2. كل التاريخ في مأدبة الليل (30)

 

في النهاية، قرر دو الإبلاغ للأميرة يوري، بينما بقي تشيد لحراسة كلير هيذر، وانفصلا للقيام بمهمتهما.

 

 

لكن، حتى لو كانت الضواحي، فهي لا تزال ضمن العاصمة، وليست خارجها. ما الذي يمكن أن يحدث لنبيلة تقبع بهدوء في قصر عائلتها؟

 

 

في الواقع، لم تحدث أي مشكلة في طريقهما من القصر الإمبراطوري إلى قصر هيذر. بدت كلير نفسها غير مرتاحة لوجودهما، وكأنهما عائق مزعج.

 

 

بعد أن طُلب منهما المغادرة، لم يستطع تشيد قول إنه سيحرسها أمام غرفتها داخل منزل هيذر.

 

 وقف عند مدخل القصر، حيث ربط حصانه، منتظرًا زميله.

 

 

الحياة تختلف الآن عن أيام حراسته ليوري داخل القصر. بدون أي شخص ليحل محله، لم يكن لديه وقت لتناول الغداء أو العشاء.

 

 

لذا، لم يكن خطأ ساعته البيولوجية أن تعلن جوعها الآن.

 

 

جائع، وبارد مع حلول الليل، ووحيد، وممل. شعر بالحزن لأسباب عديدة.

 

 

تخيل زميله، الذي ربما يتسكع في مكان ما، يتناول حساء لحم دافئًا، فشعر بغضب يتصاعد بداخله.

 

 أقسم ألا يغفر له إذا جاء وتجشأ بارتياح.

 

 

*طقطقة!*

 

 

كما يقولون، اذكر الغول فيأتي.

 

 سمع صوت حوافر خيول من بعيد. استدار تشيد بوجه نصف فرح ونصف متذمر. كما توقع، كان دو يركض بجنون على حصانه من بعيد.

 

 

“يبدو أنه يشعر بالذنب.”

 

 

ظن تشيد أن دو، نادمًا على تأخره، يركض بسرعة خطيرة، فرفع يده يلوح وصرخ.

 

 

“هي، لا بأس، تعال ببطء!”

 

 

“تشيد!”

 

 

كان دو شاحبًا. توقف بحصانه بعنف، كأنه يُطارد، ووقف أمامه.

 

 رفع الحصان قدميه الأماميتين عاليًا، فتراجع تشيد غريزيًا.

 

 

“ما الأمر؟ ماذا حدث…؟”

 

 

“أين كلير هيذر؟”

 

 

“ماذا؟ لماذا تسأل؟”

 

 

“أين هي؟ لا تزال داخل القصر، أليس كذلك؟”

 

 

بمجرد نزوله من الحصان، سأل دو بحدة عن مكان كلير، مما جعل تشيد يشعر غريزيًا أن شيئًا ما خطأ. أمسك بذراع زميله بوجه متصلب.

 

 

“ما الذي يحدث؟”

 

 

“علينا إعادتها فورًا. سمو الأميرة غاضبة ولن تسامحنا.”

 

 

“ماذا؟ لماذا؟ ماذا فعلنا؟”

 

 

“سمو الأميرة لم تسمح أبدًا بخروج كلير هيذر من القصر. ما قالته لنا كان كذبًا.”

 

 

عبّر تشيد عن صدمته أمام كلمات دو القلقة.

 

 

“لكننا فقط نفذنا ما قالته؟”

 

 

“لا أعرف، يا رجل! على أي حال، قالت إنها ستغفر لنا إذا أعدنا كلير هيذر سالمة دون خدش. بأسرع ما يمكن!”

 

 

صرخ دو مجددًا في وجه تشيد، الذي بدا مظلومًا، ثم دفع تشيد جانبًا وتقدم نحو بوابة منزل هيذر.

