[يبدو أنّه كذلك بالنسبة لي أيضًا. هل يعقل أن يكون قد استيقظ بعد عودته من الموت؟]
“حسنًا، لقد أخطأت. أخطأت يا جايد… أرجوك، سامحني، أغغ.”
توقّف الضرب أخيرًا عندما بدأ كارم، الذي تورّم وجهه ونزف أنفه، يتوسّل إلى جايد بإخلاص.
لكن في نظر ليريوفي، لم يتوقّف جايد بسبب اعتذار كارم، بل بسبب صداعه الذي عاد من جديد.
“تبًّا… سننطلق بعد خمس دقائق. استعدّوا جميعًا جيدًا.”
استنشق جايد بقوّة، ممسكًا رأسه وهو يترنّح، ثم استدار.
بعد مغادرة جايد، تنفّس كارم الصعداء وهو يتلوّى على الأرض يئن.
لكن لم يقترب أحد ليسأل عن حاله.
“كما توقّعت، كنتُ أعلم أنّ جايد سيحميني…”
كانت ميلينا، التي أمسك كارم بشعرها، جالسة وشعرها مبعثر، ودموعها تترقرق في عينيها.
لحسن الحظ، بدت حالتها العقلية جيّدة نسبيًا بالنسبة لمن تعرّضت لضربٍ مفاجئ.
أم أنّه ينبغي القول إنّ حالتها العقلية ليست جيّدة في هذه الحالة؟
كانت عيناها، وهي تنظر إلى ظهر جايد، متلألئة كأنّها وقعت في الحبّ مرّة أخرى.
اقتربت ميلينا، وهي تشهق، من ليريوفي التي لم تستطع الكلام.
“سـ-سأعطيكِ الماء والخبز.”
“…”
“الآن لن يستطيع كارم قول شيء.”
[يا لها من فتاةٍ.. حتى في هذا الموقف…]
قبلت ليريوفي ما قدّمته ميلينا على مضض.
لكن بدلاً من مغادرة المكان بعد تحقيق غرضها، تردّدت ميلينا واقتربت من ليريوفي أكثر.
ثم همست بصوت خافت.
“أ-أمم، ما رأيكِ؟”
“في ماذا؟”
“جـ-جايد. ألا تعتقدين أنّه يعاملني بشكل خاص؟ أليس كذلك؟”
كما توقّعت، كانت مجرّد هراء يظهر غباءها.
شعرت ليريوفي ببعض الانزعاج وحاولت تجاهلها.
“لكن، يبدو أنّ جايد يهتمّ بأختكِ أيضًا… لكن ربّما لأنّه لا يستطيع ترك فتاة مريضة؟”
لو لم تستمرّ ميلينا في إثارة غضبها بكلامها الفارغ، لكانت قد تجاهلتها.
“ربّما… كيف تعتقدين أنّ أختكِ ستشعر؟ هل ستقع في حبّ جايد عندما تستيقظ؟ أليس كذلك؟ بالتأكيد ستقع في حبّه. فجايد رائع جدًّا. لكن أن تصبح أختكِ منافسة إلى جانب ناتالي يجعلني أشعر بالضيق بعض الشيء…”
“هل جننتِ؟”
“ها؟”
“لِمَ ستحبّ أختي جايد؟ هل تعتقدين أنّ عينيها مثل عينيكِ…”
كادت ليريوفي تصرخ بأنّ ذوق أختها ليس نابعًا من أصابع قدميها، لكنّها تجمّدت فجأة.
في الواقع، بين كلّ الرجال في العالم، كانت أختها قد أختارت إيفانجيلين كحبيبٍ لها، مما جعل ليريوفي تشكّ في بصرها أختها و ذوقها.
‘تبًّا… لا، أختي… كان ذلك مجرّد خطأ مؤقّت. بالتأكيد، ذلك الدبور استخدم وجهه الجميل ليتظاهر أنّه طبيعيّ وخدعها بحيله الماكرة تلك! لا يمكن لأختي أن تحبّ رجلًا مثله.’
[ها، يا لها من معايير مزدوجة. ومع ذلك، لا تستطيعين القول إنّ عيني أختكِ و ذوقها ربما أسوء من ميلينا، أليس هذا مضحكًا؟]
بغضّ النظر عن سخرية صوت أودر في رأسها، قرّرت ليريوفي بحزم.
في هذه الحياة، ستتأكّد من منع أيّ حشرات من الاقتراب من أختها.
“حـ- حسنًا، سأذهب الآن.”
