– مرحبًا بكم في قصر روز. 

الفصل الثالث والأربعون

“همم، السيد الشاب أوتيس. شكرًا لك على…”.

“إن كان مجرد شكر، فهذا يكفي. هل يكفيكِ قول “شكرًا” و”آسف”؟”.

يا له من صبيٍّ كالقنفذ! حسنًا، في هذا العمر، كل شيء يبدو حادًا وشائكًا. أومأت راشيل برأسها. مع ذلك، عندما يجد أمرأة يُعجب بها في المستقبل، لا ينبغي أن يتصرف معها بهذه الطريقة.

في هذه الأثناء، أخرج آلان أوتيس شيئًا من جيبه، ووضعه على الطاولة بصوتٍ مكتوم.

“أشرحي.”

نظرت راشيل إلى الشيء المنتشر على الطاولة.

[يبدو أن روجيروز متورط في وفاة والدتي. أرجوك ساعدني.]

كانت الرسالة التي أخفتها تحت علبة المرهم. فركت راشيل راحتيها معًا. وأخيرًا، وصلوا إلى النقطة الرئيسية.

‘كما هو مذكور يا سيدي الشاب أوتيس. أعتقد أن روجيروز متورط في وفاة والدتي المفاجئة. مع ذلك، يبقى مجرد شك.”

“ما هو أساسكِ لهذا؟”

“وجدت وردة برتراند ملطخة باللون الأحمر في غرفة والدتي.”

“…”

تَقَشَّرَتْ تعابيرُ آلان. خفضتْ راشيل نظرها وتابعت.

“سمعتُ أن أمي بدأت تتصرف بغرابة في مرحلة ما. فجأةً، أصبحت تفوح منها رائحة الورد. و… كانت أمي تكره التبلل تحت المطر، لكنها خرجت للتنزه تحت المطر وغرقت حتى الموت.”

“ولماذا تعتقد أن هذا كان من فعل روجيروز؟”.

“عندما جاءت أمي إلى برتراند، أخبرتُ روجيروز عن علاقتنا. لم تكن علاقتي بأمي جيدة. وبعد ذلك بوقت قصير…”.

لقد تطلب الأمر شجاعة كبيرة لقول الكلمات التالية.

‘اعترف لي روجيروز، وقال إنه سيحقق جميع رغباتي إذا بقيت معه.”

“هاه! يا له من هراء!”.

سخرية آلان العالية جعلت راشيل تتراجع. قبضت على يديها بقوة.

“لذا، ظننتُ أنه ربما قتل أمي من أجلي. ومما لاحظتُ، يبدو أن روجيروز هو الوحيد ذو النفوذ الكبير في برتراند.”

بالكاد تمكنت من إنهاء شرحها. أسند آلان ذقنه على يده، غارقًا في أفكاره. نادته راشيل القلقة بحذر.

“اممم، السيد الشاب أوتيس…”

“أنتِ على حق.”

“اعذرني؟”

“شكوككِ صحيحة.”

مرر آلان يده بقوة خلال شعره، مما جعل شعره الذهبي الرقيق في حالة من الفوضى.

“لقد تواصل روجيروز والتر مع والدتك. من غيره يستطيع فعل ذلك؟”.

كان التعب العميق واضحا على وجه الصبي الشاحب.

“إنه هو الذي دفن عائلة أوتيس في هذا الجحيم المزدهر .”

“…”

فكان ذلك صحيحا.

خفضت راشيل نظرها. والمثير للدهشة أنها لم تكن مصدومة كما توقعت.

روجيروز والتر قتل والدتها. وربما تكون له صلة وثيقة بمأساة عائلة أوتيس الطويلة الأمد. كانت فرضيةً لطالما رغبت في إنكارها في قلبها. لكن عقلها تقبّلها بالفعل. تأكيد آلان جعلها تتقبل الحقيقة فورًا.

ضغطت راشيل على يديها المتشابكتين وسألت بهدوء.

