─────────────────────
🪻الفصل الخامس🪻
─────────────────────
“لقد لفّ تيفلون هارتر الضمادات حول جسدكِ بيديه. أكان زميلًا لكِ في يوم من الأيام؟ كنتُ أراقب المشهد من الجانب، وكدتُ أذرفُ الدموع ممّا رأيت!”
كان صوته يرتجف بنبرة خافتة وهو يفتح شفتيه متلعثمًا. حتى هذا الارتجاف كان يكرههُ بشدة، فتصاعدت حدة تصرفاته تدريجيًا. رفع الدلو الحديدي الذي يحمله وضرب رأس المرأة ضربة قوية.
“بالطبع، ذلك الرجل يتلهّف لانتزاع معلوماتٍ من فمك، لكن لا تتوقعي شيئًا من عاطفة الزمالة القديمة. كيف لعينين تراقبان زميلًا لم تره منذ زمن أن تكونا باردتين إلى هذا الحد؟ كان المشهدُ يثير القشعريرة حقًا.”
كان يتفوه بكلّ ما يخطر بباله دون تفكير، ثم ألقى بالدلو الحديدي بقوة على الأرض. أيقظ صوتُ الدلو وهو يتدحرج على الأرضية الصلبة صمتًا غريبًا. لمح اهتزازًا طفيفًا في عيني المرأة، اللتين لم تتزحزحا قط، فهتف بانتشاء:
“ما شعوركِ وأنتِ مقيدةٌ هنا، أسيرةُ يد خائن كان يومًا زميلًا؟ أودّ أن أعرف ما يدور في ذهن القناصة البارعة، لكن لا يمكنني فكّ قيد لسانكِ، أليس كذلك؟”
كلما ازداد اضطراب المرأة، ازداد هو جرأة. صوته، الذي كان يرتجف قليلًا، امتدّ بنبرةٍ واثقة، ولم يعد يتردد في الكلام.
“لم لا تصبحين كلبة لنا، مثل تيفلون هارتر؟ إن كنتِ ماهرة، ربما تُقدَّرين أسرع منه. وجهكِ الجميل وجسدكِ المغري قد يجذبان أحد الضباط بسهولة.”
عندما تبدد خوفه، وجد متسعًا لتأمل وجهها وجسدها. أنزلق بنظره ببطء ليتفحص ملامحها. كانت أجمل ممّا بدت في الصور التي حصلوا عليها من المخابرات. أمسك خصلة من شعرها، الذي كان ذهبيًا في الأصل، بيده.
هزت روزيتا رأسها بعنف كمن انتابها هياج. لم تطق النظرات القذرة والأيدي التي تلمسها، فقد كانت مقززة لا تُحتمل. لم تكن تتخيل أن عدم السماح لها بالموت سيثير فيها هذا الرعب. ارتجف جسدها وهي عاجزة عن تحمل ما تراه.
أمسكَ ذقنها بيده، رافعًا وجنتيها. كانت بشرتها المبللة بالماء ناعمة كالحرير. راقب بفرح عينيها اللتين ترتجفان كسماء صافية خالية من السحب.
لم يجد صعوبة في اكتشاف الكلمة التي أثارت ردّ فعلها. لقد كان يراقبها عن كثب حتى عندما كانت تواجه الرائد كابون. كانت هذه المرأة تفقد تماسكها كلما ذُكر اسم تيفلون هارتر. يبدو أن رابطة الزمالة بينهما، كأعضاءٍ في فرقة النخبة، كانت استثنائية.
قناصة تقطعُ أنفاس الأعداء من بعيد، ثم تندفع إلى قلب معسكر العدو؟ ربما تطوعت لذلك بنفسها، مما يعني أنها تحملُ ضغينةً عميقة.
لو رأت روزيتا تيفلون هارتر وهو يسردُ معلوماتٍ عنها بلا توقف، لربما أطلقت النّار عليه في الحال.
لكن ماذا عساها تفعل؟ ها هي مقيدة، مهانة، وطباعها النارية وعدم خضوعها لا يتركان لها خيارًا. لا بدّ من كسر عنادها تمامًا.
“ادخلوا جميعًا.”
