انتهى وقت الأسئلة، وبدأت الحصة الدراسية الأولى أخيرًا.
أخرج جايد كرةً كريستالية شفافة من تحت المنصة ثم اقترب بخطًى بطيئة ووضعها على طاولة مييل.
“مييل، هل تعرفين ما هذا؟“
“… كرة كريستالية؟“
“لا أريد إجابة سطحية كهذه.”
‘وماذا يُفترض بي أن أسميها إذًا، إن لم تكن كرة كريستالية؟‘
لم يكن في تلك الكرة ما يثير الانتباه.
كانت مجرد كرة شفافة.
إنها مجرد كرة زجاجية مستديرة، تمامًا كما يتخيلها الناس حين يفكرون في السحرة، ولا تبدو مميزة بشيء.
“يبدو أن شولاين درّسك بشكل سطحي فعلًا. بل لعلّه لم يدرّسك أساسيات السحر أصلًا، وبدأ بتعليمك تعاويذ عملية مباشرة؟“
“الأساسيات؟ تعلمت تعاويذ مثل كرة النار وصخرة الجليد.”
“أنا لا أتحدث عن التعاويذ الأساسية، بل عن المفاهيم الأساسية.”
تابع جايد شرحه وهو يُزيح خصلات شعره إلى الخلف.
“هذه ليست كرة كريستالية عادية. إنها كرة فاحصة تُستخدم لتحديد كمية طاقة الساحر وطبيعتها الجوهرية.”
“آه… فهمت.”
لم يسبق لمييل أن رأت شيئًا كهذا من قبل.
وكما قال جايد، لم تكن قد تلقت تعليمًا حولها من شولاين.
على ما يبدو، فإن معلمها الجديد يعتزم تعليمها السحر بشكل منهجي. ولم يكن هذا أمرًا سيئًا.
لقاؤها مع شولاين اليوم جعلها تدرك أهمية الدراسة.
صحيح أن ما أخبرها به لم يكن من باب التعليم، بل من باب كشف سرّ دفين، ومع ذلك، شعرت أن اكتساب أساس معرفي متين سيكون ضروريًا.
قال جايد وهو يضع يده على الكرة:
“ضعي يدك هكذا، وانقلي قدرًا ضئيلًا من المانا. وستتغير الألوان. الأمر بسيط. فقط اعتبريه سحرًا يُفعّل الكرة لتُظهر خصائصك.”
ثم قدّم لها مثالًا بوضع يده على الكرة، التي ما لبثت أن امتلأت بدخان أبيض ناصع.
تدرّج الدخان حتى بدا وكأنه يشعّ نورًا خافتًا من داخله.
“واو…”
تمتمت مييل بإعجاب، فارتسم على وجه جايد ابتسامة خفيفة تباهٍ.
قال بفخر ظاهر:
“هذا اللون يعكس طبيعة الطاقة السحرية. كل ساحر يملك لونًا مختلفًا، لكنها تُصنف عمومًا إلى عشرة ألوان.”
وأشار إلى الكرة وهو يتابع:
“الأبيض كما ترين لا يدل على نوع واحد من السحر، بل يظهر فقط عند من يتمتع بموهبة شاملة في جميع أنواع السحر. وكلما ازداد تركيز اللون، دلّ ذلك على ارتفاع كمية الطاقة. انظري. لوني قويّ لدرجة أنه يُشعّ، وهذا دليل على مدى قوتي.”
كان ذلك تفاخرًا واضحًا.
ولم تكن الحاجة قائمة لذلك أصلًا، فهي تعلم تمامًا مدى قوّته.
“آه،نعم…”
تمتمت مييل وقد حاولت جاهدًة إخفاء انزعاجها.
عندها رفع جايد يده وأشار لها لتجرب.
شعرت مييل بالتوتر لأن لم يسبق لها استخدام شيء كهذا.
وضعت يدها على الكرة بحذر، وبدأ الدخان يتصاعد ببطء.
كان لونه أسود قاتم.
تجمّدت ملامح جايد.
الكرة امتلأت تمامًا بالدخان الأسود الكثيف.
