الفصل 3
“ليري؟ لماذا فجأة…؟”
“لنخرج، يا كاليونا. لا يجب أن نبقى هنا. بسرعة!”
تجاهلت ليريوفي ردّ فعل كاليونا المذهول، وأمسكت يدها على الفور محاولةً الركض خارج قاعة الطعام.
لكن، في تلك اللحظة بالذات، فُتح الباب ودخل سحرة يرتدون أردية زرقاء داكنة.
“هدوء، أيها الأطفال. سنبدأ الآن حفل الاستقبال، فاصطفّوا بهدوء واتبعوا السحرة هنا.”
شعرت ليريوفي بقلبها يهوي فجأة، وقد كان يخفق بقلقٍ منذ قليل.
دون اكتراث بيأسها، بدأ الأطفال في قاعة الطعام بالخروج واحدًا تلو الآخر.
كان جميع من جاء بهم سحرة برج السحر الشماليّ من الخارج أيتامًا بلا أهل، وكانوا قد أُغروا بالطعام فأطاعوا الأوامر بسهولة.
“تعالي، يا كاليونا. لنخرج بهدوء قبل أن يلاحظونا.”
اختلطت ليريوفي بين الأطفال لتخرج من القاعة، ثم استغلت لحظة غفلة السحرة لتسلك طريقًا آخر بسرعة.
“ليري، انتظري لحظة!”
بالطبع، بدت كاليونا مرتبكةً من تصرّف أختها الغريب المفاجئ.
“أنتِ غريبة منذ قليل. أخبريني ما الذي يحدث؟ هل بسبب أولئك الصبية؟ هل هذا سبب رغبتكِ في المغادرة؟”
“ليس هذا.”
“إذن لماذا؟”
لكن ليريوفي كانت أكثر ارتباكًا.
“أنتِ من لا تعرف؟ هذا المكان…”
“يا فتاتان! لماذا تتسكّعان في الممر؟”
عندما فتحت ليريوفي فمها في إحباط، رنّ صوتٌ حادّ من نهاية الممر.
توقّفت خطوات الفتاتين السريعتين.
اقتربت امرأة ذات مظهر صلب ترتدي رداءً أزرق، وكان على صدرها الأيسر جناحان مطرّزان، مما يشير إلى أنّها ساحرة أعلى رتبة من الذين رافقوا الأطفال إلى القاعة.
“أليس من المفترض أن يبدأ حفل الاستقبال قريبًا؟ ألم تسمعا أنّه يُمنع التجوّل خارج القاعة حتى نناديكما؟ ألم يكن الطعام في القاعة كافيًا؟”
هل يجب أن يكون الحلم واقعيًا إلى هذا الحد؟
كانت ليريوفي تعتقد أنّ هذا المكان، حيث التقت بكاليونا مجدّدًا، هو الجنّة، لكن ربّما كانت مخطئة.
إن كان هذا عالم ما بعد الموت، فقد يكون أقرب إلى الجحيم منه إلى الجنّة.
وإلا، كيف يمكن أن تعود الأختان إلى هذا عش النمل المسمّى برج السحر الشماليّ بمحض إرادتهما؟
تذكّرت ليريوفي ذكريات الماضي المروّعة، فشعرت بالغثيان من اشمئزازٍ غريزيّ.
كلّ ما شغل ذهنها كان التفكير في الهروب مع كاليونا من هذا المكان الخطير والمقزّز بأسرع ما يمكن.
“أنتِ… يبدو تعبيركِ غريبًا. ما الذي حدث؟”
لاحظت الساحرة اضطراب ليريوفي، فاقتربت وبرقت عيناها بنظرةٍ باردة.
شعرت ليريوفي بنظرات الساحرة تتفحّص وجهها، فشدّت قبضتها على يد كاليونا.
“يبدو أنّكِ خائفة. منذ متى وأنتما هنا؟ إلى أين كنتما ذاهبتين؟”
استجوبتهما الساحرة بنظرة شكّ.
“الآن أتذكّر، هذا الممر يؤدّي إلى الباب الخارجيّ. هل كنتما تحاولان الهرب؟”
ماذا يجب أن تفعل
؟
لم يكن الممر بعيدًا عن المدخل
.
لو دفعتا هذه المرأة الآن وركضتا إلى الخارج، هل سيتغيّر شيء؟
إن نجحتا في الهروب من هذا البرج الملعون ممسكتين بأيدي بعضهما، هل يمكن أن تغيّرا المستقبل، ولو في هذا الحلم؟
نعم، كما تخيّلتُ مرارًا و تكرارًا هذا اليوم… ربّما…
[تتصرّفين بحماقة منذ البداية. توقّفي فورًا.]
