“ هورو؟ لا أظن أن لدي أي سبب للذهاب إلى هناك.”
“… أعني، البقاء في البرج لفترة طويلة متعب وممل أليس كذلك؟ على كل حال، ستأتين معي.”
“ لكني زرت القصر الإمبراطوري مؤخرًا.”
قبل أن تتمكن مييل من الاعتراض، وقف جيد فجأة من مقعده وغادر الغرفة بخطوات واسعة.
وبمجرد أن اختفى، تمكنت مييل من تناول قطعة التارت براحتها.
كان طعم التارت مع العصير مذهلًا بالفعل.
لكن ثمة أمرًا أزعجها… تصرفات جايد مؤخرًا.
معلمها لم يكن يومًا من أولئك الذين يراعون مشاعر الآخرين.
كان شديد الاعتزاز بقوته، ويزدري كل من هو أضعف منه.
ومع ذلك، فقد شعر مؤخرًا بأنه ليس بخير.
جلب لها الحلوى بنفسه، وقدم لها نصائح لحل مشكلتها، وحتى اقترح أن يأخذها في نزهة لتغيير جوها.
‘ هل جنّ أخيرًا… أم أنه أصبح طبيعيًا فجأة؟‘
أصابها الأمر بالحيرة.
هل كان هذا الشخص غريب الأطوار قد استعاد عقله؟ أم أنه فقده بالكامل هذه المرة؟
ومع ذلك، لم تكن تلك الطيبة الغريبة مزعجة… ولم تبدُ سيئة.
بل أيقظت فيها مشاعر غريبة يصعب تفسيرها.
غادر جايد الغرفة وهو في غاية الرضا.
لقد نجح في تحسين مزاج مييل، أو على الأقل شعر بأنه أحرز تقدمًا.
رغم أنهما لم يذهبا إلى هورو بعد، إلا أنه شعر بأنه حقق نتيجة جيدة.
كان مشهدها وهي تلتهم التارت بفرح، وتشرب العصير ووجهها يتفتح بابتسامة مشرقة لطيفًا للغاية.
ابتسم جايد وهو يتذكر، ثم توقف فجأة عن المشي.
‘ الإنسان يبتسم عندما يرى شيئًا يحبه!’
تذكّر كلمات الطفلين التوأم.
في البداية، ظن أنها مجرد عبارة بريئة من طفل.
لكنها لم تكن كذلك، فغالبًا تكون كلمات الأطفال هي الأصدق.
‘… لا يمكن. صحيح أنني أكنّ لمييل الكثير من المودة كتلميذة.’
وهذا كل شيء.
هي تكن له الاحترام، وهو يراها تلميذته فقط.
‘ أجل، أنا فقط أحبها كتلميذة لا أكثر.’
لكن رغم ما أقنع نفسه به، كان قلبه ينبض بسرعة لا يمكن إنكارها.
“ تمّ الأمر!”
هتفت مييل وهي تبتسم برضا.
لقد أنهت أخيرًا استخراج المعلومات اللغوية.
حين اتبعت نصيحة جايد وهدّأت نفسها واقتنعت بأن عليها استقبال المعلومات لا انتزاعها، انتهى كل شيء بسهولة.
سارعت إلى تغليف البيانات السحرية وحفظها في الخزانة المخصصة، ثم التفتت إلى المترجم الذي عمل معها طيلة الفترة الماضية.
“ شكرًا لك على مجهودك. أعترف أن الأمر استغرق وقتًا أطول بسبب قلّة خبرتي.”
“ بل العكس، أنتِ من بذلتي الجهد الأكبر ايتها الساحرة.”
تبادلا التحية والمصافحة.
“ وأشكرك أيضًا على حضورك المستمر إلى برج السحر طوال هذه المدة.”
“ لا داعي للشكر. كل ما فعلته هو الوقوف هنا لا أكثر. على أي حال، سأقوم بإبلاغ سموّ ولي العهد بأن الأمور تسير على ما يرام الآن.”
“ نعم، أشكرك.”
انحنى المترجم بأدب ثم غادر غرفة الأبحاث.
عندها فقط، انهارت مييل على مقعدها مع تنهيدة ارتياح.
لحسن الحظ، يبدو أن العمل سينتهي أبكر مما توقعت، حتى مقارنةً بالموعد الذي وعدت به ولي العهد.
