من فضلك خذ خطوة خارج الصورة

الفصل السابع والثلاثون

 

═══∘°❈°∘═══

قبل لحظات فقط، كان هذا المكان، حيث كان الناس يلعبون الشطرنج وألعاب الورق، قد تحول إلى فوضى تامة.

 

كان المظلة قد انهارت على الأرض، والطاولات انقلبت.

 

أولئك الذين يستطيعون القتال سحبوا أسلحتهم، بينما تم اصطحاب أولئك الذين لا يستطيعون إلى مكان آمن بواسطة الحراس الملكيين.

 

كان هناك وحشان متوسطا المستوى وعدة وحوش منخفضة المستوى.

 

الوحوش من نوع الأرانب، التي بدت لطيفة للغاية في وقت سابق، كانت الآن تزأر بشكل مخيف، ويبدو أنها تتفاعل مع السحر الملوث. لقد تحولت إلى المخلوقات البشعة التي تذكرتها منذ 200 عام. كان من المفترض أن يكون المكان آمنًا، فلماذا تغيرت هكذا؟

 

في تلك اللحظة، اقتربت مني رولين.

 

“فيفي، هل أنتِ بخير؟”

 

“نعم. هل أنتِ بخير، رولين؟”

 

“كما ترين.”

 

ابتسمت رولين ابتسامة صغيرة وأمسكت بذراعي. تبادلت النظرات مع إدموند.

 

“آه، إيدي. هاك.”

 

سلمت رولين علبة كانت تمسك بها. بداخلها كانت هناك رصاصات مصنوعة من قوة سحرية مركزة للغاية. فتح إدموند العلبة بسرعة، أخذ الرصاصات، وأعاد تعبئة مسدسه.

 

تردد، ينظر إليّ للحظة طويلة كما لو كان قلقًا، قبل أن يندفع في اتجاه ولي العهد.

 

ثم أخبرتني رولين أننا بحاجة إلى التراجع إلى الخلف.

 

“رولين، أستطيع استخدام السحر.”

 

“أعرف.”

 

“هل يجب أن ألقي على الأقل تعاويذ حماية على أولئك الذين يقاتلون؟”

 

هزت رولين رأسها بابتسامة صغيرة. في المسافة، كانت التعزيزات العسكرية قد وصلت بالفعل.

 

“هل رأيتِ إدموند يستخدم مسدسه؟”

 

“…نعم.”

 

“إنه ماهر بشكل خاص، لكنه ليس الوحيد الذي يستطيع التعامل مع الأسلحة بهذه الطريقة. هناك عدد لا بأس به هنا يستطيعون ذلك. لذا، فيفيان، لا حاجة لكِ لفعل أي شيء.”

 

بينما كنا نتحدث ونبتعد عن الوحوش، اقتربت مني امرأة ذات شعر بنفسجي طويل مربوط عاليًا بخطوات مصممة. كانت نفس الشخص الذي اختار الخلاف معي أمس.

 

ماذا الآن؟ قبل أن أتمكن حتى من استيعاب الموقف، أمسكتني فجأة من ياقتي. حاولت رولين إيقافها بسرعة، لكن المرأة كانت قوية جدًا.

 

“إنها أنتِ، أليس كذلك؟”

 

كانت أطول مني بكثير، رافعة إياي قليلاً عن الأرض. عندما كافحت، ابتسمت ابتسامة باردة وتراجعت خطوة إلى الوراء قبل أن ترميني جانبًا بعنف.

 

تعثرت من الصدمة، وقبل أن أستعيد توازني، صرخت بصوت حاد.

 

“أنتِ الوحيدة هنا التي لم يتم التحقق من هويتها بالكامل!”

 

كانت رولين هي من ردت على كلماتها.

 

“دير قد ضمن لها. حتى في هذا الموقف، لا زلتِ قلقة بشأن المكانة—”

 

“منذ متى؟”

 

بوجه وكأنها مستعدة للقتل، قاطعت رولين في منتصف جملتها. مرت قشعريرة أسفل عمودي الفقري. للصدق، كانت تخيفني أكثر مما فعلت الوحوش.

 

“منذ متى تجرأ دير على إحضار شخص من أصول مجهولة إلى القصر الإمبراطوري؟”

 

ملأ الصمت الهواء.

 

على مسافة قليلة، كان الناس لا يزالون يقاتلون الوحوش، لكن هنا، كان هادئًا بشكل مخيف.

 

نظرت إليها بلا مبالاة قبل أن أستدير إلى رولين.

 

“ما اسمها؟”

 

“رينيه قبرص. الذي يقترب خلفها هو أخوها الأصغر، والتر قبرص.”

 

همست رولين بأسمائهم في أذني بسرعة.

 

صحيح. لم أكن أعرف حتى أسماءهم.

 

لكن رؤية الموقف يتكشف على هذا النحو، بدا أن الأمر لم يكن فقط عن كرهها لي—كان يتعلق بتشويه سمعة دير. كانت تقول أشياء يمكن أن تثير الشكوك حولي بصوت عالٍ عمدًا.

 

“لا أرى كيف يهم اسمي في هذا الموقف، رولين دير.”

 

“إذًا لماذا تذكرينا فجأة في مثل هذا الوقت؟”

 

“لماذا، تسألين؟ لأنه مشبوه. هل هناك مشكلة في ذلك؟ سأضطر إلى الخروج والقتال قريبًا على أي حال، لذا قد أسأل عما يحتاج إلى السؤال.”

 

فجأة، تذكرت تحذير يوريل من قبل. أن ولي العهد كان يتصرف بشكل غريب. أن هناك شيئًا يبدو أنه يحدث بينه وبين قبرص.

 

قبل أن أدرك، كانت عيون الجميع عليّ، ولم أستطع التنفس.

 

“…….”

 

“إذًا، أنتِ تلك ‘سمرز’، هاه؟ أثبتي ذلك.”

 

تذكرت الكلمات التي قلتها لولي العهد في دار المزاد.

 

“الطريقة الوحيدة التي يمكنني إثبات نفسي بها… هي بعدم إثبات أي شيء على الإطلاق، سموك.”

 

وعندما سألت إذا كان ذلك تهديدًا أو نصيحة، قال لي ببساطة إنه إشعار.

 

لا يمكن أن يكون.

 

بينما حاولت تهدئة نفسي، واصلت قبرص الحديث، كما لو كان هدفها الوحيد هو استفزازي.

 

“ثم مرة أخرى، إثبات نفسك قد يصبح مشكلة أكبر، أليس كذلك؟ سيبدأ الناس في الشك بأن فيفيان تلك من سمرز هي من استدعت الوحوش. من أين يمكن لشخص عادي حتى الحصول على وحوش؟ أليس كذلك، والتر؟”

 

“بالطبع، أختي.”

 

اللعنة على قبرص. الآن فهمت لماذا كانت رولين دائمًا تتمتم باللعنات كلما ذُكروا.

 

“وإذا لم تستطيعي إثبات ذلك، فهذه مشكلة أخرى. هل سيقبضون عليكِ لانتحال شخصية نبيل؟ حسنًا، بما أن سمرز ليست عائلة نبيلة إمبراطورية، فلن تكون العقوبة قاسية جدًا.”

 

سحبتني رولين إلى الخلف بعجلة. نقلت نظري إليها. كان تعبيرها باردًا وهي تهز رأسها. كانت تقول لي ألا أفعل شيئًا.

 

“فيفي، لا تهتمي بهم. نحن نعرف الحقيقة بالفعل، ودير سيثبت ذلك.”

 

فكرت في ولي العهد.

 

ماذا يريد؟

 

أخبرتني رولين ذات مرة أن ولي العهد سيجد وجودي مزعجًا بشكل طبيعي.

 

لم تعد الإمبراطورية بحاجة إلى سحرة أقوياء. في الواقع، مثل هؤلاء الأفراد يهددون أساس كل ما بنته الإمبراطورية على مر السنين. لم تكن هناك حاجة لظهور قوة جديدة.

 

إذا كان ذلك صحيحًا، هل كان هدفه التخلص مني؟ هل نظم كل هذا فقط ليجعل ذلك يحدث؟ ألم يكن من الأسهل له أن يقضي عليّ بهدوء؟

 

إذا فشلت في إظهار أي سحر مهم هنا، هل سيبدأ الناس في الشك بأنني حقًا ‘فيفيان سمرز’؟

 

قد يكون ذلك في الواقع أفضل نتيجة للعائلة الإمبراطورية. لن يسمح ذلك فقط بإضعاف موقفي ولكن سيخدم أيضًا كوسيلة لكبح جماح دير.

 

لكن ماذا لو استخدمت السحر؟

 

“……”

 

لم أكن أعرف.

 

لم أكن مصممة لهذه الألعاب السياسية.

 

لكن شيئًا واحدًا كان واضحًا. إذا بقيت هادئة، سأضطر إلى اتباع إرادتهم، سواء كانت قبرص أو ولي العهد.

 

ولم أستطع التخلص من تحذيرات رولين لإدموند بشأن البقاء بعيدًا عن طريق العائلة الإمبراطورية، أو تعليق يوريل بأن ولي العهد كان يتصرف بشكل غريب.

 

حتى أنا يمكنني أن أرى أن دير قد جمع قوة وثروة أكثر من اللازم. تاريخيًا، كانت العائلات مثل عائلته دائمًا أهدافًا للقمع.

