كان السؤال نفسه الذي طُرح سابقًا، لكن هذه المرة تغيّر معناه بسبب صدق إيزابيلا الذي بدا واضحًا في كلماتها.
“ليست عائلة ماكا الوحيدة القادرة على حمايتك من الأمير، فهناك عائلات أخرى يمكن أن توفّر لك الحماية، كما أن هناك أماكن كثيرة يمكنك تعلُّم المزيد فيها كروحية.”
“……”
“لذا أسألك، لماذا اخترتِ تحديدًا عائلة ماكا من بين كل الخيارات؟“
ابتسمت إيزابيلا ابتسامة خفيفة.
في الحقيقة، السبب وراء اختيارها لعائلة ماكا كان بسيطًا جدًا:
لأن ليكالدو ماكا، وريث العائلة، كان أكثر من أحب ثيو في حياتها السابقة.
فمن أجل تحقيق أمنية ثيو الأخيرة، حرّك ليكالدو وحدته العسكرية وساعدها على الهرب، حتى وإن عُدّ ذلك خيانة.
لقد خاطر بحياته من أجلها.
لكن عائلة ماكا، عانت كثيرًا لمجرّد أنهم لا يملكون روحيًا (مستدعي أرواح).
صحيح أن ليكالدو سيتمكّن من استدعاء الأرواح مجددًا بعد سنوات، لكن قبل ذلك، ستصل العائلة إلى حافة الانهيار.
ولأن إيزابيلا تعرف هذا المستقبل، أرادت مساعدتهم.
لقد أرادت أن ترد الجميل لـ ليكالدو، على ما فعله لثيو في حياتها السابقة، حتى ولو في هذه الحياة الجديدة.
لكنها لم تكن تستطيع قول كل هذا لأندريا، فاختارت سببًا مقنعًا آخر.
“لم أرد فقط راعيًا يمنعني من الانجرار إلى فلك الأمير، بل كنت أبحث عن مكان يحتاج إلى قوتي حقًا. مكان يجعلني أشعر بأن لي قيمة فعلًا.”
مكان مثل عائلة ماكا، التي لا تملك روحانيًا أصلًا، أفضل من عائلة تملك واحدًا بالفعل.
فالبشر بطبيعتهم يرغبون في أن يُقدَّروا حيث يكون لوجودهم معنى.
ومع ذلك، لم ينبس الماركيز ببنت شفة.
‘هل يحتاج إلى سبب أقوى؟‘
ترددت إيزابيلا للحظة، ثم أضافت:
“ثم إن عائلة الماركيز تؤمن بالزواج عن حب.”
عندها ضحك أندريا ضحكة قصيرة كأنّه لا يصدق ما يسمع.
“عدنا إلى هذا الموضوع مجددًا.”
رغم أن السبب بدا غريبًا، إلا أن هذه الكلمات هي ما أثّر فيه في النهاية.
ابتسم ابتسامة خفيفة وقال:
“حسنًا، سأفكر في مسألة الرعاية.”
فلسبب ما، بدت له هذه الأسباب العاطفية أكثر إقناعًا من أي منطق أو عقل.
“شكرًا جزيلًا!”
وفي الحقيقة، لم يكن لدى عائلة الماركيز سبب حقيقي لرفض إيزابيلا.
لكن لا بد من التأكد من أنها ليست جاسوسة، وأن كل ما قالته كان صادقًا.
وكانت إيزابيلا مستعدة للانتظار حتى تنتهي تلك التحريات.
ففي النهاية، كان عليهم اتخاذ القرار قبل انعقاد اجتماع الجمعية.
وبما أن أندريا هو من يواجه عامل الوقت، فلم يكن لدى إيزابيلا أي سبب للتوتر.
“ستقيمين هنا لبعض الوقت. داليان، جهّز لها غرفة صغيرة في القصر.”
“أمرك يا سيدي.”
لكن إيزابيلا لوّحت بيدها رافضة.
“لا داعي لذلك. لدي ما يكفي من المال لأقيم في نُزل لمدة نصف شهر تقريبًا.”
“أنا لا أقلق على مالك. بل أريدك قريبة لأراقبك. من يدري، لعلّك تقدّمين هذا العرض لعائلات أخرى كذلك.”
“هاه…”
مع أنها كانت تعلم جيدًا أن هدف أندريا الحقيقي هو مراقبتها، إلا أن إيزابيلا تنهدت بتظاهر بريء، وكأنها لم تدرك الأمر إلا في تلك اللحظة.
“رغم أن شيئًا كهذا لن يحدث أبدًا، لكن إن كان بقائي هنا سيخفف من شكوكك، فسأفعل ذلك.”
