راقب كازان يساريس و دوق و دوقة بليك من مسافةٍ قريبة.
ضحكاتهم المرحة وهم يتبادلون الحديث الشيّق لم تتوقّف.
كان يرغب في الانضمام إليهم، لكنّه أدرك أنّ ذلك قد يُفسد الأجواء، فاختار دور المراقب. كان يجد متعةً في رؤية يساريس تشعر بالراحة في قفصها الجديد.
“كانت رقصةً مبهرة، جلالتك.”
“دوق باريليو.”
استدار كازان عند سماع صوتٍ مألوف. كعادته، وقف جيفكين بملابس أنيقة وأدّى التحيّة باحترام.
“لقد أذهلت مهارة جلالتك في الرقص الجميع. من حسن الحظّ أنّنا رأيناها أخيرًا.”
“ما شأن الرقص؟ ألا ترقص أنت؟”
“أنا بخير. ليس لديّ شريكٌ مناسب أرغب في مشاركته الرقص.”
أومأ كازان برأسه موافقًا. هو نفسه لم يرقص مع أحدٍ سوى يساريس ، ففهم مشاعر جيفكين.
تبع جيفكين نظرات كازان نحو يساريس ، ولاحظ تفاعلها الودّي مع دوق ودوقة بليك، ثمّ قال بهدوء: “يبدو أنّ جلالة الإمبراطورة تكيّفت مع المكان أسرع ممّا توقّعت. ربّما كان فقدان ذاكرتها أمرًا إيجابيًا.”
“اخفض صوتك. هذا ليس موضوعًا مرحّبًا به.”
“أعتذر عن الوقاحة.”
“سأغفر لك. لكن احترس في المستقبل. حتّى لو كنتَ أنت، هناك خطوطٌ لا يجب تجاوزها.”
“حسنًا، جلالتك.”
أومأ جيفكين بطاعة و اعتذر. بدا كالخادم المخلص ، لكن عينيه الرماديّتين، المختبئتين عن الأنظار ، برقتا ببرود.
كان يكره يساريس لهذا السبب.
كراهيته لها كانت بسبب إعاقتها لتينيلاث بعد استيقاظ قدراته، وإبعادها له عن أولويّات الإمبراطور، وحتّى لكونها من سلالة تشيرنيان الهجينة.
‘كان يجب أن أقتلها بدلاً من محو يومٍ من ذاكرتها.’
نظر جيفكين إلى يساريس، التي دمّرت لوحته المثاليّة، ثمّ أشاح بنظره.
كان قد فات الأوان لاتخاذ إجراء مباشر، لكنّه كان يجمع أوراقه واحدةً تلو الأخرى، مقتنعًا بأنّه سيُزيلها من طريقه يومًا ما.
“بالمناسبة، لم أتوقّع أن تفرض قيودًا على الحديث في احتفال ترحيبي بالإمبراطورة و الأمير. بدا النبلاء مضطربين بشكلٍ مضحك.”
“لا أريد أن تعرف ماضيها. مثل هذه المناسبات مثاليّة لتسرّب الكلام.”
منذ البداية، كان الاحتفال مجرّد عرضٍ لإظهار تغيّر مكانة الإمبراطورة، والإعلان عن وجود الأمير. لهذا، تجنّب بعض النبلاء الذين أساؤوا إليها سابقًا الاقتراب منها، خوفًا من أن تستعيد ذاكرتها وتتذكّر أخطاءهم.
معظم من أهانها بشكلٍ مباشر تمّت تصفيتهم في أيّام جنون الإمبراطور، لكن البعض نجا، وكانوا يرغبون الآن في إصلاح العلاقات.
في نظر كازان ، لم يكونوا يستحقّون حتّى هذه الفرصة.
“على أيّ حال، إنّه يومٌ سعيد، فلنشرب نخبًا.”
“نعم، يومٌ سعيد. اشرب أنت أيضًا، دوق.”
أخذ كازان و جيفكين كأسين من صينيّة خادومٍ عابر.
بعد حديثٍ قصير ، انفصلا.
تحقّق جيفكين من ساعته بعد مغادرته.
مرّت ثلاثون دقيقة منذ أن وضع الدواء في كأس الإمبراطور.
في اللحظة المحدّدة، اندلع اضطرابٌ في القاعة.
تشانغ-!
“آه … أعتذر! أعتذر! شخصٌ ما دفعني …”
“ها.”
تجمّدت الأجواء بنبرة تذمّرٍ منخفضة. شحب وجه الخادوم الذي أسقط صينيّته على الإمبراطور بعد تعثّره.
“أرجوك ، ارحمني … لم يكن ذلك عمدًا، جلالتك. أقسم!”
“وهل هذا يهم؟ المشكلة أنّكَ سكبت الخمر عليّ.”
“أرجوك ، ارحم حياتي!”
ارتجف الخادوم أمام كازان بشدّة.
خوفًا من الطاغية الذي قد يُشهر سيفه في أيّ لحظة، تدخّل صوتٌ قلق: “عزيزي، هل أنتَ بخير؟ الكأس تحطّم، ألم تُصب؟”
“يساريس.”
كان كازان يتحسّس خصره عادةً بحثًا عن سيفه، لكنّه تذكّر أنّه في قاعة احتفال، فتراجع عن قراره القاسي وهزّ رأسه.
“أنا بخير. لكنّ ملابسي ابتلّت، سأحتاج إلى تغييرها.”
