تنهدت مرات لا أحصيها وأنا أعبث بذكريات الأيام القليلة الماضية.
كنت أرغب في التحدث مع القديسة مجددًا عن كلماتها قبل ثلاثة أيام. لذلك، عندما سمعت تلك الليلة أنها عادت إلى القلعة، ذهبت إلى إقامتها، لكنها رفضت استقبالي بحجة الإرهاق.
كان الأمر نفسه في اليوم التالي، واليوم الذي بعده. تجولت عند مدخل القلعة على أمل مقابلتها صدفة، لكن لم أرها. خلال ذلك، كانت سيون تسألني باستمرار إن كنت أعرف القديسة من قبل وما نوع علاقتنا.
مرة، حذرني الفارس المقدس، حارس القديسة. قال إن القديسة رسولة حاكم، كائن نبيل للغاية، وهي تبذل قوتها لأجل هذا البلد، بل القارة بأكملها.
سمعته يقول بشكل غير مباشر إنها بحاجة إلى الراحة، وليس لديها وقت لشخص مثلي، وألا أعود مجددًا. أدركت أن مقابلتها داخل القلعة صعبة، خاصة إذا كانت تتجنبني عمدًا.
سمعت أن القديسة تذهب يوميًا إلى «البوابة» الرابعة مؤخرًا، أو بالأحرى إلى الحاجز المتصل بالبحر القريب منه. هناك، تتعاون مع ريموند والسحرة لتعزيز الحاجز والبحث عن طريقة للوصول إلى البوابة.
قيل إنهم يبحثون عن مفتاح للقضاء على عدو مجهول أرعب البشر لقرون، تسبب في موت الكثيرين، وقاوموه وحاولوا إزالته دون جدوى.
طلبت من سيون، التي كانت تذهب إلى البحر يوميًا، أن تأخذني معها.
كنت آمل أنه إذا واجهت القديسة علنًا أمام الآخرين، فلن تستطيع رفض الحديث معي.
سيون، التي أرادت دائمًا اصطحابي إلى البحر، وافقت بسعادة، وهذا سبب وجودي هنا الآن.
نعم، لقد جئت بإرادتي. لم تجبرني سيون، ولم تطلب مني القديسة الحضور، كان قراري وحدي.
ومع ذلك، لم أستطع إلا أن أتنهد مجددًا.
“الأمير، سيد البرج السحري، ينتظر هناك بالفعل، فلا داعي للقلق. لن يحدث شيء. تم اليوم أيضًا الحكم على الحاجز بأنه آمن تمامًا، لذلك سُمح لي بالاقتراب.”
عرفت سيون أنني مرعوبة من الوحوش الملتصقة بالحاجز، فتحدثت لتطمئنني.
“آه، لم أخبرهم أنكِ ستأتين… حسنًا، سيكون الأمر على ما يرام.”
أضافت بهمس متأخر قليلاً، مما جعلني أشعر بقليل من القلق.
ابتسمت لها كأنني أقول إنني بخير، ثم خفضت عينيّ بوجه متردد. لم أستطع التعود على المنظر خارج النافذة مهما حاولت.
شعرت بنظرات سيون تحدق بي وأنا أخفض عينيّ وأتنهد باستمرار لتجنب النظر إلى الخارج.
كان من الغريب أنها تركز عليّ بدلاً من الوحوش التي تحبها خلف الحاجز، فرفعت رأسي. كانت تنظر إليّ كأن لديها شيء لتقوله، ثم تمتمت بشيء غامض مرة أخرى.
“بجمالكِ هذا، هل ذلك الأمير العظيم يلاحقكِ لأنه معجب بكِ؟”
“…ماذا؟”
“هم؟”
عندما لم أفهم مباشرة ورددت بعين متعجبة، توقفت سيون للحظة. تساءلت عن رد فعلها، لكن العربة توقفت في تلك اللحظة.
تمايلنا قليلاً بسبب ارتطام العجلة بحجر. عادة، كانت سيون ستشتكي من راحة العربة السيئة، لكنها فتحت الباب بحماس.
“وصلنا! هيا، انزلي!”
قفزت من العربة قبل أن أرد.
شعرت بشيء غريب، لكنني تبعتها ونزلت، ثم توقفت عن التفكير.
عندما وقفت على الأرض بجوار البحر، كنت قريبة جدًا من الحاجز، وكذلك من الوحوش الملتصقة به.
الرائحة الكريهة، مظهرها الغريب، كل شيء كان مرعبًا.
تراجعت غريزيًا، لكن سيون، كأنها توقعت ذلك، اقتربت وأمسكت يدي بسرعة.
“لا بأس. لا تقلقي، تعالي إلى هنا.”
أمسكت يدي ومشيت بخطوات واثقة. بينما حاولت تجنب النظر إلى البحر، كانت تنظر إلى الوحوش بعيون متلألئة كطفلة أمام حلوى ملونة.
سمعت خطوات حراس سيون يتبعوننا من الخلف. هذا الصوت جعلني أشعر بقليل من الطمأنينة.
قالت سيون إنهم مرتزقة باهظو الثمن، لذا إذا بقيت بجانبها، ربما أنجو إذا حدث شيء.
“إنهم مجتمعون هناك.”
نظرت إلى حيث أشارت سيون، ورأيت سحرة يرتدون أردية زرقاء داكنة تدل على انتمائهم للبرج.
وصفتهم كما لو كانت تشير إلى أطفال يلعبون في ملعب، لكنهم بدوا استثنائيين حتى من بعيد.