لم يتبقَ سوى إدخال المعلومات إلى وحدة الترجمة، ثم تنفيذ بعض التجارب.
“ هاه… أشعر بالتعب.”
كانت تتمنى لو تستطيع الذهاب فورًا إلى السرير والنوم.
لكنها تذكرت أن لديها موعدًا اليوم.
قبل أيام، عرض عليها معلمها الذهاب إلى هورو معه.
رغم أنها لا تملك أي عمل هناك، إلا أن البقاء في برج السحر طوال الوقت بدأ يُشعرها بالاختناق كما قال معلمها.
فقررت أن تذهب معه لترى المهرجان المقام هناك.
وربما تجد شيئًا ترغب بشرائه أيضًا.
بعد أن أنهت عملها، ذهبت إلى غرفتها واستحمّت واستعدت للخروج.
ارتدت ملابس مريحة، ثم نزلت إلى مدخل البرج، فوجدت جايد في انتظارها.
وحين رأى دوور مسؤول الاستقبال الاثنين يغادران معًا، اتسعت عيناه من الدهشة.
لقد بدوا كمعلم وتلميذة تربطهما علاقة قوية ووثيقة.
‘ يا للعجب! لم أكن أظن أنني سأراهم يخرجان سويًا يومًا ما!’
ودّعهم دوور بابتسامة واسعة وسعادة في قلبه.
“ سيدي، هل لي أن أسأل؟ ما السبب وراء زيارتنا لهورو اليوم؟“
سألت مييل بينما كانا يستقران في مقعديهما داخل العربة التي بدأت بالتحرك.
جلست براحة ثم نظرت إلى جايد متسائلة.
لكنه لم يجب مباشرة.
‘ في الواقع، لا يوجد سبب حقيقي…’
حاول بسرعة اختراع عذر.
“ هورو فيها مكوّن سحري لا يتوفر إلا هناك. أحتاجه لإحدى تجاربي.”
“ حقًا؟ هل نفدت المواد من برج السحر؟“
“أجل .”
“ غريب… من النادر أن تنفد المواد هناك.”
‘ بالطبع، لأنها كذبة.’
بدأ شعور بالذنب يتسلل إلى قلبه من دون سبب واضح.
ومع ذلك، لم يندم على هذه الكذبة البيضاء ما دام يستطيع من خلالها إسعاد مييل.
ولحسن الحظ، لم تبدُ مييل وكأنها قد اكتشفت كذبه، بل على العكس، بدت مستمتعة للغاية.
رغم أنها لم تفعل شيئًا سوى التحديق من نافذة العربة، إلا أن ابتسامة خفيفة كانت ترتسم على شفتيها.
وكانت تخمينات جايد صحيحة… فقد كانت مييل بالفعل تشعر بالسعادة.
رغم أن رحلتها كانت مرتبطة بالعمل، فإن فكرة ذهابها إلى مهرجان جعلتها تشعر بالحماسة.
لقد مر وقت طويل منذ ذهبت إلى مهرجان… وها هي اليوم تتوجه إلى مدينة هورو المشهورة بجوها الممتع!
كانت هورو مدينة صغيرة قريبة من برج السحر، وكان سكّانها معروفين بحبهم للغناء وعيش الحياة بحرية.
في المهرجانات، تنتشر موسيقى الشعراء الجوالين في الشوارع وتعبق الأجواء بروائح الطعام اللذيذ.
إضافة إلى ذلك، تُقام العديد من العروض والمسابقات الممتعة.
أما أكثر ما كانت تتطلع إليه مييل… فهو مسابقة “ أكل أكبر كمية من التفاح“.
‘ حين ذهبت سيلّا العام الماضي، أقيمت المسابقة، فلا بد أنهم سيقيمونها هذا العام أيضًا، أليس كذلك؟‘
وكانت مييل مولعة بالتفاح، خاصةً وأن موطنه الأصلي( التفاح) هو مدينة هورو.
ولهذا غالبًا ما تُقام مسابقات التفاح في المهرجان.
ومع ذلك، لم تستطع كبح قلقها من احتمال إلغاء المسابقة هذا العام…
“آه ! ها هو !”
بمجرد وصولها إلى هورو، بدأت مييل تبحث عن كتيّب المهرجان.
في الكتيّب كانت مذكورة مواعيد العروض المسرحية في الساحة، وكذلك توقيت المسابقات.