“من الأفضل أن ترى لابيرو أيضًا. إذا كنتَ مصابًا، استرح.”
“هذا احتفالكِ، كيف أغيب؟ سأعود سريعًا.”
“كنتُ أنوي المغادرة مبكرًا على أيّ حال. شعرتُ بدوخةٍ بعد شرب الخمر.”
“شربتِ خمرًا؟”
تحوّلت نظراته الحمراء نحو دوق و دوقة بليك.
رفع تيمسيان يديه كمن أُلقي القبض عليه، فتضيّق جبين كازان.
“دوق بليك.”
“كح ، كح. أردنا أن نساعد جلالة الإمبراطورة على الاستمتاع بالاحتفال … لا داعي للقلق، سأتولّى أمر هذا الخادوم. اذهب وغيّر ملابسكَ بسلام.”
“حسنًا. سأحاسبكَ لاحقًا.”
تجاهل كازان تيمسيان و نظر إلى يساريس.
كان وجهها متورّدًا قليلاً، لكنّ نطقها ووقفتها بدتا طبيعيّتين، فلم تبدُ مخمورة.
“إذا شعرتِ بالتعب، عودي للراحة. لا حاجة للبقاء طويلاً لأنّه احتفالكِ. فكّري أيضًا في إرسال مايكل إلى قصر وليّ العهد”
“لا تقلق عليّ، واهتم بنفسكَ أولاً. من يراكَ سيظنّ أنّني من سُكب عليها الخمر.”
“مم.”
نظر كازان إلى ملابسه المبلّلة و أومأ برأسه.
“إذن، سأعود قريبًا.”
***
دخل كازان غرفة تغيير الملابس بدلاً من العودة إلى غرفته البعيدة. كانت الغرفة مجهّزة بملابس متنوّعة لمثل هذه الحالات.
كليك-!
دخل غرفةً مكتوب عليها “ملابس رجاليّة” ، حيث رُتّبت ملابس احتفاليّة فاخرة و أخرى بتصاميم فريدة حسب المقاسات. اختار كازان واحدةً بعينيه ، لكنّه شعر بشيءٍ غريب لحظة خلعه لمعطفه.
طنين-!
“ما …”
فجأة، انقلبت الدنيا. تلاشت حواسه للحظة ثمّ عادت.
ألقى بالملابس و اتّخذ وضعيّة دفاعيّة ، لاحظ دخانًا يتصاعد من حوله. رأى أيضًا ضوءًا خافتًا ينبعث من السجادة.
“دائرة سحريّة؟”
‘إنّه فخ.’
شعر بالخطر و حاول مغادرة الغرفة ، لكنّ الباب ، الذي أُغلِق من تلقاء نفسه ، لم يتحرّك. لم يكن مجرّد قفلٍ عادي ، إذ بدا أنّ الباب محميّ بسحر.
“اللعنة!”
بانغ-! ، بانغ!
حاول كازان دفع الباب بقوّة ، لكنّه لم يتزحزح. بدا و كأنّه محميّ بسحر يصدّ أيّ محاولة للاقتراب.
“من الذي …”
أمسك رأسه المؤلم و تعثّر. لم يكن الألم هو المشكلة ، بل التشوّش في حواسه جعل التوازن صعبًا.
ثمّ سقط على ركبةٍ واحدة، وأحاط به الدخان الكثيف.
مع استنشاقه للدخان، بدأت عيناه تصبحان ضبابيّتين.
***
“تأخّر قليلاً.”
في لحظة هدوءٍ بين الأحاديث المرحة، تحدثت يساريس فجأة.
رغم عدم ذكرها للاسم، فهمت فرنيسير و قالت بقلق: “الآن وقد ذكرتِ، لقد غادر منذ فترة … ربّما يزور الطبيب بسبب إصابة؟ لم أشمّ رائحة دماء، لكن …”
“أو ربّما ظهر أمرٌ طارئ. جلالة الإمبراطور مشغولٌ دائمًا، أليس كذلك؟”
“لكن لا أظنّه سيترك هذا الاحتفال. فهو يهتمّ بجلالة الإمبراطورة كثيرًا.”
“صحيح، أنا نفسي لا أستطيع ترك زوجتي وحدها. هذا يبدو غريبًا.”
نظرت يساريس إلى باب القاعة. مع مرور الوقت ، كان الناس يغادرون دون أن يدخل أحد، فبدأ القلق يتسلّل إليها.
‘قال إنّه سيغيّر ملابسه فقط، فهل حدث شيء؟’
بدت فكرة القلق على الإمبراطور في وسط القصر سخيفة ، لكنّها لم تستطع التوقّف عن التفكير. كان لديها إيمانٌ غريب بأنّ كازان سيفي بوعده لها.
ألم يكرّر أنّه سيعود حتّى بعد طمأنتها بأنّها بخير؟ كان طبيعيًا أن تقلق لعدم عودته.
“سأذهب للاطمئنان. هل يمكنكما اصطحاب مايكل إلى قصر وليّ العهد؟”
“اتركيه لنا. سنأخذه بأمان.”
“شكرًا ، دوق. ودوقة. بفضلكما ، استمتعتُ اليوم”
“نحن أيضًا استمتعنا. عودي بسلام، جلالة الإمبراطورة”
غادرت يساريس القاعة تاركةً وداع دوق و دوقة بليك خلفها.
مع مقاعد الإمبراطور و الزوجة الثانية الفارغة ، غادرت الإمبراطورة أيضًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 60"