«عندما ننتهي من تصوير هذا الفستان، سيقولون: لقد انتهينا.»
وقف إدموند غير بعيد، يحدّق بي طويلاً قبل أن يطلق تنهيدة عميقة. منذ الأمس وهو يتذمّر من فكرة أن أكون ملهمة لأحد، ويبدو أنه ما زال عالقًا عند النقطة ذاتها. بعد المزاد ومسابقة الصيد، أصبح أكثر تطرفًا.
والمضحك أنّه رغم كل هذا التذمّر، ففي اللحظة التي أصبحتُ فيها ملهمة مورغان سومر، ضخّ إدموند استثمارًا ضخمًا في الدار. روبلين همست لي بذلك سرًا عنه.
«ألستُ جميلة؟»
«جميلة جدًا. هل ستصورين وأنتِ على ظهر الحصان؟»
«نعم.»
«سيكون رائعًا.»
ساعدني على امتطاء الحصان الأبيض الناصع، وتقدّم عدد من العاملين لتعديل ذيل الفستان. ثم أخرج أحدهم كرة صغيرة مدوّرة مزوّدة بجناحين.
قال إدموند بدلًا عنهم: «لأن المصوّر لا يستطيع الجري مع الحصان والكاميرا، وضعوا تعويذة تجعلها تطير بنفسها.»
ربما سحر هذا العصر—الذي تحدث عنه ولي العهد—أكثر منطقية مما كان في زمني…
… لو كان عالمي القديم هكذا، هل كنتُ سأكون أسعد؟
قال المصوّر: «ركّزي على تعبير وجهكِ فقط. امشي حتى الطرف الآخر، وسنجرّب كل شيء من المشي إلى الجري. أثناء المشي، انظري أحيانًا إلى الكرة. وإن شعرتِ براحة، ابتسمي ابتسامة خفيفة.»
«حسنًا، سأحاول.»
مشيتُ بخفة دون أن أركض. نظرتُ حولي بلا سبب، ثم إلى الكاميرا التي لا أزال لا أعتادها، ثم تفقدتُ ذيل الفستان… وعندما انتبهت، كنت قد عدت بالفعل.
كان الجميع ينظرون إلى الصور المطبوعة فورًا، وكان إدموند بينهم. وضع الصورة التي كان يمسكها وسأل أليس:
«هل يمكنني رؤية الصور السابقة أيضًا؟»
«بالطبع، تفضل.»
تسلّم الحزمة، يقلبها واحدة واحدة، ثم هزّ رأسه ببطء.
«بيبي أجمل ما تكون حين تبتسم.»
قال أحدهم: «يبدو أنها متوترة قليلًا.» فأجاب إدموند بهدوء: «ومن الطبيعي ذلك. اللوحة ينقلها الفنان مما تراه عيناه، أما الصورة فتنقلها الآلة والسحر.»
سلّم الصور ونظر إليّ. «بيبي.»
«نعم؟»
كلاك! وميض قوي انفجر فجأة، ثم تلاه صوت الإغلاق مرة أخرى.
رمشت مذهولة، فضحك إدموند بخفة، ومدّ يده إليّ. أمسكتها دون تفكير، فاقترب من جانب الحصان وساعدني على النزول.
قادني إلى حيث يتجمع الناس. كانت أليس تنظر إلى صورة واحدة بدهشة. دفعتها لإدموند، فابتسم ابتسامة واثقة وكأنه توقع الأمر.
«هكذا تبتسمين بإشراق.»
كانت الصورة التي التقطها للتو. حتى أنا رأيت نفسي فيها مبتسمة بصفاء. عرضت عليّ أليس صور الحصان، فأمسكتها… وما إن رأيتها حتى قلّبتها فورًا كي لا يراها أحد.
إدموند ضحك بخفة على ردة فعلي، ثم عاد ينظر إلى الصورة السابقة. «بالتأكيد الشيء الحقيقي أجمل من التمثيل.»
«يبدو ذلك.»
اقترب الرجل المسؤول عن الكاميرا وقال بحذر: «ماذا لو جرّبنا شيئًا آخر؟ نمشي ببطء، نتحدث، وعندما تتكون تعبيرات طبيعية نلتقط الصور. ثم يخرج إدموند لاحقًا من الكادر.»
وافق إدموند فورًا.
ركب هو حصانه الأسود القاتم، وركبت أنا الأبيض.
«تبدين معتادة جدًا.»
«على هذا؟»
«نعم.»
«لم ألتقط صورًا لحملات إعلانية من قبل، لكن صُورت كثيرًا رغماً عني.»
«مثل ماذا؟»
«تلفتين الأنظار. كلما حدثت مشكلة في عائلة دير، كنتُ أنا وروبلين وأخي نُصوَّر كثيرًا.»
ضحك إدموند ثم قال وهو يقترب: «يبدو أنّ هذا طموح مورغان سومر الكبير.»
