فتحت يساريس عينيها على صوت فرنيسير الذي فقد هدوءه المعتاد.
نظرت إلى السقف بتعبير شارد، ثم خفضت بصرها لترى امرأة شاحبة الوجه مليئة بالقلق.
“دوقة بليك.”
“أنا آسفة جدًّا. نجحت في ربط الممرّ، لكن لسبب غير معروف لم أستطع الدخول. بدلًا من ذلك، دخلتِ أنتِ، جلالتك، لأنّك متّصلة بي. حاولت العودة إلى وعي جلالة الإمبراطور، لكنّني كنت أُطرد كما لو أنّ حاجزًا يمنعني …”
استمعت يساريس إلى شرح فرنيسير المشوّش وهي ترمش بهدوء.
لم تكن تعلم أنّ كازان، الذي أيقظ قدرات عشيرة الليل بالكامل، أصبح محصّنًا ضدّ القدرات الذهنيّة، لكنّه فتح وعيه لها دون وعي.
كلّ ما أدركته بشكل غامض هو أنّه كان يتوق إليها باستمرار.
“في النهاية، لم أستطع سوى الانتظار. أنا محرجة حقًّا. لكن، هل أنتِ بخير؟ لم يمرّ سوى عشر دقائق، وكنت أراقب حالتك، لكن لو تأخّرتِ أكثر لما عرفت ماذا أفعل”
“عشر دقائق؟”
تساءلت يساريس، إذ تذكّرت أنّها قضت ساعات في التجوّل والحديث. فجاء الجواب من الخبيرة: “نعم، جلالتكِ. يبدو أنّكِ قضيتِ وقتًا أطول هناك. عالم الأحلام له تدفّق زمني مختلف عن الواقع.”
“فهمت.”
رغم أنّها وجّهت ردّها إلى فرنيسير، كانت أفكار يساريس في مكان آخر.
كم من الوقت بقيتَ وحيدًا هناك؟ ممسكًا بصورتي الجامدة التي لا تتحرّك ولا تتكلّم، معتبرًا إيّاها جنّتك الوحيدة، مكرّرًا فعل الإستلقاء مرّات لا تحصى.
كيف يمكنني مواجهتك الآن؟
مدّت يساريس يدها بصمت.
وضعتها على صدر كازان الأيسر، وهو مستلقٍ بجانبها على السرير، كما لو كانت تتحقّق من نبضه.
“بالمناسبة، جلالة الإمبراطور …”
“هل يمكنكِ الانتظار خارجًا قليلًا، دوقة؟”
توقّفت فرنيسير.
أمام نبرة يساريس الهادئة بشكل غريب، استقامت وقدّمت التحيّة بأدب.
ظلّا ينظران إلى بعضهما دون كلام، كما فعلا في نهاية العالم المنهار.
كان كازان أوّل من تحرّك.
شعر بثقل يدها ودفئها ورائحتها على صدره، ثم وضع يده فوق يدها.
مسحها بلطف، أمسكها بهدوء، ثم عقد أصابعه مع أصابعها.
تحت نظرات ساري التي سمحت له بفعل ما يريد، تذوّق كازان يدها ثم قال بعفويّة: “حقيقيّة.”
“وهل كنتَ تظنّني مزيّفة؟”
نظرت عيناه الحمراوان إلى وجه يساريس، التي كانت تحدّق به.
دعاها بصوت منخفض: “يساريس.”
“نعم، كازان.”
لم يقل شيئًا آخر. فقط ظلّ ينظر إليها، مكرّرًا نفس الفعل.
“يساريس.”
“نعم، كازان.”
كان ردّها متطابقًا. أمالت رأسها كإشارة إلى أنّها تستمع، فناداها مرّة أخرى كما لو كان في تدريب إعادة تأهيل.
“يساريس.”
“اذهب و اغسل أسنانك، وسأقبّلك”
توقّف كازان.
اتّسعت عيناه وتوقّف تنفّسه.
وهو ينظر إلى يساريس الهادئة، أدرك فجأة أنّ كلامها جادّ.
“إذا لم تسمعني، فاعتبرها لم تحدث …”
قبل أن تكمل يساريس، رفع كازان جسده وعانقها.
شعر بيساريس الحقيقيّة، لا وهمًا أو حلمًا مليئًا بالكوابيس، تستسلم في أحضانه، فاستغرق عقله لحظات ليعود إلى العمل.
“أحبّكِ.”
كانت هذه أوّل كلمة خرجت، اعتراف مفاجئ بلا مقدّمات.
كانت مشاعره تفيض دون ترتيب، كأنّها تنسكب من قلبه.
“أحبّك، يساريس. اشتقت إليكِ. أنا ممتنّ و آسف. أنا …”
أنا خائف.
ما زلت خائفًا.
خائف أن تتركينني مجدّدًا.
خائف أن يتحوّل هذا إلى كابوس آخر.
لو استيقظتُ ولم تكوني هنا، ربّما كنتُ سأموت.
العيش بدونكِ صعب جدًّا.
أحبّكِ.
يقولون إنّ الناس يمكنهم العيش بعد الانفصال، فلماذا لا أستطيع؟
آسف لأنّني لا أستطيع التخلّي عنكِ.
لكنّكِ تعلمين.
أنتِ عالمي.
أنفاسي، شمسي، كلّ ما يشكّلني.
سأستغلّ شعوركِ بالذنب والشفقة لأبقى بجانبك.
سأكون عبئًا تظلّين تحملينه مدى الحياة.
أو ربّما سأحتجزكِ بالقوّة.
أنتِ مسؤولة.
أنتِ من أيقظتني.
كنتُ راضيًا بحلم أبديّ أحتضنكِ فيه.
