لن أخدع مرتين [ 32 ]
“لكن، هل أنتِ واثقة من الأمر؟ هل سيجدي البيع للعامة نفعًا؟”
“هل تقلقين بشأن السعر؟ لا داعي للقلق. لن أصنع أدوات من الدرجة العليا، بل سأتجه للدرجات الدنيا.”
“ليس هذا ما أقصده، سمعت أن صنع أداة واحدة أمر مرهق للغاية.”
“هذا فقط إذا كنتُ أصنع أدوات بأعلى مستوى يمكنني صنعه.”
هزّت إيزابيلا رأسها.
“بالنسبة لي كمستحضرة أرواح من الدرجة العليا، يمكنني صنع عشر أدوات بسيطة يوميًا بكل راحة.”
رغم أن الرقم لا يبدو ضخمًا، إلا أن مقارنةً بصنع أدوات من الدرجة العليا الذي يستغرق أيامًا، فالأمر يُعدّ سهلًا.
فقط الأدوات التي صنعتها لرفاق ليكاردو وثيو في الحرب، استغرقت منها أربعة أيام للواحدة.
“جمعية مستحضرين الأرواح ستفقد صوابها.”
فالسوق الذي يُباع فيه أدوات من الدرجة الدنيا بلا طاقة تقريبًا مقابل 600 شيلينغ، إن تدفقت فيه أدوات جديدة بمعدل عشر يوميًا…
“لكنهم لن يستطيعوا منعنا. لا توجد لوائح قانونية تمنع ذلك.”
“يمكنهم وضع قوانين متى شاؤوا. أليس هذا هو سبب وجود جمعية مستحضرين الأرواح أصلاً؟”
“لكن الآن، لم يعُد فايتشي جزءًا منها.”
رغم أن نفوذه لا تزال قائمة، إلا أنها دون مالك، لا قيمة لها.
بينما ولي العهد لا يزال حاضرًا داخل الجمعية.
“وبصراحة، أفكر في أن أطلب دعم ولي العهد. سأقابله هذا الأسبوع.”
“آه يا فتاة… كيف لي أن أتعامل مع امرأة تقول بكل بساطة إنها ستقابل ولي العهد؟”
تنهدت كاساندرا من تصرفات إيزابيلا الجريئة.
وعادت إلى ذهنها تفاصيل تلك المبارزة التي حدثت قبل أيام قليلة.
المبارزة بين إيزابيلا والكونت موتكان لم تنتهِ دون إصابات لولا تدخل ولي العهد.
“هذه المباراة باطلة! لقد أخفت قوتها، وهذا خداع!”
صاح الكونت موتكان مذعورًا.
لكن إيزابيلا اتخذت مظهرًا بريئًا وهي تقول:
“لم أُخفِ شيئًا… أنا نفسي لم أكن أعلم بمدى قوتي، ولهذا خضت هذه المبارزة لتقييم نفسي.”
ولم يكن هناك ما يمكن الرد به.
فأصلًا، كانت فكرة التحدي مبنية على تقييم القوة، وهي مبادرة من فايتشي نفسه.
“كان عليكِ أن تقولي إنك روحانية من الدرجة العليا!”
“لم تسألوني.”
“لو علمتُ، لما وافقت على التحدي أصلًا!”
“لكننا من نفس الرتبة، أليس كذلك؟”
لم يكن في حديثها أي خلل.
“هل دخلتم التحدي فقط لأنكم ظننتم أنني روحانية من الدرجة المتوسطة أو الدنيا؟ رغم أنه كان ممنوعًا الانسحاب؟”
احتضنت إيزابيلا ناب كلاي وهي ترتجف وكأنها في صدمة.
“لو لم يكن لديّ كلاي الآن… لكنتُ في عداد الأموات.”
ارتعشت كتفاها الرفيعتان.
ملامحها البريئة أثارت تعاطف الجميع.
وشهقة الاستنكار علت من بعض الحاضرين عند رؤيتهم حقد الكونت موتكان.
