[أعتقد أنّ المشكلة كانت في الكلمات التي قلتِها بعدما أنهيتِ ذلك الرجل.]
بينما كانوا في طريقهم الطويل، استمرّت الأسئلة الملحّة دون حلّ، و الصوت في رأسها كان يسخر من ليريوفي بكلامٍ فارغ.
[قال أحد متعاقديّ السابقين إنّ عبارات مثل “هل مات؟” أو “هل أنهيته؟” هي جملٌ ملعونة في المسرحيات والروايات، تجلب الموتى إلى الحياة، لذا يجب الحذر منها. شعرتُ بشيءٍ مقلق عندما سمعتكِ تنطقين بتلك الكلمات بتهوّر بعد تحطيمكِ رأس جايد…]
‘ألستَ أنتَ من اختلّ عقله؟ ما هذه الترهات الغريبة التي لا تُصدّق، هذا كقولك إنّ للأوم أرجلٍ أماميّة.’
[أقصد أنّ تصرفاتكِ كانت متهوّرةً بشكلٍ مذهل!]
السخرية تُقابل بالسخرية، هكذا هي الأمور.
ردّت ليريوفي بسخرية، فانتفض الصوت في رأسها ووبّخها.
[لو أنّكِ دقّقتِ في شيءٍ يُسمّى مقياس المانا أو ما شابه، لكنتِ علمتِ أنّ ذلك الوغد الشبيه بالأعشاب البحريّة لم يمت!]
‘لقد دقّقتُ.’
[ماذا؟]
‘بعد أن أنهيتُ جايد، ارتفع مقياس المانا قليلاً.’
[ماذا تقولين؟ ما معنى هذا؟ إذن، من هو ذلك الشخص الذي يتحرّك حيًا هناك؟]
كان هذا بالضبط سؤال ليريوفي.
توجّهت عيناها البنفسجيّتان، المملوءتان بالشكّ والريبة، نحو ظهر الفتى الذي يسير أمامها.
رغم أنّ الضمادات الملفوفة بإحكام حول رأسه حالت دون رؤية الجرح بوضوح، إلّا أنّها عندما تغمض عينيها، تتذكّر تلك اللحظة بجلاءٍ مفرط.
كان رأسه، الذي ضربته بلا رحمة بنيّة القتل، قد فقد شكله الأصليّ بسرعة، وتناثر الدم الأحمر في كلّ مكان.
لم تسمع ليريوفي في حياتها عن شخصٍ يتعافى من إصابةٍ قاتلة كهذه ويمشي بصحّة جيّدة.
“أوغ، تبًا. هذا الصداع اللعين…”
“جايد، هل أنتَ بخير؟”
“ماذا، أيّها الوغد؟ بالطبع أنا بخير، أم تظنّ أنّني أصبحتُ عاجزًا؟! هل تريد مني أن أثقب رأسكَ؟ أتريد ذلك؟!”
بالطبع، لم يبدُ في حالةٍ طبيعيّة تمامًا.
كان جايد يمسك رأسه، الذي حطّمته ليريوفي، ويتألّم من الصداع المتكرّر.
ومع ذلك، كان يتباهى بقوّته بعنفٍ مخيف كلّما أبدى أحد أتباعه قلقًا عليه.
“سنرتاح قليلاً! أنتم عديمو النفع، و بطيئون جدًا. إذا عرقل أحدكم خطواتي، سيموت!”
راقبت ليريوفي جايد وهو يتصبّب عرقًا باردًا حتّى بلّل ضماداته، ثمّ توقّفت عن التنفّس عندما شعرت بألمٍ في قلبها.
كان الألم الحادّ، الذي يأتي بين الحين والآخر بعد مواجهتها للفتى ذي الشعر الفضيّ، يجعلها غير قادرةٍ على استقامة ظهرها.
لحسن الحظ، كان الألم يمرّ بسرعة، وإلّا لكانت قد سقطت على الأرض منذ زمن.
‘أنت.’
نادت ليريوفي بهدوء، الصوت الذي يتطفّل عليها.
تردّدت خوفًا من سماع إجابةٍ غير مرغوبة، لكن لم يكن بإمكانها تجاهل حالتها إلى الأبد.
‘نواة المانا الخاصة بي الآن… هل هي بخير؟’
[ها، يبدو أنّكِ قلقةٌ أخيرًا؟ كيف لشخصٍ قلقٍ على نواة المانا أن يستخدم السحر بلا مبالاة هكذا؟]
‘لكن لم يكن لديّ خيارٌ آخر.’
[هه، هل تقولين إنّكِ فعلتِ ذلك بشكلٍ جيّد؟]
هل هو شعورها فقط؟ بدا الصوت متذمّرًا بشكلٍ غريب منذ قليل.
لكن، بناءً على نبرته، بدا أنّ نواة المانا لم تتضرّر بشكلٍ دائم، وهذا كان مطمئنًا.
