“سأفعل أي شيء. لا أعرف إن كنتَ لا تزال بحاجة إليّ، لكن إذا أردتَ، يمكنني العودة إلى القصر والعيش هناك.”
افترضت يساريس أن كازان يطالبها بثمن. لم تكن في حالة عقليّة تمكّنها من التفكير بمنطقيّة، لكن تحيّزاتها تجاهه جعلتها تعتقد ذلك.
كان أمرًا بائسًا ومقززًا.
أن تضطر لدفع ثمن لزوجها لإنقاذ ابنتها.
شعرت يساريس بالغضب يغلي داخلها وهي ترى كازان يحدّق بها بهدوء، كأنه لا يهتم بكاسيليا. ردّه الهادئ المفرط أثار غضبها أكثر.
أرادت أن تمسك برأسه وتصرخ: “أتُسمّي نفسك أبًا للطفلة؟” ، لكن عقلها الذي كان يطالبها بالصبر لكسب تعاونه تصارع مع هذا الغضب.
عضّت شفتيها حتى نزفت، ثم خفضت رأسها وتوسّلت: “خذ جسدي كما تشاء. حتى لو اضطررت للموت بدلاً منها … أرجوك، أنقذ كاسيليا. إنها ابنتك.”
يا صغيرتي، ابنتي كاسيليا.
كيف يمكنني إنقاذكِ؟ كيف يمكنني أن أجعلكِ تعيشين؟
تساقطت دموع يساريس على كاسيليا. كان جسد الأم يرتجف خوفًا من أن الطفلة قد تموت في أي لحظة.
راقب كازان كل ذلك بصمت، ثم أنزل نظره.
توقّفت عيناه للحظة على ملامح الطفلة التي تشبهه تمامًا، ثم عادت إلى يساريس.
وقف بلا تعبير، كأنه غارق في أفكار لا يمكن فهمها، ثم فتح فمه أخيرًا: “إذا كانت حياة أغلى من حياتكِ، فمن المنطقي أن نسعى لإنقاذها بأي وسيلة.”
“إذن …!”
“لكن، هل يمكنكِ تلبية طلب واحد فقط؟”
“ها.”
كما توقّعت.
نظرت يساريس إلى كازان بازدراء، لكنها سرعان ما أرخَتْ عينيها. لم يكن الوقت مناسبًا للتنازع معه.
إنقاذ الطفلة التي قد تموت في أي لحظة كان الأولويّة.
“إذا عاشت كاسيليا، سأفعل أي شيء.”
“إنه أمر بسيط.”
“هل تعني أن أدفع الثمن الآن وأترك الطفلة في هذه الحالة؟ أتُسمّي نفسك أبًا لكاسيليا حقًا؟”
تشوّه وجه يساريس بألم، لكن قبل أن يرد كازان، واصلت هجومها: “قلتُ إنني سأفعل أي شيء تطلبه. لكن أنقذ كاسيليا أولاً، ثم نتحدّث.”
“يساريس، أنا…”
“أرجوك، كازان. أتوسّل إليك. إذا تركناها هكذا، قد تموت الطفلة حقًا…”
أسكت صوتها المليء بالدموع كازان.
لم يستطع نطق كلمة واحدة مما أراد قوله، فنظر إليها بصمت ثم أجاب أخيرًا: “…حسنًا.”
كلمة من مقطع فقط، لكنها كانت ثقيلة بشكل غريب.
“حسنًا، يساريس.”
تبدّد نفس كازان في الهواء عبثًا.
بدا ظهره العريض، وهو يحمل كاسيليا ويغادر الغرفة، شاحبًا بشكل غير معتاد.
* * *
طقطقة-! ، طقطقة-!
تردّدت أصوات خطوات سريعة لشخصين عبر المخزن المظلم. كانت السرعة شبيهة بركض شخص عادي بأقصى طاقته.
“جلالتك ، هل ستتعافى الأميرة حقًا؟”
“يعتمد ذلك على ما ستفعله. لذا، لا تُخطئ.”
“لا أعرف حتى ما يجب أن أفعله.”
ردّ تيمسيان بليك بحيرة.
تم استدعاؤه فجأة في طريقه من غرفة الاجتماعات، وسُمع فقط أن “مساعدته مطلوبة لإنقاذ الأميرة”. لم يتلقّ أي تفسير آخر، وكان محقًا في شعوره بالحيرة وهو يتوجّه مع الإمبراطور إلى المخزن السرّي الإمبراطوري.
“ليس بالأمر الجلل. أحتاج فقط إلى مهارة سيفك.”
“هذا شيء أجيده. كما ترى، نظرتك في اختيار الأشخاص لا تُضاهى.”
مرا عبر الحواجز الثلاثيّة و الرباعيّة. عبر الرجلان الباب الذي يُفتح بدم تينيلاث بسهولة، ووصلا أخيرًا إلى أعمق نقطة.
في فضاء دائري، كانت هناك حاويات سحريّة بأحجام مختلفة تحتوي على سائل أحمر محفوظ. كان هذا مكان تخزين دماء أجيال تينيلاث.
عندها، لم يعد تيمسيان يتحمّل القلق الذي شعر به منذ البداية، فتحدّث مجدّدًا: “لكن، ماذا يجب أن أقطع؟ لا يبدو أن هناك شيئًا يهدّد جلالتك …”
“دوق بليك.”
“نعم، جلالتك.”
راقب تيمسيان كازان بحذر.
كان وجهه بلا تعبير كالمعتاد، وعيناه ميتتان كالعادة.
لا شيء غريب في تصرفاته أو نبرته.
لذا، لم يكن هناك سبب واضح للتوتر الشديد.
