[ أتمنى من أعماق قلبي أن تعيشي حياة سعيدة، تبحثين خلالها عن الهدايا التي أخفيتها لكِ.
تلك الهدايا ستكون لكِ عونًا وسندًا، ترافقك في بقية مسيرتك.]
‘ عون وسند؟‘
مجرد قراءة الكلمات منحها شعورًا بالطمأنينة، وكأنها حظيت بالفعل بمن يقف إلى جانبها.
[ وعندما تجمعين تلك الهدايا، أرجو أن تأتي لزيارتي.
لا أقصد أن تتركي كل شيء وتأتي فورًا.
تابعي حياتك، وواصلي عملك، وخذي وقتك في السفر. وفي نهاية الطريق… سأكون بانتظارك.]
لم تكن هناك حاجة للعجلة.
كان يشير إلى أنه لا بأس بأن تأخذ وقتها، وتواصل حياتها كما تشاء.
نعم، هذا هو والدها الذي تعرفه جيدًا.
[ مييل، أنا أحبك دائمًا.
مهما كانت الظروف، لا أريدك أن تنسي هذه الحقيقة أبدًا.
حتى نلتقي مجددًا…
والدك، لياد كاريلادين.]
لم تكن بحاجة لتأكيده على حبه.
كانت تعرف ذلك جيدًا.
ولم يكن ذلك شيئًا يمكن نسيانه.
[ ملاحظة، الرسالة الثانية المرفقة موجّهة إلى سيد البرج، سلّمِيها له من فضلك.]
أغلقت مييل رسالة والدها بعناية، وأعادتها إلى الظرف.
ثم التقطت الرسالة الثانية.
على الظرف كُتب:
[ إلى سيد برج السحر، جايد.]
‘ أبي… كتب رسالة إلى معلمي؟‘
راودها فضول شديد.
ما الذي أراد والدها أن يخبر به معلمها؟
كاد الفضول يغريها بفتح الرسالة خلسة.
لكنها قاومت.
وضعت الظرف جانبًا.
‘ سأعطيها له غدًا.’
كان الليل قد أرخى سدوله، وكانت مرهقة جدًا للخروج مرة أخرى.
ألقت بجسدها على السرير.
بجانبها، وُضع الكتاب الثقيل الذي أرسله والدها.
عنوانه كان…
[ كنوز كاريلادين.]
‘ كنوز كاريلادين… لقد مرّ وقت طويل.’
كان يُعرف أيضًا باسم “ كنز الحكيم العظيم“ ،
وهو كتاب قصص شهير يعرفه كل الأطفال.
تدور قصته حول الحكيم كاريلادين الذي ينقذ العالم بفضل كنوزه.
لكن النسخة التي وصلتها لم تكن كتابًا للأطفال، بل مجلدًا سميكًا مليئًا بالمعلومات.
‘… أي أن هذا هو الدليل، إذًا.’
كانت مييل تريد قراءته على الفور.
أرادت أن تعرف ما هي تلك الهدايا التي أعدّها والدها.
لكن أجفانها كانت ثقيلة، ولم تقاوم النوم طويلًا.
في صباح اليوم التالي، توجهت مييل إلى غرفة سيد البرج.
أجّلت قراءة الكتاب إلى وقت لاحق.
كان الفضول يأكلها من الداخل بشأن ما كتبه والدها في تلك الرسالة.
فأسرعت إلى معلمها وسلّمته الظرف.
“ والدي أرسل هذه.”
“… الحكيم العظيم؟“
“نعم .”
“ لي أنا؟“
تجمد جايد لحظة وهو يحدق في الظرف، وقد غاص في الذكريات.
لقد حصل موقف مشابه سابقًا…
كانت مييل قد جاءت يومًا لتسلمه شيئًا من والدها، لكنه تجاهل الأمر في حينها.
‘ لا يعقل… أيمكن أن تكون هذه هي نفس الرسالة؟‘
فتح جايد الظرف على الفور.
في حياته السابقة، لم يهتم حتى بقراءتها.
أما الآن، فكل حرف فيها جعله يشعر بشيء غريب.
[ إلى سيد البرج المحترم،
أنا، لياد كاريلادين، أبعث إليك هذه الرسالة.
هل أنت بخير؟ لا شك أنك بخير، فأنت من أولئك الذين يصعب إسقاطهم بسهولة.
