‘جيد، هذا سيوفر لي الكثير من المواضيع للحديث عنها.’
سعل توروي بصوت خافت متصنَّعًا الاهتمام، ثم تناول أداة الترجمة وبدأ يفتح موضوعًا جديدًا.
“يبدو أن الآنسة مييل مهتمة بالحكيم العظيم، أليس كذلك؟“
“نعم؟ آه، نعم، إلى حدٍّ ما.”
‘لمَ الحديث انحرف فجأة نحو الحكيم العظيم؟‘
شعرت مييل بندم طفيف لأنها أحضرت الكتاب معها.
في الأصل، كانت تنوي إنهاء المهمة التي كلّفها بها ولي العهد بأسرع ما يمكن، ثم تذهب لتقدّم تقريرها إلى معلمها.
لكن يبدو أن سمو ولي العهد لم يكن راغبًا في العودة إلى قصره بعد.
“لقد قدم الحكيم العظيم الكثير للإمبراطورية هاغوران لسنواتٍ طويلة ظلّ يكرّس نفسه في برج السحر من أجل الإمبراطورية… وقد نذر حياته للناس بدلاً من تكوين أسرة مثل الآخرين. اختار طريق خدمة الآخرين على حساب سعادته الشخصية، وسعى دومًا لمساعدة المحتاجين.”
أخذ توروي يستعرض معرفته بكل فخر.
عادةً كان ينال نظرات الإعجاب حين يتحدث بهذه الطريقة في المجالس الأرستقراطية.
وكان يتوقّع أن تنبهر مييل مثل سيغلار أو مير.
لكنها لم تكن كذلك.
بل نظرت إليه ببرود، تكاد نظراتها تكون متجمّدة ثم فتحت شفتيها بفتور.
“…هذا غير صحيح.”
“عذرًا؟“
صُدم توروي قليلاً من ردّها القاطع وسرعان ما تابعت مييل كلامها:
“الحكيم العظيم كان لديه أسرة. وكان له أبناء أيضًا. صحيحٌ أنه كرس نفسه للناس، لكنه لم يُقصّر تجاه عائلته.”
“…ماذا؟“
ارتبك توروي.
ما قالته لم يكن مذكورًا في أي كتاب قرأه.
تحدثت مييل وكأنها كانت من أقرب الناس إلى الحكيم العظيم.
لم يعرف توروي كيف عليه أن يتصرف، فاكتفى برمش عينيه في حيرة.
وبعد لحظة، توصّل إلى استنتاج:
‘فهمت الآن… يبدو أن الآنسة مييل كانت مهتمة بالحكيم أكثر مما ظننت. فالعديد من السحرة يوقّرونه بطبيعتهم. من الطبيعي أن تعرف عنه أكثر مما أعرف.’
أومأ برأسه ببطء ثم قال:
“أرى أنك تعرفين الكثير عن الحكيم العظيم. كما هو متوقّع من ساحرة من برج السحر.”
قالها بنبرة عادية، لكن داخله كان يغلي من الإحراج.
لقد حاول التباهي بمعرفته أمام ساحرة، لينتهي به المطاف في موقفٍ مُخزٍ.
“بما أنك استلمت أداة الترجمة، فسأدعك الآن. سعدت كثيرًا بالحديث معك اليوم. آمل أن نلتقي مجددًا.”
“نعم، إلى اللقاء.”
ظلّ توروي محتفظًا بابتسامته حتى خرج من غرفة الاستقبال.
لكنه ما إن ابتعد عنها، حتى تجمّد وجهه تدريجيًا.
كان في غاية الإحراج.
* * *
انتهى اللقاء القصير مع ولي العهد، وتوجّهت مييل مباشرة إلى الطابق الأعلى من برج السحر.
بعد أن أنهت مراجعة كتاب الكنز، حان الوقت لتقدّم تقريرها.
دق دق.
طرقت الباب، فجاءها الإذن فورًا.
دخلت إلى الداخل بحذر.