كان التعامل مع صاحب الصوت مزعجًا بعض الشيء، لكن عند التفكير، ربّما كانت متهوّرةً قليلاً.
بالطبع، كانت تحاول مواجهة الوضع الذي استمرّ في التدفّق بطريقةٍ خارجةٍ عن سيطرتها.
[بالأحرى، هل تعرفين ذلك الفتى ذا الشعر الفضيّ؟]
توقّفت ليريوفي للحظة عند السؤال الذي رنّ في رأسها.
‘حسنًا، هل يُمكن القول إنّني أعرفه؟’
[ما هذا الجواب الغامض؟ إذن، لا تعرفين لماذا حاول قتلكِ فجأة؟]
كانت ليريوفي هي من تريد معرفة ذلك.
هل كان ذلك الفتى ذو الشعر الفضيّ حقًا إيفانجيلين؟
في البداية، ذكّرتها شعره الفضيّ وعيناه الحمراوان به، لكن كلّما فكّرت، زاد شكّها.
تذكّرت ليريوفي السحر الساحق الذي رأته، وفركت صدرها الذي لا يزال يؤلمها.
بالمقارنة مع ذلك السحر المصقول تمامًا، كان سحرها الذي أطلقته كحلٍّ مؤقّت ضعيفًا وبائسًا.
كادت تستخدم سحرًا دفاعيًا دون تفكير في البداية، لكن عند التفكير الآن، كان من حسن حظّها أنّها لم تفعل.
كانت متأكّدةً أنّها لو واجهت سحره مباشرةً، لماتت.
كلّ ما استطاعت فعله هو إيجاد طريقةٍ لتفادي قوّته المدمّرة بصعوبة.
لكن، لأنّها لم تستخدم السحر بشكلٍ صحيح من قبل، كانت إدارتها للمانا فوضويّة، وكانت محدودةً بتطبيق السحر الذي حفظته نظريًا فقط.
كان عقل ليريوفي مليئًا بتعاويذ سحرية عظيمة، لكن كلّ ما استطاعت فعله هو تحريك جسدها قليلاً لتفادي هجومٍ قادم، مكوّنةً فجوةً صغيرةً بالكاد.
كان ذلك مجرّد كسبٍ لثوانٍ معدودة، كومضة عينٍ أو اثنتين.
لحسن الحظ، كان السحر متوافقًا معها بشكلٍ جيّد، وإلّا لما نجح، ولتحوّلت إلى غبار مثل الأطفال الآخرين هناك.
‘بالمناسبة… لم أقل هذا من قبل، لكن لم أشكركَ بعد. شكرًا.’
وكان هناك شيءٌ آخر.
في ذلك اليوم، كان هناك سببٌ آخر جعل ليريوفي تنجو من يد الفتى.
[ماذا تقصدين؟]
‘عندما هاجمني إيفانجلين، أو بالأحرى، ذلك الفتى ذو الشعر الفضيّ. أنتَ ساعدتني في تدفّق المانا، أليس كذلك؟ بفضلكَ نجوتُ.’
في تلك اللحظة، كادت ليريوفي تفشل في السحر.
لكن عندما ضاعت المانا التي لم تستطع السيطرة عليها، كانت هناك يدٌ غير مرئيّة ساعدتها على إتمام السحر.
كانت تلك القوّة هي نفسها التي شعرت بها خلال طقس التناول، فأدركت ليريوفي أنّها تلقّت مساعدةً كبيرة في لحظةٍ حاسمة.
عندما عبّرت عن شكرها المتأخّر، رنّ صوتٌ أكثر ليونةً في رأسها بعد صمتٍ قصير.
[هه… يبدو أنّ لديكِ بعض الضمير لتقدير النعمة؟ حسنًا، لولاي، كيف كنتِ لتبقين على قيد الحياة بأطرافكِ سليمة؟ وبما أنّنا نتحدّث، بسبب إجهادكِ هذه المرّة، حدث شقٌّ طفيف في نواة المانا. أنا الآن أحيطها بالمانا لحمايتها من التوسّع. ليست مشكلةً خطيرةً، وستتعافى قريبًا، لكن كني أكثر حذرًا في المستقبل.]
‘…حقًا؟ لم أكن أعلم. شكرًا حقًا.’
[كفى. أعلم أنّه لم يكن لديكِ خيار، فلن أزعجكِ أكثر. لكن، امدحيني أكثر واشكريني من كلّ قلبكِ!]
ضحكت ليريوفي على محاولته استغلال الفرصة للتفاخر، لكن لم يكن هناك خطأ في كلامه.
لو كانت ليريوفي وحدها، لما كانت على قيد الحياة الآن.
كان من المؤلم الاعتراف، لكنّها لا تزال في مستوى من يزحف كحشرة، يتوسّل الحياة من الآخرين.
في الواقع، لو لم يغيّر الفتى رأيه في النهاية، لكانت ليريوفي اختفت دون أثر.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات