لن أخدع مرتين [ 87 ]
[السنة 698 من التقويم الإمبراطوري.]
عثرت على السنة التي كنت أبحث عنها.
بدأ الأمر بزواج الإمبراطور الثاني.
ثم بعد عدة أشهر، قام بزيارة مملكة هيليبور.
وكانت هناك قصة عن استعداد الإمبراطورة لمرافقته في تلك الزيارة.
وأخيرًا ظهر القسم الذي كانت إيزابيلا تبحث عنه.
[ألكسندر صامويل فون دويتشلان يصل إلى مملكة هيليبور.]
ولأنها كانت قصة من قصص الإمبراطور الكثيرة، فقد كُتب اسمه بدلًا من لقب الإمبراطور.
بدأت إيزابيلا تركز على الأحداث التي وقعت بعد وصوله إلى مملكة هيليبور.
[مملكة هيليبور تقترح مباراة بين مستحضر الأرواح والساحر.]
بدأت تظهر بعض القصص المألوفة لها.
لم تكن مشهورة كثيرًا، لكن حدثت بالفعل.
وبما أن الإمبراطور حضر المباراة بنفسه، فقد كُتبت تفاصيلها بشكل أو بآخر.
ثم ظهر الاسم الذي كانت إيزابيلا تبحث عنه.
[جيرميان كرونوس فان لويد ‘الدوق لويد آنذاك’ يتأهل إلى النهائيات.]
عندها أدركت إيزابيلا لماذا لم يُكتب الكثير عن هذه المباراة في سجلات الإمبراطورية.
[جيرميان كرونوس فان لويد ‘الدوق لويد آنذاك’ يفوز في المباراة النهائية بين مستحضر الأرواح والساحر.]
فالفائز لم يكن سوى ذلك الخائن.
***
وفي النهاية، كان النصر من نصيب مستحضر الأرواح.
فشلت مملكة هيليبور في إثبات أن السحر المطور بأيديهم أقوى من قوة الآخرين.
ورغم شعورهم بالظلم والغضب، لم يكن بالإمكان إخفاء الأمر وقد جرى أمام أنظار الجميع.
كان عليهم أيضًا الوفاء بما عرضوه كجائزة.
فعادةً ما تراهن المملكة والإمبراطورية عند التحديات على ميدالية اليشم أو الميدالية الذهبية.
اضطر ملك هيليبور مُكرهًا إلى تقديم ميدالية اليشم.
لكن تلك الميدالية عادت إليهم بطريقة غريبة للغاية.
“أعطوني تلك الجارية.”
هذا ما طلبه إمبراطور دويتشلان.
فوجئ الجميع، أولًا لأن الإمبراطورية التي لا تعرف نظام العبودية تطلب جارية.
وثانيًا، لأن الإمبراطور الذي بدا بلا أي رغبات دنيوية، يطلب امرأة!
لكن الملك رأى أن إرسال جارية واحدة مقابل تسوية الأمر بالميدالية يُعد صفقة رابحة.
غير أن ذلك كان رأيه وحده.
أما أمير هيليبور الذي كان يعتبر تلك المرأة ملكًا له، لم يعجبه الأمر.
وفي الليلة السابقة لتسليمها، اندلع حريق في الغرفة التي كانت تُجهّز فيها.
اختار الأمير أن يُتلفها بدلًا من أن تُنتزع منه.
امتدت النيران إلى المبنى بأكمله.
أُصيب الكثيرون، وماتت تلك الجارية.
أعرب الملك عن أسفه لعدم تمكنه من تحقيق رغبة الإمبراطور، وقدّم اعتذاره واستُخدمت لوحة اليشم في شأن آخر.
وظن الجميع أن الأمر انتهى عند هذا الحد.
لكن في طريق عودة الإمبراطور إلى الإمبراطورية، ظهرت تلك الجارية أمامه.
“لم يعد هناك أي أثر يدل على أنني كنت جارية.”
لقد نجت من الحريق في قصر هيليبور.
بل وأكدت أن المملكة لا تعلم شيئًا عن نجاتها.
“أرجوك خذني معك إلى الإمبراطورية. أعدك أنني سأكرّس كل قدراتي في خدمة الإمبراطورية.”
“هل تستطيعين الآن تحديد مكانهما؟”
كان الإمبراطور قد أخفى روح إيفريت خاصته في حالة التخفي.
