“لا أستطيع تصديق أنّ أخت كالي الصغرى حشرةٌ عديمة النفع كهذه، مهما نظرتُ إليها.”
كزهرةٍ رائعةٍ تحمل سمًا، كان له مظهرٌ خارجيٌّ مذهل الجمال، لكنّ داخله كان أكثر سوادًا وقذارةً من أيّ شخصٍ آخر، كان بيليغوت بين البيليغوت.
في الحقيقة، عندما كانت ليريوفي صغيرة، كانت خجولةً جدًا لدرجة أنّها لم تجرؤ على النظر إلى سحرة المنطقة الداخليّة مباشرة.
كانت أجواؤهم مخيفةً بحدّ ذاتها، وكانت ليريوفي، الخائفة من حياة برج السحر، دائمًا تنكس رأسها وتختبئ في الزوايا.
كان إيفانجيلين يحتقر سحرة المنطقة الخارجيّة الذين انضمّوا إلى البرج لاحقًا، متجاهلاً أطفالاً مثل ليريوفي كما لو كانوا أشباحًا.
لذا، شخصيّته المتعجرفة والأنانيّة، وفضائحه العاطفيّة مع العديد من النساء بفضل وجهه الجميل، كانت كلّها أمورًا لا تعني ليريوفي شيئًا.
“أنتِ كذلك، أليس كذلك؟ تعرفين جيّدًا كم أنتِ حشرةٌ حقيرة، أليس كذلك؟ بالطبع. بعد أن عشتِ ما يقرب من عشرين عامًا تحت ظلّ أختكِ المثاليّة، ما لم تكوني عمياء، كنتِ ستنتهين من معرفة حدودكِ منذ زمن.”
لكن، منذ وقتٍ ما، بدأ إيفانجيلين يضايق ليريوفي بلا هوادة.
لم تعرف ما السبب وراء ذلك.
كلّ ما استطاعت تخمينه هو أنّه، كونها أحقر الحشرات، أصبح من الصعب عليه تحمّل وجودها، فأراد سحقها بنفسه كنزوة.
“لماذا تستمرّين في التسكّع حولي وحول كالي كالعلقة؟ هاه؟ حشرةٌ مزعجةٌ مثلكِ تستمرّ في إثارة غضبي، مما يجعلني أرغب في سحقكِ دون تفكير. أنتِ مجرّد حشرة، ضربةٌ واحدةٌ ستكفي لقتلكِ، لكن إذا متِّ عن طريق الخطأ بيدي، فقط تخيلي كم ستتألم كالي العزيزة…”
لم تستطع ليريوفي فهم كيف أصبح إيفانجيلين فيما بعد حبيب كاليونا.
بما أنّ علاقتها بأختها كانت قد تدهورت، كلّ ما استطاعت فعله هو مراقبتها من بعيد.
عندما علمت لاحقًا بعلاقتهما، شعرت ليريوفي كما لو أنّ السماء انهارت.
كيف يمكن لهذا النذل الحقير أن يكون إلى جانب أختها؟
كيف يمكن لأختها أن تختار مثل هذه الحثالة البشرية؟
“آه، الحديث عن هذا يثير غضبي مجدّدًا. حقًا، من تظنّين نفسكِ…! أنا غاضب، لذا سأجعلكِ تعانين حتّى الموت اليوم، أيتها الحشرة.”
في الحقيقة، كان كلٌّ من ليريوفي و إيفانجلين، يكرهان ويحتقران بعضهما بعضًا.
لكن، على عكس إيفانجيلين، الذي كان بإمكانه قتلها متى شاء، لم تملك ليريوفي القدرة على الانتقام منه.
ومع ذلك، كان غريبًا أنّه دائمًا ما كان غاضبًا، كما لو أنّ ليريوفي تسبّبت له بظلمٍ أو عارٍ كبير.
كانت سمة إيفانجيلين الخبيثة هي استمتاعه باستخدام السحر العقليّ ليقتل الناس ببطء.
كان يعذّب ليريوفي بطريقةٍ لا تترك أثرًا ظاهرًا.
بما أنّه كان حبيب كاليونا، كان يعلم أنّها لم تعد تهتم بليريوفي كما في طفولتها.
ومع ذلك، لم يسمح إيفانجيلين ولو مرّةً واحدةً أن تُكتشف أفعاله القاسية تجاه ليريوفي من قِبل كاليونا.
حتّى عندما طردت كاليونا ليريوفي من برج السحر الشماليّ بنفسها، تظاهر إيفانجيلين بمحاولة تهدئتها، متظاهرًا بنفاقٍ لا يليق به.
نذلٌ حقيقيٌّ يختلف ظاهره عن باطنه.
حشرةٌ سامّةٌ أسوأ من الديدان القذرة.
هذا هو إيفانجيلين بيليغوت الذي عرفته ليريوفي.
“لماذا لا تردّين؟ من بين كلّ الحشرات هنا، سحركِ هو الوحيد الذي يُعتبر شيئًا جيدًا.”