دخل زملاؤه غرفة التعذيب. مهما كانت هذه القناصة استثنائية، فهي في النهاية امرأة. حان وقت الاستمتاع بردود فعلها الخام. خلع سترته العسكرية.
“ما الذي تفعله؟ لمَ تخلع ملابسك؟”
“لمَ تسألُ عن شيء واضح؟”
“لكن… يبدو أن الرائد كابون يبذل جهدًا لضمها إلى قواتنا. هل يمكننا التصرفُ بحرية؟ ألم يأمر الرائد هارتر بأن يتولى استجوابها بنفسه وينتظر؟”
“لقد ألغى الرائد كابون ذلك الأمر.”
لم يتردّد رغم اعتراضات زملائه. كان الضوء الخافت في يده يومض تارة وينير تارة أخرى.
“إذا قلنا إن هذا لرفع الروح المعنوية، فلن يهتم أحد.”
بدأ الجنود، الذين كانوا مترددين في البداية، يؤيدون رأيه تدريجيًا. حاولت روزيتا إخفاء خوفها بتحديق عينيها، لكنها لم تستطع كبح غريزتها. ارتجفت عيناها ويداها دون توقف.
“هذا مثير.”
“مجنونٌ كالعادة.”
ضحكَ أحد الجنود بصخب وهو يلتقط الدلو المرمي على الأرض. اقترب بخطوات ثقيلة أثارت صدى مخيفًا. بدأ قلب روزيتا يخفق بجنون.
حاولت روزيتا جاهدة ألا تفقد وعيها رغم الألم الناتج عن ضربة رأسها، لكنها أغمضت عينيها ببطء. لم تتحمل كل هذه السنوات وتتغلب على الصعاب لتواجه هذا المصير البائس مع هؤلاء الأوغاد.
“مملةٌ أكثر مما توقعت.”
“هيا، فلنفك الحبال.”
كانت لحظة تحريرها من القيود هي فرصتها الوحيدة. تظاهرت بالإغماء وبدأت ترسم خطة في ذهنها.
مسدس روزيتا موجود في زاوية الجدار الأيسر. ستدفع الرجل الذي يعترض طريقها، ثم تركلُ الطاولة المجاورة لتعيق رؤية الآخرين. بعد ذلك، ستندفع لالتقاط سلاحها. يتبقى سبع رصاصات، كافية لتفجير رؤوس هؤلاء الأربعة ولتبقى رصاصة إضافية.
كفى. الخطة مثالية. كل ما عليّ فعله هو الحفاظ على رباطة جأشي. إن أديتُ دوري جيدًا، سينجح كل شيء.
لقد تجاوزتُ لحظات أزمات أشد إلحاحًا من هذه. ظلت روزيتا تُشجّع نفسها بلا كلل، متمسكة بالصبر. أخيرًا، تحررت يداها وقدمايها من الحبال التي كبّلتهما. فتحت عينيها وانقضت على رقبة الرجل أمامها، عاضةً إياها بكل قوتها. كانت الضربة القاضية دقيقة وناجحة.
“أيتها المجنونة!”
“أمسكوها فورًا!”
ترنحت ساقاها وهي تندفع نحو الطاولة، لكنها تمكنت بصعوبة من استعادة توازنها ودفع الطاولة لتسقط. تناثرت الأوراق والأدوات التي كانت فوقها، مما أعاق حركة الجنود وأبقاهم عالقين. حتى الآن، كانت الأمور تسير وفق خطة روزيتا.
واصلت الجري متعثرة دون توقف. الآن، كل ما تحتاجه هو الإمساك بمسدسها. لكن جسدها، الذي ظل مقيدًا لساعات طويلة، انهار فجأة على الأرض. وبينما حاولت النهوض مستندة بيديها إلى الأرض، جُذبت رأسها إلى الخلف بقوة.
“أمسكتكِ! ستتعلمين درسًا لن تنسيه.”
صاح الرجل الذي ألقى بها أرضًا بغضب، مضغطًا عليها بكل ثقله.
“اخرج… من هنا…”
بصقت روزيتا في وجه الرجل الذي تسلق جسدها. أطبق على رقبتها بقوة، يخنقها بكل وزنه. حاولت خدش معصميه لتتحرر، لكن وعيها بدأ يتلاشى شيئًا فشيئًا.
