فهم كازان الكلام على الفور. 

الساحر الأسود، الذي خطف مايكل من أجل دم تينيلاث، لن يكون لديه سبب لعدم اشتهاء دمه أيضًا.

إذن، هذا الرجل الوقح يريد استخدام يساريس كرهينة لأخذ الدم منه، الإمبراطور.

“يبدو أنك لا تقدر حياتك.”

كانت هذه كلمات الدوق بليك. 

تخلى عن مظهره المرح المعتاد، ونظر إلى الساحر الأسود بوجه خالٍ من التعبير.

عندما يصل المرء إلى مستوى يتجاوز البشر، يمكنه فرض ضغط كبير بإرادته فقط. لذا، كان تيمسيان يتحكم عادةً في عواطفه ويخفف الجو بتصرفاته السخيفة، لكنه فقد أعصابه عند رؤية الإمبراطور يُهدد أمامه.

“أعني أنني أشيد بشجاعتك المتهورة. إنها رائعة حقًا.”

“آه، هاها … أشعر بالإطراء من مديح سيد السيف. قلبي ينبض من الفرح!”

لم يكن تعبير “قلبي ينبض” كذبًا. كان تريين يتعرق باردًا من القتل الذي يخنق أنفاسه، واستنجد بالإمبراطور.

“لن يخرج عن السيطرة، أليس كذلك؟ إذا أُصبت، ستُصاب الإمبراطورة أيضًا!”

“دوق.”

“نعم، جلالتك.”

تنهد كازان وأمر تيمسيان، الذي كان يحرك سيفه في غمده بإبهامه كما لو يفكر في كيفية قطع الساحر الأسود. 

“لا تتحرك. أليست يساريس في خطر؟”

“…حاضر.”

أشاح كازان بنظره عن تيمسيان، الذي أغلق فمه بإحكام، و نظر إلى الساحر الأسود. بدا متقلصًا قليلاً قبل أن يصبح متعجرفًا مرة أخرى، وهز كتفيه بطريقة مزعجة للغاية.

“النهاية محددة مسبقًا، فلن نهدر طاقتنا.”

“أي نهاية تقصد؟”

“الإمبراطور، الذي لا يستطيع التخلي عن زوجته المحبوبة، يصبح موضوع تجربتي في النهاية.”

“أيها الوقح …! لا، جلالتك. سأجد طريقة أخرى!”

تجاهل كازان صراخ تيمسيان المذهول وغرق في التفكير للحظة.

كان الساحر الأسود محقًا. إذا لم يتمكن من رفع اللعنة عن يساريس وبقيت هنا إلى الأبد، فسيختار البقاء معها بنفس المصير. 

سواء ترك عرشه ليصبح موضوع تجربة أو أي شيء آخر، فهذا أفضل بكثير من الانفصال عن يساريس. 

لكن اتخاذ قرار متطرف كان مبكرًا جدًا. 

كان لا يزال لديه خيارات يمكن تجربتها.

استدعاء ساحر من القارة الشرقية لرفع اللعنة، أو التفاوض مباشرة مع الساحر الأسود، أو غيرها من الأفكار التي خطرت بباله. 

خرج كازان من أفكاره عند صوت تريين.

“بما أننا أثبتنا اللعنة، أعيدوا الإمبراطورة. آه، وبالطبع الأمير أيضًا. كلاهما ملكي.”

تقلصت عينا كازان واتجهتا نحوه عند سماع كلامه العادي. تلألأت عيناه الحمراوان المحتقنتان بالدم بقتل مخيف.

“ملكك؟”

“بالطبع، هما ينتميان إليّ، أليس كذلك؟”

لم يكترث تريين لصوت الإمبراطور الغاضب واستمر في الثرثرة. بعد أن أثبت اللعنة، أدرك أنه في موقف السيطرة المطلقة، فلم يكن هناك ما يخيفه.