كتبت إليك لأني شعرت مؤخرًا باضطراب كبير في المانا داخل البرج.
لم يكن الأمر متعلقًا بمييل وحدها… بل شعرت بوجود قوتك أنت أيضًا.
كانت طاقة ضخمة بحق. لا بد أن أمرًا غير عادي قد وقع معك.]
اضطراب كبير في المانا… وأمر غريب…
حتى من دون أن يُذكر صراحة، عرف جايد ما المقصود.
‘ العودة بالزمن.’
الحكيم العظيم علم بالأمر.
كان يعرف أن جايد قد عاد إلى الماضي.
‘ هذا مستحيل…’
[ لا بد أن في قلبك الكثير من الأسئلة.
وأنا أيضًا أريد أن أعرف… هل ما حدث كان صدفة، أم قَدَرًا؟
لذلك، أرغب بلقائك والتحدث معك وجهًا لوجه.
لكن للأسف، لا أستطيع الحضور بنفسي.
لذا، أطلب منك أن تأتي لزيارتي بصحبة مييل.
أما كيف تجدني، فمييل تعرف الطريق.]
لطالما تجاهل جايد مسألة العودة في الزمن.
لم يستطع تفسيرها، لذا دفنها في أعماقه وواصل حياته كما هي.
لكن إن كان الحكيم العظيم طرفًا في الأمر، وإن كان يعرف شيئًا…
فلا بد أن يلتقيا.
لم يكن الأمر سوى فضول..
جايد لم يشعر بالنقص في حياته الحالية، بل كان راضيًا كل الرضا.
ومع ذلك… كان يرغب في معرفة السبب.
ما الذي أدّى إلى كل ما حصل؟
[ وبما أنني لا أستبعد أن ترفض الذهاب مع مييل، فقد أعددت احتياطاتي.]
فجأة—
انبعث ضوء أسود من الورقة.
تحوّل الضوء إلى شفرة حادة، وانطلق بسرعة خارقة ليخترق صدر جايد.
كانت الحركة سريعة لدرجة أنه لم يتمكن من صدّها.
ولم يشعر بأي ألم على الإطلاق.
[“ لم أكن أرغب في اللجوء إلى هذا الأسلوب…
لكن يبدو أن هذا هو السبيل الوحيد لتغيير مجرى حياتك.
سأكتفي بهذا القدر. إلى أن نلتقي مجددًا…
الحكيم العظيم، لياد كاريلادين.]
بهذه الكلمات، انتهت الرسالة.
وضع جايد الرسالة جانبًا بعد أن أتم قراءتها.
كانت الرسالة محاطة بسحرٍ ما، غير أن طبيعته لم تكن واضحة بسهولة.
أن يُلقي الحكيم العظيم تعويذة على سيد البرج من خلال رسالة فقط؟ هذا بحد ذاته يُظهر مدى قوته.
لكن… ما نوع هذا السحر تحديدًا؟
“ سيدي، ما الذي حدث الآن؟… ما ذلك؟“
“… يبدو أن والدك قد ألقى عليّ تعويذة ما.”
“ أبي؟! حقًا؟! وما نوعها؟“
“ لا أعلم بعد… لم أتمكن من تحديدها. لكن على ما يبدو، ليست مؤذية. أشعر أنني بخير.
ثم إن الحكيم العظيم يريد لقائي، فلا يبدو منطقيًا أن يؤذيني.”
رغم ذلك، ظل في داخله شعورٌ مزعج… ما نوع هذا السحر؟
وما إن بدأ يُفكّر، حتى شعر بشيء يتحرك في داخله.
عندها فقط، فهم جايد ماهية السحر الذي فُرض عليه.
‘هذا …’
لم يكن تدفق المانا في جسده كالسابق.
شظايا سوداء من المانا كانت تضغط على قواه السحرية وتُقيّدها.
ولم يكن ذلك يمنعه من ممارسة حياته اليومية، لكنه بالتأكيد لن يتمكن من استخدام أي سحر قوي أو متقدم.
‘ إذن… فعل كل هذا فقط ليُجبرني على مرافقة مييل؟‘
ربما سيتمكن من كسر هذه التعويذة إن خصص لها وقتًا كافيًا.
لكن المشكلة أنها قد تتطلب وقتًا طويلًا.
