1
ما الأمر الذي لا يجب أن يفعله المدير مع موظفته أبدًا؟
إنّه: عرض الزواج.
“… ماذا قلتَ الآن؟”
“قلتُ لنتزوّج. أنتِ و أنا”
قالها كايين ، دوق كرويتز ، و رئيسي الأعلى ، بنبرة هادئة غريبة.
و هو يضع فنجان الشاي على الطاولة بخفّةٍ ، بدا المشهد كأنه لوحة رسمها الحاكم بنفسه. غير أن ما خرج من شفتيه الرشيقتين كان تصريحًا صاعقًا لا يُصدَّق.
“هاااه؟!”
طقطق—!
قفزتُ واقفةً فاصطدمت طاولة الشاي بركبتي.
عند ردّ فعلي الصاخب ، قطّب كايين حاجبيه قليلًا.
حتى في تلك اللحظة ، بدا وجهه المتجهّم وسيمًا لدرجةٍ تثير القشعريرة — و هذا ظلمٌ بحد ذاته.
“هل ضعُف بصري؟ لِمَ تبدين وكأنكِ تتهوّعين؟”
عذرًا ، لكنك رأيتَ تمامًا ما رأيتَه.
“مستحيل. فأنتِ … همم ، من أشدّ معجباتي ، أليس كذلك؟”
هل أنا التي أرى خطأً؟
بدت وجنتا ذلك المدير البارد الصارم محمرّتَين قليلًا.
صحيح أنّ عيني كانت تتلألآن كلّما رأيته ، لكن السبب لم يكن ما يظنّه.
‘كنتُ أتطلّع لتعلّم كيف يستطيع هذا الرجل أن يبتكر طرائق جديدة للجنون كلّ يوم!’
فلديّ كثير من الأشخاص الذين أريد أن أراهم يرقصون رقصة الانتقام.
ذلك الخطيب السابق الحقير ، و صديقة الطفولة التي خانتني معه ، و العمّ الذي ابتلع أملاك عائلتي …
آه ، لمجرّد التفكير فيهم تصيبني الحموضة.
رفعتُ صوتي و أنا أحتجّ: “صحيح أنّني أُكنّ لك الاحترام يا دوق ، لكن لم تراودني أيّ مشاعر غير نقيّة نحوكَ قط!”
“حقًا؟ و مع ذلك تظلين تحدّقين بي طوال اليوم”
كنتُ أحدّق لأتعلّم من طريقة تدميركَ للأشياء فحسب!
“و تراقبين كلّ تحرّكاتي دون أن تغمضي عينكِ لحظة”
هذا لأنّ حبّي للمعرفة لا يُقهر!
“و تدوّنين كلّ ما أقوله دون أن يفوتكِ شيء”
أنا سكرتيرتُك يا رجل!
“ولا تتركين مكتبي حتى أغادر أنا أولًا”
أجل ، لأنكَ كنتَ تقتلني بنظراتك إن حاولتُ المغادرة قبلك!
“هذا لأنّ—!”
اقترب كايين بخطواتٍ واسعة ، وجهه يقترب من وجهي كمن يحقّق في جريمة.
مع عبير عطره الذي غمرني فجأة ، خفق قلبي بشدّة. لكنني تماسكتُ سريعًا.
“لقد كنتُ أؤدّي واجبي كسكرتيرة”
“لا. ما من سكرتيرة أظهرت هذا القدر من الحماسة من قبل. لا بدّ أنك تُكنّين لي مشاعر أخرى”
كان وجهه يعجّ بالثقة ، فبُهتُّ لوهلة.
ثم قال بنبرةٍ رقيقة كأنه يمنّ عليّ: “إذن ، منصب زوجتي … أسمح لكِ به”
ما الذي يهذي به هذا المجنون؟!
كتمتُ تلك الكلمات في صدري بآخر ما تبقّى من صبري.
عضضتُ على أسناني و ابتسمتُ بتكلّف: “… إنه سوء فهم ، يا دوق. كيف أجرؤ على حمل مشاعر كهذه تجاهكَ؟”
“لا بأس إن حملتِها”
“لن أفعل”
“همم. يبدو أنكِ لا تدركين مشاعركِ بعد. لا بأس ، لدينا متّسع من الوقت”
منذ متى أصبحنا “لدينا”؟
هذه المرّة رأيتُ بوضوح: أذناه كانتا محمرّتَين.
‘ما هذا الانهيار في شخصيّته!’