علاوة على ذلك، كسب وقتًا كافيًا حتى الآن. باستخدام شعر إيشَاريس ودمه، أكمل التحضير لفرض لعنة دمية مؤقتة.

عندما تتحول الكذبة إلى حقيقة، لن يكون هناك ما يعيقه. 

أحبّ تريين هذا الموقف، حيث تدحرجت الدماء التي أرادها إليه، وابتسم ابتسامة واسعة.

“لكن لا تقلقوا. سأدعو الإمبراطور بشكل خاص إلى حفل التزاوج لورثة الإمبراطورة …!”

كلانغ-!

تراجع تريين خطوة للوراء بغريزة. لو لم يرفع الحاجز دون وعي، لكان رأسه قد طار.

“هل … هل جننت؟ إذا أُصبت، ستُصاب الإمبراطورة أيضًا!”

كان الأمر الأكثر صدمة أن من أطلق السيف هو الإمبراطور. 

لم يتوقع تريين أن يقوم كازان، الذي بدا موافقًا وهادئًا أثناء حديثه عن أن يصبح موضوع تجربة، بهذا التصرف المفاجئ، فذهل.

بغض النظر عن حالة تريين، وقف كازان ببطء وهو يحمل يساريس. كان صوته الهامس، بوجه خالٍ من التعبير، مخيفًا بشكل مخيف.

“إذا لوثتَ يساريس، سأقتلك بالتأكيد.”

“لكن، هذا يعني أن الإمبراطورة ستموت أيضًا، كم مرة قلت…!”

“على أي حال، إذا أرادت، ستنتحر. لقد كانت تريد ذلك في كل مرة أمسكتها بالقوة”

استعاد كازان ذكريات منذ سنوات. في بداية زواجهما، كان أصعب شيء هو محاولات يساريس للانتحار. 

تمكن من منعها باستخدام بيرين كرهينة، لكن كانت هناك لحظات مخيفة جعلته يتساءل إن كانت ستُصاب بمكروه حقًا.

هل كان من الأفضل لو توقف حينها؟ لو لم يلمسها أكثر وتركها وشأنها؟

لكنه لم يفعل. لم يستطع.

لم يكن ذلك فقط بسبب الآثار الجانبية لقدراته التي أكلت عقله على مر السنين. في كل مرة كانت يساريس تدفعه بعيدًا، كانت الغيرة والغضب يطيران بعقله.

<لماذا ، هل كانت لياليكِ مع ذلك الرجل أفضل؟>

<لا تُسيء إلى خطيبي …!>

اللعنة على باريتيون كيلودين. 

اللعنة على يساريس تشيرنيان!

لم يستطع كازان ترك المرأة التي أفلتت يده. 

كان يحبها بحيث كرس حياته كلها لها، لذا جاء شعور الخيانة عظيمًا، ممزقًا قلبه الأحمر إلى أشلاء حتى لم يعد يرى شيئًا.

في الجحيم الذي وضعتني فيه، يجب أن تكوني معي. 

ألم نتفق على قضاء حياتنا معًا؟

لمَ تنظرين إليّ هكذا؟ 

أنتِ من خانني، نسيتني، وتسببتِ في تعاستي!

<من فضلك، جلالتك، اقتلني بدلاً من هذا … أرجوك.>

<لا، لا يمكنكِ الموت. إذا حاولتِ أي شيء، ستختفي بيرين من الخريطة.>

الموت لن ينقذكِ. ستعيشين بجانبي طوال حياتك، تكفرين عن ذنوبكِ التي نسيتيها.

زوجتي …  

المحبوبة و المكروهة.

“…نعم، إذا كانت ستموت على أي حال.”

شعر كازان وكأن ما احترق بالسهم الناري لم يكن صدره، بل قلبه داخله. لولا ذلك، لما شعر وكأنه تحول إلى رماد.

لم يكن الوقت لمواجهة ذنوب الماضي الناتجة عن سوء فهم. 