ولحسن الحظ، لم تبدأ مسابقة أكل التفاح بعد.
فاستعدت مييل فورًا للتوجه إلى موقع التسجيل.
وحين تحرّكت، سألها جايد الذي كان يحدّق بها بصمت:
“ إلى أين أنتِ ذاهبة؟“
إلى أين؟ وهل يُسأل هذا السؤال في مهرجان؟
بدا سؤاله بلا معنى.
“ ألم تقل إن لديك عملاً هنا؟ سأستغل هذا الوقت للتجول قليلًا في المهرجان.”
“… وحدكِ؟ “
‘ ومن غيري؟‘
أم أنه كان يقصد أن يتجول معها؟
عبست جبينها قليلًا.
فهي كانت تتطلع إلى بعض الوقت لنفسها، بعيدًا عن الآخرين.
“ أنت مشغول بأمورك، وأنا أيضًا لدي ما أفعله.”
في تلك اللحظة، بدأ جايد يندم بشدة على كذبته.
كان عليه أن يخبرها بالحقيقة منذ البداية! لكنه فكر، هل كانت ستأتي معه أصلًا لو فعل؟
“ إذًا، نلتقي بعد ثلاث ساعات تقريبًا.”
وبينما كان يوبّخ نفسه داخليًا، كانت مييل قد انحنت له بخفة ثم استدارت واندست في زحام الشارع.
“ اللعنة…”
تمتم جايد بالشتم وهو يُلقي على نفسه تعويذة سحرية للإخفاء، ثم بدأ يتبعها من بعيد.
لم يكن يخطط لإزعاجها، فقط أراد مشاركتها أجواء المهرجان من بعيد… دون أن تشعر.
وبالطبع، لم تلحظ مييل شيئًا.
دخلت مييل إلى الساحة، التي امتلأت بالمشاركين في المسابقة.
فاندفعت مباشرة إلى طاولة التسجيل لمسابقة أكل أكبر كمية من التفاح.
وفي الجهة المقابلة، كان جايد يراقب المشهد خفية محتميًا بالسحر.
هو نفسه لم يكن يتمنى مطاردتها بهذا الشكل، لكنه خشي أن تقع في مشكلة ما… كما أنه كان يرغب فعلًا بمشاركتها هذا اليوم.
‘ أي نوع من المسابقات هذا… ؟‘
حدّق جيدًا في اللافتة التي كانت فوق طاولة التسجيل، وقد خرجت منها مييل للتو.
‘ مسابقة أكل التفاح؟‘
‘ يعني صحيح أنها تحب التفاح… لكن إلى درجة الاشتراك في مسابقة كهذه؟‘
ابتسم قليلًا وسار خلفها بخفة.
حتى موعد المسابقة، تجوّلت مييل في الطرقات تقضي وقتها.
ومع غروب الشمس، بدأت أكشاك الطعام والبضائع بالانتشار في كل ركن من أركان المهرجان.
توقفت عند بعض الباعة تتأمل بضائعهم، واشترت بعض الطعام المشوي على الأعواد.
ولم يكن جايد بعيدًا عنها.
فقد اشترى ما اشترته، وأكله مثلها.
‘ ليس سيئًا كما توقعت…’
كان طعام الشارع هذا شيئًا ما كان ليقترب منه في العادة، لكنه اليوم لم يستطع مقاومة تجربته بعد أن رأى مييل تستمتع به.
اشترى بعض الأسياخ ووجد الطعم لذيذًا فعلًا.
وهكذا، مضى الوقت سريعًا وهما يتجولان في أجواء المهرجان كلٌ على طريقته.
وحين اقترب الغروب، انطلقت المسابقة أخيرًا في ساحة المدينة.
تجمّع حشد هائل وهو أمر متوقّع في موطن التفاح مدينة هورو.
أما جايد، فاختبأ داخل الحشود يراقب بهدوء.
“ إذن، فلنبدأ الآن… مسابقة أكل أكبر كمية من التفاح!”
_________
مييل تحولت لحصان XD
ترجمة : سنو
فتحت جروب روايات في التيليجرام يمديكم هنيك تقرأو الروايات بدون نت🌟 ! هاي الروايه موجوده PDF بالجروب
اكتبو في البحث تبع التيلي :
snowestellee
التعليقات لهذا الفصل " 20"