بعد مرور نحو ثلاث ساعات من إرسال مييل للرسائل، التقى الثلاثة مع كوسيليكو في صالة استقبال برج السحر.
في الواقع، كان جايد قد أتى إلى مييل بسرعة، لكنه انتظر انضمام ترووي، إذ استغرق توروي وقتًا في الوصول من القصر الإمبراطوري، بالإضافة إلى انشغاله ببعض مهامه كولي للعهد.
ومع ذلك، فقد وصل توروي إلى البرج أسرع مما كانوا يتوقعون.
قال توروي فور وصوله، بعد تبادل تحية بسيطة:
“إذن، ما الأمر يا آنسة مييل؟”
وسأله جايد كذلك بعينين يملؤهما التساؤل:
“صحيح، ما سبب هذا الاستدعاء العاجل؟”
فأجابت مييل بهدوء:
“في الواقع… استطعت بفضل كوكو أن أعثر على أحد الكنوز المتبقية من الكنزين الأخيرين.”
“ماذا؟”
“هل هذا صحيح؟”
وبينما بدا على الرجلين علامات الدهشة، بادرت مييل بتقديم شرح سريع:
“نعم، وحقيقة ذلك الكنز… هو خريطة يمكننا من خلالها الوصول إلى الحكيم العظيم.”
فامتلأت ملامح الرجلين بالدهشة مجددًا، وكأن الكلام لا يُصدق، لكن مييل واصلت حديثها قبل أن يتمكنا من الاستفسار:
“ربما يثير هذا التساؤلات، فأنا أعلم أنه من غير المعقول أن يكون الكنز الوحيد هو الخريطة… فلا بد من وجود كنز آخر.”
قال جايد مؤيدًا:
“صحيح، هذا منطقي. فعدد الكنوز هو سبعة، ويبدو أن الكنز الأخير هو ما سيمكننا من لقاء الحكيم العظيم…”
ابتسمت مييل بخفة وتابعت:
“في الواقع، لقد وجدت الكنز الأخير أيضًا. وهو… أنا.”
اتسعت عينا جايد وتوروي قليلاً، ثم ما لبثا أن أومآ برأسيهما.
قال جايد:
“…لطالما راودني هذا الظن.”
وأضاف توروي:
“وأنا كذلك. لقد بدا واضحًا أن الحكيم العظيم كان يكنّ لك مشاعر عميقة.”
فقالت مييل بدهشة:
“حقًا؟”
أومأ الرجلان مجددًا، وقال جايد:
“نعم. الكنوز التي عثرتِ عليها لا يمكننا تحديد جميع خصائصها، لكن من الواضح أنها قوية للغاية. كما أن تلك الكنوز مفعمة بطاقة نقية من سحر الحكيم العظيم. ومن النادر أن يمنح المرء كل ذلك إلا بدافع محبة عظيمة…”
وتابع توروي:
“بالضبط. بل إن كل تلك الكنوز الثمينة كانت مُعدة خصيصًا من أجل ابنته الغالية.”
عند سماع ذلك، أشرقت ابتسامة على وجه مييل.
“أجل… صحيح. لقد أحبني والدَي حبًا جمًّا.”
قالت ذلك، ثم نهضت من مقعدها:
“إذن، هيا بنا لنلتقي بأبي… لنسر معًا في طريق الحكيم العظيم.”
وقف الرجلان من مقعديهما، وبدا التردد على وجه تورزي وهو يقول:
“هل سنذهب مباشرة؟”
فأجابته مييل:
“نعم. لأن الطريق ليس بعيدًا جدًا. في الواقع… هو بعيد، لكن…”
سألها توروي:
“إلى أين بالتحديد؟”
لكن بدلًا من الرد، خطت مييل بضع خطوات، ثم توجهت إلى الاثنين وقالت:
“هل يمكن لكليكما أن تضعا أيديكما على كتفي؟”
فما إن فعلا، حتى صعد كوسيليكو على كتفها، وأمسكت مييل بقلادة ختم الحكيم المعلقة في عنقها.
‘من المفترض أن ختم الحكيم لا يزال غير قابل للاستخدام…’
لكن، وبمجرد أن جمعت مييل كل الكنوز حدث أمر غريب، حيث عادت قدرة استخدام ختم الحكيم إلى وضعها الأصلي، وكأنها أعيدت من جديد.
‘وكأن أبي يقول لي تعالي بسرعة.’
أغمضت مييل عينيها وتخيلت مكانًا بعينها.
وفور ذلك، غلفهم جميعًا كل من مييل والرجلين وكوسيليكو ضوء فضي من السحر، وفي لحظة، انتقلوا إلى مكان مختلف.
شووووووو—
كانت الرياح تهب بقوة.
لقد وصلوا إلى مغارة مظلمة وواسعة.
وما إن استقرت أجسادهم، حتى ابتعدا جايد وتوروي قليلاً عن مييل، وفتحا أعينهما ليتفحصا المكان.
