خرج شولاين من غرفة سيد البرج، وكعادته أخرج دفتر ملاحظاته.
كان دفتره قد امتلأ ثلثه تقريبًا بقصص سيد البرج.
[سيد البرج غريب الأطوار اليوم أيضًا. من الواضح أنه لا يحب وجود صاحب السمو ولي العهد ومييل، ومع ذلك لم يغضب حتى عندما كانا معًا. هذا ليس من طبعه؛ فهو لا يترك أولئك الذين لا يحبهم يتجولون في البرج هكذا بلا ردة فعل.]
‘منذ متى بدأ الأمر؟ متى أصبحت عبارة (سيد البرج غريب اليوم أيضًا) مقدمة ثابتة في دفتر ملاحظاتي عنه؟‘
أنهى شولاين ملاحظاته لليوم، ثم مسح لحيته بإصبعه وهو ينزل من الممر المؤدي لأعلى طابق في البرج.
بدأ يشعر أن هناك أمرًا غير طبيعي منذ ذلك اليوم الذي التقت فيه مييل بسيد البرج في قاعة الطعام.
رغم أنه قد سبق له أن تصرف تصرفات غريبة من قبل، إلا أن ما حدث يومها كان له وقع أكبر بكثير.
كان واثقًا أن سيد البرج سيغضب على مييل ويطردها.
وبلا شك، كان من حسن الحظ ألا تُطرد مييل، التي لطالما كانت لم تحظى بنظرة طيبة من سيد البرج.
لكن، أن يتغير سيد البرج بهذا الشكل… لم يكن أمرًا مبشرًا.
“هممم… عليّ مراقبته أكثر.”
* * *
في تلك الأثناء، بقي جايد وحده في الغرفة، يحاول التركيز على إعداد خطة الدروس.
لكن وجهًا لم يرغب حتى في تذكّره طفا في ذهنه رغمًا عنه.
توروي، ولي عهد الإمبراطورية.
في الحقيقة، لم يكن يكرهه من البداية.
صحيح أن مكانة برج السحر في الإمبراطورية ارتفعت كثيرًا بفضل الحكايات البطولية للحكيم العظيم، لكنها لم تكن السبب الوحيد. السبب الأهم أن الأسرة المالكة كانت تعترف به رسميًا.
فحتى الأباطرة السابقون، والحالي أيضًا، لم يسعوا أبدًا لهدم برج السحر، بل أرادوا استقطاب أعضائه ليكونوا في صفهم، لما لهم من إسهامات واضحة في تطور الإمبراطورية.
لكن ولي العهد كان مختلفًا.
فهو دائمًا أول من يُطالب بتقليص صلاحيات البرج، مدّعيًا أن أي نية أخرى قد تؤدي إلى أعظم حرب في التاريخ.
من وجهة نظره، كان منطقه مفهومًا.
لكن من وجهة نظر جايد، لم تكن سوى تفاهات لا معنى لها.
فهو يعرف جيدًا الخلفية التي أُنشئ من أجلها البرج، ومع ذلك يتفوه بتلك السخافات.
في الأساس، برج السحر أُقيم تحقيقًا لأمنية الحكيم العظيم كاريلادين القديمة، وهي “السلام“.
أن تُبنى مؤسسة بهذا الهدف النبيل ثم تُتهم بإشعال الحرب؟ كان الأمر مضحكًا إلى حد السخرية.
‘لكن، مثل هذا الأحمق، زار البرج مرتين بالفعل؟‘
قطّب جايد جبينه بانزعاج.
في الزيارة السابقة، قيل إنه اضطر للحضور بسبب طلب خاص.
لكن هذه المرة لا يبدو أن هناك أمرًا خطيرًا يستدعي حضوره من الإمبراطورية.
‘فلماذا جاء إذًا؟ أيمكن أن يكون، كما قال شولاين… بسبب مييل؟‘
مستحيل. لا يعقل. نحن نتحدث عن ولي العهد.
ذاك الذي لم يعر أي اهتمام حتى لأجمل النساء في المجتمع الراقي، ولا للنبيلات الذكيات اللواتي حاولن كسب وده.
رجل حتى الإمبراطور نفسه بحث له عن عروس مناسبة، لكنه رفضهن جميعًا بلا تردد.