أخاف من المستقبل الذي لم يأتِ.
هل سأدمّركِ مجدّدًا؟
هل ستغفرين لي؟
هل ستهربين منّي في النهاية؟
هل يمكننا أن نكون سعداء مجدّدًا؟
“كازان.”
اخترق صوت يساريس أفكاره المضطربة.
ربّتت على ظهره بدفء.
“لقد كان طريقًا طويلًا، أليس كذلك؟ تجوّلنا الطويل.”
كأنّها سمعت كلّ ما لم يستطع قوله، قدّمت يساريس التعزية.
في الحقيقة، كان ذلك أقرب إلى اعتراف بمشاعرها.
عانقت الرجل الذي يرتجف في أحضانها، ونظرت إلى السقف.
“اشتقت إليك أيضًا. أنا ممتنّة وآسفة بالتأكيد. لا أحبّك كما كنت من قبل، لكن من يدري؟ ربّما هذا الشعور الذي يربطني بك يمكن أن يُعرّف بالحبّ بحسب البعض.”
أجابت يساريس على كلّ كلمة قالها كازان بإيجاز.
كانت نبرتها الصادقة تحمل أكثر من مجرّد تهدئة له.
“قلتُ من قبل إنّ لكلّ شعور مدّة محدّدة، والوقت يحلّ الكثير. قد لا ينطبق ذلك دائمًا ، لكنّ الجروح تُشفى بالتأكيد … الآن، لا أشعر بالرفض عندما أكون قريبة منك”
لذلك، استطاعت يساريس أن تعانق كازان براحة أكبر.
بل إنّها عانقته بقوّة أكثر منه، هو الذي بدا وكأنّه سيعتصرها لكنّه اكتفى بلمسة خفيفة.
“لدينا الكثير لنفعله معًا في المستقبل. تربية الأطفال، حكم أوزيفيا. يجب أن نعيد تقسيم المهام. أنت تأخذ أعمال الإمبراطور، وأنا أعمال الإمبراطورة. أخيرًا، سنصبح زوجين إمبراطوريّين طبيعيّين، أليس كذلك؟”
رغم النبرة المرحة، لم يأتِ ردّ.
كانت يساريس تتوقّع ذلك، إذ كان الرجل الذي لا يبدو أنّه سيذرف دمعة أو قطرة دم يبلّل كتفها منذ قليل.
لذا، بدلًا من لومه، واصلت ساري الحديث بنبرة دافئة: “لم ترَ بعد كم كبر مايكل، أليس كذلك؟ ستُفاجأ عندما تراه. مقارنة بكاسيليا، نموّه بطيء، لكنّك تعرف طفولته. لقد أصبح ضعف حجمه، قد لا تعرفه.”
“كيف لا أعرفه؟ مايكل يشبهك تمامًا”
“وكاسيليا، أيّ شخص سيقول إنّها ابنتك.”
ضحكت يساريس بخفّة.
مسحت ببطء من مؤخّرة رأس كازان إلى رقبته ، كأنّها تهدّئ صوته المنخفض.
“رغم أنّ العمليّة كانت صعبة، لكن بما أنّ كاسيليا أيقظت قدرات تينيلاث، لن نضطر للقلق بشأن من سيرث العرش.”
“تفكّرين في هذا بالفعل؟”
“بفضل شخص ما، اعتدت على التعامل مع أعمال الإمبراطور طوال اليوم.”
“إنّه خطأي.”
“أليس هناك فوائد أيضًا؟ أصبح لديك رأس إضافي لتقاسم هموم الإمبراطور.”
“لم أكن أتوقّع أن تصبحي مستشاري أيضًا.”
بالنسبة لأشخاص مرّوا بتجربة كبيرة، تحولت المحادثة إلى حديث يوميّ بسلاسة.
هدأت العواطف المضطربة بفضل الكلام العادي.
ففي النهاية، لم تكن سنوات معرفتهما ببعضهما قصيرة.
واصلت يساريس مع كازان تبادل الأحاديث الخفيفة.
كأنّ علاقتهما لم تواجه كارثة يومًا.
ثم رفع كازان رأسه وناداها: “يساريس.”
“نعم، كازان.”
كان الأمر كما لو أنّه استيقظ لتوّه من نوم عميق.
نظر إليها طويلًا، ثم جمع كلّ مشاعره وضغطها ليخرجها في كلمات: “أحبّكِ.”
كانت نفس الكلمة، لكن بصوت أكثر تهذيبًا.
نظرت يساريس إلى عينيه الحمراوين الثابتتين رغم العواصف العاطفيّة داخلهما.
ربّما سيستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتّى تردّ ساري مشاعره بنفس القدر.
وربّما لن يتساوى ميزان مشاعرهما حتّى بعد عمر كامل، فمشاعر كازان كانت ثقيلة وعميقة جدًّا.
لكن هذا المشوار لموازنة المشاعر هو جزء من تكوينهما كزوجين.
“سأحبّكَ أيضًا”
تعهدت يساريس بالجهد بكلّ سرور ، كما فعل كازان من أجلها.
<نهاية القصة الرئيسية>
~ اكتملت القصة الرئيسية للرواية بالفصل 151
بالنسبة للي يقرونها من الانجليزي و شايفين انها هناك 301 بعدد الفصول، فالانجليزي بيقسم الفصل الواحد لجزئين لهيك عدد الفصول عنده كثير.
– باقي 10 فصول جانبية للرواية و بتكون انتهت بالكامل بـ 161 فصل بالضبط. رح انشر الفصول الجانبية بقناة التلي (الرابط بالتعليقات) حالـــــيًا و بعدين بهيزو 🕊🤍
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 151"