لم يكن وجود التّابعين حكرًا على الأسرة الإمبراطوريّة فقط.
فحتى في منازل الماركيز والدّوقات، وُجد تابعون يخصّونهم.
هؤلاء يُشكّلون أساس العائلة ويُصبحون مصدر قوّتها.
أما بالنسبة لسيّدة المنزل، فكانت الوصيفات هنّ أولئكَ التّابعين.
ولذلك، كان من المعتاد أن تختار السيّدة وصيفاتها من أفراد عائلة التّابعين المخلصين، وتُبقِيهم إلى جانبها.
ومهما بلغ الدّوق من قوّة، فإنّه إن لم يكن لديه من يُسانده من الأسفل، فسيكون وضعه غير مريح.
وساي، التي نشأت في بيت أحد الكونتات، كانت تدرك أنَّ طرد أولئك الوصيفات لم يكن خيارًا جيّدًا أبدًا.
“هل ارتكبنَ خطأً كبيرًا أو أسأنَ إليّ؟”
“… ليس الأمر كذلك. لم تُتح لهنّ الفرصة حتّى.
قبل أن نتمكّن من خدمتكِ، جمعتِنا جميعًا وقلتِ إنّكِ لستِ بحاجةٍ إلى وصيفات.”
أجابت روزا بصوتٍ حذر.
وبالفعل، لم يكن من الممكن أن يُسئنَ إليها جميعًا من البداية.
صحيح أنّه في بعض الأحيان، إذا جاءت سيّدةٌ من بيتٍ غير مُحبّب، كانت بعض الوصيفات يُبدين تجاهها تصرّفاتٍ عدائيّة، لكنّ أن تُقصيهنّ تمامًا من دون حتى أن تمنحهنّ فرصةً للخدمة، فهذا أمرٌ لا يُمكن تبريره.
“ما السّبب الذي جعلني أطردهنّ؟”
أجابت روزا الآن بعينين يُخيّم عليهما اليأس الكامل.
“قلْتِ يا سيّدتي إنّكِ لا تُحبّين الوصيفات الشابّات خوفًا من أن يلفتنَ نظر الدّوق، ولا تُحبّين الكبيرات منهنّ خشية أن يتدخّلنَ في شؤونكِ. وذكرتِ أنّ وصيفات منزل لورد ريفرستا قد يعتقدنَ أنّ لهنّ الحقّ في لعب دور المعلّمات، ولهذا فضّلتِ أن تُرافقي وصيفاتٍ جلبتهنّ بنفسكِ.”
يا إلهي…
كان هذا لا يقلّ عن الإهانة.
أن تكون دوقة ريفرستا بنفسها، وتُهين ولاء منازل التّابعين هكذا…
من هذا القول فقط، أمكنها تخيّل كيف كانت تتصرّف في هذا المكان.
لم تفهم الأمر على الإطلاق.
صحيح أنّها لم تكن قد نالت الكثير من الحنان في نشأتها، لكنّها تلقّت تربيةً صارمة في السّلوك والمظهر.
كان والدها، على الرّغم من مظهره المتعاطف، في الحقيقة رجلًا قاسيًا ومتسلّطًا.
كان ما يهمّه هو كيف يراهم الآخرون، لا راحة ابنته.
ولهذا، فإنّه منذ صغرها، كانت تُعاقَب على أيّ تهاون أو تقصير في التعلّم أو السّلوك.
وتعلّمت ألا تُخطئ.
لذا، من المؤكّد أنّها أدّت دورها كـ سيّدة للمنزل على الأقل بالمستوى المطلوب، من غير داعٍ لتلقّي اللّوم.
‘لكن، لماذا لم أقم بدوري؟ بل لماذا اخترت التّصرّف بطريقةٍ سلبيّة؟ هل ظننتُ أنّ الدّوق سيتسامح معي؟ لا… لم يكن يبدو واقعًا في حبّي إلى ذلك الحدّ.’