بل إن بعض النبلاء الذين لم يكونوا يُحبّذونه أصلًا أطلقوا سخرية خفيفة من سلوكه.
“باطل! هذه المبارزة باطلة تمامًا!”
صرخ الكونت باستياء، لكن أحدًا لم يصدقه.
فكل شيء في المبارزة كان طبيعيًا، دون أي مخالفة.
“هذا يكفي.”
وكان من أوقفه في النهاية هو ولي العهد بنفسه.
“لا أرى فائدة في إطالة هذا التحدي.”
فالجميع رأى أن الفائزة كانت إيزابيلا بلا شك.
“برأيي، رغم أن ما حدث لم يكن مُخططًا، إلا أنه كان مفيدًا. ومن الأفضل أن ننهي الأمر هنا، فليس من اللائق أن تُسفك الدماء في أمسية احتفال بالنصر.”
وكاد الكونت أن يوافق على الفور، لولا أن ولي العهد أضاف:
“إذن، نحسم النتيجة بفوز مستحضرة الأرواح التابعة لعائلة الماركيز ماكا، وعلى الأمير أن يفي بوعده.”
تجعدت ملامح فايتشي بشدة، وابيضّ وجه الكونت موتكان.
“أعتقد أن الرهان لاغٍ منذ أن أُلغيت قاعدة عدم الانسحاب.”
ردّ فايتشي، محاولًا إيجاد مخرج.
فالمقعد في جمعية مستحضرين الأرواح ليس شيئًا يُسلَّم بسهولة.
“هل ترغب إذًا بالاستمرار حتى النهاية؟”
سأله ولي العهد.
لكن فايتشي لم يستطع الرد بالإيجاب، واكتفى بتحديق حادّ في موتكان.
إذ منذ البداية، كانت نتيجة المبارزة محسومة.
والمتابعة لن تُفضي إلا إلى مزيد من الإذلال والإصابات للكونت.
وقد أدرك موتكان ذلك، فراحت عيناه تلتمس النجدة من فايتشي.
“أنا فقط أقول إنه في حال توقّفنا هنا، فالرِهان يجب أن يُلغى.”
قالها فايتشي مجددًا، لكن وجه ولي العهد بدأ يبرد تدريجيًا.
في الواقع، كان ولي العهد سعيدًا بخسارة فايتشي لمقعده في الجمعية.
فهو خصم دائم يسعى دائمًا لزعزعة مكانته.
لكن فايتشي كان يعلم أن ولي العهد لا يُحبّذ إثارة الفوضى في مناسبة احتفالية.
فاستغل هذه المعرفة ببراعة.
لو تابع التحدي، فسيكسب ولي العهد ما يريد، لكنه سيُفسد أجواء الحفل.
خاصة وأن خصم فايتشي هنا هي مستحضرة أرواح تابعة لعائلة الماركيز ماكا، وفي توقيت لا يُستهان به.
وفي المقابل، لو أنهى التحدي الآن، فإن الرِهان يضيع.
وكان فايتشي يُحمّل ولي العهد مسؤولية القرار.
تصرف خبيث، لكنه نجح.
وقع ولي العهد في فخ لعبته الكلامية.
وفي لحظة تردد من ولي العهد…
دُووم.
تقدّم كلاي خطوة واحدة للأمام.
“آااه! استدعاء، استدعوا الأرواح حالًا! أوقفوه!”
صرخ الكونت موتكان مذعورًا وهو يُطلق كل أرواحه دفعة واحدة.
لكنها لم تكن سوى خمس أرواح من الدرجة الدنيا وروحين من الدرجة المتوسطة.
صفق!
صفّقت إيزابيلا براحة.
فما إن فعلت ذلك، حتى تكوّنت رماح ضخمة من الرمال التي صعدت إلى السماء سابقًا.
وبمجرد أن حرّكت إصبعها، انطلقت الرماح نحو الأرواح السبع.
بوووم!
دوّى انفجار ضخم، وارتفع دخان كثيف.