“روجيروز والتر ليس مجرد معلم عادي، أليس كذلك؟”

“…”

“من هو حقًا؟ هل هو إنسان؟”.

لم يُجب آلان، بل حدّق بصمت في المذكرة على الطاولة.

بعد صمت طويل بدا وكأنه معركة إرادات، تحدث آلان أخيرًا بهدوء.

“روجيروز معجب بكِ. لذا ربما من الأفضل أن تتظاهري بالتوافق معه حتى انتهاء العقد ثم تهربين.”

“السيد الشاب أوتيس.”

‘برتراند هو ملكٌ لروجيروز وقيدٌ له. ليس لديه حريةُ طلبِ خادمٍ بعد انتهاءِ العقد. لا بدّ أن مكائده مع والدتكِ كانت تهدفُ إلى إثقالِ كاهلك.”

رفع آلان بصره. كانت عيناه الزرقاوان السماويتان، المليئتان بالظلمة الرمادية، تنظران إلى راشيل.

“بمجرد أن تسمعي الحقيقة، لن تستطيعي التراجع. خاصةً في حالتكِ. قد ينتهي بكِ الأمر بالغرق مع عائلة أوتيس. هل يمكنكِ تحمّل كل هذا؟”.

لم تتجنب راشيل عينيه، اللتين كانتا تفحصانها كأنها تبحث. بل ارتسمت على شفتيها ابتسامة مريرة.

“لقد فات الأوان بالفعل، أيها السيد الشاب أوتيس.”

“…”

“لقد توفيت والدتي بالفعل.”

في اللحظة التي توفيت فيها والدتها، اختفى طريق راشيل للخروج. لا، راشيل نفسها هي من دمرته. الآن، لم يتبقَّ لها سوى المضي قدمًا.

سأل آلان، الذي كان يراقب راشيل بصمت، فجأة.

“مجرد مجيئكِ لمقابلتي كان خطيرًا بما فيه الكفاية. ألا تخافين من هذا القصر؟ ما الذي تسعين لتحقيقه تحديدًا بالمخاطرة بحياتكِ هكذا؟”.

“اختيار بدون أي ندم.”

التقطت راشيل الورقة من على الطاولة. مسحت الحروف بأصابعها برفق.

“حتى الآن… كنتُ أشعرُ بندمٍ شديد. كان هذا الندمُ ينهشُني ببطء، ويجرُّني إلى مستنقعٍ لا نهايةَ له من البؤس.”

“…”

“إذا هربتُ الآن فقط لأحمي نفسي، فسأندم على ذلك طوال حياتي. لم أعد أرغب في ذلك.”

تنهدت راشيل بهدوء ورفعت رأسها. برزت عروق يد آلان المشدودة بإحكام. انتظرت راشيل حتى استجمع الصبي أفكاره. استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن ينطق أخيرًا.

“لا يوجد ما يضمن أن مواجهة الأمر مباشرةً ستُحسّن الوضع. بل على الأرجح ستزيده سوءًا. ماذا لو ندمتي على عدم الهروب عندما أتيحت لكِ الفرصة؟”.

“سيكون عليّ التعامل مع هذا الأمر. لكن كما تعلم، يا سيدي الشاب أوتيس، أجد أن ندمي على الأشياء التي لم أفعلها أعمق من ندمي على الأشياء التي فعلتها.”

لطالما كان الأمر كذلك. ندمت على عدم التحدث مع والدتها أكثر، وعلى عدم مواجهتها للسيد توماس الذي ضغط عليها لسداد المال، وعلى عدم اغتنامها فرصًا لا تُحصى تجنبتها خوفًا.

عندما كانت مستلقية على سريرها، كانت المشاكل التي اختارت عدم مواجهتها تتراكم حولها. كان كره الذات والشعور بالذنب يخنقانها.

