[أول ما يجب على المستحضر حين يحاول الاستدعاء الأول أن ينتبه جيدًا.
فهناك أرواح غريبة قد تظهر من تلقاء نفسها عبر الممر المفتوح، حتى لو لم تكن منسجمة مع طبيعة التوافق المستخدمة. ولهذا السبب غالبًا ما يستدعي المرء في المرة الأولى روحًا تختلف طبيعتها عن طبيعته.
عندها، يجب الحذر من إبرام عقد مع روح مختلفة عن طبيعة توافقه. إذ قد يؤدي ذلك إلى خلل في قدرة المستحضر على التحكم في طاقته، خاصة لو صادف روحًا معاكسة له في الطبيعة.]
كانت تلك معلومات تعرفها إيزابيلا مسبقًا، لكن قراءتها الآن من منظور آخر أيقظت لديها شعورًا مختلفًا.
فلعلها بدت أكثر وقعًا لديها لأنها كانت تعلم من حياتها السابقة أن ثيو ساعد نائب المركيز في إعادة الاستدعاء بفضل هذه الحقيقة.
لكن الوقت كان يضغطها، لذا طوت مشاعرها جانبًا وأخذت تقلب الصفحات بسرعة.
كانت هناك وفرة من المعلومات، لكن ما تبحث عنه لم يكن بينها.
‘ليس هذا… ولا هذا أيضًا…’
بعد أن قلبت أكثر من عشرة كتب، توقفت يدها أخيرًا.
‘ها هو.’
من سنة النشر بدا أنه كتاب قديم، ربما من أوائل ما أُصدر بعد تأسيس جمعية الأرواح نفسها.
وكان الزمن قد ترك أثره على الورق، فجفّ حتى صار هشًّا يتفتت مع أي لمسة قوية.
[ما يلي هي آراء يتداولها المستحضرين وكأنها حقائق مسلّم بها، لكنها في الواقع لم تثبت أبدًا.
1. الأرواح كائنات تنتمي إلى بُعد آخر. وقد قررت جمعية الأرواح أن تطلق على ذلك البُعد اسم عالم الأرواح.
2. يُعتقد أن بيئة عالم الأرواح مشابهة لطبيعة عالم البشر، لكنها أكثر فوضوية لعدم تدخل الإنسان فيها، ولذلك هي أنقى بكثير.
3. يُفترض أن عالم الأرواح لا يضم سوى الأرواح وما تحتاجه للبقاء والنمو، مثل النباتات والميكروبات. أما الحيوانات أو الأعراق الأخرى فلا وجود لها هناك.
4. يُظن أن الزمن في عالم الأرواح يجري على نحو مختلف عن زمن عالم البشر.
….”]
هذا بالضبط ما كانت تبحث عنه.
رغم أن بعض الكلمات قد مُحيت بفعل الزمن، إلا أن المعنى كان واضحًا بما يكفي.
كانت القائمة طويلة وامتلأ بها الكتاب كله تقريبًا.
وبعد أن قرأت كثيرًا منها، وقع بصرها على سطر أثار فضولها:
[101. الممر الواصل بين عالم البشر وعالم الأرواح لا يمكن استخدامه إلا من قِبل الأرواح. أما البشر فلا يستطيعون دخول عالم الأرواح.]
“هاه… كما توقعت…”
شعرت أنها وصلت إلى طريق مسدود.
لكن قبل أن تنهي القراءة، استوقفها السطر التالي:
[بعض الأشخاص زعموا أنهم زاروا عالم الأرواح، لكن تبيّن جميعها أوهامًا وأكاذيب.
※ من يرتكب مثل هذا الاحتيال يتعرض لعقوبات صارمة من جمعية الأرواح، فلْيُحذر.]
كان التحذير باللون الأحمر مخيفًا، لكن إيزابيلا تجاهلته.
كل ما شدّ انتباهها هو عبارة ‘أشخاص زعموا أنهم زاروا عالم الأرواح’.
وبجواره إشارة مرجعية صغيرة.
فتحت إيزابيلا الصفحة الأخيرة متتبعة ذلك الرقم.
[من بين جميع المحتالين الذين ادّعوا زيارة عالم الأرواح، كان أشهرهم أول رئيسة لجمعية الأرواح، أوفيليا إلادور.
بعد إعلانها ذلك، قوبلت بموجة رفض شديدة من الجمعية، ما اضطرها للاستقالة من منصبها.