راح جايد يفكّر بسرعة، مستعرضًا في ذهنه ما يعرفه عن الألوان ودلالاتها.
لقد رأى الأبيض سابقًا، فهو اللون الذي يحمله عادة أسياد أبراج السحر عبر العصور.
أما الأسود، فلم يره قط.
فالأسود يدل على “قدرة استثنائية“.
بينما تشير باقي الألوان إلى ارتباطها بالطبيعة مثل نار، ماء، برق، ضوء…، فإن الأسود يرمز إلى قوى خارجة عن هذا التصنيف.
السحرة الذين يمتلكون هذه القوة نادرون للغاية.
لا تتجاوز نسبتهم 1% من جميع السحرة.
حتى جايد سيد البرج لم يسبق له أن رأى ساحرًا أسود الطاقة بعينيه.
‘مييل تملك هذا النوع من القوة؟‘
لم يسمع يومًا بهذا.
لقد مضى عامان منذ دخولها البرج ولم يُذكر قط أن لها طاقة مميزة.
‘أهي حقًا ابنة ذلك الحكيم العظيم؟ يبدو أن الأمر ليس مجرد اسم…’
“معلمي؟“
نادت مييل، إذ لاحظت أن ملامحه متصلّبة.
استفاق من أفكاره على صوتها.
“آه، نعم. يبدو أن لديك طاقة لا بأس بها. اللون الذي ظهر… أعمق مما توقعت. وهذا اللون نادر للغاية. لم أره من قبل.”
“عفوًا؟ أول مرة تراه؟“
“صحيح. لم أشاهده إلا في الكتب. اللون الأسود يرمز إلى طاقة غير مألوفة مختلفة عن باقي التصنيفات. ويظهر عندما تكون طبيعة الطاقة غامضة أو غير قابلة للتصنيف المعتاد.”
“آه… هكذا إذًا.”
“والآن يا مييل… ما نوع قوتك تحديدًا؟“
ترددت مييل ولم تستطع الإجابة.
لم تكن مييل ترغب في الحديث كثيرًا.
كانت تدرك جيدًا أن قواها تختلف عن قوى السحرة الآخرين.
لقد كانت قواها غريبة وغير مألوفة.
صحيح أنها كانت تستمد طاقتها عبر القوة السحرية، إلا أن طبيعة هذه القوة كانت تختلف تمامًا عن السحر المعتاد.
وكانت واثقة أنه لو علم جايد بحقيقة هذه القوة، لما اعتبره سحرًا من الأساس.
لذلك، قررت مييل أن تتجاهل الأمر ببساطة وتتظاهر بالجهل.
“…لست متأكدة في الواقع.”
ولحسن الحظ، لم يكن جايد على علم بحقيقتها.
فمييل لم تُظهر قوتها لأي من السحرة الذين رافقوها في المهام السابقة.
لم تكن تكشف عن نفسها إلا بعد وقت طويل من العِشرة حين يتولد قدر كافٍ من الثقة.
ولذا، نادرون هم من يعرفون حقيقة قوتها.
أما أولئك القلة، فقد أبقوا الأمر طي الكتمان.
“فهمت… لا بأس. يمكننا اكتشاف ذلك تدريجيًا مع الوقت.”
أومأ جايد برأسه، وأبعد الكرة الكريستالية عن يده.
كان من الواضح أن مييل لا تدرك ماهية قواها حقًا.
وهذا أفضل، فبذلك سيكون بوسعه مساعدتها.
لقد قرأ في الكتب منذ زمن بعيد عن سحرة يمتلكون طاقة سحرية سوداء.
وأكثر من نصفهم لم يستطيعوا السيطرة على قواهم، وانتهى بهم الأمر بمصير مأساوي.
لكن مييل مختلفة.
وطالما هو موجود، فيمكنه أن يُرشدها كمعلم حقيقي إلى الطريق الصحيح… ولن تؤول نهايتها إلى المأساة.
ثم استأنف جايد حديثه ليستكمل الدرس.