لكن، لماذا؟
إيفانجيلين، الذي أصبح حشرةً سامّةً أصغر سنًا من ذكرياتها، لم يستخدم نبرةً مقزّزةً تجمع بين الكلام الرسميّ و غير الرسميّ.
هل كانت تلك عادةً اكتسبها لاحقًا عندما كبر؟
و… حقًا، لماذا؟
كان الأمر لا يُعقل، لكن ليريوفي شعرت بضغطٍ أكبر بكثير من هذا الفتى الصغير مقارنةً بالشاب الذي واجهته سابقًا.
كانت كحيوانٍ تجمد أمام مفترس، غير قادرةٍ على الرمش بعينيها، محدّقةً في وجه الفتى الجميل بلا حولٍ ولا قوّة.
حتّى ليريوفي، التي جمعت ذكريات وتجارب ما قبل عودة الزمن، شعرت هكذا، فما بالك بردّ فعل المراهقين العاديّين الذين واجهوا كائنًا غريبًا لأوّل مرّة في حياتهم؟
كانت مجموعة جايد مرعوبةً من هيبة الفتى الذي ظهر فجأة، غير قادرين على أخذ نفسٍ عميق، رغم أنّ نظرته لم تمرّ بهم ولو مرّة.
-كووو!
فجأة، رنّ اهتزازٌ مألوفٌ من الأرض.
بدأت ديدان الأوم العملاقة تظهر كما لو كانت تنتظر، بعد سماع الضجيج.
-بووم!
لكن في اللحظة التالية، انفجرت الديدان البيضاء، محاطةً بالمانا السوداء، دون أن تصرخ، وماتت أمام أعينهم.
طوال ذلك، ظلّت العينان الحمراوان، اللتين بدتا كجوهرتين لا عيني كائنٍ حيّ، مثبتتين على ليريوفي فقط.
كما لو أنّ لا شيء آخر في هذا المكان يستحقّ نظرةً منه.
كما لو أنّهما، هو وهي، الوحيدان الموجودان في هذا العالم.
“لكن الأمر غريب. آثار السحر أقلّ بكثير ممّا توقّعت.”
نظر الفتى ذو الشعر الفضيّ إلى ليريوفي بعيونٍ باردةٍ وجامدة، دون أن يلمس قدماه الأرض الملوّثة.
أثناء مواجهتها له بلا دفاع، أدركت ليريوفي فجأة أنّ مظهره يختلف قليلاً عن ذكرياتها.
كان إيفانجيلين الذي عرفته رجلاً حادًا كالزجاج.
كانت طباعه الحادّة والحساسة بشكلٍ مفرط تؤذي الآخرين وحتّى نفسه.
لكن الفتى أمامها لم يكن زجاجًا، بل معدنًا صلبًا يبدو أنّه لا يمكن خدشه مهما حاول أحد.
لكن، قبل أن تُحلّ شكوك ليريوفي، مال الفتى برأسه قليلاً وهمس لنفسه:
“حسنًا، لا يهمّ، أليس كذلك؟”
-هووو!
في اللحظة التالية، بدأت مانا هائلة تتجمّع كما لو كانت تنتظر.
“سأقتلكِ على أيّ حال.”
-كررر!
هبّت ريحٌ سوداء حادّة تصرخ بعنف.
في خضمّ هذا الحدث المفاجئ، فقدت ليريوفي إحساسها بالواقع، لكن غريزتها أرسلت إشارات خطرٍ صاخبة.
حتّى في هذا الوضع، كان دائرة السحر الرائعة، الجميلة بشكلٍ مخيف، تتألّق ببريقٍ ساطع في الهواء.
شعرت بشرتها بالوخز، بل بالألم، من نية القتل الواضحة التي تهاجمها مباشرة.
في تلك اللحظة، أدركت ليريوفي فجأة.
هذا الفتى ينوي قتلها الآن.
“لا، انتظر لحظة…”
لكن، لماذا؟
لم تستطع فهم السبب على الإطلاق، لكن لم يكن لديها الوقت لتسأل.
شعرت بالمانا الهائجة فوق رأسها، جاهزةً لابتلاعها.
وفي الوقت نفسه، اجتاحتها قناعةٌ غير مرحّب بها، تضيّق حلقها.
لا يمكن تفادي هذا.
حتّى باحتمالٍ ضئيل، لن تستطيع تفادي هذا الهجوم أبدًا.
كان هذا التهديد مختلفًا تمامًا عن أيّ شيءٍ واجهته ليريوفي من قبل.
شعرت غريزيًا بالموت.
لكنّها لم تستطع قبول الواقع أمامها.
هل ستموت هكذا حقًا؟
بعد أن حصلت على معجزةٍ ووصلت إلى هنا، هل ستنتهي حياتها بهذا الشكل العبثيّ؟
هذا لا يُعقل.
لكن، سواء قبلت ليريوفي الواقع أم لا، انقسمت عاصفة المانا السوداء الدوّامة في الهواء كورقةٍ ممزّقة إلى نصفين.
وأخيرًا، سقطت أسياخ الضوء المشعّة ببهاءٍ كالصاعقة بينهما.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات