اقتربت إيفينا من الأطفال بوجه يشعُ بالابتسامة الناعمة.
“هيا، فلنحيي أريستيا جميعًا! إنها صديقتنا الجديدة التي ستقضي أيامها معنا من اليوم فصاعدًا.”
“أريستيا! مرحبًا!”
وأخيرًا، اكتمل حضور جميع أطفال فصل الشمس.
(ميري : هو اسم الفصل أشعة الشمس بس أنا مرات احطه الشمس للاختصار)
لم تكد إيفينا تفرح بذلك حتى بدأت فعاليات يوم الطفل تُعلن عن نفسها.
[في يوم الطفل هذا، أعددنا برنامجًا يتيح للأهالي والأطفال صنع ذكريات مشتركة معًا.
لذا نرجو منكم الحضور لتشاركوا أطفالكم لحظات ممتعة وذكريات لا تُنسى.]
يوم الطفل يجمع بين الأهالي والأطفال في لحظاتٍ مشتركة.
تجمّع كل الأهالي الذين سمحت لهم أوقاتهم بعد تلك الرسالة العائلية، بل إنهم خصصوا الوقت خصيصًا لذلك.
يكفي أن نرى ثلاثة من أكثر رجال الإمبراطورية انشغالًا، إلى جانب دوقة هيسبان، قد حضروا جميعًا، لندرك أن الأمر كان حتميًا.
وكان الحدث الرئيسي لهذا اليوم هو التالي:
“آه! بما أننا أضفنا منشآت خارجية جديدة، ما رأيكم بهذا؟ ننقسم إلى فرق ونتنافس! نستخدم ألوانًا نطلي بها أيدينا لنُخرج الخصم من اللعبة، مع الاستعانة بالعوائق للاحتماء. ألن يكون ذلك مفيدًا للعب الحسي وتنمية الحواس الخمس؟”
كان هذا اقتراح إحدى المعلمات، لعبة بقاء بسيطة، لكن مع اختلاف واحد:
بدلًا من تلطيخ الأيدي، سيستخدمون مسدسات لعب مخصصةٍ.
أخذت إيفينا تُثبت خوذات الأمان على رؤوس الأطفال بعناية فائقة.
“بانتايد، تعالَ إليّ قليلًا، يجب أن نُحكم الخوذة أكثر، إنها تنزلق.”
“حسنًا…”
“والواقيات أيضًا، يجب أن تُرتديها جيدًا. هيا، دعيني أرى ركبتيك.”
“حسنًا…!”
أومأ بانتايد بطاعة، وفوق رأسه الصغير امتد ظل طويل ضخم. كان كايدن.
“الملمس أفضل مما توقعت.”
كان يتعامل مع مسدس اللعب الحسي كما لو كان سلاحًا عسكريًا حقيقيًا، يدور المسدس الصغير الظريف ببراعة فوق قفازاته الجلدية السوداء.
“بانتايد، هذا ليس للأكل.”
“لكنه طري وممتع…”
“حتى لو كان كذلك، لا يُعقل أن تضع الرصاص في فمكَ. افتح فمكَ.”
عبث كايدن في فم بانتايد وأخرج رصاصة جيلي صغيرة.
وعلى مسافة ليست بعيدة، كانت شقيقتا عائلة هيسبان تتبادلان الضحكات الهادئة.
“أختي، هذا المسدس يشبه تقريبًا مسدس صيد الحيوانات الصغيرة من حيث الحجم.”
“حقًا! لكن يا أريستيا، مضايقة الحيوانات الصغيرة لا تليق بأخلاق السيدات.”
“أعلم ذلك جيدًا. على أي حال، هذا الشيء لن يصيب سوى ذلك الأحمق هناك أو السيد بانتايد، أليس كذلك؟”
ثم انحنت دوقة هيسبان بعينين متورّدتين، تداعب مسدس اللعب الحسي بلطف.
“نعم، بالضبط… أليس هذا مثيرًا للحماس حقًا؟”
للحظة، بدا وكأن بريقًا من الجنون قد لمع في عينيها، لكن إيفينا أشاحت بنظرها بسرعة.
لكن في الجهة التي التفتت إليها…
“طخخ، طخ!”
“آه، ميرين، توقفي، هذا مؤلم.”
“أنا أقول طخ! من الطبيعي أن تتألم عندما تُصاب برصاصة.”
“إذا أُصيبت بطن أخيك بثقب وسقط، من سيلعب معكِ يا ميرين؟”
كانت ميرين تطلق النار على أخيها بلا هوادة، بينما يبتسم يوهان بلطف وهو ينطق بكلماتٍ مرعبةٍ بسلاسة.
“إذا فزنا بالمركز الأول… سأعطيكَ قلعة البارون بوركين التي بناها بطريقة غير قانونية. تذكارًا لإعدامه بالرصاص.”