“لا وقت للشرح الطويل. سأخبرك بما يجب أن تفعله مباشرة.”
“…أمرك.”
شعر تيمسيان بالقلق الشديد وهو يرى كازان يسلمّه الطفلة و يخلع ملابسه العلويّة. كانت حركاته وهو يمزّق ملابسه و يرميها بعنف مثيرة للريبة.
“أولاً، عندما تعود، افتح الدرج الثالث الأيسر في مكتبي وأزل قاعدته. إذا تصرّفتَ وفقًا لما هو مكتوب هناك، لن يكون هناك اضطراب كبير.”
“أي اضطراب تقصده؟”
“ستعرف قريبًا. افتح قاعدة الدرج الخامس، وأعلن عن الظرف الذي ستجده. بما أن الأمور وصلت إلى هنا، ستساعد يساريس في التعامل مع الأمور. هذا نعمة للإمبراطوريّة.”
“جلالة الإمبراطور، لماذا تتحدّث هكذا…”
“والأهم الآن، دوق، أحتاج إلى سيفك.”
كشف كازان عن جسده العاري كالتمثال، ولمس خاتم الزواج المعلّق حول عنقه بحبل، ثم خلعه. لكنه لم يرمِه على الأرض كباقي الملابس، بل لفّ الحبل حول معصمه وأمسك الخاتم بقوة.
كأنه يضمن عدم سقوطه حتى لو فقد قوته.
“جلالتك.”
أدرك تيمسيان الحقيقة.
حاول تجاهل تخميناته قبل أن تتضح مشاعر القلق التي كانت تعتصر حواسه، فقال: “أليست جلالة الإمبراطورة تنتظرك؟ عندما تعود، يمكنكما قضاء وقت بعد طول غياب …”
“إنها تنتظر الأميرة، لا أنا. كاسيليا تينيلاث التي في حضنك.”
تحدّث كازان بهدوء، كأنه ينقل حقيقة يعرفها الجميع.
“وإذا لم توقظ الطفلة قدرتها، ستموت. لا وقت لدينا، دوق. سأعطيك أمري الإمبراطوري الأخير.”
“جلالتك، أرجوك أعد النظر. هذا متسرّع جدًا.”
“أنا عقلاني تمامًا الآن. هذا قرار اتخذته بعد دراسة كل الجوانب.”
نظر كازان إلى طفلته بدلاً من الدوق الذي حاول منعه دون فهم ما يجري. كانت تشبهه تمامًا، لكن مشهد يساريس وهي تبكي قلقةً عليها جاء إلى ذهنه تلقائيًّا.
ماذا شعر حيال ذلك؟ لم يعرف كازان.
هل أذهله حب إيشَارِسْ العميق لابنته؟ هل شعر بالغيرة من حبها الذي فقده؟
ربما كان يعاني من الفراغ.
حقيقة أن السبب الوحيد لقدوم يساريس إليه هو هذا، وموقفها الحاد تجاهه، كل ذلك مزّق قلبه.
لكنه لم يقرّر عاطفيًّا. لم يكن ليستسلم لحياته بسهولة بعد كل الطريق الشاق الذي سلكه فقط لأنه دُهس مرة أخرى.
كازان وضع كاسيليا فوق نفسه في ميزان العقل.
من أجل يساريس التي يحبها، ومن أجل الإمبراطوريّة التي ستفقد تينيلاث إلى الأبد بدون كاسيليا، ولأجل أطفاله الذين سيشاركون يساريس السعادة بدلاً منه الذي لا يجلب لها سوى التعاسة، كان هذا أفضل ما يمكنه فعله.
“تيمسيان بليك. بموجب عهد الدم بيننا، أصدر لك أمرًا إمبراطوريًّا لا يمكنك رفضه.”
“جلالتك!”
لم ينظر كازان إلى صرخة تيمسيان المذعورة.
بدلاً من ذلك، أخذ حاوية سحريّة قريبة وفتح غطاءها كإشارة إلى أنه لا ينوي الانتحار دون خطة.
الطريقة الوحيدة لإيقاظ تينيلاث ذو الشعر الأسود والعين الحمراء الذي لا يملك قدرات فطريّة هي تناول قلب قريب.
حاول الإمبراطور السابق قتل كازان بناءً على تفسير أن ذلك ينطبق بين الوالدين والأبناء، بينما اعتقد جيفكين باريليو أن الأمر يشمل الأشقاء، فخطف الأمير الأصغر والأضعف ليكون قربانًا.
في النهاية، كان جيفكين محقًّا، لأن كازان أيقظ قدراته بتناول قلب أخيه غير الشقيق.
كان من المقرّر أن تتكرّر هذه المأساة في هذه اللحظة.
“اطعن قلبي وأطعمه للأميرة، حتى توقظ قدرات تينيلاث وتتعافى.”
“هذا…!”
تجاهل كازان وجه تيمسيان المليء باليأس لعجزه عن كسر العهد، وسكب دماء الأسلاف في فمه.
حتى لو كان تينيلاث، فإن طعن القلب يعني الموت، لكن ربما، إذا حالفه الحظ، قد يعيش.
أغمض عينيه، فكما هي العادة، ملأت يساريس ذهنه.
صوتها وهي تقول إنها ستفعل أي شيء إذا أنقذ كاسيليا ظلّ يتردّد في أذنيه.
كل ما أردته هو رؤيتكِ تبتسمين لي مرة أخرى، ولو لمرة واحدة.
“أنا آسف، جلالة الإمبراطور. أرجوك، لا تسامحني.”
فكّر كازان وهو يستمع إلى كلمات تيمسيان المأساويّة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 133"
لاااااااا ماكنت احبه فالبداية لكن انه ينتحر كسر قلبي