تقدّمت مييل مباشرة نحو أعماق الكهف، حيث كانت تشعر بقوة الحكيم العظيم.
لم يكن هناك خطرٌ يُذكر داخل الكهف.
كل ما في الأمر أن طاقة خبيثة بعض الشيء كانت تنبعث من الداخل، تختلف قليلًا عما كانت تعرفه مييل عن طاقة الحكيم العظيم.
ومضت تسير قليلًا…
حتى وصلت إلى أبعد نقطة في الكهف، إلى غرفة دائرية الشكل.
وهناك، فوق عمود حجري، رأت زجاجة صغيرة تقف شامخة.
كانت صغيرة لدرجة أنها تسع في راحة يد مييل الصغيرة.
اقتربت مييل ببطء من سولو.
وما إن تقدّمت، حتى توقّف جايد وتوروي وانتظرا.
كانت سولو محاطة بسحر حماية قوي، وكان الثلاثة يعرفون ذلك مسبقًا من خلال ذكريات المرأة الثلجية.
حتى وإن لم يكونوا قد رأوا تلك الذكريات، لكانوا استشعروا الأمر، إذ كانت طاقة عظيمة تتسرّب من سولو.
“إنها بالفعل جميلة كما وصفتها الكتب.”
خطرت هذه الفكرة على بال مييل من غير قصد.
سولو (الدمعة الثلجية) لم تكن سوى زجاجة صغيرة، لكن السائل الكريستالي في داخلها كان يدور من تلقاء نفسه، كأنه جوهرة تنساب برقة فوق صفحة ماء ساكن.
ولهذا السبب، وضع الحكيم العظيم تعويذة حماية حول سولو، حتى لا تقع في أيدي غير مستحقيها.
فمن يلمسها دون أن يكون هو مالكها، يتعرض لسحرٍ يحوّله إلى حامٍ لها بدلًا من أن ينال قوتها.
لكن عندما لمستها مييل…
فووووش–
تبددت تعويذة الحماية مع ومضة بيضاء ناصعة.
وعندها، أدركت مييل فورًا قوة سولو.
“آه، هذا هو…”
ظهرت طريقة استخدام سولو تلقائيًا في ذهنها.
لقد كانت ماء شافي.
قطرة واحدة منها فقط كفيلة بإنقاذ مريض على وشك الموت.
وعندما أدركت تلك القدرة، اتخذت مييل قرارها:
‘لا ينبغي لي أن أُفشي أمر هذه القوة لأي أحد.’
وبينما كانت تفكر بذلك، انتبهت مييل إلى أمر آخر.
لم تكن تمسك بـ سولو فقط، بل كان هناك شيء صغير آخر في يدها.
‘ماهذا…؟‘
حدّقت فيه مييل.
كانت قطعة ورق صغيرة بحجم راحة يدها، تبدو وكأنها تمزقت من لوحة قديمة.
وكان مرسومًا عليها مشهدٌ للسماء.
“مييل، ما الأمر؟“
اقترب جايد منها بخطوتين.
فاستدارت إليه مييل وأرته القطعة.
“وجدت هذه بجانب الزجاجة.”
“…صورة؟”
تمتم جايد، واقترب توروي أيضًا.
“يبدو أنها قديمة للغاية، لكن لا يمكننا فهم معناها بسهولة، فهي لا تحوي سوى صورة للسماء.”
“وفوق ذلك، ممزقة أيضًا.”
كان من الواضح أنهم لا يستطيعون معرفة دلالة هذه الصورة في الوقت الحالي.
“على كل حال، دعونا نعود.”
وضعت مييل سولو وقطعة الصورة في حقيبتها بعناية، ثم حدّثت الرجلين.
أما راين، فكان لا يزال نائمًا بعمق على ظهر توروي.
ساروا ببطء داخل الكهف.
وبما أنهم قد سقطوا هنا بفعل حاجز سحري، لم يكونوا يعرفون موضع المخرج.
لكن بعد خطوات قليلة، بدأ ضوء أبيض يتلألأ أمامهم، وشعر الثلاثة فورًا أن ذلك هو المخرج.
وفي اللحظة ذاتها، راودهم شعور غريب.