ومنذ استقالتها اختفت آثارها تمامًا، ولا يُعرف حتى اليوم أين ذهبت.
الشائع بين المستحضرين أنها حاولت مرارًا دخول عالم الأرواح للعيش فيه، لكنها فشلت في كل مرة حتى تلاشت أخيرًا في الهواء.
وباستثناء أوفيليا إلادور، فإن بقية من زعموا زيارة عالم الأرواح لم يحظوا إلا بذكرٍ عابر.]
كانت قصة أوفيليا إلادور هي الأطول تفصيلًا، بينما بقية الأسماء مرّ عليها الكتاب مرور الكرام.
لكن لم يكن بينها ما ينفع إيزابيلا.
“كلهم أشخاص عاشوا قبل مئات السنين…”
ثم تذكرت أن أوفيليا إلادور نفسها كانت أول رئيسة للجمعية التي تأسست بعد الإمبراطورية بوقت قصير، أي قبل سبعمئة عام تقريبًا.
‘ظننت أنني قد أستفيد لو التقيت بهم…’
نظرت إلى بعض الصور المرسومة لهم في الكتاب.
لكن مضي القرون جعل الرسومات باهتة بالكاد يُعرف منها أنها وجوه بشر.
استقر بصرها على صورة أوفيليا إلادور.
لم تكن الملامح واضحة، وكل ما بدا جليًّا هو شعرها الطويل.
أما اللون البني للشعر، فبقي مجهولًا، هل كان في الأصل كذلك أم تغيّر بفعل الزمن؟
ومع ذلك، وجدت نفسها تحدّق في الرسم الباهت وكأن شيئًا يجذبها.
‘يا صغيرتي… أنتِ فخري.’
فجأة اخترق ذهنها صوت مألوف.
ارتعدت إيزابيلا، وهزّت رأسها بقوة.
كانت قد اقتربت من الصورة حتى كادت تغوص فيها، لكنها تراجعت للخلف بسرعة.
‘تبا… أعتقد أنني أفكّر بأمي كثيرًا هذه الأيام.’
ابتسمت بمرارة وهي تدرك أن صورة باهتة لشخص مجهول جعلتها تستحضر أمها.
تنفّست بعمق، ثم أعادت النظر إلى الصفحة.
وهناك وجدت ما أثار فضولها مجددًا.
[فيما يلي صورة لما زعمت أوفيليا إلادور أنه ملك الأرواح الذي قابلته في عالم الأرواح.
ولأن له هيئة بشرية، فقد عُدّ ادعاؤها مشكوكًا فيه للغاية.]
وتحتها رُسمت صورة أكثر بدائية من السابقة.
لكن إيزابيلا لم تتمكن من التمعن فيها، إذ كان عليها أن تغلق الكتاب بسرعة.
[تْشيك! تشيك تشيك! تشيك!]
“……؟!”
لقد كان نووم الذي أوكلته إلى ثيو فجأة يناديها على عجل.
[ما بك؟ ماذا حدث…….]
وقبل أن تسأله، اجتاحها على الفور إحساس نووم بالخوف والغضب.
ثم تسللت إليها هالة ناعمة من نار.
[فايتشي……!]
تلك الهالة لا يمكن أن تُنسى أبدًا.
لماذا ظهر ذلك الرجل فجأة أمام ثيو؟
أيًّا كان السبب، لم يكن خيرًا على الإطلاق.
قفزت إيزابيلا واقفة.
وانهالت الكتب التي كانت تغطي ركبتيها على الأرض متناثرة، لكنها لم تملك وقتًا للاهتمام بها.
“أعتذر على تركي الفوضى ورائي!”
“لا بأس……. إلى اللقاء……. آه، لقد ذهبت بالفعل.”
لم يُكمل أمين المكتبة التحية حتى كانت إيزابيلا قد اختفت.
***
لم يكن من الصعب على إيزابيلا، التي هرولت خارجة من المكتبة، أن تعثر على ثيو وفايتشي.
فكلاهما كانا عند الباب الخلفي لمبنى الجمعية، وكأنهما في طريقهما للدخول.
“ثيو!”
حتى من بعيد بدا الجو مشحونًا، فما كان منها إلا أن نادت اسمه بصوت عالٍ.
فاستدار الرجلان إليها في الوقت نفسه.