“يمكنكِ الانصراف.”
وقد نالت إيزابيلا ما أرادته بالكامل، فرحّبت بأمر الطرد كما لو كان مكافأة.
وكان الدليل على نجاحها، هو نووم الذي قفز من على مكتب أندريا وركض نحوها بخطوات صغيرة سعيدة.
* * *
“فتاة مثيرة للاهتمام.”
قالها أندريا بابتسامة ساخرة فور مغادرتها.
لقد أعجبه وجهها الوقح وهي تطلب منه دعمه بكل جرأة.
وما زاده سخرية، هو تذكّره لما حدث قبل بضع ساعات.
– قبل بضع ساعات –
“ما كان ذلك؟“
“ماذا تقصد، سيدي؟“
حين دخل داليان ليقدّم تقريره، كان الروح نووم جالسًا بكل وقاحة على كتفه!
وحين التفت داليان نحو الاتجاه الذي أشار إليه أندريا، اختفى نووم فجأة متحوّلًا إلى طيف غير مرئي.
وعندما أعاد داليان نظره إلى أندريا، ظهر نووم مجددًا وكأن شيئًا لم يكن.
“من غير الممكن أنك أصبحت روحانيًا بين ليلة وضحاها.”
“عذرًا؟“
وبينما كان يحدق أندريا بثبات في كتفه، بدأ داليان يلتفت يمينًا ويسارًا بارتباك واضح، محاولًا فهم ما يجري.
لكن نووم لم يرحمه، إن ظل يختفي ويظهر أمامه وكأنه يعبث به عمدًا.
“أنت، هناك.”
“نعم؟“
“لا، لا أقصدك.”
قال أندريا وهو يرمق داليان المطيع بنظرة ثابتة، ثم أشار بأصبعه إلى نووم الحقيقي.
عندها أشرق وجه نووم بفرح ظاهر، وقفز بسرعة عن كتف داليان.
“اااه!!”
لم تكن الأرواح تظهر عادة إلا في المناسبات التي يحضرها النبلاء.
لذا حين ظهرت الروح فجأة أمامه، ارتبك داليان وسقط على الأرض من شدة الصدمة.
أما أندريا فقد تجاهل داليان، ومدّ يده ليضغط بخفة على جبهة نووم الذي كان قد ركض نحوه حتى وصل إلى مكتبه.
وقد بدا لطيفًا للغاية وهو يلوّح بذراعيه القصيرتين كمن يطلب منه التوقف.
لكن في قلبه، تملّكه الشك.
أندريا يعرف جيدًا مدى ضعف أرواح الدنيا(ضعفاء)،
لذا عندما بدأ نووم ينفخ وجنتيه ويعبّر بوجه متجهم دون أن يبعد إصبعه، أدرك أن هذا لا يحدث عبثًا.
كانت تلك إشارة واضحة إلى أن أحدهم أرسل هذه الروح إليه بدافع وُدّي.
‘هل هناك بين العائلات التابعة من يملك عقدًا مع روح الأرض؟‘
وجود نووم هنا يعني أن صاحب العقد قريب، وفي نطاق التأثير…
لكن من بين الروحيين الذين يعرفهم، لم يكن هناك أحد قد حدّد موعدًا للقائه اليوم.
‘هل تحرّك أحدهم بالسر؟ هل هناك ما يستدعي القلق؟‘
وبينما هو يفكر بذلك، أخذ يربّت على نووم بطرف إصبعه.
“مولاي، في الواقع…”
ثم بدأ يسرد له ما حدث مع إيزابيلا.
بعد أن استمع أندريا لما قاله، أمر على الفور بإحضار الفتاة، وقد كانت عند لقائها أكثر جرأة مما توقع.
“جريئة، لكن ليست متعجرفة. في ملامحها شيء لطيف.”
بريئة، لكنها لم تكن ساذجة.
كانت مستعدة جيدًا لمواجهة العالم.
نادراً ما يتجرأ شخص نشأ في دار أيتام على التحدث مع ماركيز بهذه الثقة، لكنها فعلت ذلك دون أن تتجاوز حدود الأدب.
“بل كانت شديدة الانضباط مقارنة بغيرها من العامة.”
حتى إن بذل العامة جهدهم في التصرف بأدب، نادرًا ما يكون الأمر طبيعيًا في تصرفاتهم.
لكنها بدت كأنها خضعت لتدريب دقيق،في إشارات يدها، في نظراتها، في اختيار كلماتها.
“اللافت أيضًا أنها واقعية إلى حد مقلق.”
