كان المال هو كل ما يهم طالما أنه يكفي لشراء دواء سارا.
طرح جانبًا صرخات الضمير التي كانت تعتمل في صدره، وتجاهل صوت الشعور بالذنب الذي كان يطنّ في رأسه.
كان الأمر شاقًا، لكنه صمد من أجل سارا.
“لقد أظهرتِ لي اليوم معروفًا، لكنني سأذهب لاحقًا لأضع حبلًا حول عنقك من جديد.”
كان مستعدًا لفعل أي شيء إذا كان يضمن سلامة سارا.
“حتى الكلب لا يعض يد من أحسن إليه، أما أنا… فأقل من كلب.”
“…..”
“لذلك، من الأفضل أن تتلقي ثمن ما قدمتِه لي اليوم.”
كان في صوته رجاء صادق.
“سأدوس على إحسانك، ولا أدري ما الذي قد أفعله لاحقًا.”
كان يعلم أي مهمة أوكلها فايتشي للكونت موتكان، لكنه لم يستطع أن يخبر إيزابيلا بذلك الآن.
“لا تجعلي الشفقة على جبان مثلي تدفعك لتلقي طعنة في ظهرك…”
“سير كارتر.”
قطعت إيزابيلا كلماته المتوسلة.
فنظر إليها كارتر بوجه متجهم، وهي تعرف هذا التعبير جيدًا، ذلك الوجه الذي كان يسبق اعتذاره كلما جاءها بمهمة لا يرغب في تنفيذها.
عندما يكره الأمر حد الجنون، لكنه مضطر إليه.
مجرد إظهار ذلك التعبير دليل على أن ضميره لم يمت بعد، وتحذيره لها بألّا تثق به دليل آخر على أنه لا يستطيع الإفلات من شعور الذنب.
لكن لماذا هو وحده لا يدرك ذلك؟
“هل تتذكر يوم حذرتني من حضور حفل التنصيب؟”
“أتذكر.”
“كان ذلك بسبب مبارزة الأرواح، صحيح؟ لقد خشيتَ أن أموت.”
“… نعم.”
لقد جاءها خلافًا لأوامر فايتشي ليحذرها لأنها قد تموت، وهذا ليس فعل شخص جبان.
لم يجب على الفور، فابتسمت إيزابيلا بخفة.
كانت تؤمن بخيريته، والآن أكثر بعد أن عرفت قصته.
تذكرت ذلك الحوار القديم:
“لا يا آنسة، اهربي الآن… هذه فرصتك الوحيدة.”
ـ “لكن إن تركتك الآن، ستتحمل أنت كل العواقب.”
“إن بقيتِ، ستموتين.”
“إذًا لا مفر.”
لقد كان مستعدًا لتحمل غضب فايتشي وتركها تهرب…
“إن ذهبتِ الآن، قد يكون لسمو ولي العهد فرصة ولو بنسبة 1% للبقاء حيًا، لكن إن هربتُ أنا، فسيموت لا محالة.”
“أتضحي بحياتك من أجل ولي عهد لا تربطك به أي علاقة؟”
“لأنه الأمل الوحيد في إسقاط فايتشي.”
“لم أخبركِ بكل هذا لأراك تمضين إلى حتفكِ.”
“هذا غريب… لم أظنك ستمنعني هكذا، منذ متى تقلق عليّ؟”
تذكرت يومها نظرة عينيه المرتبكة، وكيف بدأ وجهه يتشنج تدريجيًا، ثم في النهاية أفسح لها الطريق.
كان ذلك آخر حوار بينهما.
كان الأمر فخًا نصبه فايتشي للإمساك بها وبولي العهد معًا، لكنها دخلت فيه وهي تعرف ذلك لأنه لم يكن أمامها سبيل آخر لإنقاذه، لكنها فشلت في النهاية.
لقد حاول كارتر حينها إفساد خطة كانت تُعد ضربة عبقرية لفايتشي.
لم تكن تفهم السبب في ذلك الوقت لجهلها بظروفه، بل ظنت أنه مأمور من فايتشي نفسه، لكنها الآن أدركت أن هذا ليس تصرف جبان.