“إلى أين؟”
وأمسكت ليريوفي بميلينا ببرود وهي تحاول الابتعاد.
“ها، ما الأمر؟”
“ميلينا، أتذكّر أنّكِ لم تجيبي بعد.”
“إجابة؟”
لو أنّ ميلينا غادرت بهدوء، لكانت ليريوفي قد تركتها، لكن بعد أن أثارت غضبها بكلامها الفارغ، كان عليها دفع الثمن.
تذكّرت ميلينا الموقف الذي نسيته بسبب قدوم كارم فجأة، وشهقت.
“بالمناسبة، أكره أن تترك الأمور غامضة. إذا لم تجيبي بصراحة هذه المرّة، سأضايقكِ يوميًّا حتّى أرضى. لذا، تحدّثي بصراحة الآن بينما الأمور لا تزال وديّة.”
لحسن الحظ، لم تضطرّ ليريوفي لتهديد ميلينا أكثر.
بدأت ميلينا، التي أذعنت لقوّة ليريوفي، ترتجف وتبدو على وشك الاعتراف.
لكن الكلمات التي صرخت بها وهي مغمضة العينين كانت سلاحًا غير مرئيّ هاجم ليريوفي بقوّة.
“ذ-ذلك! مهما كان، ترك صديقةٍ تأكل صرصورًا هو أمر مبالغ فيه!”
…صرصور!
…صور!
…ور!
تردّدت كلمات لا تُصدّق في أذني ليريوفي.
ذهلت ليريوفي للحظة من هذا الهجوم المفاجئ.
ثم أدركت فجأة التهمة البشعة التي اتُّهمت بها، وفتحت عينيها على مصراعيهما.
“ماذا؟ ما الذي تقولينه؟ أكل صرصور؟ من؟”
“أ-أعرف كلّ شيء، لا داعي لإخفائه…!”
كما لو كان ذلك مذهلاً، أمسكت ميلينا بيد ليريوفي وهي تبكي.
“يا الهي،كم كنتِ جائعة حتّى فعلتِ ذلك؟ أنا أيضًا جعتُ كثيرًا، لذا أفهم. لكن، لكن… الصـ- الصرصور ليس خيارًا! بووو!”
ترنّحت ليريوفي للحظة وهي تشعر بدوخة.
للحظة، ظنّت أنّ ميلينا تقول هراءً لتشويه سمعتها عمدًا، لكنّها كانت تبكي بصدق، وأنفها أحمر من الحزن والأسى.
بالطبع، بالنسبة إلى ليريوفي، كان ذلك أكثر إثارة للغضب.
“لا تتفوّهي بأشياء غريبة! ميلينا، هل ترينني شخصًا سيأكل شيئًا قذرًا مهما كنتُ جائعة؟”
على الرغم من إدراكها أنّها كانت مخطئة، بدت ميلينا مسرورة.
مسحت صدرها مرارًا وهي تهمس بارتياح.
“هووف! أ-أنا حقًا حمقاء. كيف أخطأتُ في رؤية ذلك؟ كنتُ متأكّدة أنّني رأيتكِ تخرجين صرصورًا من جيبكِ وتأكلينه.”
“بالضبط!، هل تحتاجين إلى التأكّد بنفسكِ؟ انظري، هذا مختلف تمامًا عن صرصور…”
“كككيييييياااااا!”
لكن عندما رأت ميلينا ما خرج من جيب ليريوفي، صرخت فجأة وأظهرت عنفًا غير مألوف.
تطاير طعام ليريوفي الثمين، الذي جمعته بعناية كسنجاب يجمع البلوط وغلّفته بأوراق كبيرة، في الهواء بفعل يد ميلينا العنيفة.
بالطبع، لم يكن طعام ليريوفي يشبه البلوط الجميل، لذا صرخ الأطفال المحيطون صرخات قصيرة وهرعوا للاحتماء.
-ووه
في تلك اللحظة بالذات، ظهر فتى ذو شعر فضيّ من دائرة انتقال فضائيّة.
نظر فيلكياس، الذي وصل للتوّ إلى المنطقة الخارجيّة، إلى كومة الحشرات التي تتساقط فوق رأسه بنظرة باردة.
“ما هذا؟ هذا قذر.”
تحوّل طعام ليريوفي الثمين إلى غبار بإشارة يد مليئة بالازدراء بينما أغمي على ميلينا من هول الصدمة.
فقدت ليريوفي من تُلقي عليه اللوم، فجلست بحسرة، تتبّع بذهول الأثر الداكن الذي يتطاير كغبار.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 38"