 

لم يكن الأمر يتعلق فقط بوضعي هنا. كان لدي شعور بأن هذا السيناريو بأكمله صُمم لتوجيه ضربة لعائلة دير. لا بد أن رولين أدركت ذلك أيضًا. لهذا السبب كانت ملتصقة بي بشدة.

 

ارتفعت موجة من التهيج بداخلي.

 

حتى لو تم تجاهلي لأنني طفلة غير شرعية، لم أُعامل بهذه الطريقة من قبل.

 

ميلت رأسي، مرفرفة زاوية شفتيّ إلى ابتسامة ساخرة. ثم، بنبرة أكثر إحباطًا ممكنًا، أشرت برأسي نحو الوحوش.

 

“إذًا، إذا تعاملت مع ذلك، هل هذا كافٍ؟”

 

“إذا استطعتِ. لكن إذا كان ذلك كثيرًا عليكِ، التراجع ليس خيارًا سيئًا أيضًا.”

 

حدق كلا من أشقاء قبرص بي بعيون مظلمة ومشؤومة. لتجنب النظر بعيدًا أولاً، غمضت عينيّ ببطء عمدًا قبل أن أحول نظري نحو الوحوش.

 

حتى بالنسبة لي، كانت الوحوش متوسطة المستوى تحديًا. لو كانت أختي، كان بإمكانها القضاء عليهم بنقرة من أصابعها. لكنني لست هي. كنت دائمًا الشخص الذي يُبقى آمنًا، بعيدًا عن الخطر.

 

ومع ذلك، تحركت كبريائي.

 

“هل شيء صغير كهذا سيكون كافيًا حقًا لإثبات ذلك؟”

 

عند سخريتي، شعرت بقبضة رولين عليّ تتفكك ببطء.

 

سيكون الأمر صعبًا، لكن ليس مستحيلاً. في المقام الأول، كان لدي قوة سحرية متدفقة، لكن جسدي لم يكن قادرًا على تحملها. لذا إذا استطعت التحكم بها بشكل صحيح، ربما سأنتهي بخير.

 

حتى لو حدث شيء خاطئ، يوريل هنا.

 

لذا سيكون الأمر بخير، أليس كذلك؟ سيكون إدموند غاضبًا إذا عرف أنني حتى أفكر في هذا. ضحكت لنفسي قبل أن أستدير ببطء لمواجهة رينيه قبرص. كان تعبيرها مظلمًا.

 

الطريقة التي نظرت بها إليّ، كانت نفس الطريقة التي نظر بها إليّ السحرة المتعجرفون من عائلة سمرز. لا عجب أن شعرت بأنها مألوفة جدًا.

 

“فيفي.”

 

“لا بأس.”

 

دفعت رولين بعيدًا وبدأت في سحب مانا.

 

أي تعويذة يجب أن أستخدم؟ أي تعويذة كانت أنيقة، مبهرة ومدمرة؟

 

بدأت ببناء دائرة السحر المركزية، وتمتمت بتعويذة صغيرة.

 

في اللحظة التي اتصلت فيها إرادتي بقوتي السحرية، انتشر تموج خافت عبر الهواء. واقفة بشكل قطري أمام الوحوش، رفعت ذراعي اليسرى، ثنيها خلف رأسي. طبقة فوق طبقة من التعاويذ، ازدهرت دائرة السحر خلفي مثل زهرة ذهبية.

 

في البداية، لم يكن الحشد المتفرج متأثرًا. لكن مع نمو التعويذة، بدأت تعابيرهم تتغير. بحذر، بحذر—كان عليّ التأكد من أن مانا لا تطغى على قلبي. كلما سكبت المزيد من القوة، كبرت دائرة السحر الذهبية خلفي.

 

كان الوحشان في المسافة تنضحان بطاقة سحرية شريرة تشبه القطران.

 

مددت كوعي، رافعة ذراعي نحو السماء. كما لو كنت أسحب قوسًا، كما لو كنت أقفل على هدف—بهدوء، بدقة. يجب ألا يفقد الساحر أناقته أبدًا.

 

همهمت دائرة السحر، مرتجفة كما لو أنها قد تنفجر.

 

حافظت على وقفتي، خافضة يدي الممدودة نحو الوحوش.

 

كانت هذه أقوى تعويذة هجومية يمكنني استخدامها. لكن أختي قالت ذات مرة إنه بالنسبة لأولئك المولودين في عائلات سحرية مرموقة، لم يكن ذلك شيئًا مميزًا.

 

ومع ذلك، كان ذلك كثيرًا جدًا. ابتلعت الغثيان المتصاعد في حلقي، أحشائي ملتوية بسبب المانا غير المستقرة.