«أليس كذلك؟ لكن ماذا لو لم تخرج الصور جيدة؟»
«لا بأس.»
تنهدتُ وحدّقتُ بلا سبب في الكاميرا التي تطير حولنا. مجرد وجودها يجعل حتى الوجه الخالي من التعبير أمرًا صعبًا.
«بيبي.»
«نعم؟»
«متى تعلمتِ ركوب الخيل؟»
«وأنا صغيرة جدًا. عندما عرفوا أنني من عائلة سومرز، ما إن وصلت القصر.»
دلّكت رقبة الحصان.
«حقًا؟»
«نعم. في العاصمة الطرق مرصوفة جيدًا، فالعربات أكثر استعمالًا. لكن في فرانجيت كان العكس، السفر بالعربة مزعج.»
«كان الأمر كذلك في الماضي.»
في الحقيقة… الخيل في عائلة سومرز كان بالنسبة لي رمزًا للحرية. لو خرجت بعربة لمنعوني قبل أن أبتعد، لكن الحصان… يكفي أن آخذه بهدوء.
«في يوم مثل اليوم، لو فرشتُ بطانية واستلقيت، سيكون الشعور رائعًا.»
«وإلى أين كنتِ تذهبين عادة؟»
«إلى حقل داخل أرض القصر. وفي نهايته غابة. كنتُ أصل حتى هناك فقط. تعويذة الحماية العائلية تصل إلى ذلك الحد. خارجه… قد أموت حقًا.»
تذكرتُ أختي… ذلك اليوم بالتحديد. فارتعش جسدي.
قال إدموند: «آه، كان الأمر كذلك.»
«إذن لا ذكريات لك مع ساشا على ظهر حصان؟»
«ذكريات مع أختي…؟ ممم… لا شيء مميز تمامًا… لكن…»
«أي شيء.»
«هناك يوم… غريب بعض الشيء.»
ابتسم. «أي شيء.»
بدأت أحكي:
كان الجو جميلًا بشكل لا يُصدق. لم أرد حضور الدروس. خرجتُ بالحصة دون إذن. أختي كانت عائدة بعد غياب طويل؛ قال الخادم إنها ستنام طوال اليوم. طلب مني أن أبقى هادئة.
غالبًا في هذه الأيام كنتُ آكل الغداء وحدي كي لا أزعجها. وقلت لنفسي: الدروس وكل شيء… سأخرج.
لن يبحثوا عني كثيرًا بسبب أختي… وعلى أي حال، لا أحد يهتم عادة.
ذهبت إلى الحقل. كان مذهلًا. الزهور تغطي الأرض كأنها أمواج ألوان. بدأتُ أركض، ثم مشيت. أحمل كيسًا صغيرًا فيه بطانية وكتاب.
«تتذكرين حتى اسم الكتاب؟»
«لا حقًا… المهم…»
فرشت البطانية، قرأت قليلًا… ثم نمت.
«ووجدتك ساشا؟»
توقفت. «كيف عرفت؟»
«وماذا حدث بعد ذلك؟» قالها كأنه يختبرني.
ضحك: «هل هناك جائزة للفائز؟»
«…حسنًا. لكن ليست لدي جائزة… ربما تذكرة أمنية؟»
«تذكرة أمنية؟»
«إذا كنتَ موافقًا.»
وافق فورًا وقال: «الجواب: ساشا كانت تجلس بجانبك، تقرأ الكتاب الذي أسقطتِه وأنت نائمة.»
حدّقت به مذهولة.
همس: «بيبي، الكاميرا.»
آه… صحيح.
استدرتُ قليلًا. خجلت. ثم قلت: «كيف عرفت؟»
ابتسم. «والكتاب كان غالبًا ليدي دازلِنغ.»
«كيف تذكرت شيئًا نسيته أنا؟»
«لأنني أعرف عنك كل شيء.»
زاد من سرعة حصانه، فتبعته. الريح مرّت بنا، ترفع شعورنا، وذيل فستاني المطرّز بالزهور يرفرف معها.
قال قبل أن أسأله:
«إذن، ماذا قالت لكِ ساشا؟»
«لم يكن شيئًا كبيرًا. كانت تقرأ كتابي، ثم سألتني إن كنت استيقظت، وقالت لنتعشى سويًا. عدنا معًا… ربما تبدو تفاصيل بسيطة… لكنها كانت أول مرة تكون فيها لطيفة معي.»
لأنها جاءت تبحث عني، وانتظرت حتى أستيقظ…
«وبّختني أثناء العشاء، لكنني كنت سعيدة جدًا.»
نظر إليّ، رمش قليلًا… ثم ابتسم ابتسامة دافئة وهمس:
«أنتِ حقًا تحبين ساشا، أليس كذلك؟»
═══∘°❈°∘═══
ترجمة: مابل
حسابي على انستا: ma0.bel
ولا تنسى ذكر الله ودعاء لأهلنا في غزة و سودان ومسلمين أجمعين
التعليقات لهذا الفصل " 45"