في مثل عمرها، كان من الطبيعي أن تحلم بالثروات والمكانة، لكنها كانت بعيدة تمامًا عن تلك الأحلام الساذجة.
“ولهذا أظن أنها مشبوهة.”
لم يرتح داليان لإيزابيلا.
ربما لأنها لم تكن كفتاة قروية عادية، وربما لأن ظهورها جعله يبدو أحمقًا، فشعر بإهانة لكرامته.
“صحيح، ظهورها بهذه المواصفات المثالية أمر يدعو للريبة.”
لو كانت حقًا “هبة من القدر“، لكان من الطبيعي أن يرحب بها، لكن أندريا لم يكن من أولئك الذين يثقون بالحظ.
“ومع ذلك، لا أظن أن هناك جهة تهددنا حاليًا لدرجة أن ترسل جاسوسًا بهذه الطريقة.”
في الوقت الذي بدأت فيه الشائعات تنتشر عن قرب سقوط مكانتهم، من ذا الذي سيتكلف عناء زرع جاسوس؟
“وما يثير العجب حقًا… أن تظهر حالة استثنائية كهذه دون أن تصلني أخبارها؟“
لطالما كان بيت ماركا في طليعة من يسعون لاكتشاف الحالات النادرة بين العامة.
ولو ظهرت روح أرض بهذه الهيئة في أراضيه، لوصلته الأخبار منذ زمن.
حين بدا التردد على ملامح أندريا، أضاف داليان:
“حتى دون روحيين، لا يزال بيت المركيز قويًا.”
رغم انتشار الشائعات، فإن البيت لم ينهَر بعد.
والثبات كل هذه السنوات بدون روحيين يثبت مدى متانتهم.
وهذا يعني أنهم لو حصلوا على أرواح، فقد يستطيعون قلب المشهد السياسي رأسًا على عقب.
إن نظرنا للأمر من هذا المنظور، ففكرة إرسال جاسوس ليست بعيدة.
“على الأقل هناك شيء واحد تأكدت منه.”
“وما هو، سيدي؟“
“كراهيتها لولي العهد.”
“تعني الأمير فايتشي دويتشلان؟“
“لم تحاول حتى إخفاء كرهها له. هل لم تلاحظ النظرات؟ كانت مليئة بالحقد.”
“……”
“رأيت أيضًا لمحة من الخوف.”
“لكن إن كانت مجرد فتاة من العامة، فما سبب كراهيتها المفاجئة للأمير؟“
فايتشي دويتشلان كان يحظى بشعبية كبيرة بين النساء بوسامته وابتسامته الساحرة.
وظهر دومًا بمظهر النبيل المهذب أمام العامة.
نادراً ما تجد امرأة لا تحبه.
لكن إيزابيلا لم تكن تكرهه فقط، بل كانت تحقد عليه بصدق.
والسبب… لا يمكن تخمينه.
“ولهذا هي فتاة غريبة فعلًا.”
حقًا… فتاة مثيرة للاهتمام.
“على كل حال، سنكتشف كل شيء بالتحقيق.
ابدأ من دار الأيتام في كوم، وحقق في كل محطة مرت بها حتى وصولها إلى هنا.”
“أمرك.”
“وخلال إقامتها هنا، ضع أحدهم لمراقبتها باستمرار. ولا تنسَ أن تفتّش حياتها الشخصية أيضًا.”
“حتى حياتها الخاصة يا سيدي؟“
“إن شغفها المفرط بالزواج عن حب يثير التساؤل… فلا بد أن في الأمر ما يُخفى.”
“مفهوم.”
خطر في بال أندريا أنها قد تكون على علاقة بشخص ما.
وإن وُجد ذلك الشخص، فمعرفته ستكون مفتاح كشف حقيقتها.
وفي نفس الوقت، سيكون ذلك الشخص نقطة ضعفها… وهدفًا مناسبًا إن اقتضى الأمر.
“لو قررت دعمها فعلًا، سيتوجب عليّ أن أختار إما أن أحمي ذلك الهدف… أو أستخدمه كأداة للتحكم بها.”
“لكن… يمكنني تأجيل القرار حتى أتأكد من حقيقتها.”
رغم أن الأمر كان حدسًا غير مدعوم بدليل، إلا أن أندريا شعر بشيء مختلف.
شعور مبهم يقول له إن هذه الفتاة قد تجلب الحظ الكبير لعائلته.
___________
بدو يستخدم ثيو لانو نقطه ضعف ايزابيلا مسكين مابيعرف انو ابنه بيعشق ثيو هههههههه
ترجمة : سنو
فتحت جروب روايات في التيليجرام يمديكم هنيك تقرأو الروايات بدون نت🌟!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"