كانت غرفة سيد البرج كما عهدتها دائمًا.
جدار كامل مغطى برفوف الكتب، وأمامها طاولة طويلة.
وكانت الطاولة تعجّ بالأوراق؛ أوراق تنتظر الموافقة، وأخرى تمت الموافقة عليها، وثالثة قيد الدراسة…
كومة من الأوراق مكدّسة كالجبال.
وفي وسطها، كان يجلس جايد.
“مييل.”
بمجرد أن رآها، ارتسمت ابتسامة لطيفة على وجهه، ووضع الأوراق جانبًا ليستقبلها.
“سيدي المعلم، هذه دعوة كانت سمو الأميرة قد طلبت مني إيصالها إليك البارحة.”
قدّمت له مييل دعوة إضافية كانت قد استلمتها من روبينا.
لكن جايد لم يُلقِ حتى نظرة على الدعوة، بل وضعها جانبًا مباشرة.
مثل هذه الأمور ليست ذات أهمية حالية.
غير أنه لم يلحظ أن تعبير مييل قد تغيّر قليلًا للحظة.
“هل هناك أمر آخر؟“
“…سيتوجب عليّ مغادرة البرج قريبًا.”
“يبدو أنكِ أنهيتِ دراسة الكنز بشكل جيد. متى تنوين المغادرة؟“
“لقد تمت دعوتي لحضور حفلة عيد ميلاد سمو الأميرة لذا سأذهب إليها أولًا، ثم أقضي بعض الوقت مع زملائي في البرج. أعتقد أنني سأغادر في وقتٍ ما الأسبوع المقبل.”
‘الأسبوع المقبل إذن.’
لمس جايد ذقنه وهو يفكر.
بدا له أن الجدول أسرع مما توقّع.
وهو غارق في تفكيره، عادت مييل للحديث مجددًا:
“من خلال تتبّع مواقع الكنوز، لاحظت أنها موزعة بشكل متساوٍ تقريبًا على كل القارات. حتى أحدها يقع في منطقة غير مستكشفة.”
“…منطقة غير مستكشفة؟“
ضاقت عينا جايد حين سمع ذلك الاسم، الذي لم يُذكر منذ زمن طويل.
تلك المنطقة بالذات… خطيرة للغاية.
حتى هو كسيد البرج، لا يمكنه ضمان سلامته فيها.
“في الواقع، أنوي جعل المنطقة غير المستكشفة آخر محطة في رحلتي. وبالنظر إلى المواقع والمسافات، أظن أن الأفضل أن أعود إلى البرج بعد كل مهمة بدلًا من محاولة زيارة كل المواقع دفعة واحدة. سيكون ذلك أكثر كفاءة.”
قدّمت مييل الخريطة وهي تشرح، فتناولها جايد وأخذ يتفحّصها بعناية.
كانت المواقع المحتملة للكنوز محددة بعلامات واضحة.
وبالفعل كما قالت مييل، لم تكن المسافات تسمح برحلة واحدة شاملة حول العالم.
بل إن القيام بجولة من هذا النوع سيكون مرهقًا وغير عملي، وسيُصعّب من مسألة الإمدادات عدا عن التعب المتراكم الذي قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
“فهمت.”
“وفقًا لحساباتي، سيستغرق العثور على كل كنز قرابة الشهر وربما أكثر تبعًا للظروف.”
“صحيح، فلا أحد يعلم ما الذي قد نواجهه في كل موقع.”
كان جايد على دراية بالخصائص العامة لكل قارة.
لكنه لم يكن قادرًا على التنبؤ بما قد يواجهونه هناك، سواء من وحوش أو ظروف، فمثل هذه الأمور لا تُعرف إلا عند الوصول إلى المكان فعليًّا.
لذا لم يكن ممكنًا تحديد مدة المهمة بدقة.
“آه، بالمناسبة… ماذا عن مهمة ولي العهد؟ هل أنهيتيها؟“
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 27"