تسللت أصوات الجنود الدنيئة وضحكاتهم إلى أذنيها. مدّت ذراعها بكل قوتها لتمسك برقبة الرجل، لكن مقاومتها العقيمة قُمعت بسرعة. داس أحد الجنود المتفرجين على يدها، مقيدًا إياها بالأصفاد.
حاولت العض بأسنانها، تهز رأسها يمنة ويسرة، لكنها لم تستطع مواجهة قوة الرجال الأصحاء.
تيفلون هارتر. تيفلون هارتر. تيفلون هارتر.
سأقتلكَ مهما كلفني الأمر.
لكن حتى هذا العزم القوي لم يستطع إبقاء وعيها. وبينما كانت عيناها على وشك أن تُغلقا، اختفى فجأة الثقل الذي كان يضغط عليها، وعاد تنفسها طبيعيًا. شهقت روزيتا وهي تلهث. الرجل الذي كان يخنقها ويسحق جسدها كان ملقى الآن في زاوية الجدار. كان الجنود الآخرون يرتجفون وهم راكعون على الأرض.
ما الذي حدث؟
لم يطل اللغز في ذهن روزيتا.
“يبدو أنكم تجرأتم على فعل هذا دون علمي. ألم تفهموا أوامري جيدًا؟”
التفتت روزيتا نحو الصوت المنخفض. كان هو. الخائن، تيفلون هارتر. كان ينظر إليها وهي ملقاة على الأرض. يد الجندي الذي داس على يدها كانت تسحق الآن تحت حذائه العسكري بلا رحمة.
* * *
امرأةٌ ممزقة الملابس ملقاة على الأرض، محاطة بأربعة جنود. ثيابهم العسكرية متناثرة حولهم. كان المشهد كافيًا لاستنتاج ما حدث. تفحصهم تيفلون هارتر واحدًا تلو الآخر، ثم زاد من ضغط ساقه.
“آه! سيدي الرائد!”
صرخ الجندي الذي داس على يده وهو يتلوى. لكن عيني تيفلون ظلتا مثبتتين على امرأة واحدة. امرأة مستلقية على الأرض، عاجزة عن النهوض، لكن عينيها تحملان رغبة ملتهبة بتمزيقه إربًا.
كانت روزيتا، التي لم تستطع تهدئة وجهها المتورم وتنفسها المتقطع، تستند بيد مرتجفة إلى الأرض.
راقبها تيفلون بعينين متيقظتين. سرعان ما انهارت ذراعاها المرتجفتان. كررت المحاولة مرات عدة دون جدوى، حتى انطوت على نفسها، كوحشٍ نائم داخل بيضة أمه.
─────────────────────
🪻سوالـــف🪻
لا تخافوا ترا ما صار شيء بس الملاعين كانوا ناويين عليها (눈_눈)
─────────────────────
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل ⭐ وترك تعليق لطيف 💬✨
حســاب الواتبــــاد:
أساسي: Satora_g
احتياطي: Satora_v
انستــا: Satora_v
───────────────
قوة الأرواح والقلوب ذكر الله علاّم الغيوب 🌱:
– سُبْحَانَ اللَّه 🪻
- الحَمد لله 🪻
- لا إله إلا الله 🪻
- الله أكبر 🪻
- لا حَول و لا قوة إلا بالله 🪻
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَأَتُوبُ إِلَيْهِ 🪻
– لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 🪻
– الْلَّهُم صَلِّ وَسَلِم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد 🪻
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
في مشكلة حالياً في الموقع تتعلق بأرشفة الفصول الجديدة بعد نشرها، وراح يتم حلها قريباً إن شاء الله.
وكإجراء احتياطي نرجو منكم الاحتفاظ بنسخة من الفصل بعد نشره على الأقل لمدة يومين أو ثلاثة أيام، لو صار أي خلل مفاجئ.
كما نوصي بمراجعة الفصل المنشور خلال هذه الفترة للتأكد من ظهوره بشكل سليم، ومن عدم حدوث أي خلل تقني أو أرشفة خاطئة.
نعتذر عن الإزعاج، وشكراً على صبركم وتعاونكم الدائم
— إدارة الموقع Hizo Manga
التعليقات لهذا الفصل " 5"