت أن الإلف يسكنون غرين فوريون، لكنني لم أرَ واحدًا في حياتي.”
قال توروي، الجالس مقابل مييل.
“ إنهم يكرهون البشر… أعتقد أن علينا أن نحذر.”
“ هم لا يكرهونهم فقط. بل يحتقرونهم، كأنهم جنس أدنى.”
قال جايد، وهو يحدق من النافذة.
“ هل سبق والتقيتَ بالإلف يا سيدي؟“
“ نعم، مرات عدة.”
اندهشت مييل وتوروي.
“ حقًا؟“
“ نعم. وتأكدت بنفسي… هم لا يكرهون البشر فحسب، بل يمقتونهم.”
“ ربما لأنك أنت من قابلتهم.”
علق كوسيليكو ساخرًا، فارتفع حاجب جايد.
“ هل ترغب أن أشويك على نار هادئة؟“
“ سيدي، أرجوك. كوكو تابع لوالدي في النهاية.”
حاولت مييل تهدئة جايد، بينما كوسيليكو ضحك بشقاوة.
لكن جايد كتم غضبه من أجلها.
“ لولاكِ… لما سكتّ.”
“ هاه، ومن طلب منك أن تسكت؟“
قال كوسيليكو بسخرية، فأمسكته مييل بلطف، وقرّبته منها.
“ كوكو، كفى.”
“… حسنًا، حاضر.”
وساد الصمت داخل العربة أخيرًا.
***
كانت وجهتهم ميناء سفين في الجنوب، حيث سيأخذون سفينة إلى غرين فوريون.
ما إن صعد الجميع إلى السفينة، حتى بدأ كوسيليكو يشكو:
“ أووووه، أشعر بدوار يا ميييل…”
“ طائر ويُصاب بدوار البحر؟!”
تفاجأت مييل، لكنها أعطته القليل من دواء كانت تحمله.
“ أنا لستُ طائرًا عاديًّا، بل طائرٌ فريد…”
وبعد قليل، بدأ يشعر بالتحسن.
ابتسمت مييل، فالسفينة لم يكن فيها ركّاب سواهم، ولم تكن هناك حاجة ليختبئ كوسيليكو.
فالواقع أن قلّة من البشر يجرؤون على دخول أراضي الإلف.
على الأقل هذا مطمئن…
من حسن الحظ أن أراضي الإلف تقع في عمق القارة، لذا ما زالت السُفن تصل إلى أطرافها رغم أن تكلفتها باهظة.
“ هاها، من الجيد أن ولي العهد معنا.”
“ أنت لا تقول ذلك إلا لأنني من يدفع، أليس كذلك؟“
كان توروي هو من دفع ثمن الرحلة، فجايد لم يفوت فرصة للسخرية منه.
ترجمة : سنو
فتحت جروب تيليجرام يضم هذه الرواية PDF وأقسام طلبات لرواياتي ومستقبلاً نسوي فعاليات وهيك قسم للسواليف عن الروايات ويمديكم ماتسولفون وبس تقرأون ♥️ .
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 42"