كان عليه تحديد خطوته التالية بناءً على طباع يساريس.

لذا … في السابق ، منعتها بيرين من الانتحار. لكن الآن؟

على الرغم من أن وجود مايكل كان يؤرقه، إلا أنها امرأة هربت منه حاملة، مستعدة للموت. 

إذا أجبرها الساحر الأسود على ما يسميه “التزاوج”، كان من الواضح ما سيحدث في النهاية.

“بدلاً من السماح بحدوث ذلك، سأقتل الجميع بيدي ثم أموت.”

“جلالتك!!”

بينما صرخ الآخرون بدهشة، فتح تريين فمه و قال: “آه”

هل هذا هو الحب الذي تحدثت عنه؟

…لكنه لا يبدو طبيعيًا أيضًا؟

بغض النظر عن انطباعات تريين، لم يتغير الموقف المعكوس. 

وبدأ يشعر بالخطر، فقرر أنه إذا كان سيموت، فلن يموت بمفرده، وفعّل لعنة الدمية على يساريس.

الوسيط كان هو نفسه.

[…]

همس تريين بتعويذة بهدوء بينما كان الدوق يحاول إقناع الإمبراطور. كان يرتدي رداءً مصممًا للسحر الصامت، لذا لم يكتشف أحد خدعته.

بدت خيوط سوداء رفيعة وكأنها تربط تريين بيساريس ، لكن …

تراك-!

عندما داس كعب منخفض عليها، تبدد الضباب المميز للسحر الأسود دون شكل. 

في لحظة الدهشة من هذه الظاهرة غير الممكنة جسديًا، حاول تريين تحديد صاحب الحذاء، لكن قوة غريبة استولت على الغرفة.

[توقف.]

“…”

تجمدت حركات الجميع للحظة كما لو كانوا يطيعون الأمر. 

نجح تيمسيان وحده في مقاومته، وصوّب سيفه نحو الشخصية التي ظهرت فجأة وصاح بحذر: “من أنتِ؟”

“همم”

بدلاً من الرد، نظرت المرأة، التي كانت ترتدي رداءً أسود مثل الساحر الأسود، مما يخفي مظهرها، حول الغرفة الفوضوية. 

كانت حواف ردائها ملطخة بالدماء، مما جعلها مريبة للغاية.

هل هي متواطئة مع الساحر الأسود؟

تصلب وجه تيمسيان وهدد مرة أخرى بالسيف. كانت قوية بما يكفي لخداع حواسه، مما أضاء ضوءًا أحمر في ذهنه.

لكن صوتًا هادئًا بشكل مفرط رن بعكس توقعاته.

“أليس هذا موقفًا قاسيًا تجاه من ساعدك؟”

“ساعدتِنا؟”

ماذا؟

بدلاً من الرد على السؤال المحذوف، لوحت المرأة بيدها وكأنها لا ترغب في الشرح.

“حسنًا، إذا لم تعرف، فلا بأس. التحدث إلى رجل سيف سيؤلم فمي فقط.”

نظر إليها حاشية الإمبراطور بدهشة، وهم يحركون أعينهم. 

لم يتخيلوا أبدًا أن يعامل أحد الدوق بليك، سيد السيف، بهذه الطريقة.

بالطبع، إذا كانت هويتها مجهولة، فقد يكون ذلك ممكنًا …

“أم أنني مخطئة؟ سمعت أن دوق بليك في هذا الجيل غريب الأطوار وصديق للسحرة.”

“من أنتِ بحق الجحيم؟”

سأل تيمسيان، متفوقًا على عدم الراحة بالدهشة. كانت هذه المعاملة جديدة عليه.

لم يكن الرد عاديًا. بعد تفكير قصير وإمالة رأسها، أشارت المرأة بإصبعها مباشرة إلى يساريس و قالت: “صاحبة منزلها”