لقد كان شعور الذنب يتراكم بداخله حتى انفجر، فلم يستطع أن يرى إيزابيلا تمشي إلى موتها، حتى لو عرّض ذلك سلامة سارا للخطر.
“أريد أن أضع ثقتي في السير كارتر الذي ركض نحوي في ذلك اليوم.”
كانت تشير إلى لحظة في حياتها السابقة، وإلى ما قبل حفل التنصيب في حياتها الحالية، وجمعت بينهما في حديثها، مع أن كارتر لا يعلم إلا عن الحادثة الأخيرة.
“وبناءً على ذلك لدي اقتراح مجنون.”
لم يكن عرضًا لثمن معروف ولا طلبًا للتهديد أو الاستعطاف، بل اقتراحًا صريحًا جعل كارتر يضغط شفتيه بقلق.
ثم أطلقت إيزابيلا قنبلة لم يتخيلها:
“سير كارتر، هل تود أن تصبح من أتباعي؟”
اتسعت عينا كارتر إلى حد لم تره من قبل، حتى بدتا كقمرين فضيين، وارتجفت حدقتاه بعنف.
ثم أضافت، وهي تواجه ذهوله:
ـ “لا أستطيع أن أعدك بالكثير، لكن يمكنني أن أضمن لك شيئًا واحدًا، وهو سلامة سارا.”
أي أنها تستطيع ضمان ألا تقع سارا في قبضة فايتشي، حتى لو طالتها هي يده.
بمجرد أن نقرت بإصبعها، دوّى صوت طَقطَقة، وظهر من جهة المنزل حيث كانت سارا نائمة كيان ضخم يخطو بخطوات بطيئة.
لقد كشف عن نفسه بعد أن كان مخفيًا، وكان في صورة مصغَّرة بحجم ثور لكنّه في الحقيقة كان فيلًا، أو بالأحرى، الروح العليا كلاي.
خفق قلب كارتر بعنف حتى كاد صوته يصل إلى أذن إيزابيلا.
فإذا كانت روح من الدرجة العليا تحرس سارا، فلن يكون هناك خطر حتى لو هاجم فرسان فايتشي.
حتى لو جاءت روح فايتشي نفسها، فأقوى ما لديه هو إغنيس، وهو روح من الدرجة المتوسطة ولا يمكن لروح متوسطة أن تتغلب على روح عليا مثل كلاي.
خفَّت أنفاس كارتر شيئًا فشيئًا، وأحاط به شعور لم يدرِ أهو من شدة الانفعال أم من عمق الرجاء… لكن ما كان مؤكدًا أن بذرة أمل أخذت تتحرك في أعماق قلبه.
تحت ضوء القمر، بدت هذه الشابة المبتسمة بخفة متألقة على نحو لم يره من قبل.
***
“تلك المرأة جاسوسة! يجب طردها فورًا!”
صرخ إدوارد وهو يوجّه إصبعه إلى إيزابيلا، حتى احمرّ وجهه من شدّة الانفعال.
أثارت حدة صوته ارتباك الجميع في المكان.
بينما كان دايفيد ينظر إليه بتعبير “ما الذي أصابه هذه المرة؟”، كان جوشوا يحدّق في إيزابيلا بعينين ضيقتين مترقبتين، أما كاساندرا فبدا على وجهها الاستنكار، وليكاردو كان متحيّرًا.
كان ثيو متفاجئًا، لكن الأكثر ارتباكًا كانت إيزابيلا نفسها.
“أنا جاسوسة؟”
“نعم!”
“وما الذي دفعك لتظن ذلك؟”
“هاه! تتظاهرين بالبراءة!”
زمجر إدوارد وهو يردّ:
ـ “لقد رأيتُ بعيني! ابتعدوا عن طريقي، سأريكم الدليل!”
اندفع بخطوات سريعة نحو غرفة إيزابيلا، وتبعه الآخرون على تردد في البداية، ثم لحقوا به.
“ها هي…!”
وبعد أن قلب الغرفة رأسًا على عقب، أخرج صندوقًا، وما إن فتحه حتى انهمرت منه رسائل كثيرة.
كان المشهد يوحي وكأن هناك مراسلات سرية تجري بينها وبين أحد ما.