 

 

تردد تشيد للحظة، ثم تبعه بسرعة.

 

 

“ماذا لو نُقلنا بسبب هذا؟ أحب حقًا البقاء بجانب سمو الأميرة…”

 

 

“يبدو أنها تهتم بكلير كثيرًا. ربما نطلب منها التوسط لنا.”

 

 

“لكنها بدت تكرهنا. هل ستسمعنا؟”

 

 

*طق طق طق!*

 

 

تجاهل دو كلام تشيد وطرق البوابة المغلقة بقوة. رأى خادم يمر بالقرب، فهرع إلى الداخل وعاد مع رجل عجوز يبدو أنه الخادم الرئيسي.

 

 

“أعتذر، أنا دو كلوغ من فرقة الفرسان الإمبراطورية الثالثة.”

 

 

قال دو للرجل، الذي قدم نفسه كخادم القصر، وهو يرفع سيفه المزين بشعار القصر.

 

 

“تلقيت أوامر من سمو الأميرة يوري كريستين كاجيس بإحضار الآنسة كلير هيذر. هل يمكنك إحضارها الآن؟”

 

 

“حسنًا. انتظر لحظة من فضلك.”

 

 

بدَوَ الخادم متفاجئًا للحظة، لكنه أجاب بهدوء وأمر خادمة بهدوء، ثم دخل القصر بسرعة.

 

 

على عكس توقعهما أن يعود مع كلير بسرعة، لم يظهر الخادم ولا الخادمة.

 

 

بدأ دو وتشيد يشعران بالقلق. ظنا أن نبيلة تحتاج وقتًا للاستعداد، كبحا رغبتهما في اقتحام القصر وانتظرا عند المدخل.

 

 

لكن، حتى بعد وقت طويل، لم تظهر كلير. عاد الخادم العجوز وحده بوجه متصلب.

 

 

مع غياب كلير وتعبير الخادم المتوتر، تصلب وجها دو وتشيد.

 

 

“ما الأمر؟ أين الآنسة هيذر؟”

 

“ليست في غرفتها.”

 

 

كان هناك عرق بارد على وجه الخادم القريب.

 

 

“ليست في غرفتها؟ إذن، أين ذهبت؟”

 

 

“لا نعرف. نبحث عنها في أنحاء القصر.”

 

 

بدا الخادم مضطربًا بشكل مفرط.

 

 كان قد استعاد هدوءه بسرعة عندما طلبا إحضار كلير فجأة.

 

 

شعر دو أن هناك ما هو أكثر من مجرد غيابها عن غرفتها.

 

 

“الباب كان مفتوحًا.”

 

 

“هل فتحه أحد؟”

 

 

“لا يمكن أن يكون.”

 

 

سمعت أذن دو الحادة همسات الخادمات القريبات. للحظة، شعر بالحيرة من حديثهن، لكنه لم يفكر فيه بعمق.

 

 

“الآنسة ليست في أي مكان!”

 

 

عاد الخدم، الذين أُرسلوا للبحث، وأخبروا الخادم. تبادل دو وتشيد النظرات بسرعة.

 

 

“هل هناك مخارج أخرى غير المدخل الرئيسي؟”

 

 

“لا، لا يوجد. هناك مدخل للخدم، لكن الخدم هناك قالوا إنهم لم يروا الآنسة تمر.”

 

 

“هل يمكننا رؤية غرفة الآنسة هيذر؟”

 

 

“اتبعاني.”

 

 

تبعا الخادم إلى داخل القصر. في غرفة منعزلة بالطابق الثاني، فحص دو وتشيد الغرفة بسرعة. لم يكن هناك شيء مميز. كانت ضيقة وبالية لغرفة نبيلة، لكنها مرتبة وأنثوية.

 

 

نظر دو حول الغرفة واتجه إلى النافذة. عند اقترابه من النافذة المفتوحة، لاحظ غبارًا طفيفًا على إطارها.