‘…لا يعقل… أم تُراه؟‘
فجأة تذكّر جايد قصة حب أثارت ضجة في الأوساط الاجتماعية مؤخرًا.
أحد النبلاء الذي طالما راود الناس الشك حول ميوله بسبب رفضه الدائم للنساء، تزوج فجأة بسرعة كبيرة.
وكانت العروس فتاة من دولة أخرى، التقاها مصادفة.
وصل صدى قصة حبهما حتى برج السحر، لأن هذا الرجل الذي لم يُعر النساء أي اهتمام من قبل وقع في حبها من النظرة الأولى، وبدأ في ملاحقتها بلا كلل حتى نال قلبها.
وإن حدث ذلك مرة، فلا شيء يمنع أن يتكرر حتى مع ولي العهد.
‘لكن مييل تحبني، لذا لا بأس… لا، ما الذي أفكر فيه؟‘
مهما كان من تحبه مييل، فهذا لا علاقة له به.
بالنسبة له، كانت مييل مجرد تلميذة مخلصة، وتفانيها كانت تستحق أن يكافئها بتعليمها السحر.
ومع ذلك، كان الأمر يزعجه بشكل غريب.
وفي النهاية، نهض جايد من مكانه.
أسرع يبحث عن عباءته الخاصة بالتخفي وارتداها.
كانت تلك العباءة مشبعة بسحر تخفٍ قوي، لا يمكن لأي كان أن يتتبع مكانه.
‘هذا كافٍ.’
ثم خرج مباشرة من الغرفة، متجهًا نحو مييل وولي العهد.
* * *
في تلك الأثناء، كانت مييل تتناول قضمة من كعكة الجزر باستخدام الشوكة.
وامتدت نكهة الكريمة الحلوة والملمس الناعم في فمها بلذّة.
كعك فووك كان دائمًا لذيذًا.
ولم تكن الكعكة وحدها هي ما تُحَب. حتى عصير الجزر الذي قُدّم كمشروب مرافق، كان طعمه رائعًا.
حين ارتسمت على وجه مييل ابتسامة دافئة، لم يستطع توروي الجالس أمامها إلا أن يبتسم بدوره.
‘كان هذا نفس الوجه السعيد الذي رأيته عندما كانت تأكل التفاح.’
جلس توروي يتأمل ملامحها السعيدة، مستندًا إلى ذقنه كما لو كان يستمتع بمشهد مبهج.
وما إن شعرت مييل بنظراته حتى ارتبكت للحظة.
آه، يبدو أنني كنت أتناول الطعام بإفراط أمام ولي العهد.’
في تلك اللحظة، كانا يجلسان في غرفة الاستقبال بالطابق الأول من برج السحر.
لم تكن مييل تعرف سبب الزيارة، لكنها تلقت طلبًا من ولي العهد نفسه لمشاركتها كوب شاي.
وعندما وصل توروي، قدّم لهم فووك الطاهي الكعك والمشروبات بعناية فائقة.
استأذنت مييل من سيلا لتتمكن من لقائه، لكنها فوجئت بأن توروي لم ينبس ببنت شفة منذ وصوله، واكتفى بالتحديق بها بصمت.
تمامًا كما فعل أستاذها قبل أيام.
أمام نظراته الهادئة والمليئة بالإعجاب، لم تجد مييل بدًا من وضع الشوكة جانبًا.
عندها نطق أخيرًا:
“آنسة مييل، تفضلي، كلي المزيد.”
كان ذلك أول ما قاله.
أومأت مييل برأسها، ورفعت الشوكة من جديد.
‘لماذا يحدّق بي بهذا الشكل؟‘
وما إن أخذت لقمة جديدة من كعكة الجزر، حتى فتح توروي فمه مجددًا:
“يبدو أنك تحبين الجزر، أليس كذلك؟“
في الحقيقة، لم يكن يعرف ماذا يقول.
لقد جاء فقط لأنه اشتاق لرؤيتها، لكن ما إن نظر إلى وجهها حتى فرغ ذهنه تمامًا من أي فكرة.
فقال ما خطر له “الجزر.”
بما أنها تأكل الكعكة بشهية، ظن أن الحديث عن الجزر سيكون مدخلًا جيدًا لفتح الحوار.
“أنا أيضًا أحب الجزر كثيرًا، لدرجة أنني أوصي الطباخ دائمًا بإضافته إلى كل الأطباق.”