“في الحقيقة، رغم أن اللون الأسود ليس قويًا كاللون الأبيض، إلا أنه يتمتع بتفوق في مجالات متعددة من السحر. لذا، إن واصلتِ التعلم بجد، فسيمكنك في النهاية معرفة طبيعة قوتك الحقيقية. وعندها، أطلعينِي عليها.”
‘لن يحدث ذلك أبدًا.’
هكذا فكرت مييل، لكنها اكتفت بهز رأسها بالموافقة.
كانت تكره الكذب في العادة، لكنها اضطرت إليه هذه المرة للدفاع عن نفسها.
لم يكن هناك خيار آخر.
لم ترد أن يراها أحد على حقيقتها.
“حسنًا، لنبدأ الدرس الجديّ إذن. أعتقد أن لديك ما يكفي من الطاقة السحرية، وتملكين موهبة لا بأس بها، لذا يمكننا التوجه مباشرة إلى التدريب العملي.”
انتقلا معًا إلى الجانب الخالي من الطاولات.
ومعهما، تحرك الحاجز السحري على شكل القبة تلقائيًا في مكانهما الذي تحركا اليه.
في تلك اللحظة، تذكرت مييل يومها الأول في برج السحر.
ذلك اليوم، لم يبدُ سيد البرج سعيدًا بزيارتها المفاجئة.
ولذلك، لم يقم بتسجيلها كساحرة رسمية، بل قرر أن يجعلها تلميذته فحسب.
ومضت سنتان منذ ذلك الحين حتى بدأت دروسه الحقيقية معها الآن.
أن تتعلم السحر العملي من سيد البرج نفسه، وليس من شولاين…
كان ذلك مثيرًا للحماس بشكل غريب.
رغم أن أستاذها لا يزال شخصًا غريب الأطوار أو ربما نصف مجنون… مما يجعل الأمر مرهقًا في كثير من الأحيان.
لكن بعيدًا عن ذلك، فإن تعلم أشياء جديدة كان أمرًا ممتعًا بالفعل.
“بما أن هذا هو الدرس الأول، اخترت لكِ سحرًا بسيطًا.”
سحر بسيط؟ يا لحسن الحظ.
لو بدأ الدرس بسحر معقد، لانطفأت حماستها منذ البداية.
لكن لمجرد أنه سهل، فقد تحفزت رغبتها في التعلم.
“سنبدأ مباشرةً بسحر النيزك.”
……؟
منذ متى أصبح النيزك من أنواع السحر البسيطة؟
فكّرت مييل أن خطأها كان في أنها فكرت ولو للحظة أن معلمها قد يكون إنسانًا طبيعيًا.
بالطبع لا.
معلمها كان شخصًا يتجاوز حدود المنطق الطبيعي بمراحل.
“الأمر بسيط في الأصل. خذي سحر التكوين الأساسي، وأضيفي إليه صورة ذهنية. ثم بحسب تلك الصورة، تحكّمي بكمية الطاقة السحرية المستخدمة.”
“سأُريكِ الآن مثالًا صغيرًا. لو استخدمت مستواي الكامل، لسقط البرج فوق رؤوسنا.”
مد جايد يده نحو الفراغ، وضخّ فيها طاقته السحرية.
وفجأة امتلأ المكان بهالة من الحرارة بعد أن كان باردًا.
وبعد لحظات، ظهر في الهواء كرة نارية بحجم صخرة مشتعلة تتوهج بحرارة شديدة معلقة في الجو بفعل سحر جايد.
لم تسقط على الفور، بل بقيت عائمة بفعل سيطرته السحرية.
“ما رأيكِ؟ بسيط، أليس كذلك؟ حاولي أنتِ الآن.”
……؟
تسللت إليها الشكوك مجددًا.
هل هو جاد؟ هل يعتبر هذا… بسيطًا؟
____________
ادعو تتحسن مشكلتي مع الموقع الكوري تبع الروايه لانو تقريبًا اعطوني باند …
ترجمة : سنو
فتحت جروب روايات في التيليجرام يمديكم هنيك تقرأو الروايات بدون نت🌟!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"