فمدّت المرأة سبابتها الطويلة وحددت المكانين بدقة.
وبهذا أثبتت امتلاكها موهبة تؤهلها لتكون مستحضرة أرواح عُليا.
وهذا ما جعل الإمبراطور منذ البداية يطالب بها مقابل ميدالية اليشم.
فقد أرسل ملك هيليبور إلى جناح الإمبراطور عدة جوارٍ ليُسعده بهن، لكن الإمبراطور أعادهن جميعًا.
وكانت هي بينهن، فاقتربت وهمست في أذنه:
“أستطيع رؤية إيفريت الخاص بجلالتك.”
فأُصيب الإمبراطور بالدهشة، إذ كان يرافقه دائمًا الروح إيفريت في حالة التخفي لحمايته.
أبقى عليها وحدها، وأجرى تجارب باستخدام إيفريت في وضع التخفي، لكنها رأت كل شيء.
“أمر مثير للاهتمام… جارية مستحضرة للأرواح.”
ورغم اهتمامه، كان يعلم أن المملكة تحتقر مستحضري الأرواح.
لذلك لم يستغرب أن تتحول إلى جارية رغم امتلاكها تلك القدرات.
“الإمبراطورية ترحب بأي شخص يحظى بحب الأرواح.”
كان الإمبراطور واثقًا من قدراتها، وأراد أخذها معه إلى الإمبراطورية.
لكن بسبب جشع أمير هيليبور، اختفت وسط ألسنة النيران.
ظن الإمبراطور أنه خسر مستحضرة الأرواح تلك، لكنها أصرّت على البقاء، ونجت.
وعادت لتقف أمامه مرة أخرى.
لكن نصف وجهها كان مغطّى بالحروق، على الأرجح أصابتها أثناء الهروب من الحريق.
ولعلها ميزة في النهاية، إذ اختفت أيضًا وصمة العبودية التي كانت على جسدها.
وهكذا، رافقت “تلك المرأة” الإمبراطور إلى الإمبراطورية.
[أفصحت المرأة عن اسمها: ‘أوفيليا إلادور’، ويُرجَّح أن الاسم مأخوذ عن اسم أول رئيسة لجمعية الأرواح الإمبراطورية.]
كان معروفًا للجميع أن العبيد لا أسماء لهم، لذا افترض المدوّن أن الاسم الذي صرّحت به أخذته من مكان ما.
وهكذا، أصبحت تُدعى أوفيليا.
[بالنظر إلى أنها كانت جارية في المملكة، فإنها تتقن لغة الإمبراطورية بشكل كبير، لكن يُقدَّر أنها تعلّمتها من كتب التاريخ الإمبراطوري الوسيط.]
كان هذا تعليق كاتب السجلات حول لهجتها الغريبة.
[ألكسندر صامويل فون دويتشلان يعلّم أوفيليا فن الاستدعاء.
أوفيليا تكشف أن لديها روحًا متعاقدة بالفعل، وتستدعي كلاي لإثبات قدراتها.]
كان الإمبراطور يعتزم تعليمها فن استحضار الأرواح، لكن المفاجأة أنها كانت بالفعل قد تعاقدت مع روح.
زعمت أنها أُسرت وأصبحت جارية في المملكة بعد أن أصبحت مستحضرة أرواح.
أيقن الإمبراطور أن كون أوفيليا ذات ماضٍ كجارية سيجعل حياتها صعبة في الإمبراطورية، ولذلك أخفاها.
ولكي يُخفي أنها جاءت من المملكة، تنكّرت في زيّ وصيفة ودخلت القصر الإمبراطوري.
ويبدو أن الأمر أُخفي جيدًا، بدليل أنه لا توجد أي إشارة إلى أصلها في أي مكان خارج أرشيف دويتشلان.
ثم مرّ وقت طويل دون أي ذكر لها، وكأن الإمبراطور لم يلتقِ بها فترة من الزمن.
قلّبت إيزابيلا السجلات إلى الأمام عدة أشهر، فإذا بأخبار تنتشر عن ظهور مستحضرة أرواح عليا جديدة في الإمبراطورية، واسمها لم يكن سوى أوفيليا.
[ألكسندر صامويل فون دويتشلان يمنح أوفيليا قصرًا فرعيًا.
أرسل معها خدمًا ووصيفات، لكن أوفيليا رفضت.
وقرروا أن يكتفي القصر بأقل عدد من الأشخاص حفاظًا على راحتها.]