من الواضح أن الحكيم العظيم جاد في رغبته بلقائه.
والغريب أن جايد نفسه، رغم كل شيء، بدأ يشعر بالرغبة ذاتها.
كان هو الشخص الوحيد الذي يبدو أنه يعرف سرّ العودة بالزمن.
ربما ليس الآن، لكن في المستقبل كان جايد يريد لقاءه.
لم يكن من الضروري أن يعرف، ومع ذلك الرسالة أيقظت فضوله.
“ مييل، الرسالة تقول إنك تعرفين الطريق إلى الحكيم العظيم. هل هذا صحيح؟“
“ نعم. أبي أخبرني عن ذلك.”
أسند جايد ظهره إلى كرسيه وهزّ رأسه متأملاً.
“ فهمت… يبدو أنه، لسببٍ ما، يريدني أن أرافقك لرؤيته شخصيًا.”
“ أبي؟!”
“ هذا هو السبب الذي دفعه لإلقاء تعويذة عليّ. لضمان أن أرافقك إن ترددت أو رفضت.
صحيح أنني أستطيع كسر السحر مع الوقت…
لكن سيكون من الأسرع أن نلتقي به مباشرة.”
“ لكنه أخبرني أن بإمكاني الذهاب في وقت لاحق بعد إنهاء عملي… لكن الآن، بسبب السحر، لم يعد ذلك ممكنًا.”
“ ما زال بإمكاننا الذهاب ببطء. فالتعويذة لا تسبب ضررًا حقيقيًا، سوى أنها تُقيّد بعض أنواع السحر القوي.”
“ على كل حال، كيف سنصل إليه؟“
“ آه، الأمر بسيط!”
جمعت مييل طاقتها السحرية في كفّها، ثم استخدمت تعويذة سحرية.
وفجأة، ظهر أمامهما كتاب سميك يتدلّى في الهواء.
كان هو نفس الكتاب الذي أرسل والدها في الليلة الماضية “ كنوز كاريلادين“.
“ البحث عن الكنز!”
“ البحث عن الكنز؟“
سأل جايد مستغربًا، فأجابته مييل بصمت وهي تقدم له الكتاب.
قرأ جايد العنوان بنظرة خاطفة “ كنوز كاريلادين“.
“ أليس هذا كتابًا للأطفال؟“
“ الكتاب المعروف للأطفال عنوانه ( كنز الحكيم العظيم). لكن هذا يبدو وكأنه النسخة الأصلية منه.
فهو أقدم وأضخم بكثير.”
“ همم… حقًا؟ وماذا يحوي داخله؟“
“ لا أعلم تمامًا. وصلني البارحة ولم أتمكن من قراءته بعد. لكني أعتقد أنه يتحدث عن الكنوز التي أخفاها أبي.”
“ إذن الطريق إلى لقائه… مرتبط بجمع تلك الكنوز؟“
“ على الأرجح، نعم. فهو أرسل هذا الكتاب مع الرسالة، ولا بد أن فيه الدليل.”
فتح جايد الكتاب وبدأ يتصفحه بدءًا من الفهرس.
وكانت قائمة الكنوز المذكورة في القصص القديمة مذكورة فيه، لكن بعدد صفحات يُعادل أضعاف ما ورد في النسخة المصغّرة للأطفال.
“ يبدو أنه أكثر تفصيلًا بكثير من قصة الأطفال المعتادة.”
“ نعم. القصة مجرد حكاية عن هزيمة الشر بالكنز،
أما هذا الكتاب، فهو يصف مواقع الكنوز، والخلفيات التاريخية، والظروف التي دُفنت فيها.”
“ ويبدو أنه كُتب قبل عقود… إن لم يكن أكثر.”
لم يكن من الضروري النظر إلى تاريخ النشر.
فحتى لون الورق الباهت، ورائحته القديمة، وملمسه المتآكل كانت كافية لتدلّ على قدمه.
______________
روايتنا بتكون احلا بكتير في ترحال ابطالنا مع بعض ( ≧∀≦ )
ترجمة : سنو
فتحت جروب روايات في التيليجرام يمديكم هنيك تقرأو الروايات بدون نت🌟 ! هاي الروايه موجوده PDF بالجروب
اكتبو في البحث تبع التيلي :
snowestellee
التعليقات لهذا الفصل " 22"