زاد ارتباكها، وبينما هي كذلك، تكلّمت روزا بحذرٍ من جديد:
“أعني… إذا شُفيتِ، هل ستعودين للنوم في نفس الغرفة مع الدّوق مرّةً أخرى؟”
ساي شعرت بالمفاجأة قليلاً.
كان مشاركة الفراش مسؤوليّة وواجبًا من أجل إنجاب وريث.
وبرغم أنّها لم تكن صغيرةً لتُدهش من هذا، إلا أنّ الكثير من النّبلاء كانوا يستخدمون غرفًا منفصلة إذا لم تكن هناك ليلة مخصوصة.
بل إنّ بعضهم يعود لغرفته بعد اللّقاء.
لكنّها كانت تنام في نفس الغرفة مع الدّوق؟
‘لهذا لم يُبْدِ تردّدًا عندما اقترب منّي.’
ساي لم تستطع تخيّل إقامة علاقةٍ عاطفيّة مع زوجها.
ما تربّت عليه طيلة حياتها هو التّحكّم بالنّفس والاتّزان.
ولولا ذلك، لما استطاعت تحمّل العيش في منزل ألانترا.
لكن هنا… كانت تتصرّف بوقاحة، وفي نفس الوقت تنام مع زوجها في الغرفة ذاتها.
كان التّناقض شديدًا.
لم تستطع تصديقه، فسألت روزا مرّة أخرى:
“كنتُ أنام معه في نفس الغرفة؟”
“نعم.”
جاء الرّدّ حازمًا، دون أثرٍ لأيِّ كذب.
سيّدة للمنزل تتصرّف بوقاحة تحت حماية زوجها… المرأة التي كانت تسكن جسدها من قبل بدت وكأنّها شخصٌ آخر بالكامل.
“غريب أنّني لم أجد الأمر مزعجًا.”
“لقد كنتِ تكرهين البقاء وحدكِ. رغم أنَّ الدّوق لم يكن دائمًا في المنزل، إلا أنّه عندما كان حاضرًا، كنتما تقيمان معًا.”
‘لا أُريد أن أُضايقها، لكن يبدو أنّها ستعتقد أنّني أُهدّدها الآن.’
“حتى لو كان من الصّعب قولها، أخبريني. أريد أن أعرف فقط.”
بدأت دموع روزا تنهمر.
قالت ساي بلطف وهي تحاول تهدئتها.
“إذًا فقط أومئي برأسكِ على سؤالي. هل صرختُ في وجه الدّوق؟”
“لم يكن صراخًا تمامًا… لكن كنتِ ترفعين صوتكِ أحيانًا.”
أجابت روزا بصوتٍ باكٍ.
سألتها ساي بنبرة حياديّة:
“هل رميتُ أشياء أيضًا؟”
“ل، لم تُصِبْهُ أبدًا!”
“يعني أنّني رميتُها على أيِّ حال.”
“..…”
فقط من هذه الأسئلة، استطاعت تكوين صورةٍ عامّة.
رغم ارتباكها، فإنّ ساي ألانترا الّتي عاشت هنا – أو بالأحرى، ساي ريفرستا – كانت امرأةً مختلفةً تمامًا عمّا عهدت نفسها عليه.
ترف. وقاحة. تجاوز.
تصرّفاتٌ يُمكن أن تُوصَف بأنّها لزوجةٌ سيّئة.
لماذا تغيّرت هكذا؟
رغم أنّ مكانتها في بيت ألانترا لم تكن رائعة، لم تكن تعيش غير آبهة بآراء النّاس.
بل على العكس، أرادت أن تُثبت نفسها أكثر.
كان والدها وأخوها يتظاهرون خارجيًّا بأنّهم عائلةٌ مثاليّة، لذا كانت تحاول هي أيضًا الحفاظ على تلك الصورة.
ولو كان زواجها من ريفرستا زواجًا سياسيًّا، لأرادت بالتّأكيد أن يُقال عنها إنّها زوجة حكيمة.