“نعم، جلالتك.”
كانت العائلة الإمبراطورية بأكملها تتحدث باشياءٍ مليئةٍ بالمشاكل من أولها إلى آخرها.
الجميع يستعد بجدية، وتظهر عزيمتهم بوضوح.
انظروا إلى تعابير الأهالي، كأنهم ذاهبون إلى ساحة معركة!
ابتسمت إيفينا وقالت في نفسِها:
“حقًا، هذا فصلنا بلا شك.”
“والآن، لنبدأ لعبة ’من الأفضل؟‘!”
ما إن أعلنت البداية حتى انقسم الجميع إلى معسكرين: الأزرق والأحمر.
“لنرَ ما سيحدث، همم.”
دخلت إيفينا ساحة المعركة وهي تُغني بصوت خافت.
كان الموقع الخارجي الجديد لروضة لويندل، الذي تم توسيعه مؤخرًا، واسعًا للغاية.
“واو، لقد بذلوا جهدًا كبيرًا حقًا.”
يبدو كغابة حقيقية! لقد نفذوا التصميم الذي اقترحته بدقة تامة.
“يا إلهي، من أين أتوا بهذه الأشجار؟ إنها تشبه أشجار المناطق الاستوائية تمامًا.”
مدت يدها لتلمس أغصان الشجرة المتدلية، وفي تلك اللحظة…
“تشاب!”
سمعت صوت قدم تطأ بركة طينية.
“…”
أغلقت إيفينا فمها بسرعة. جاءها همس خافت من مكان ما.
“آسفة جدًا، ماكسيون.”
كان الصوت ينبعث من خلف شجرة عريضة الجذع.
كانت ميرين مختبئة هناك، تتحصن بجسدها الصغير.
مسحت الخط الأسود المرسوم قطريًا على وجهها بظهر يدها.
“قليلًا فقط، قليلًا أكثر…”
ها قد جاءت اللحظة…!
“طخ!” سحبت ميرين زناد مسدس اللعب الحسي، فانطلق كرة جيلي طرية شقت الهواء بسرعة واصطدمت بشيء ما بصوت “بوك”.
“…! ما هذا؟”
نظرت ميرين مذهولة إلى المكان الذي أطلقت نحوه النار.
كان هناك ماكسيون، يحتمي بلوح خشبي كدرع.
“ميرين.”
“ماكسيون…!”
ابتسم ماكسيون وهو ينظر إليها من الأعلى. رأت إيفينا فيه شيئًا من نوس.
“ما زلتِ بعيدة عن مستواي.”
“كيف عرفت؟ كيف عرفت؟!”
“هل ظننتِ أنكِ قادرة على خداعي؟”
رفع ماكسيون مسدسه الطري ووضعه على جبهة ميرين.
“احتفظي بهذا الحلم لحياتكِ القادمة.”
ضغطت يده الصغيرة على الزناد. “بيو!” انطلقت رصاصة جيلي من الفوهة.
في تلك اللحظة، هبط يوهان بسرعة من أعلى الشجرة، وحمل ميرين على ظهره، مبتعدًا بخفة.
“ميرين، انتبهي، كدتِ أن تُسخي ملابسك.”
“أخي!”
…متى صعد إلى الشجرة؟
نظرت إيفينا إلى يوهان بعينين متسعتين من الدهشة.
“كنت سأتخلص من ماكسيون!”
“ميرين، لقد كدتِ أن تُهزمي للتو…!”
توقف عن الكلام وتحرك بسرعة جانبًا، لكن رصاصة جيلي أصابت المكان الذي كان يقف فيه بدقة.
“يا للأسف.”
كان الإمبراطور. تمتم “يا للأسف” بابتسامةٍ كسولة.
“مهارة لا بأس بها.”
“حتى الكلاب لا تُقاطع من يتحدث، جلالتك.”
في اللحظة التي أطلق فيها الإمبراطور النار، صوّب يوهان مسدسه نحو مصدر الرصاصة.
اصطدمت رصاصات الجيلي بأجسادهم، فانفجرت وسالت الألوان على ملابسهم.
كان ذلك تبادلًا متزامنًا للنيران.
“يا إلهي، أي لعبة أطفال تُلعب بهذه الحدة…”
راقبت إيفينا المشهد المثير بهدوء، وكذلك فعلت ميرين.
لم يتردد ماكسيون لحظةً وأطلق النار على ميرين دون رحمة.
“بووم!” اصطدمت الرصاصة بذراع ميرين وسقطت. صاحت إيفينا بحزم:
“ميرين، أنتِ خارج اللعبة!”
“…”
نظرت ميرين إلى ذراعها ببلاهة، ثم احمر وجهها من الغضب.
“…واآآآه! هذا غير عادل! أنا، أنا، أُهزَم من ماكسيون؟!”