قال أحدهما:
“هذا المكان…”
وقال الآخر:
“…إنه كهف.”
أخذت مييل تنظر حولها وقالت:
“هذا المكان يقع في منطقة غير مستكشفة… في أعماقها تحديدًا.”
“ماذا؟ منطقة غير مستكشفة؟”
“هل ما تقولينه صحيح؟”
هتف الاثنان بدهشة، فأجابت مييل:
“أجل. صحيح.”
ولم يستطيعا الرد على الفور.
فمن المعروف أنه لم يسبق لأحد أن عاد حيًّا من تلك المنطقة.
لكن مجرد استخدام مييل للكنز للوصول إلى هنا، بل واستخدامها لختم الحكيم يعني أنها سبق أن زارت هذا المكان من قبل.
قالت مييل:
“لقد أتيت إلى هذا المكان مع والدي وأنا صغيرة.”
تأملت الكهف بعمق، بينما راحت الذكريات تطفو في ذهنها بعد إدراكها أنها هي الكنز الأخير.
وكان من بين تلك الذكريات، وقت قضته مع والدها في هذا الكهف.
‘وليس مجرد ذكرى، بل لديّ إحساس أكيد بأن أبي موجود هنا.’
وكان إحساسها في محله؛ إذ إن طاقة الحكيم العظيم كانت تُستشعر من أعماق الكهف.
“من هذا الاتجاه…”
وسارت مييل نحو الداخل، وكأن قوة ما تقودها.
لم تكن بحاجة إلى خريطة؛ فالطاقة المنبعثة كانت كفيلة بإرشادها.
ناداها كوسيليكو وقد أدرك ما يجري:
“مييل!”
كان جسمه مغمورًا بضوء خافت على غير العادة.
“كوكو… ما الذي يحدث لجسدك؟”
“ربما لأننا أصبحنا قريبين من لياد. أشعر أن طاقتي تزداد.”
“نعم. هيا بنا بسرعة.”
فأسرعت خطاها، ولحق بها كل من جايد وتوروي.
وهم في طريقهم إلى الداخل، شعرت مييل فجأة بأمر غريب.
‘هذه طاقة أبي، لكن لماذا لا تبدو نقية ومضيئة كبقية الكنوز؟’
لكن لأنها تأكدت أن مصدرها هو لياد، تابعت السير.
وأخيرًا، بعد أن مشوا طويلًا في ظلمة الكهف، وصلوا إلى مكان يشع بضوء خافت، وكان هناك رجل جالس في الظلام.
قالت مييل:
“آه…”
توقفت فجأة مصدومة.
كان هناك رجل يرتدي رداءً أسود ويغطي رأسه بقبعة، جالسًا على الأرض.
لكن معظم جسده كان مغطى بالسواد، باستثناء نصف وجهه.
هذا المشهد لم يصدم مييل فقط، بل صدم جايد وتوروي كذلك.
فوفقًا لما هو معروف، فإن لياد كاريلادين الحكيم العظيم، كان رجلاً حسن الطلعة، يملك شعرًا فضيًا طويلًا وعينين ذهبيتين جميلتين.
أما الآن، فقد بدا كأنه يذوب في الظلمة، وتفوح منه رائحة الموت.
قال بصوت منخفض وعميق كأنما صادر من عالم الأموات:
“…أخيرًا أتيتِ.”
كان بالكاد يبقي عينيه نصف مفتوحتين وهو يحدّق في مييل، وقد تشوّهت نظرته قليلًا، وكأن الابتسامة أثقلت عليه من شدة الألم.
“أبي…”
تحركت مييل نحوه دون وعي، لكنه بادرها سريعًا:
“لا تقتربي يا عزيزتي… قد تُصَابين بأذى.”
“لكن… أبي، لماذا؟”
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تنظر إليه.
حاول لياد أن يتكلم، لكنه صمت.
وهنا، اقترب جايد من مييل ووقف إلى جانبها، ثم انحنى قليلًا وقال:
“لقد مرّ وقت طويل يا حكيمنا العظيم.”
فتح لياد عينيه قليلاً ووجّه نظره إليه:
“آه، نعم… سيد البرج.”
قال جايد:
“كنت أتوقع أن تكون حالتك سيئة، لكن ما أراه الآن كأنك…”
توقف قليلًا، ثم أضاف:
“…هل استخدمت سحرًا محرّمًا؟”
فانحنى فم لياد بابتسامة متألمة، وقال:
“نعم… يبدو أن سيد البرج يعلم الحقيقة.”
ردّ جايد بحدة:
“لماذا تلجأ لسحر كهذا؟ إنه يسبب انهيار للجسد!”
قَبض على يده بشدة دون أن يشعر.
كانت نظرات لياد وهو ينظر إلى ابنته مشبعةً بالدفء والعطف، لا يمكن وصفها.
“…إنها حكاية قديمة جدًا.”
قال لياد ذلك، ثم بدأ يسرد القصة ببطء، وكأنها آتية من زمن بعيد.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 120"