“هيا! فسّري هذا!”
هتف بفخر وكأنه قد كشف الحقيقة، بينما ارتسمت الحيرة على ملامح إيزابيلا، التي وجدت نفسها متهمة بالتجسس.
وكانت بداية هذه الحادثة قبل ساعات قليلة، في مقر نقابة باتوكا.
***
كان إدوارد يتجول في شارع مليء بالحدّادين بحثًا عن سيوف جديدة.
لم يكن لديه متجر ثابت يتعامل معه، وكان يريد العثور على حداد يمكن أن يصبح زبونًا دائمًا عنده.
في تلك المنطقة، كانت المتاجر متخصصة، فهناك من يبرع في صناعة الدروع والتروس، وآخرون في الأدوات المنزلية، وآخرون في السيوف والرماح.
وبما أن إدوارد يستخدم سيفين قصيرين، فقد كان يبحث عن متجر يصنع خناجر ذات جودة عالية.
لكن بعد أن تفقد عدة أماكن، لم يجد شيئًا يرضيه.
“هل يعقل أن إمبراطورية دويتشلان لا يسكنها إلا حدادون فاشلون؟! ما هذه الجودة الرديئة؟”
تمتم متذمرًا، وأضاف:
ـ “لو كان لديّ فقط ورشة حدادة، لصنعت أسلحتي بنفسي.”
ومع ذلك، لم يكن راغبًا في ذلك حقًا، فهو لا يحب التعامل مع الحديد المحمّى أو حرارة النار.
حتى الآن، كان وجهه الذي يحمل آثار الحروق يلسعه كلما سمع صوت الطرق على الحديد “كاانغ، كاانغ”.
ـ “ربما عليّ أن أطلب من القائد.”
فلو علم ليكاردو أنه يبحث عن سلاح جديد، لصنع له فورًا شيئًا بأعلى جودة… لكن المشكلة أن القائد غالبًا لن يقبل أخذ أي مقابل.
توقف عن هذه الأفكار.
لقد أنقذ حياتي، وهذا يكفي.
ـ “يجب أن أتوقف عن الاعتماد عليه…”
لكن ما إن يستفيق من شروده، حتى يجد نفسه يسير خلفه من دون قصد… وهذه العادة يصعب التخلص منها.
“تبا… هذا يزعجني.”
وبينما كان يلعن نفسه على تصرفاته، وقعت عيناه على شخص مألوف.
“وكأنني لا أشعر بالانزعاج بما فيه الكفاية، حتى أضطر لرؤية وجه هذا الوغد…”
كان الرجل هو كارتر، أحد المقربين من ولي العهد فايتشي، وعدو ليكاردو اللدود تقريبًا، وإن كان إدوارد قد التقى به مرات قليلة.
لكن كارتر تعرّف عليه فورًا، إذ كان يدرك جيدًا من هو خصمه.
“هاه؟”
إلا أن كارتر لم يكن وحده… كان يلتقي بشخص أصغر منه حجمًا، يرتدي عباءة بقلنسوة كبيرة، مما أثار الريبة.
$ما الذي يخطط له هذه المرة؟’
افترض إدوارد على الفور أن الأمر جزء من مخططات فايتشي القذرة، وقرر أن يتعقبه قليلًا لمعرفة ما يجري.
فتظاهر بتفقد معروضات أحد محال الحدادة القريبة، بينما كان يراقب كارتر من طرف عينه.
“هاه…؟ هاااه؟”
لكن حين لمح ملامح الشخص الذي يلتقيه، اتسعت عيناه بدهشة، ونسي نفسه وهو يحدّق بها.
‘هل أنا واهم؟ لا… إنها هي.’
كانت تلك المرأة التي تسلم كارتر صندوقًا صغيرًا ليست سوى إيزابيلا، المرأة المرتبطة بثيو، ومستحضرة الأرواح في بيت مركيز ماكا.
‘لكن… ما سبب لقائها بكارتر في هذا المكان الخفي؟’
——
ترجمة : سنو
حسابات المترجمين في الواتباد في خطر ويمكن ينحظر في اي وقت، جروب التيليجرام حيث كل رواياتي موجوده ملفات والنشر هناك اول
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 41"