عندما كادت ليريوفي تنجرف وراء رغبتها الدفينة وتتحرّك بدافعٍ، رنّ صوتٌ في أذنيها، كأنّه يسخر منها.
فجأة، أقشّعر جسدها.
كادت تصرخ، لكنّها تمالكت نفسها بجهدٍ خارق.
[كنتُ سأراقب تصرّفاتكِ قليلًا، لكن لا أستطيع تحمّل هذا. إن حاولتِ الهروب الآن، سيقضي عليكِ أتباع بيليغوت.]
من هذا؟
من الذي يتحدّث في أذنيها الآن؟
بل، بدا الصوت كأنّه يتردّد داخل رأسها، وليس في أذنيها.
فجأة، أدركت ليريوفي أنّ هذا الصوت مألوف.
[سأحقّق أمنيتكِ، لكن ادفعي الثمن.]
نعم… هذا الصوت الذي تحدّث إليها في تلك الغابة المظلمة تحت المطر.
“أحيانًا يكون هناك أطفال مثلكما. ظننتُ أنّ هذا العام سيمضي بهدوء.”
[اختلقي عذرًا وتوجّهوا إلى مكان حفل الاستقبال. هذا نصيحة صادقة، لا أريد أن أفقد متعاقدتي مبكرًا.]
“لا أعرف إن كنتما سمعتما شيئًا أثناء تجوالكما، أو إن كنتما شبعتما وغيّرتما رأيكما، لكن الأطفال العصاة مزعجون.”
لم يكن هناك وقتٌ للتفكير أو التحليل.
شعرت ليريوفي بموجة هواءٍ مشؤومة، كأنّها مخالب حادّة تقترب.
“يدي…”
فتحت ليريوفي فمها بناءً على غريزتها.
“يدي… تؤلمني كثيرًا، لهذا فعلتُ ذلك. أنا آسفة.”
رنّ صوتها الرقيق، الذي بدا كأنّه مغرورق بالدموع، في الممر، وتوقّفت نوايا الساحرة القاتلة للحظة.
“ماذا؟ يدكِ؟”
سواء أكان هذا حلمًا أم لا، فإنّ جسد ليريوفي كان في حالته الطفوليّة، كما في أيام دخولها الأولى للبرج.
“هنا… تناثر عليّ الحساء، واحمرّت يدي…”
كلّما تحدّثت، تحرّكت خدّاها الناعمان كخبز القمح الأبيض، ملفتةً الأنظار.
“لم يكن يجب أن أخرج، لقد أخطأتُ.”
ومضت عيناها البنفسجيّتان، المكشوفتان بين خصلات شعرها الذهبيّ الطويل، برطوبةٍ وبراءةٍ كعجلٍ صغير.
في الحقيقة، كانت ليريوفي الصغيرة تبدو كملاكٍ في عيون الجميع.
حتّى إنّ وجه الساحرة، الذي كان يحمل برودةً قاسية، خفّت حدّته قليلًا.
“حقًا…؟ إذن كنتِ تبحثين عن من يساعدكِ؟”
“لا، كنا فقط ذاهبتين إلى الحمّام لتبريد يديها بالماء البارد.”
تدخّلت كاليونا، التي كانت تراقب الوضع بقلقٍ خوفًا من أن تُعاقب أختها.
“أنا من أخرجتها. لم تكن ليري من اقترحت ذلك. لم نرد إزعاجكم، فحاولنا حلّ المشكلة بأنفسنا، لكنّنا ضللنا الطريق… إن كنتم غاضبين، فأنا آسفة.”
لحسن الحظ، تفحّصت الساحرة الأختين بالتناوب، ثم سامحتهما كنوعٍ من التساهل.
“هاه، حسنًا. سأتغاضى هذه المرّة فقط. حفل الاستقبال سيبدأ قريبًا، سآخذكما إلى مكانه. اتبعاني.”
شعرت ليريوفي بنظرات كاليونا القلقة وهي تعضّ شفتيها.
لكن، في الوقت الحاليّ، لم يكن لديها خيار سوى اتباع الساحرة.
كان الأمر غريبًا، لكن هذا الحلم بدا واقعيًا بشكلٍ مخيف، ولم تظنّ ليريوفي أنّ بإمكانها الهروب من البرج بسلام بأيّ وسيلةٍ الآن.
“ليري، هل أنتِ بخير؟”
فجأة، اشتدّت قبضة كاليونا على يدها.
ربّما انتقل قلق ليريوفي إليها، أو ربّما شعرت بشيءٍ مريب في تصرّفات الساحرة، فبدت كاليونا متوترةً وهي تهمس.
كانت أيدي الأختين مبلّلةً بعرقٍ بارد، دون أن تعرفا يد من تعرّقت.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"