هل هذا حقًّا الدوق كايين ، ذلك المدير الشرس الذي يركل الناس و يشتمهم بلا رحمة؟
الرجل الذي داس البشر بأقدام حذائه إن أغضبوه؟
صاحب الحادثة الشهيرة بانفجار برج السحر العظيم؟
الناقد الذي يُبكي الرجال البالغين بكلماته القاسية؟
أهو هو نفسه الذي يُقال عنه إنه لا يكره النساء فحسب ، بل البشر أ
جميعهم؟!
‘بيبي! بيبي! ما الذي يحدث مع هذا الرجل؟!’
ناديتُ على ذكائي الاصطناعي الصغير في داخلي ، بيبي ، بفزع.
[تحليل غير ممكن! تحليل غير ممكن! نمط تصرّف الهدف غير ثابت إلى حدٍّ يستحيل معه التحليل!]
حتى الآلة عجزت عن فهمه.
أن يخرّب الدوق ذكاءً اصطناعيًا أيضًا … لا عجب أن يُدعى بالمجنون!
عندها دوّى صخب خارج غرفة الاستقبال.
“فريجيا! أين أنتِ؟!”
“أيها اللورد فيليكس ، لا يجوز لك الدخول! السيد مشغول حاليًا بضيفٍ مهمّ—”
“تنحّي جانبًا! فريجيا ، أين أنتِ؟ فريجيا!”
“آه!”
يا إلهي ، هذا صوت خطيبي السابق البغيض.
زفرتُ و وقفتُ.
“عذرًا يا دوق ، سأعود بعد قليل”
أغلقتُ باب الغرفة حتى لا أُريه مشهدًا مخزيًا ، ثم خرجتُ لمواجهة فيليكس.
“توقّف عن إزعاج خَدَمي و غادر فورًا”
“فريجيا! لماذا لا تجيبين على رسائلي؟!”
اقترب فيليكس غاضبًا و هو يتنفّس بعنف.
“هاه ، في النهاية أنا الذي تنازلتُ ، أليس كذلك؟ نعم ، أخطأتُ. آسف. أعتذر ، فهلّا تتوقّفين عن العناد الآن؟”
لو كنتُ أنا القديمة ، لبكيتُ عند هذا الحدّ ، و قلتُ له ’شكرًا لأنك اعتذرتَ‘ و ابتلعتُ الإهانة.
لكن تلك الفتاة ماتت.
‘و أنتَ من قتلها.’
أيها الخطيب اللعين.
ابتسمتُ برقةٍ مصطنعة.
“بعد أن خنتني مع صديقتي ، و جعلتها تحمل منك ، تظنّ أنّ مجرّد اعتذار سيغفر كلّ شيء؟ ما أجمل تلك الحديقة في رأسك ، أودّ لو أعيش فيها”
ضرب فيليكس صدره بقبضته غاضبًا.
“لكنه لم يكن طفلي! تلك الثعلبة ، لورينا ، كانت تحمل طفلَ رجلٍ آخر!”
“أوه ، حقًّا؟”
“نعم! لذا يمكنكِ أن تهدئي الآن—”
“و ماذا في ذلك؟”
“… هاه؟”
“سواء كانت بطنها منتفخةً منك أم من الإمساك ، لا فرق لدي. المهم أنك خنتني مع صديقتي ، أيها القذر”
“يا لكِ من …! كيف تتحدثين هكذا؟!”
“و ابقَ بعيدًا قليلًا ، رجاءً. ربما لأنّ الصيف قد حلّ ، لكن رائحة القذارة تفوح منك”
بعد أن عملتُ فترة تحت ’الكلب المجنون‘ ، صرتُ بارعةً في فنون السخرية.
“تريدين تكرار كلمة ’قذارة‘؟! أهذا جنون؟!”
“إن لم تعجبكَ ، فهل أقول ’طفيليّ‘؟ ’سارق مانا‘؟ ’بقّة‘؟ ما اللقب الذي تفضّله؟”
شحب وجه فيليكس كأنه رأى شبحًا.
“أنتِ … أنتِ لِمَ تفعلين هذا؟ فريجيا ، لستِ هكذا! هل صحيح ما يُقال إنك على علاقة سرّية بذلك الرجل—؟”
“و هل تقصِدني أنا؟”
“……!”
استدرتُ ، فرأيتُ كايين يقترب بخطواتٍ ثابتة نحوي.
أمال رأسه قليلًا ، و نظر إلى فيليكس من رأسه حتى قدميه بنظرةٍ فاحصة.