 

“…أنا فيفيان أتراكسيا سمرز. كابنة سمرز وآخر حاملة لاسم سمرز، أستدعي أسلافي.”

 

بينما همست بتعويذة التعويذة الأخيرة، تموضت المانا الذهبية بين أصابعي، تظهر وتختفي مثل ضباب الحرارة. في اللحظة التي أكملت فيها الاستدعاء، انفجر ضوء ساطع وطاقة ذهبية، متجهة نحو الوحوش.

 

مع انفجار مدوٍ، صُبغ العالم بضوء أبيض ساطع.

 

أظلمت رؤيتي.

 

شعر جسدي بثقل من القوة السحرية التي استُنزفت في لحظة. لكن لماذا شعرت بالغثيان الشديد؟ كان الضجيج المحيط مكتومًا، كما لو كان يأتي من خلال ستارة سميكة.

 

شعرت وكأنني مغمورة تحت الماء، أستمع إلى العالم الفوضوي أعلاه.

 

في الحقيقة، بالكاد استطعت التنفس. مع نزيف أنفي، كنت ألهث للحصول على الهواء من خلال فمي. لكن حتى ذلك شعر بغير طبيعي، كما لو أن جسدي لم يعد ينتمي إليّ.

 

“―آن!”

 

“كيوغ— هاك، هاك!”

 

انزاحت الحجاب الذي لفني فجأة، وأُلقيت مرة أخرى إلى ضجيج ساحة المعركة.

 

لم يكن لدي وقت للرد على الصوت الذي ينادي باسمي حيث مزقت السعال العنيف حلقي. منحنية، كافحت لأستنشق الهواء، فقط لتتدفق موجة سميكة من الدم من داخلي.

 

جاء شهقة مصدومة من جانبي.

 

“فيفيان، هل تسمعينني؟”

 

في مكان ما في الفوضى، رن طلق مسدس. أخبرني الصوت الحاد والمتفجر أنه يجب أن يكون مسدس إدموند. على الأقل لم أضطر للقلق بشأن هجوم فوري.

 

“هل سبق لأحد أن ألقى تعويذة مثل تلك؟”

 

“يوريسيون ريفر؟”

 

“حتى هو لم يستطع استخدام سحر مثل ذلك.”

 

“هل هي حقًا… ساحرة من تلك الفترة الزمنية؟”

 

اختلطت الضجة المحيطة في ضوضاء واحدة عالية في البداية، ثم بدأت تتلاشى تدريجيًا حتى بدأت تخترق أذنيها صوتًا واحدًا في كل مرة.

 

كان عقلي ضبابيًا، تنفسي متقطعًا، لكن صورة أشقاء قبرص ذوي الشعر البنفسجي بقيت حادة.

 

على الأقل، لم تخرج مانا عن السيطرة تمامًا كما حدث في المرة الأخيرة.

 

استقمت ظهري، ممسحة الدم من شفتيّ، واستدرت، حافة تنورتي تتمايل مع الحركة.

 

يا إلهي، شعرت وكأنني أموت. لم يؤلمني قلب المانا هكذا من قبل. كان الأمر كما لو أن الإبر تخترق صدري. حقيقة أنني لا زلت واقفة كانت مثيرة للإعجاب تقريبًا.

 

التقطت عينيّ بعيني رينيه قبرص.

 

هل كانت غارقة في تعويذتي؟ أم كان منظري—ملطخ بالدم وممزق—هو ما أزعجها؟ كان وجهها شاحبًا.

 

لكنها سرعان ما أخفت إزعاجها، عاقدة ذراعيها ومتقدمة إلى الخلف.

 

“مثير للإعجاب، فيفيان سمرز. أفترض أنكِ حقًا من تدعين أنكِ. لكن في هذه النقطة… ألا يجعل ذلك من المرجح أن تكوني أنتِ من استدعى الوحوش؟”

 

ما الذي كانت تقوله الآن؟ هذا هراء محض. لماذا في العالم سأستدعي وحوشًا؟

 

نظرت إلى رولين، التي كانت بالفعل تنتفض نيابة عني. ثم استدرت نحو ساحة المعركة. كان إدموند يركض نحوي. حدقت بلا مبالاة في شعره الذهبي المتلألئ، بالكاد أسجل نظرته المظلمة غير القابلة للقراءة.

 

“……”

 

ارتفعت موجة أخرى من الغثيان بداخلي، واندفع الدم إلى حلقي.

 

آه، تبًا.

 

استسلمت قوة ساقيّ دفعة واحدة، وبينما أمسك بي أحدهم، تلاشى وعيي إلى السواد.

 

═══∘°❈°∘═══

ترجمة: مابل

حسابي على انستا: ma0.bel

ولا تنسى ذكر الله ودعاء لأهلنا في غزة ومسلمين أجمعين