“وعدم قدرتكِ على إقناعي يعني… أنّكِ كنتِ تعرفين أنّ هناك احتمالًا أن تتعرّضي للخطر.”
لو كانت متأكّدة تمامًا من الأمان، لو كانت تضمن عدم وقوع أي أمر طارئ بنسبة 120%، لكانت أخبرته بلا تردّد.
لكن وجود احتمال ولو ضئيلًا جعلها تخفي الأمر، لأنها تعلم أنّه سيمنعها.
إخفاؤها ذلك كان الدليل القاطع على أنّها تعالج الأمور بطريقة تعرّض نفسها للخطر.
“إيزابيلا…”
سألها فجأة:
“إن طلبتُ منكِ أن تتوقّفي… هل ستتوقّفين؟”
أطرقت رأسها طويلًا قبل أن تهمس:
“…لا.”
بالطبع لا.
فمن يريد اصطياد النمر، لا بد أن يدخل عرينه، وكذلك من أراد إسقاط فايتشي كان عليه أن يخوض غمار الخطر.
“آه…”
زفر ثيو زفرة طويلة امتزجت فيها مشاعر شتّى.
ساد صمت ثقيل بينهما.
حتى نايايس ونووم اللذان كانا يتدحرجان على السرير في لعب، أحسّا بجوّ التوتّر فتوقّفا وأخذا يتوارَيان.
وأخيرًا كسر ثيو الصمت:
“أعتذر إن كنتُ شددتُ عليكِ… لكنني لا أستطيع أن أفهمكِ.”
“……”
“أظنّني بحاجة إلى ترتيب أفكاري قليلًا.”
نهض من مكانه، فنهض نايايس خلفه.
ارتجف إيلايم عند كاحل إيزابيلا، لكنّ إشارة من ثيو أعادته إلى متابعة العلاج.
قال وهو يربّت برفق على رأسها:
“استريحي… سنتحدث لاحقًا.”
ثم مضى بخطى ثقيلة، دون أن تحاول إيزابيلا منعه.
كان ظهره المنكسر يوحي بمدى الإحباط الذي يعتصره.
وبقيت وحدها في الغرفة، فأطلقت زفرة حارّة.
“آه… حتى لو لم يفهمني، لا خيار أمامي. هذه هي الطريقة الوحيدة لحمايتنا.”
تمتمت بصوت متهدّج، ثم رفعت يديها تمسح وجهها في محاولة لتبديد الضيق الذي يعتريها، لكن قبل أن تكمل الحركة، انفرط من بين أصابعها شيء وسقط على السرير.
جمدت في مكانها، وعيناها معلّقتان بما رأت.
“ما هذا…؟”
كانت حبّة حمراء صغيرة بحجم حبة الفاصوليا.
شهق نووم في هلع واختبأ وراء ظهرها، فيما ارتجف إيلايم في ذهول.
“كيف وصل هذا إلى هنا…؟”
تردّدت يدها ثم التقطت ذلك الشيء الذي لم تدرِ أهو ثمرة أم جوهرة.
لكنها كانت تعرفه جيّدًا. لقد نالته من سيلايم في الحلم.
مرة أخرى… التقت الأحلام بالواقع.
***
خرج ثيو من الخيمة تاركًا إيزابيلا وحدها وهو يشعر بثقل رهيب على كتفيه كمن أثقلته المياه حتى بات مترهّلًا لا يقوى على رفع رأسه.
لم يكد يخطو بضع خطوات حتى توقّف، إذ وقعت عيناه على ليكاردو واقفًا تحت شجرة ضخمة أمام الخيمة.
ارتجف ثيو من دون وعي حين التقت عيناه بعينيه.
كان شعور مألوف يهاجمه مجددًا، ذلك الإحساس الغامض بالخطر الذي شعر به منذ زمن في القصر، لكنّه تجاهله آنذاك.
منذ تلك اللحظة التي رآهما فيها معًا بين أكوام الحجارة، بل منذ أن سمع أنّ إيزابيلا هرعت إلى حيث كان ليكاردو، كان قلبه يختلج بشيء من النفور الغريب.