الهروب لا يحل المشكلة أبدًا. المشاكل التي تجاهلتها كانت تعود دائمًا بشكل أو بآخر في النهاية.

لقد أدركت ذلك متأخرًا.

أخذت راشيل نفسًا صغيرًا والتقت بنظرة آلان أوتيس العدائية مباشرة.

“علاوة على ذلك، أمي ماتت. حتى لو كان الخصم ملكًا، ألا يجب عليّ على الأقل أن أبصق في وجهه؟”.

ارتعشت عينا الصبي، وانحنى كتفاه المشدودتان بشدة.

“…أنتِ على حق.”

ضحك آلان بمرارة، وشد يديه ورخاهما عدة مرات. كانت يداه، اللتان كانتا ممسكتين به بشدة لفترة طويلة، ترتجفان قليلاً. وتحدث مرة أخرى عندما بدأت علامات الأظافر على راحة يديه تتلاشى.

“لا أعرف تحديدًا من هو روجيروز والتر. أحد رؤساء عائلة أوتيس السابقين وصفه بأنه شيطانٌ خُلِقَ برغبةٍ بشرية.”

شبك آلان أصابعه وانحنى إلى الأمام.

‘هذا الرجل نادرًا ما يتحدث عن نفسه. القصة التي سأرويها لكِ هي شيء سمعته من والدي عندما كان لا يزال عاقلًا. ولا بد أنه سمعها من والده أيضًا. لذا قد لا تكون دقيقة تمامًا”.

“كل شيء على ما يرام. من فضلك أخبرني.”

“تبدأ القصة مع نيل أوتيس، أول رئيس لعائلة أوتيس.”

“كان هذا قبل أن يُعرف أوتيس باليد الذهبية. في أحد الأيام، بينما كان نيل أوتيس يُعاني من الفقر ويبحث عن طريقة لإنعاش عائلته، ظهر أمامه رجلٌ فاتنٌ.”

“قدّم الرجل نفسه باسم روجيروز.”

“عرض روجيروز تلبية رغبات نيل أوتيس مقابل مبلغ مالي. وافق نيل أوتيس، ومنذ ذلك اليوم، حقق كل مشروع قام به نجاحًا باهرًا.”

“وهذا السعر…”.

“لا أعرف. لم تُنقل طبيعة السعر بعد. على أي حال، استخدم نيل أوتيس الثروة التي جمعها لشراء برتراند. تزوج سيدة نبيلة، وأنجب ابنًا، وعاش حياة سعيدة. ثم عاد روجيروز للظهور.”

“وطالب روجيروز بسعر إضافي من نيل أوتيس.”

“وكان الثمن لا يتجاوز قصر برتراند وكل ما فيه.”

“حاول نيل أوتيس الرفض، ولكن كيف له أن يتغلب على كيان ذي قوى خارقة للطبيعة؟ في النهاية، وقع برتراند بالكامل في قبضة روجيروز. ومنذ ذلك اليوم، أصبح برتراند جحيمًا حقيقيًا.”

ربدأت هذه الظاهرة في الحديقة. نبتت الورود بين الزهور المنسقة بجمال. وانتشر عبير الورود الغني في أرجاء القصر.”

“هل تعرفين ورود برتراند؟ إنها مختلفة تمامًا عن الورود العادية، تلك الأشياء المرعبة.”

“نعم.”

“ورود برتراند يسكنها كائنات شبيهة بروجيروز، لكن من مرتبة أدنى. أحضرها روجيروز عندما استولى على القصر. الكائنات التي تجوب الممرات ليلًا هي تلك الكائنات.”

“سيطر الورد على أجساد الخدم، محوّلاً إياهم إلى كائنات مختلفة تماماً. من غمرهم عبير الورد، أصبحوا وحوشاً أعماهم الجنون.”

“وهكذا بدأت المأساة الطويلة للقصر.”

~~~

لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!

حسابي انستا: roxana_roxcell

حسابي واتباد: black_dwarf_37_