“لم أكن أعلم أن جلالتك موجودة هنا أيضًا. يشرفني أن أحييك.”
رغم أنها هرعت إلى هنا بعد أن شعرت بهالة فايتشي، إلا أن إيزابيلا تظاهرت بالجهل كأنها لا تعرف.
أما هو، فسواء كان يعلم أم لا، لم يُظهر أي اكتراث، بل اكتفى بابتسامة.
لكنها لم تكن تلك الابتسامة الهادئة التي يتقنها لإخفاء نفسه أمام الناس، بل ابتسامة ماكرة ذات طابع خبيث.
“مرّ وقت طويل، يا روحانية ماكا.”
حتى صوته لم يكن رقيقًا.
لم يكن حولهما أحد تقريبًا، ولذلك قرر ألا يضع قناعًا أمامها.
لا يعرف لماذا، لكن هذه المرأة منذ اللحظة الأولى التي التقت عيناهما فيها، اعتبرته عدوًا كاملًا.
فلم تنطلِ عليها حيله ولا إغواءاته.
لم يجد تفسيرًا لذلك سوى أنها كانت تعرفه مسبقًا.
من أين عرفت قصته؟
هل أخبر ليكاردو ثيو عنه، ثم نقل ثيو ذلك إليها في رسالة؟
أم هل تلقت تحذيرًا صارمًا بضرورة الحذر منه بمجرد وصولها إلى بيت الماركيز ماكا؟
أسئلة دارت في ذهنه، لكنه لم يهتم بالإجابة.
فالذي يهمه هو أنها جعلته موضع سخرية.
“ما رأيك؟ كيف وجدت شعورك وأنتِ الآن عضو في الجمعية؟”
أدركت إيزابيلا أنه تخلّى عن قناعه معها، وشعرت بالرضا.
فهذا دليل على أنها نجحت في استفزازه.
وبالمثل، خلعت هي أيضًا قناعها وردّت عليه ببرود.
“إنه لشرف عظيم أن أحظى بمكانة كهذه.”
“هاه… كلمات تسرّ من سيقدّم لكِ الهدية.”
“وثمرة المقامرة دائمًا ما تكون حلوة.”
لو سمعهما أحد لظن أنها محادثة رقيقة وديعة.
لكن بين الكلمات أشواك مخفية.
“وماذا عن جلالتك؟ ما الذي جاء بك إلى هنا؟”
فهو منذ أن فقد منصب الجمعية لم تطأ قدماه المكان بسهولة، حفاظًا على كبريائه.
وفي العادة لم يكن يحضر إلا في أيام الاجتماعات.
ولذلك، كانت إيزابيلا متأكدة أن وراء قدومه هذه المرة نية خبيثة.
“هل يحتاج المستحضر إلى عذر كي يأتي إلى جمعية الأرواح؟”
أجاب فايتشي بلا مبالاة.
وكان على كتفه الطائر كاسا يرفرف بجناحيه.
لكن تلك اللامبالاة بالذات جعلت إيزابيلا تزداد شكًّا.
كان يخيَّل إليها أنه عرف مسبقًا أنها ستكون هنا.
‘هل أبالغ في التفكير؟’
فالجمعية هي المكان الوحيد الذي لا تستطيع فيه إيزابيلا، رغم كونها روحانية عليا، استدعاء أرواحها العليا بحرية.
ومنذ حادثة الكونت موتكان ازدادت إجراءات الحراسة صرامة.
لذلك، حتى لو بدت في أضعف حالاتها، فلن يجرؤ أحد على مسها.
وبالتأكيد، فإن مقابلته هنا أفضل لها من مواجهته في الشارع، حيث قد يخرج كلايْ من دون قصد.
وبالتالي هي أكثر أمانًا في هذا المكان.
‘لكن هل يُعقل أن فايتشي بكل جبروته جاء إلى هنا لمجرد ذلك؟’
هذا لا يليق به أبدًا.
هل يُعقل أنه ركض إلى هنا فقط لأنه سمع أنها في المبنى، كي يتجنّب مواجهة روحها؟
حتى لو كان في أضيق حال، فلن يفعل أمرًا كهذا.
رجل مثله، الذي يوكّل رجاله بأغلب المهام تجنّبًا لتلويث يديه، لمجرد أن كرامته جُرحت.
‘إذن لماذا…….’
—
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 68"