قال ليكاردو، وكأنّه يجهل ما يدور في خلده:
“تشرب كأسًا؟ جلب جوشوا بعض زجاجات الويسكي.”
عرضٌ معتاد سمعه مرارًا حتى في ساحات الحرب، غير أنّ ثيو وجد نفسه متردّدًا، وهو أمر زاده اضطرابًا.
أجاب أخيرًا بعد أن طرد ذلك الوساوس من ذهنه:
“لا بأس.”
أراد أن يقنع نفسه بأنّه مجرّد توهّم ومبالغة في ردّ الفعل، فدفن القلق في أعماقه مرّة أخرى غافلًا عن أنّ كون الأمر يتعلّق بليكاردو بالذات قد يكون أخطر ما في الأمر.
انتقل الرجلان إلى مكان ناءٍ قليل الحركة.
***
جلسا في موضعٍ ينساب فيه نسيم عليل.
لم يكن جبلًا بحق، لكن من حيث جلسا بدت المناجم تحت أعينهما بوضوح، فيما كان العمّال ينظّفون الأنقاض المتهدّمة، بينما ينشغل آخرون بعلاج المصابين.
قال ليكاردو:
“لحسن الحظ لم يمت أحد.”
لم يكن عدد الجرحى كبيرًا أيضًا، ومعظم الإصابات مجرّد كدمات، فيما كانت إصابة إيزابيلا الأشدّ.
ابتسم ليكاردو وقال:
“هذا بفضلها.”
ارتجفت أصابع ثيو لا إراديًا، ولم يفت ذلك على ليكاردو.
فعلّق بابتسامة تنمّ عن اعتذار:
“أظنّك لا تحبّ سماع هذا.”
أجاب ثيو بنبرة حاول أن يجعلها باردة، لكن ظلّ فيها أثر امتعاض:
“لا بأس… على الأرجح كان هذا ما أرادته هي.”
وكان ليكاردو قد فهم أنّ الغضب يأكل ثيو من الداخل لإصابة إيزابيلا.
قال وهو يملأ كأسه:
“أعتذر… جُرحت بسببي.”
هزّ ثيو رأسه سريعًا:
“لا، حتى لو لم تكن موجودًا يا صاحب السعادة، لفعلت الشيء نفسه.”
كان يعلم يقينًا أنّها كانت لتخاطر مهما كانت الظروف.
تابع ليكاردو بابتسامة باهتة وهو يأخذ الكأس من ثيو:
“مع ذلك… منذ أن صارت مستحضرة أرواح الخاصة ببيت الماركيز، وهي تنجذب إلى المصائب. حتى مبارزة الأرواح…”
ثم أضاف بعد رشفة:
“لحسن الحظ أنّ كل شيء انتهى بخير، لكنك حتمًا شعرت بالكثير من الضيق.”
ارتجفت كتفا ثيو وهو يملأ كأسه، فأدرك ليكاردو ما كان يدور في رأسه.
“كنتُ مارًّا أطمئنّ على حالتها، فسمعت حديثكما. لم أقصد التجسّس، لكن الخيمة ليست عازلة للصوت.”
ابتسم ثيو بفتور:
“لا بأس، لم يكن أمرًا يستحقّ الإخفاء.”
تصافحت كؤوسهما، وابتلعا الشراب دفعة واحدة.
كان الويسكي الحادّ يحرق حلقيهما وهما يلوذان بالصمت للحظة، وملامحهما منقبضة.
قال ليكاردو وهو يملأ كأس ثيو من جديد، بصوت خافت:
“لست في موضع يسمح لي بالتدخّل، لكن أريدك أن تعلم شيئًا… أنا ممتنّ لظهور إيزابيلا في حياة بيت الماركيز. ممتنّ بما لا تسعه الكلمات.”
لم يُجب ثيو، واكتفى بالنظر إلى كأسه.
ومضى ليكاردو قائلًا:
“الجميع كان يحسد بيت الماركيز… ذلك البيت الذي امتلك كل شيء، أقرب المقرّبين إلى الإمبراطور ووليّ العهد…”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 54"