وظهرت لاحقًا في مواضع عديدة؛ حين أراد الإمبراطور استعراض قوة الأرواح أمام الدول الأخرى،
أو حين أراد إسكات أصوات النبلاء القلقين على أمن الدولة، كانت دومًا تمسك بيده عندما يحتاجها.
فقد كان ذلك من شروط إنقاذها، فقبلت بالأمر عن طيب خاطر.
لكن ظهورها في السجلات التي توثّق أفعال الإمبراطور أخذ يتكرر أكثر فأكثر.
“يبدو أن ما يُقال عن وقوعه في حبها كان صحيحًا.”
اعترفت إيزابيلا أن مؤلف كتاب “نحس مستحضري الأرواح من المستوى الأعلى” كان ذا بصيرة حادّة،
فأغلب استنتاجاته كانت مطابقة لما ورد هنا، حتى خُيّل إليها أنه كتب ذلك الكتاب متظاهرًا بجهله وهو يعلم كل شيء.
انتشرت الأخبار حتى وصلت إلى مسامع الإمبراطورة بأن الإمبراطور وأوفيليا يقضيان ليالي كثيرة معًا.
كانت الإمبراطورة قد تغاضت عن مجيئها إلى القصر بوصفها مستحضرة أرواح، لكنها لم تكن لتتغاضى عن اغتصاب مكانتها، فبدأت تتحرك.
لم تذكر السجلات تفاصيل واضحة، لكن من خلال الأوضاع المحيطة وما حدث لأوفيليا، يمكن الاستنتاج أن الإمبراطورة بدأت تضغط عليها.
ثم جاءت الليلة الحاسمة في السنة 700 من التقويم الإمبراطوري.
[ألكسندر صامويل فون دويتشلان في ليلة اختتام حفل الذكرى الـ700 لتأسيس الإمبراطورية، يستدعي أوفيليا إلى جناحه الخاص.]
سجّل الكاتب أنه قال “لدينا ما نناقشه”، لكن السطور التالية أظهرت غير ذلك.
[ألكسندر صامويل فون دويتشلان يحتسي شاي النعناع الذي أعدّته أوفيليا.]
لم يكتفِ بالشاي، بل جلسا على الأريكة نفسها، وقضيا وقتًا حميمًا.
لكن الحادثة وقعت بعد بضعة أسطر:
[ألكسندر صامويل فون دويتشلان يتقيأ دمًا ويسقط أرضًا.]
كانت الكتابة مضطربة، وكأن الكاتب نفسه ذُهل مما حدث.
تلطخت الأحبار وانتشرت، حتى عادت السطور التالية إلى الانضباط، وكأن الكاتب عاد بعد استقرار الأوضاع ليكمل التوثيق.
امتلأت عينا إيزابيلا بكل كلمة:
الإمبراطور سقط فاقدًا للوعي.
أوفيليا اختفت.
الإمبراطورة تصدر أمرًا بمطاردتها.
النبلاء الذين كانوا في طريق العودة من الحفل هرعوا مجددًا إلى القصر فور سماعهم الخبر.
القصر الإمبراطوري تحوّل إلى ساحة فوضى.
أما الذين عادوا إلى بيوتهم ولم يسمعوا الخبر إلا لاحقًا، فقد تلقّوا الصدمة متأخرين.
الإمبراطورة بقيت بجوار الإمبراطور، وفتحت تحقيقًا في التسميم.
وجاءت النتيجة أن السم مأخوذ من فطر سام يُزرع في مملكة هيليبور.
وبالطبع، وُجّه السهم نحو هيليبور.
أما الشعب فلم يعلم الحقيقة، لكن ما كُتب هنا في سجلات دويتشلان كان مختلفًا:
[الإمبراطورة التي كانت تعرف أن أوفيليا جارية سابقة من هيليبور، أثارت الشكوك حول كونها جاسوسة.]
وانتشرت هذه الشكوك بين بعض النبلاء الذين يعرفون أصلها، ثم تحوّلت إلى شائعة مشوّهة لدى من يجهلون حقيقتها، فلم يبقَ إلا كلمة واحدة تتردّد: “جاسوسة”.
وبلغت كل تلك الشبهات والافتراءات ذروتها حين فتح الإمبراطور عينيه بعد صراع طويل مع الموت.
****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
التعليقات لهذا الفصل " 87"