ثلاثة منهم، الأقرب إلى الحاجز، كانوا يتحدثون بجدية وهم يحدقون في البحر.
“لا أرى الأمير. سأخبره لاحقًا إذا رأيته.”
فحصت سيون المكان، وعندما لم تجد ريموند، بدت غير مهتمة. ثم فقدت اهتمامها بالسحرة وتحولت إلى الوحوش على الحاجز.
“آه! ذلك! يا! إنه ليليارت! هيا، بسرعة!”
اكتشفت وحشًا أعجبها، كما فعلت مع ليفياثان، وتركت يدي وركضت بمفردها. رأيت حراسها يتبعونها بسرعة.
بقيت وحدي فجأة، فلمست خدي بلا وعي. نظرت إلى سيون البعيدة، ثم تذكرت متأخرة سبب مجيئي وبدأت أبحث حولي.
‘أين القديسة…’
لكن مهما نظرت، لم أجد القديسة، ولا ريموند، ولا ريتشارد أديل. كان هناك فقط فرسان الإمبراطورية والسحرة يحيطون بالحاجز.
بحثت عنهم بعيون متلهفة، لكن حتى بعد وقت طويل، لم يظهر أحد. بينما كنت أفكر بشؤم إن كانوا لم يأتوا اليوم، شممت رائحة زهور غريبة وسط الرائحة الكريهة وأنا أغطي أنفي وفمي بكمي.
من أين تأتي هذه الرائحة؟ نظرت بحدقة فضولية إلى مصدر العطر.
خلف الحاجز الذهبي، وقفت فتاة.
كانت زرقاء بالكامل من رأسها إلى أخمص قدميها، كأنها جنية بحر.
حدقت بها مذهولة، فابتسمت. ابتسامتها الواسعة بدت جميلة وغير ضارة.
على الرغم من أنني كنت أعلم أنها واحدة من الوحوش خلف الحاجز، شعرت أنها لن تؤذيني. كلما نظرت إلى عينيها الزرقاوين المبتسمتين، شعرت بضباب يغطي عقلي، وتضاءل حكمي.
ربما لا بأس بالاقتراب قليلاً.
الحاجز خطير، لكن هل يمكننا السماح لهذه الفتاة بالدخول؟ إنها جميلة جدًا، لا يمكن أن تؤذي أحدًا.
كنت أفكر بما لا يمكن لعقل سليم أن يفكر به، وتقدمت خطوة بخطوة نحو الحاجز. وعندما كانت يدي على وشك لمسه…
“من الأفضل ألا تلمسيه.”
هبطت يد كبيرة وأمسكت معصمي بقوة، مانعة إياي من الاقتراب أكثر. استعدت وعيي أخيرًا ورمشت ورفعت رأسي.
كانت رؤيتي مشوشة وأذنيّ مكتومتين، فلم أتعرف على الشخص للحظة. رأيت فقط اليد الكبيرة التي تمسك معصمي، وفكرت غريزيًا بريموند. ربما اعتدت على ظهوره المفاجئ في القلعة.
“أنا…!”
لم أره منذ أيام، فشعرت بالسعادة أولاً. ابتسمت غريزيًا ورفعت رأسي، لكنني توقفت عندما رأيت وجه الشخص. كأنني تلقيت دلو ماء بارد، استعدت وعيي تمامًا.
سحبت معصمي من قبضة ريتشارد أديل بسرعة وابتعدت.
“كما فكرت من قبل، هل هذا تعبير تشكرين به من ساعدكِ؟”
ضحك ريتشارد بسخرية وهو يرى وجهي الممتعض بدلاً من شكري.
حسنًا، لمَ لم تتجاهلني وتمضي؟ لمَ تهتم بشخص مثلي؟ كبت رغبتي في الرد بسخرية وأجبت بنبرة خالية من العاطفة.
“آسفة.”
أخفضت عينيّ لأخفي مشاعري. كنت مشوشة، قلقة، وخائفة من تصرفه المفاجئ.
عندما التقينا صدفة في هذه الأرض، كنت نصف واعية، فغضبت وصرخت عليه، أسأله لمَ جاء، ولمَ لم يتركني وشأني.
تذكرت إجابته غير المتوقعة، التي لا أفهمها حتى الآن، والتي زادت من ارتباكي. كلماته غير المبالية والغريبة أثارت أملًا مقززًا في قلبي.
كرهت ذلك. شعرت بالقلق والخوف.
كنت خائفة من أنني، بغبائي، سأُسحب مجددًا بنظرة منه، كلمة، أو إشارة، وأُجر إلى حيث لا أريد.
لم أرد إطالة الحديث، فأجبته هكذا وانحنيت بسرعة. ثم استدرت لأذهب إلى مكان آخر.
في تلك اللحظة، رأيت القديسة آريا محاطة بالفرسان المقدسين. شعرت بالعجلة.
“انتظري، دعينا نتحدث.”
لكن قبل أن أخطو خطوة، أمسك ذراعي مجددًا. حاولت سحب يدي بعبوس، لكنه لم يتحرك. حافظت على هدوئي وأجبت.
“ليس لدي ما أقوله لسعادة الدوق.”
“أليس موقفكِ مختلفًا كثيرًا عن المرة السابقة؟”
احمر وجهي على الفور. كنت أعرف ما يقصده. عضضت شفتيّ بقوة على كلماته التي أعادت ذكرى أردت نسيانها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 74"