تلك اليد الصغيرة، ترافقها ابتسامة رقيقة كانت تدعوه إلى عالم حلو خادع.
فأمسك كارتر بها طواعية.
“أُوكل إليكِ مستقبلي.”
هكذا صار عدو الأمس حليف اليوم، وتصافحا.
ليكن مستقبله متوافقاً مع أمنيته.
كانت تلك نية إيزابيلا التي أسقطت أحد الأعمدة التي كان فايتشي يستند إليها.
***
“لا يُصدَّق… إذن طوال هذا الوقت، إيزابيلا، كنتِ تجندين كارتر؟ وكاساندرا، أنتِ ساعدتها؟”
أطلق ليكاردو تنهيدة طويلة بعد أن سمع كل شيء.
“لماذا تتفاجأ هكذا؟ هذا أمر أساسي لا أكثر.”
ردّت كاساندرا ببرود، فازداد وجه ليكاردو امتعاضاً.
“ومن يفكر أصلاً في استقطاب أقرب المقرّبين من الأمير؟”
“هي فعلت.”
“أنا لا أمزح!”
ضرب ليكاردو صدره بضيق، إذ كانت كاساندرا بخفتها تفرغ من الجدية وضعاً في غاية الخطورة.
“هذا إعلان حرب مباشر! هل تنوين مواجهة فايتشي وجهاً لوجه؟”
“ولِم لا؟”
قالتها إيزابيلا مقلّدة كاساندرا في خفة كتفيها.
“هو من استفزنا أولاً. كيف تجرأ أن يعبث بيني وبين ثيو؟”
كل شيء بدأ من سرقة الرسالة.
ونفخت إيزابيلا بسخرية، فلم يجد ليكاردو ما يرد به.
“حتى بعدما حذرناه بمبارزة الأرواح تجاهلنا وتمادى بالعداء. أما تفجير المنجم… فذاك من عمل فايتشي.”
“ماذا؟!”
ارتفع صوت ليكاردو، واتسعت عينا دايفيد الذي نادراً ما أظهر تعابيره.
“صحيح. أنا من اشترى المتفجرات من السحرة.”
أكّد كارتر كلام إيزابيلا.
للحظةً تساءل ليكاردو، كيف عرفت هي بهذا السر؟ لكن بما أنها استطاعت كشف كل أسراره، لم يستغرب أن تعرف هذه المعلومة أيضاً.
انحنى كارتر معتذراً لـ ليكاردو.
“أعتذر.”
“لا، لا. هذا ليس المهم الآن. المهم… أن ما جرى كان حقاً من فعل فايتشي؟”
“نعم، صحيح.”
“هاه! كنت أشك، لكن لم أتخيل أن يكون فعلاً من صنيعه.”
كان لديه بعض الشبهات، لكنها مجرد ظنون.
والآن تأكد أنها الحقيقة.
تنهد ليكاردو وهو يدفع بخصلات شعره الطويل إلى الوراء.
بينما عجز عن قول المزيد، قاطع إدوارد فجأة:
“انتظروا!”
ضرب الطاولة بقوة ليجذب انتباه الجميع.
مشيراً بأصبعه نحو كارتر الذي يقف بجانب إيزابيلا.
“كيف يمكن أن نثق به؟ قد يكون مرسَلاً من قِبل الأمير، عميلاً متخفياً!”
“أما زلت لا تفهم بعد ما رأيت في الحريق قبل قليل؟”
قالتها كاساندرا باستهزاء.
وكانت جراح كارتر التي خلفها الحريق برهاناً على خطورة الأمر.
لكن إدوارد لم يخفض صوته.
“قد تكون كل هذه تمثيلية متفقاً عليها مسبقاً! كيف نتأكد أنها ليست مجرد خدعة لإيهامنا وخداعنا؟”
كانت حجته مقنعة إلى حدّ جعل الجميع يتململون في مكانهم، لكن إيزابيلا ردّت بهدوء:
“لأن هناك سارا.”
“سارا؟”
سأل إدوارد باستغراب، فأجابه جوشوا هامساً:
“اسم تلك الطفلة الصغيرة هو سارا.”
“وما شأنها؟”
ابتسمت إيزابيلا وقالت:
“من يملك ما يحميه، لا يضعه أبداً في مقامرة.”
ثم أمسكت بيد ثيو الجالس إلى جوارها وشدّت عليها.
قد تعرض نفسها للخطر، لكنها لن تعرض ثيو للخطر أبداً.
هكذا كان ثيو في حياتها السابقة، وهكذا سيكون كل إنسان في هذا العالم أيضاً.
من يملك ما يحميه، يزداد شجاعةً ويزداد إصراراً.
“شيء يحميه…”
تمتم إدوارد وهو يحك رأسه مرتبكاً، وكأنه يعترف أنه لم يعرف نفسه بعد.