رغم أنّ فيليكس كان طويل القامة ، بدا أمام كايين كفتاةٍ نحيلة.
“تَسك ، فريجيا”
نقر كايين لسانه قائلًا بازدراء: “بأيّ بصيرةٍ اخترتِ أن تواعدي كائنًا هزيلاً كهذا؟”
صدّقني ، أتساءل الأمر نفسه.
نظرتُ إلى فيليكس و هو يرتجف و لا يجرؤ حتى على الردّ ، بعينٍ باردة.
كان من المدهش أنّ هذا “القريدس” بدا لي يومًا ما وسيمًا كالأمير.
و لم يكن ذلك منذ زمنٍ بعيد أصلًا.
***
كان ذلك اليوم الذي شعرتُ فيه بأنني أملك العالم كلّه.
“أمّا الطالب المتخرّج الأول من الأكاديمية الإمبراطورية فهو … السيد فيليكس لوهايم! تهانينا!”
و ارتفعت الهتافات: واااه!
تصفيق—! تصفيق—! تصفيق—!
صعد فيليكس إلى المنصّة بخطواتٍ واثقة وسط تصفيقٍ حارّ.
كِدتُ أصرخ.
’هذا هو رجلي!‘
’إنه خطيبي الذي أحبّه و أفخر به!‘
“لقد أصبح السيد فيليكس قدوةً للسحرة بسعة ماناه العظيمة …”
تحدّث الرئيس مبتسمًا بفخر.
و ابتسمتُ أنا أيضًا.
في الحقيقة ، كمية المانا الطبيعية لدى فيليكس كانت ضئيلة جدًّا.
و التي ساعدته على تضخيمها … كانت أنا.
“كما أثّر بحثه حول العلاقة بين الوحوش السحرية و الطاقة السحرية تأثيرًا بالغًا في الأوساط الأكاديمية …”
آه ، و ذلك البحث كتبته أنا أيضًا.
“و حافظ طوال سنوات دراسته على تقييم A+ في جميع المواد …”
كم من الليالي البيضاء سهرتها لأعدّ له الملخّصات و دفاتر الأخطاء!
لدرجة أنّني كثيرًا ما فوّتُّ امتحاناتي الخاصة ، لكن لا أحد يهتمّ بعلامات فتاة نبيلة على أيّ حال.
و فوق ذلك ، كان فيليكس من أنقذني حين كنتُ طفلة من حادث عربةٍ مروّع.
“كما هو متوقّع من فيليكس. رائع حقًا”
“مستقبله مفروشٌ بالورود ، أليس كذلك؟ إنه في صعودٍ دائم ، كم أحسده”
عند همسات الخريجين حولي ، ازداد زهوي.
ففيليكس و أنا مرتبطان بخطوبةٍ منذ كنا جنينين في بطون أمهاتنا.
فرحه هو فرحي ، و حزنه هو حزني.
هكذا تكون العلاقة بين الزوجين.
“و بهذا نختتم حفل التخرّج. و الآن ، فليقدّم الطلاب الذكور الورود لمن يحبّون!”
تصفيق—!
تحرّك الخريجون بسرعة حاملين قرنفلًا أحمر في أيديهم.
كان التقليد أن يقدّم الطالب الزهرة لحبيبته ، أو لأحد أفراد عائلته إن لم يكن له حبيب.
و رأيتُ فيليكس ينزل من المنصّة ممسكًا بالزهرة.
خفق قلبي بجنون.
‘إنها أول مرة أتلقّى فيها هدية من الزهور’
كان فيليكس دائمًا يسخر من الهدايا “غير العملية” كالأزهار ، لذلك لم أجرؤ على الإفصاح عن حبي لها.
لكنّ فكرة أنه سيهديها لي جعلتني أرتجف من الفرح.
“فيليكس! فيليكس!”
“واو!”
صفّ الطلاب له الطريق و هم يهتفون باسمه.
رفعتُ نظّارتي السميكة بتوتر.
جمعتُ شعري ، الذي كنتُ أتركه مبعثرًا عادة ، و ربطتُه بعناية اليوم ، فبدوتُ غريبة بعض الشيء.
اقترب فيليكس بابتسامةٍ جذّابة ، و مدّ الزهرة.
“أوه ، فيليكس!”
لكنها لم تكن لي …
“يا إلهي ، كم هي جميلة!”
بل كانت لصديقتي التي كانت تمسك بذراعي ، لورينا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"