معلمي قد جُنّ [ 104 ]
ما إن نهض ليفيرو من مقعده، حتى تبعه توروي، ليبتسم البابا في وجهه ويقول:
“ فلنذهب.”
أومأ توروي برأسه بخفة وبدأ يسير خلفه، وتبعتهما مييل وجايد بصمت.
وخلال السير، مال جايد نحو مييل وهمس لها بصوت لا يكاد يُسمع:
“ مييل، ابقي بجانبي.”
“ حسنًا يا معلمي.”
أجابت بصوت خافت والتزمت السير إلى جواره، وقلبها ينبض بتوتر طفيف.
‘ جولة داخل كنيسة الإمبراطورية المقدسة برفقة البابا نفسه… آمل أنه سيحرص على ألا نلفت الأنظار.’
تحسّست غطاء الرأس الذي ترتديه لتتأكد من أنه يغطيها جيدًا، وكانت مطمئنة بعض الشيء لكون توروي وجايد يرتديان أغطية للرأس أيضًا.
عندها، التفت ليفيرو مبتسمًا وقال:
“ أوه، صحيح… زيارة سمو ولي العهد لفِيرهون سرية للغاية، أليس كذلك؟ سأحرص على أن لا نصادف كهنة أو مؤمنين قدر المستطاع.”
فأومأ له توروي بإيجاز وقال:
“ أحسنت، نرجو أن يتم ذلك بأقل احتكاك بالآخرين.”
“ بالطبع، لن أضع ضيوفنا القادمين من بعيد في موقف حرج. هيا بنا، كنيستنا مليئة بالجمال.”
قادهم ليفيرو بخطى واثقة عبر رواق ناصع البياض. وما إن غادروا صالة الاستقبال حتى قادهم نحو درج في نهاية الممر.
“ في هذا الوقت من اليوم، نادرًا ما يصعد أحد للطابق الثاني. وهناك بعض الأشياء المثيرة للاهتمام.”
اتجهت المجموعة إلى الطابق العلوي، والذي كان كسابقه مشرقًا وهادئًا، لكنه أكثر امتلاءً بالزينة والتحف.
“ هنا نعرض مجموعة من الأشياء التي كانت فيما مضى من المقدسات.”
قالها وهو يشير إلى بعض المعروضات، فأخذ توروي يتأملها وسأل:
“ كانت من المقدسات؟“
“ أجل، فالمقدّس هو ما يحتوي على قوة الحاكم. فرساننا يتلقّون قوتهم المقدسة من خلال تلك الأشياء المباركة.”
“ فهمت… مثير للاهتمام.”
“ ليس الفرسان وحدهم، بل حتى الكهنة يحصلون على طاقاتهم منها.”
تابع ليفيرو وهو يتنقّل بين القطع:
“ هذا السيف مثلًا، كان سلاح البطل هاميل الذي هزم العديد من الوحوش في الماضي.”
نظر الجميع إلى السيف، وكان لا يزال لامعًا كأنه لم يُستخدم قط.
‘ كم عمر هذا السيف؟‘
تساءلت مييل في سرّها، فأجابها ليفيرو دون أن تسأل:
“ يُقدّر عمره بسبعين عامًا على الأقل. لا يحتوي الآن على أي طاقة مقدسة، لكنه كان يحمل قوة الحاكم، لذا بقي محافظًا على حاله دون حاجة لأي إصلاح.”
“ يا له من أمر مدهش.”
تمتم توروي، وقد بدا عليه بعض الإعجاب وإن لم يظهر على وجهه الكثير.
“ والآن، سأريكم قطعة أخرى حديثة نسبيًا.”
قادتهم خطوات ليفيرو نحو عمق القاعة، حيث عُرضت قلادة تتلألأ بحجر ألماسي ضخم.
“ هذه القلادة صُنعت قبل حوالي خمسين عامًا فقط، وتُعد من أحدث المقدسات.”
أشار إليها بفخر وهو يبتسم.
“ لقد احتوت على طاقة كافية لتمنح القوة لثلاثة فرسان مقدسين وعشرة كهنة.”
أثارت التفاصيل فضول مييل التي أخذت تفكر:
‘ هل الحاكم موجود فعلًا؟ من الصعب إنكار ذلك أمام كل هذه الآثار. حتى لو لم أكن أتبعه كدين، لا يمكن تجاهل وجوده بهذه البساطة…’
تابعت الاستماع بينما واصل ليفيرو شرح خصائص المقدسات بلطف ومهارة.