لا أن تتصرّف بهذا القدر من الانفعال.
“هاكِ، خذي هذه المنديل.”
“ه، هذا المنديل فخمٌ للغاية… لا أستطيع…”
“إن لم تستخدميه، سأشعر بالحزن الشّديد.”
وضعت ساي يدها على صدرها بمبالغة، فبادرت روزا إلى أخذ المنديل ومسح دموعها بسرعة.
بدا أنّ تصرّف ساي خُيّل لروزا على أنّه تهديد آخر.
بينما كانت ساي تُحاول فقط أن تعرف كيف كانت تتصرّف، إذا بها تظهر بمظهر من يُضايق خادمةً بريئة.
فجأة، تذكّرت ساي أمرًا:
“سمعتُ أنّني عندما تزوّجت، جلبتُ ثلاث خادمات من منزل عائلتي. هل تعرفين أسماءهنّ؟”
أمسكت روزا بالمنديل جيّدًا، ثم أجابت بحذر.
“بيتي، جاكلين، وديارا.”
بما أنّها تذرّعت بالزّواج للهروب من والدها، فمن الطّبيعي أن تختار خادماتٍ يُشعرنها بالرّاحة ولو قليلًا.
لكن كما توقّعت، جميعهنّ كنّ من أتباع والدها المخلصين.
قد يكنّ أبلغن عن كلّ صغيرةٍ وكبيرة لمنزل ألانترا.
وهنا، ظهر شيءٌ غير منطقيّ.
أن يسمح والدها – الّذي يقدّر السّمعة أكثر من أيّ شيء – بأن تكتسب ابنته سمعةً سيّئة بسبب أفعالها… هذا غير معقول.
‘عليّ أن أبحث إن كانت هناك أيُّ رسائل وصلت من والدي.’
لا يُمكن أن يكون قد أرسل رسالةً مليئة بالحنان.
حين تغيّر العالم في عمر الخامسة عشر، لم تستطع في البداية تقبّل الواقع، لكنها الآن مختلفة.
‘وربّما قد أُحرقت حتى لو وصلت.’
ليس بدافع الكره، بل ربما لأنّ والدها أمر بذلك.
كان ويليام ألانترا، والدها، رجلًا دقيقًا لا يرغب بأن يُترك له أيّ أثر في بيت الدّوق.
خاصّة وأنّها كانت تنام مع الدّوق في نفس الغرفة… بالتّأكيد كان كلّ شيءٍ محسوبًا.
مع ذلك، قرّرت ساي أن تبحث.
إن وُجد أيُّ شيء يتعلّق بذكرياتها، أرادت أن تراه.
كان عليها أن تعرف.
‘هل يمكن أن تكون أولئك الخادمات قد أدركن أنّني فقدتُ ذاكرتي؟ هل أخبرنَ ألانترا بذلك؟’
لا تعرف ما إذا كان والدها أو أخوها قد علموا، ولا كيف سيكون ردّهم إن عرفوا.
لذا، قرّرت ساي تأجيل الحكم في هذا الموضوع.
“عندما أذهب إلى المبنى الجانبي، هل يُمكنني التّنقّل بسهولة إلى المبنى الرئيسي؟ أُريد معرفة كيف حال خادماتي.”
“الخادمات الكريمات الّلواتي نُقِلنَ إلى المبنى الجانبي… لم يُسمَح لهنّ بدخول المبنى الرئيسي مجدّدًا، بسبب مسؤوليّتهنّ عن عدم خدمتكِ بالشّكل اللّائق. أُبعِدن تمامًا عن خدمتكِ، ويقمن الآن بأعمالٍ أخرى.”
في كلام روزا، التقطت ساي أمرًا غريبًا.
“الخادمات الكريمات؟ هل كنتنّ تُنادين خادماتي اللّواتي جئتُ بهنّ من بيت أهلي بهذا اللّقب؟”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"