 

 

كانت آثار أقدام. شخص ما داس على الإطار.

 

 

كانت كلير ترتدي حذاء بكعب منخفض. أثر الحذاء على الإطار كان أوسع وأكبر من حذاء نسائي.

 

 

“لا يمكن.”

 

 

شعر بإحساس سيء.

 

 

مسحت عينا دو الأرض تحت النافذة بسرعة.

 

 

على الرغم من أنها الطابق الثاني، إلا أنها ليست مرتفعة جدًا، ويمكن لشخص مدرب القفز منها.

 

 

“آه!”

 

 

صرخ الخادمات، مصدومين، عندما قفز دو من النافذة.

 

 

هبط بخفة على الأرض، دون أي إصابة.

 

 

والأهم، كانت هناك آثار لنباتات مدوسة. امتدت الآثار إلى جدار القصر.

 

 

لقد ساءت الأمور بشكل كبير.

 

 

أول ما تبادر إلى ذهنه كان وجه يوري الغاضب وهي تنفجر غضبًا.

 

 بدأ يفكر أن هذه المشكلة قد لا تنتهي بنقلهما فقط.

 

 

شعر ببرودة في رقبته، وبدأ العرق البارد يتدفق.

 

 

تذكر سنوات تدريبه الشاقة منذ الطفولة للانضمام إلى الفرسان الإمبراطوريين، وهي تمر أمام عينيه.

 

 “ماذا، هل هذه ذكريات قبل الموت؟”

 

 

“دو، هل أنت بخير؟”

 

 

“اللعنة، تبًا.”

 

 

تجاهل صراخ زميله من الخلف، وغمغم دو بكل الشتائم التي يعرفها وأغلق عينيه بقوة.

 

 

هذه حالة طوارئ حقيقية.

 

* * *

 

لم تكن الإمبراطورة كارولينا في مزاج جيد. وهي تنزل الدرج بسرعة، ظلت تجاعيد جبينها الجميل مشدودة.

 

 

ليس من دون سبب أن تُسمى الإمبراطورة الحديدية. لم تكن امرأة قوية مثلها، التي نادرًا ما تتزعزع، تظهر مشاعرها بهذه الوضوح إلا في حالات نادرة.

 

 

في هذه الحالة النادرة، تبعتها رئيسة الخادمات والخادمات، ينظرن إليها بقلق ويسرعن خطواتهن.

 

 

“منذ متى اختفت؟”

 

 

على عكس وجهها المتجهم، جاء صوتها هادئًا وباردًا. دون أن تلتفت، انخفضت رئيسة الخادمات والخادمات غريزيًا.

 

 

“آخر مرة رُؤيت فيها كانت وهي تدخل قصر هيذر، أي منذ حوالي ساعتين.”

 

 

“هل تأكد أنها اختطاف؟”

 

 

“قال الفرسان الذين فحصوا غرفتها إنهم وجدوا آثار أقدام غريبة داخل وخارج القصر.”

 

 

“ماذا عن طلب فدية؟”

 

 

“لا شيء حتى الآن.”

 

 

توقفت كارولينا، تفكر في إجابات رئيسة الخادمات السريعة. تشوهت عيناها الذهبيتان الجميلتان بنظرة استياء.

 

 

كانت تبدو كأرنب خائف. بدت لطيفة، تعرف حدودها، وتدرك مكانتها، مما جعلها مثالية للاستغلال. لذا، بعد تهديدها قليلاً وإغرائها، لم تهتم بها كثيرًا.

 

 

لكن، بعد وقت قصير، كانت كارولينا غاضبة من هذا الأرنب الذي تجرأ على عصيان أوامرها واختفى.

 

 

سواء كان الاختطاف حقيقيًا أم لا، قيل إن مغادرة القصر كانت بإرادة الأرنب. كان من الواضح أن الأرنب تجاهل أوامرها وتصرف بحرية.