“مهلًا… لماذا…؟“
لماذا لم يعد البرد قارسًا؟
كان الطقس لا يزال باردًا، لكنه لم يكن بالصقيع السابق، بالرغم من أن سحر جايد الوقائي لم يكن مفعلًا حاليًا.
وحين وصلوا إلى نهاية الكهف، عرفوا السبب.
فالعاصفة الثلجية العنيفة التي كانت تعصف بجبال الثلج وامتدت لتغطي منطقة ساينت سنو، قد توقفت فجأة.
“…!”
اتسعت عينا مييل قليلًا.
‘لا يعقل أن العاصفة كلها كانت فقط من أجل…’
أدركت مييل بفطنتها أن العاصفة الثلجية لم تكن إلا قوةً لحماية سولو.
* * *
بعد ذلك،
غادرت مييل ورفاقها منطقة ساينت سنو بسرعة، عائدين إلى سنولاند بعد رحلة شاقة ورغبة شديدة في العودة إلى ديارهم.
وبعد وصولهم، انتظروا في الميناء الشمالي للقارة الشمالية حتى يحين موعد إبحارهم.
“راين.”
نادته مييل، وهي تلوّح للطفل الذي جاء لتوديعهم.
“هل تود المجيء معنا؟ إلى القارة الشمالية؟“
كان قلب مييل مشغولًا بشأن هذا الطفل الصغير الذي يعيش وحيد بلا عائلة.
لكن راين هزّ رأسه بثقة.
“لا، سأبقى هنا. في المنزل الذي كنت أعيش فيه مع أمي.”
ربتت مييل على شعره بلطف.
“حسنًا، لكن إن احتجت إلى أي مساعدة في المستقبل، تعال إلى برج السحر في القارة الشمالية. سيكون دائمًا مُرحبًا بك هناك.”
“حسنًا!”
وبهذا، ودعهم راين واستقل الثلاثة السفينة.
قضت مييل معظم وقتها في غرفة السفينة نائمة.
رغم أن الرحلة لم تدم سوى بضعة أيام، إلا أن جسدها كان متعبًا للغاية.
وعندما بزغ القمر، نزلوا من السفينة وركبوا العربة.
عندها فقط بدأت مييل تدرك واقع الأمر: لقد أصبح سولو أول كنز ثمين في حوزتها.
جلست في العربة شاردة، تتأمل المشهد من نافذتها.
فسألها توروي الذي كان جالسًا بعيدًا عنها:
“آنسة مييل، ما حقيقة هذا الكنز؟“
كان هذا السؤال يؤرقه طوال الوقت، ولم يجرؤ على طرحه إلا الآن.
حتى جايد أنصت بانتباه.
“…يمكنني القول إن هذا…”
ابتسمت مييل ابتسامة خفيفة.
“هدية من والدي.”
لكن رغم ما قالته، كان في قلبها شعور غير مريح.
هدية تركها والدها، لكنها محمّلة بقوة عظيمة تسببت في مآسٍ كثيرة.
“رغم أنني حصلت على الكنز، إلا أن قلبي ليس مرتاحًا. فقد قُتل كثير من الناس بسببه.”
كان والدها دائمًا لطيفًا معها. لكن مجرد التفكير في أن قوته هذه قد سببت الأذى للآخرين، كان يثقل قلبها.
ظل توروي يستمع في صمت، حائرًا في كيفية مواساتها.
أما جايد، فكان مختلفًا.
نظر إليها بجدية وقال:
“الإنسان مخلوق معقد بطبيعته. قد يكون طيبًا في نظر البعض، وشريرًا في نظر آخرين.”
“…….”
“وليس معنى ذلك أن الحكيم العظيم كان شريرًا. بل على العكس، إنجازاته أنقذت حياة أضعاف من قضوا بسببه. كما أن معظم أسس السحر الذي نستخدمه اليوم، وضعها هو. لكن هذا لا يجعل كل أفعاله مبررة.”
“كما أننا لا نستطيع فهم نوايا الآخرين بشكل كامل، كذلك لا يمكننا التنبؤ بنتائج أفعالنا دائمًا.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 39"