لم يكن ذلك صحيحًا.
لكنه لم يهتم، ما دام الحديث عن الجزر سيفتح له بابًا للحوار معها.
إن كانت تحب شيئًا، فسيبذل جهده ليحبه هو الآخر.
ابتسمت مييل بخفة، ثم فتحت شفتيها بهدوء.
“في الواقع… لا، بل أنا أكرهه. أكرهه كثيرًا.”
شعر توروي وكأن قلبه سقط من مكانه.
ولأنها لم تذكر ما الذي تكرهه تحديدًا، خُيّل إليه أن الكراهية موجهة إليه شخصيًا.
حاول تمالك نفسه، وأجاب بتردد:
“تكرهينه؟ لكنك كنت تأكلين الكعكة والعصير اللذين يحتويان عليه…”
فقالت بابتسامة هادئة:
“صحيح، لكن إن كان الجزر يُستخدم فقط لإضافة المذاق الحلو، فلا بأس. أما إن وُضع في الأطعمة المالحة، فلا أطيقه.”
“آه…”
تنهد توروي بخيبة أمل.
لقد أخطأ التقدير تمامًا.
كان يظن أنها تحب الجزر، لأنها كانت تأكله بشهية.
لكن خطة فتح الحديث عن طريق الجزر فشلت تمامًا.
وما إن انتهى الموضوع حتى بادرته مييل بالسؤال مباشرة:
“على كل حال، سموّ الأمير… أليست زيارتك للبرج بسبب مهمة رسمية؟“
‘الحوار فشل… لكن لا بأس، يمكنني أن أخلق فرصًا أخرى لاحقًا!’
أخذ نفسًا عميقًا، وأجاب بهدوء:
“نعم، صحيح.”
“لكن لم يكن من الضروري أن توكِل إليّ المهمة، كان بإمكانك أن تكلّف دوور بها. ألم تفعل ذلك في المرة الماضية أيضًا؟“
لكن الحواجز كانت قوية.
للحظة، شعر توروي إنه لا يواجه إنسانة، بل جدارًا فولاذيًا.
ومع ذلك لم يستسلم ورد قائلًا:
“صحيح، المهمة السابقة تمت عبره. لكن هذه المرة أردت أن أطلبها منك مباشر يا آنسة مييل. في المهمة الماضية، أنجزتِ العمل بسرعة وكفاءة تامة. كان لدي مرشّحون آخرون، لكني شعرت بثقة أكبر تجاهك لأنني التقيتك شخصيًا.”
في الحقيقة، فريق مييل أدّى المهمة السابقة بكفاءة.
حتى الأعشاب الطبية التي جلبوها كانت بجودة ممتازة، وقد حُفظت بطريقة جعلت مفعولها قويًا للغاية.
لدرجة أن روبينا، التي تناولت الجرعة، استعادت عافيتها في الحال.
لذا، بالنسبة لتوروي، كان فريق برج السحر بمثابة منقذين له.
لكن، الحقيقة أنه لم يُرد تفويض المهمة هذه المرة لمييل فقط بسبب كفاءتها…
“…إن كان لا بد من ذلك، فلا بأس.”
قالت مييل بابتسامة خفيفة.
‘آه، نجحت أخيرًا. بدأ الجدار يتصدع.’
“وما طبيعة هذه المهمة؟“
“كما ذكرتُ سابقًا، أودّ منكِ أن تصنعي لي أداة سحرية تُستخدم للترجمة.”
“للترجمة؟“
“نعم، قريبًا سيكون هناك اتفاق كبير مع مملكة أخرى، وأرغب في التحدث مباشرة دون الحاجة إلى مترجمين.”
وقفت مييل في حيرة.
لو كان الأمر يتعلق بمهمة تقليدية، كجمع مواد أو طرد وحوش، لكان بسيطًا، إذ يمكنها إنجازه بالسحر.
لكن صناعة أداة جديدة أمر مختلف تمامًا.
وما إن ظهرت علامات التردد على وجهها، حتى تجمّدت تعابير توروي
“آنسة مييل، هل هناك مشكلة؟“
“ليست مشكلة بالمعنى الدقيق… لكن لا أظن أنه يمكنني تولّي هذه المهمة بنفسي.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 11"