كان جسده يغلي و يتدفق العرق منه بغزارة. حاول استيعاب الموقف ، لكن رؤيته كانت ضبابية ، و حواسه مختلطة ، فلم يستطع تحديد مكانه ، بل ولا حتى معرفة إن كان واقفًا أم مستلقيًا.
“من يجرؤ …!”
لم يتمكن كازان من إكمال جملته.
شعر بلمسة يد تربت على كتفه كما لو كانت تهدئه ، فقفز واقفًا فجأة ، ثم أمسك رأسه وهو يتأوه.
“اهدئ ، لا بأس. يا عزيزي”
“ساري؟”
على الرغم من الصوت المضطرب كما لو كان تحت الماء ، تمكن كازان من فهم الكلمات بطريقة ما ، و نظر إلى الشخص الجالس بجانبه بعينين مقطبتين.
لم يستطع تمييز الأشياء بوضوح ، و كل ما استطاع إدراكه هو لمحة من اللون البلاتيني المتلألئ على المرأة.
كان هذا لون يساريس.
صوتها و عطرها وصلا إليه متأخرين خطوة.
“كنتَ مرميًا فاقدًا للوعي في غرفة تبديل الملابس ، فأحضرتكَ إلى غرفة خالية بجوارها …”
“اهربي.”
“ماذا؟”
ابتلع كازحان اللعاب المتراكم في فمه ، و هو يطبق على أسنانه بقوة.
بمجرد أن أدرك وجود يساريس ، اندفعت الحرارة في جسده ، مشتعلة كالنار.
كانت هذه رغبة غير طبيعية ناجمة عن موقف غير طبيعي.
الحرارة الزائدة في جسده كادت تدفعه إلى الرغبة في التدمير، فاستعاد يده التي كادت تمتد دون وعي، وهو يقبضها بقوة.
“الآن، اهربي مني. فورًا.”
“لماذا؟”
“لأنني لا أعرف ماذا قد أفعل بكِ.”
“حقًا؟”
“نعم، لذا …!”
اتسعت عينا كازان.
توقف عقله للحظة، غير قادر على استيعاب الموقف.
الإحساس الناعم الذي شعر به على شفتيه بدا غير واقعي.
“يبدو أنكَ بحاجة إلى المساعدة ، يا عزيزي”
تزلزل عقل كازان عندما همست المرأة بكلامها المغري بعد أن أبعدت شفتيها. عيناه الحمراء المشوشة ، ربما بفعل دواء أو شيء آخر، فقدتا التركيز أكثر.
“افعل ما تشاء. أنا زوجتكَ ، أليس كذلك؟ سأتقبل كل شيء بسرور.”
“ساري …”
“نعم، يا كاين. أنا ساري الخاصة بكَ. لذا … آه!”
لم ينتظر كازان أكثر، ودفن وجهه في عنق المرأة.
“لا داعي لهذه العجلة!”
لم تنفع محاولات المرأة لتهدئته.
‘هكذا إذن. يجب أن ترغبني بهذا اليأس.’
ضحكت رونيليا، التي كانت تتظاهر بأنها يساريس ، في داخلها. رغم أن رغبته كانت موجهة للإمبراطورة وليس لها ، لكن ما الفرق؟
كانت واثقة أنه إذا نجحت في حمل نسل الإمبراطور ، ستتمكن من إزاحة الإمبراطورة التي لا تملك سوى جمالها، و سيصبح العالم ملكها.
على عكس تشيرنيان ، الذي يُعتبر مختلطًا ، كانت رونيليا واثقة من أنها ستنجب طفلًا أسود الشعر من سلالة تينيلاث النقية.
“يا عزيزي، ستعانقني بحنان، أليس كذلك؟”
بحسب دوق باريليو ، لن يتذكر الإمبراطور أي شيء عن هذا اليوم. لذا، فكرت أن أي تصرفات فاضحة معه لن تكون مشكلة.
“… لكن”
في تلك اللحظة، سمع صوتًا منخفضًا وخشنًا.
رونيليا ، الّتي أُمسِكَت يدها ، نظرت إليه.
كانت هناك عينان حمراء بلا بريق تحدقان بها.
“من أنتِ؟”
“…!”
اضطربت رونيليا للحظة، لكنها لاحظت أن عيني كازان لا تزالان مشوشتين، فحاولت التصرف بطبيعية.
بما أن وجهها لم يتغير، لو كان يرى بوضوح، لما سأل عن هويتها، فلم يكن هناك داعٍ للخوف.
“من أكون؟ أنا يساريس!”
“لا، أنتِ مزيفة.”
“لماذا تعتقد ذلك؟ أنا يساريس ، يا عزيزي!”
“يبدو أنكِ لا تنوين التحدث.”
أمسك كازان بعنق المرأة بقوة. بينما كان يسمع صوت اختناقها، كانت أفكاره في مكان آخر.
كان السبب وراء قدرته على تمييز الشخص رغم الحرارة الجامحة والحواس المختلطة بسيطًا.
لم تكن هذه يساريس التي عانقها عشرات، بل مئات المرات.
ردودها، تصرفاتها، كلماتها، كلها لم تكن كما تتصرف يساريس.
في البداية ، ارتبك ، لكن كلما لمس جسدها، ازداد يقينه.
هذه المرأة ليست يساريس.
حتى خاتم الزواج الخاص بهما لم يكن على إصبعها اليسرى.
إذن …
“أين ساري؟ هل آذيتِها؟”
“أنا، آه! أنا يساريس!”