قال كارتر:
“أدرك أنكم ما زلتم تشكون بي. لا أطلب أن تفهموني، لكنني سأبرهن على صدقي بأفعالي.”
“ها! هذا كلام جميل يصلح لأن يكون شعاراً!”
صفقت كاساندرا بيديها، ثم مالت بجسدها قليلاً وهي تضع كاحل قدمها اليمنى فوق ركبتها اليسرى، ولوّحت بأصابعها بإشارة متحدّية:
“حسناً، فلنبدأ إذن بأسماء الجواسيس الذين زرعهم الأمير في نقابة باتوكا وداخل أسرة مركيز ماكا! هيا، اذكر أسماءهم واحداً واحداً.”
“مهلاً، كاساندرا، أليس من الممكن أن نؤجل هذا بعض الوقت؟”
تدخّل ليكاردو محاولاً إيقافها.
لكنها هزّت رأسها قائلة:
“ولماذا؟ هل هناك وسيلة إثبات أدق من هذا؟”
وأضافت بسخرية:
“حتى لو طلبنا منه أن يخبرنا عن تحركات الأمير القادمة، فإنها ستتغير على أية حال بمجرد أن يكتشف الأمير خيانته. الأسماء والمعلومات التي يعرفها ستُستبدل فوراً.”
كان من الواضح أن الأمير سيغيّر كل شيء، من رجاله السريين إلى خططه، حتى لا تبقى معلومة يمكن الاستفادة منها.
“لهذا علينا أن نستخرج منه أكبر قدر من المعلومات قبل أن تختفي أو تتبدل. إن كان هناك جواسيس، فلنقبض عليهم قبل أن يختفوا. وإن كانت هناك صفقات تهريب مقررة قريباً، فلنقطعها قبل أن تُنفّذ.”
ألقى ليكاردو نظرة متفحصة عليها وقال:
“لديك أعصاب فولاذية… نحن على وشك الدخول في مواجهة مباشرة مع الأمير فايتشي، ومع ذلك لا أرى فيك أثراً للقلق.”
ضحكت كاساندرا وقالت بعينين متقدتين:
“قلق؟! أنا أكاد أنفجر من شدة الحماسة! أليس رائعاً أننا سنلقّن هذا الأمير المتغطرس درساً أخيراً؟ متى سنحظى بفرصة ممتعة كهذه؟”
“يا إلهي… أنتِ حقاً مذهلة.”
تمتم ليكاردو وهو يتنهد.
لكن إيزابيلا تدخلت هذه المرة مؤيدة:
“بصراحة، أنا أتفق مع كاساندرا.”
ثم أكملت بثقة:
“هذه معركة لا مفر منها.”
وليّ العهد أو الأمير…
قبل أن يُحسم عرش الإمبراطورية، لن تنتهي هذه الصراعات.
وحتى بعد تتويج أحدهما، فإن لم يتم القضاء على نفوذ الآخر، ستستمر الفوضى والنزاعات.
“فإن كان لا بد من هذه المواجهة، فلتكن الآن، فالبدء مبكراً ليس سيئاً.”
اعترض ليكاردو قائلاً:
“لكننا لسنا مستعدين بعد. خوض المعارك يحتاج إلى استعداد كامل.”
“ألسنا مستعدين؟ أسرة الماركيز ماكا تقف خلفي. وقد استغلتني الماركيزة نفسها لتعلن عودة أسرتها بقوة إلى الساحة السياسية.”
وبعد مبارزة الأرواح، استعادت أسرة الماركيز مكانتها بين القوى العظمى، بل عادت أقوى مما كانت.
“وبفضل تهوّر الأمير، تمكنا من القضاء على كلبه المخلص الكونت موتكان. وبفضل شان كبرت حجم المعركة حتى انتزعنا مقعد فايتشي في مجلس الجمعية.”
قاطعتها كاساندرا ضاحكة:
“بل إن مشاريعنا التجارية انطلقت بقوة، والآن صارت نقابة باتوكا تحظى بشعبية هائلة بين عامة الشعب.”
أكملت إيزابيلا:
“أما الضربة الحاسمة التي كان يخطط لها، هي تفجير مناجم بيت الماركيز قد باءت بالفشل بفضلي أنا وثيو. وحتى الحريق الذي أشعله في حي الفقراء لم يجلب له إلا العار، بينما زاد من شعبيتنا بعدما أنقذنا الناس أمام أعين الجميع.”
ثم ابتسمت وهي تشير إلى كارتر:
“وأخيراً، استقطبنا ذراعه اليمنى نفسه.”
صمت الجميع عند تعدادها لهذه الانتصارات، وابتلعوا ريقهم بوجوه متوترة، لم يكن ذاك توتراً خالصاً، بل مزيجاً من الانفعال والبهجة.
قالت إيزابيلا بابتسامة واثقة:
“ألا يكفي كل هذا دليلاً على أننا مستعدون تماماً؟”
—
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 59"