“ حسنًا، دعونا ننتقل إلى الطابق الثالث. هناك أماكن رائعة في الأعلى.”
قالها وهو يتقدمهم من جديد، وكأنه يتجوّل في منزله.
‘ حسنًا، بعد كل تلك السنوات في منصبه، لا بد أنه يعتبره منزله بالفعل.’
فكّرت مييل وهي تتابع خطاها.
وحتى لحظة وصولهم، لم يصادفوا أي كهنة أو مؤمنين.
“ أنا أحرص على سلوك الطرق التي لا يتواجد فيها الآخرون، حتى لا ينزعجوا ضيوفي.”
قالها ليفيرو وكأنه قرأ ما يدور في خاطرها، لتشعر بالاطمئنان، لكن مع بعض الحذر.
‘ لا أدري إن كان علي أن أصفه بالذكي أم بالمجنون…’
وأخيرًا وصلوا إلى الطابق الثالث، حيث وُجدت عدة أبواب.
“ من هنا، هذا هو مصلى الصلاة الذي يأتي إليه المؤمنون للدعاء.”
كان الباب أبيضًا، وعليه نقش يظهر غافيلون في وضعية صلاة.
وما إن فتحه ليفيرو، حتى ظهرت غرفة هادئة ومقسمة إلى حجرات صغيرة، خافتة الإضاءة وعديمة النوافذ تقريبًا.
‘ مصلى…’
تجوّلت مييل في المكان بهدوء، والصمت يلفّه كما يلفّ الضباب قمم الجبال.
“ الكثير من المؤمنين يأتون هنا لرفع صلواتهم للحاكم، وينالون أحيانًا ردوده.”
قال ليفيرو، فبادره توروي بسؤال وهو يتفقد الغرفة بعينيه:
“ هل الحاكم يرد على صلوات كل فرد منهم؟“
للحظة، تَغيّرت ملامح ليفيرو قبل أن يعود إلى ابتسامته الهادئة بسرعة يصعب ملاحظتها.
“ ليس جميعهم بالطبع. الأعداد ضخمة، ولا يمكن للحاكم الرد على الجميع في آن، لكنه يجيب أحيانًا.”
“ وهل تتلقى أنت الردود أكثر من غيرك؟“
عندها أعاد توروي نظره إليه، فأومأ ليفيرو برأسه:
“ غالبًا، نعم. فالحاكم عادة ما يخاطبني بشكل مباشر.”
“ وما آخر ما قاله الحاكم لك؟ لا بد أنه أمر مثير.”
تجمدت ملامح ليفيرو من جديد، وهذه المرة لم ينجح تمامًا في إخفاء ذلك.
حتى توروي ومييل وجايد لاحظوا التغيير.
“ آه، نعم… لقد قال مؤخرًا إنه يراقبنا دائمًا.”
“ هذا فقط؟“
سأله توروي مجددًا، فابتسم البابا كمن يحاول تلطيف الأجواء:
“ قال أمورًا أخرى، لكن يصعب الحديث عنها أمام الغرباء.”
ورغم رغبته في الاستمرار بالأسئلة، إلا أن توروي أيقن أن البابا محق. لا يمكنه التدخل في الشؤون الداخلية للدولة.
“فهمت …”
أجاب توروي باقتضاب، ثم نظر إلى مرافقيه وقال:
“ فلنرَ أجزاء أخرى من الكنيسة.”
“ بكل سرور. سأرشدكم.”
ردّ ليفيرو، بينما كان يعضّ شفته السفلى دون أن يراهم.
‘ هل شكّوا في شيء؟‘
حاول الحفاظ على هدوئه، وما إن التفت إليه توروي، حتى قابل نظرته بنفس الابتسامة الهادئة.
“ الآن، دعوني آخذكم إلى قاعة العبادات.”
تابع إرشادهم كأن شيئًا لم يحدث، وأراهم المزيد من الأجنحة الواسعة.
حتى قال تروي فجأة، بنبرة لا تخلو من السخرية:
“ سمعت أن كنيستكم لا تضم المقدسات فقط، بل تحتوي على أشياء غامضة عديدة.”
——-
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 104"