“يبدو أنكِ لا تفهمين.”
“لماذا لا تصدقني، آه!”
بوم-!
ألقى كازان بالمرأة بعنف على الأرض. لم يضيع وقتًا معها، سواء كانت فاقدة للوعي بعد ارتطام رأسها أم لا، وقام من مكانه ليبحث عن يساريس ولو لثانية واحدة.
“آه …”
تعثر كازان بعد خطوتين، ممسكًا برأسه.
مع استمرار اضطراب رؤيته، تنفس بعمق وركز كل حواسه على قدميه الملامستين للأرض، ثم بدأ يتحرك مجددًا.
ثلاث خطوات. سبع خطوات. عشرون خطوة.
تغلب على عدة لحظات كادت تُسقطه، وتكيف تدريجيًا مع حواسه المضطربة، حتى وجد الباب وخرج من الغرفة.
كل ما استطاع رؤيته هو ألوان ضبابية، لكنه حاول تمييز الأشكال وهو يتجول في الممر.
* * *
“أين هذا المكان؟”
نظرت يساريس حولها في الممر بإحباط.
كانت قد خرجت بحماس للبحث عن كازان ، لكنها ضلت طريقها وأصبحت تائهة.
لم تكن هناك مشكلة حتى وصلت إلى غرفة تبديل الملابس التي زارها كازان. سألت خادمة بالقرب من قاعة الاحتفال فدلتها على الطريق.
لكن خطأها كان أنها أرسلت الخادمة بعيدًا بعدما تأكدت من أن غرفة التبديل خالية، وقررت استكشاف المكان بمفردها.
أدركت لاحقًا أنها أخطأت عندما تركت الخادمة تذهب، لأنها كانت تحمل شيئًا في يديها.
“ربما شربتُ أكثر من اللازم …”
كان عليها رفض الشراب من منتصف الحفل.
وضعت يساريس يدها على خدها الدافئ وتنهدت.
رغم أنها قضت أشهرًا في القصر الإمبراطوري، كانت تحركاتها تقتصر على زيارة كازان و مايكل فقط، فلم تكن تعرف طرق قاعة الاحتفال، وشعرت بالندم على تسرعها.
“…ومع ذلك، لم أتوقع أن يكون المكان خاليًا من الخدم إلى هذا الحد.”
كانت قاعة الاحتفال القريبة مزدحمة، لكن بعد بضع منعطفات في الممرات، لم ترَ ولو نملة واحدة.
لم تكن تعلم أن هذا كان بسبب قاعدة غير معلنة للسماح للنبلاء بإجراء لقاءات سرية في الغرف القريبة.
‘محرج.’
وقفت يساريس عند مفترق طرق آخر، مقطبة حاجبيها، ثم اختارت الطريق الأيمن.
دون أن تدرك أنها تبتعد أكثر عن قاعة الاحتفال، دخلت ممرًا منعزلًا، حيث سمعت أنينًا خافتًا.
“آه…”
“…!”
هرعت يساريس في الطريق، وانعطفت مرة أخرى.
اتسعت عيناها عندما رأت المشهد.
“كاين!”
“سا-ري؟”
كان كازان يستند إلى جدار الممر، راكعًا على الأرض، يتصبب عرقًا، وبالكاد رفع رأسه.
كانت ملابسه شبه ممزقة، وعيناه غير مركزتين، وجسده محمر كما لو كان يغلي، فصرخت يساريس مذهولة.
“يا إلهي، ماذا حدث؟”
“الغرفة … إلى الغرفة.”
بدت كلماته متقطعة، وكأنه بالكاد يستطيع التحدث.
سارعت يساريس لدعمه، ودخلا إلى أقرب غرفة مفتوحة.
لكن بمجرد إغلاق الباب، دفعها كازان إلى الحائط.
“كاين؟”
لم يرد على ندائها المذهول. دفن وجهه في عنقها، يتنفس بصعوبة وصوت أنفاسه مرتفع.
‘ساخن جدًا.’
ارتعدت يساريس من حرارة أنفاسه على جلدها.
حاولت دفعه دون تفكير، لكنها توقفت خوفًا من أن تؤذيه، وبدلًا من ذلك ربتت على ظهره.
“يا عزيزي، هل أنتَ بخير؟ استلقِ على السرير قليلًا. سأحضر الطبيب فورًا.”
“…ساري.”
“نعم، يا كاين. أنا هنا.”
“ساري.”
“نعم، يا كاين. هل تشعر بألم شديد؟”
“ساري …”
“…!”
أدركت يساريس أن كازان ليس في وعيه.
لولا ذلك ، لما تجرأ على العبث بفستانها دون إذنها.
“لحظة، كاين، آه!”
ارتجفت يساريس عندما عض عنقها بقوة مؤلمة.
‘ليس هذا هو الرجل الذي أعرفه. حتى لو كان تحت تأثير دواء، لم يكن ليتجاهل رأيي.’
تاهت يساريس ، غير عارفة كيف تتصرف أمام تصرفات زوجها الوحشية، ثم دفعته بكتفيها بقوة.
عندما لم يتحرك، داست على قدمه وصاحت بحرقة: “من فضلك، استعد وعيكَ، يا كاين!”
توقف كازان فجأة، كما لو أنه استعاد عقله.
ظنت يساريس ذلك، لكنها أدركت خطأها سريعًا.
“ساري ، لا… ترفضيني”
رفع رأسه ببطء، وعيناه الحمراء المغطاة بالدموع بدتا كعيني مجنون.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 61"