استلقت على الأرض الطينية، تتلوى من الغيظ.
اقترب ماكسيون وشفتاه السميكتان ترتسمان بابتسامة ساخرة.
“هه.”
كانت تلك ضحكة استهزاء واضحةً.
في تلك اللحظة، هبطت شخصية أنيقة من أعلى شجرة منخفضة بسلاسة.
صرخت إيفينا، التي كانت منغمسة في متابعة مسرحية الأطفال، مذهولة:
“أريستيا؟ كيف صعدتِ إلى هناك؟”
كانت تعتقد أن السيد دايسات هو الوحيد الذي يتسلق الأشجار!
ابتسمت أريستيا بخجل.
“تدربت من أجل هذا اليوم، يا معلمة. إنها جهود أساسية لسيدة مثلي.”
لا أحد يعتبر هذا أساسيًا يا عزيزتي…
تفاجأت إيفينا وفتحت شفتاها. لكن أريستيا جلست بكبرياء على الغصنّ، متقاطعة الساقين.
“السيد ماكسيون.”
“…أريستيا.”
“لقد خسرتَ، أليس كذلك؟ أن تُصاب الغفلة بعد أن تغلبتَ على مجرد أحمقةٍ.”
ضحكت أريستيا بغرور ورفعت ذراعها، موجهة فوهة مسدسها نحو صدر ماكسيون بدقة.
“سأنتقم للأحمق نيابةً عنهُ.”
“عمَّ تتحدثين؟”
“عن ماذا؟”
فتح ماكسيون فمه مذهولًا.
“ما الذي تعنينه؟ نحن في نفس الفريق!”
“همف. أنا لا أتحالف مع رجل يفرح بمجرد التغلب على أحمق. إنه أمر مثيرٌ للشفقة.”
هاجمت أريستيا بضراوة لاذعة.
وفي لحظة غامضة، ظهرت الأميرة ليستيا هيسبان من حيث لا يُدرى، تبتسم بهدوء وهي تمسك يد أريستيا بلطف.
وجهت الأختان معًا أسلحتهما نحو ماكسيون.
“انتظرا، انتظرا قليلًا! أنا لم أزل…”
“وداعًا، السيد ماكسيون. أتمنى أن تؤدي واجبك كرجل نبيل في العالمِ الآخر.”
“بيو!”
ابتسمت إيفينا باستسلام وكأنها قد سلّمت بالأمر.
“ماكسيون، أنت خارج اللعبة.”
“حسنًا، الآن الباقون هم…”
فكرت إيفينا،
“بما أن العديد من الأطفال قد أُقصوا، لم يتبقَ سوى القليل.”
وفي تلك اللحظة بالذات…
“بيو! بيو! بيو!”
اقترب كايدن بخطوات واثقة بعد أن أزاح ثلاثة من الأهالي الذين كانوا يراقبون المشهد خفية، بسرعةٍ ودقة متناهية، وهو ينفض قاعدة المسدس بعادته المألوفة.
“واو…”
كان ذلك بمثابة مذبحة للمدنيين على يد قناصٍ محترف.
“هل هذه مهارة قائد الإمبراطورية السحرية الحالي؟”
تساءلت إيفينا وهي تذهل.
لم تكد تنهي إعجابها حتى أطلق بانتايد، بوجه خالٍ من التعبير، النار على شقيقتي هيسبان بمسدسه بلطف غير مؤذٍ، “بونغ، بونغ”.
“ها…! با، السيد بانتايد…!”
“آسف، وداعًا.”
“أيها الناكر للجميل…! أعيد كل الوجبات الخفيفة التي أعطيتكَ إياها!”
صرخت أريستيا وهي تتحرك بغضب، بينما تلاشى الجنون من عيني ليستيا في لحظة، تاركًا وجهها يعكس الذهول.
وأخيرًا…
“لماذا تقفين هنا بدون واقيات؟”
“…لأن الإصابةَ لا تؤلمني.”
كان كايدن، الذي أقصى ثلاثة من اللاعبين لتوه، قد تلقى رصاصة طائشة نيابة عن إيفينا.
الفائز كان بانتايد. كان يوم الطفل هذا مثيرًا أكثر من أي وقت مضى.
انقضى يومش الطفل في لمحِ البصر
لكن الحياة دائمًا ما تتدفق بنكهات متباينة، حلوة ومالحة.
فبعد اللعب، يأتي وقت الدراسة.
عُلقت ورقة ضخمة على باب غرفة المعلمين في روضة لويندل، مكتوبة بأسلوب ينذر بالخطر.
[فترة إعداد امتحانات نهاية الفصل الدراسي. يُمنع دخول الأطفال]
ها قد اقترب موسم امتحانات نهاية الفصل بكل رهبتهِ.
التعليقات لهذا الفصل " 47"