“كح، كح…”
سعل الكونت موتكان بشدّة، وقد اختلط سعاله بالدم، لكنه لم يكن بحجم النزيف الذي يحدث عند ارتداد أحد الأرواح العليا.
وما إن انقشع الغبار، حتى تهاوت أرواح الكونت التي كانت بالكاد تصد الرماح، وعادت واحدة تلو الأخرى إلى عالم الأرواح.
لقد تم ارتدادها جميعًا.
“بهذا… تكون المعركة قد انتهت، أليس كذلك؟”
سألت إيزابيلا بنبرة خفيفة، بعد أن حسمت القتال في أقل من خمس ثوانٍ.
الجميع كان يركّز على كون الخسارة جسدية، لكن في الحقيقة، العجز عن القتال كان كافيًا ليُعدّ هزيمة.
والآن، لم يتبقَّ للكونت موتكان أي روح يمكنه استدعاؤها، بل حتى الاستدعاء من جديد سيكون صعبًا.
النزال حُسم دون حاجة لإيقافه أو التدخل فيه.
وبخلاف ما خشيه ولي العهد، انتهى دون أي إصابات تُذكر.
نظر فايتشي إلى إيزابيلا بنظرة مصدومة ومرتبكة، بينما تجاهلته هي، ورفعت عينيها نحو ولي العهد.
كان وجهه يشي بالدهشة للحظة، قبل أن يرتسم على شفتيه ابتسامة.
“كانت مباراة رائعة.”
“يسعدني أن نالت رضا جلالتك.”
قالت وهي تنحني باحترام.
“فايتشي.”
نهض ولي العهد من مقعده وتحدث بنبرة صارمة:
“على المرء أن يفي بكلمته.”
كان يقصد بذلك أيضًا محاولات فايتشي الملتوية للتملص من الرهان.
كلماته القصيرة ونظراته المليئة بالازدراء كانت كافية لجعل عروق يد فايتشي تنتفخ من الغضب.
“عليك أن تدرك ثقل كلمة أفراد العائلة الإمبراطورية.”
لقد دفع ثمن تحديه الخفيف بقسوة.
وبذلك، انتهى النزال… وانتهى الرهان.
“حقًا، لستِ عادية.”
هزّت كاساندرا رأسها وهي تستعيد ذكريات ما جرى.
كيف لها أن تفكّر بإكمال النزال وسط توتر سياسي بين ولي العهد والأمير فايتشي؟
“فعلتُ ما فعلتُ لأنني كنتُ واثقة من قدرتي على إنهائه نظيفًا وبدون فوضى.”
“وهذا بالضبط ما أعنيه بقول لستِ عادية. حتى لو فكّر البعض بذلك، قلّة هم من يجرؤون على التصرف فعلاً.”
“لكني حصلتُ على وقت شاي مع سموّ ولي العهد، أليس كذلك؟”
يبدو أن ولي العهد قد أُعجب بها بعد المباراة، فدعاها لتناول الشاي.
صحيح أنه لم يوجه الدعوة إليها مباشرة، بل طلب من ليكاردو، صديقها ونائب الماركيزة ماكا، أن يُحضرها معه.
فالدعوة المباشرة لامرأة من طبقة أدنى كانت ستثير الشائعات.
“الفرصة لا تُمنح، بل تُنتزع.”
“نعم، نعم، أنتِ رائعة. مجرد أن أمدحك قليلًا فتطيرين فوق السحاب!”
ضحكت كاساندرا وهي تهز رأسها، لكنها لم تُخفِ شعورها بالرضا.
لقد نالت عائلة ماكا ما تستحق، وألحقوا ضربة قاسية بفايتشي، وتحضيرات مشروعهم التجاري تسير على أكمل وجه.
في هذه الأثناء، انفتح الباب ودخل خمسة رجال.
“كاساندرا!”
“ثيو!”
صرخ كل من ليكاردو وإيزابيلا، كلٌّ باسمه الذي يخصه، لكن الفرح كان مضاعفًا.
“أتيتم باكرًا.”
قالتها كاساندرا بعد أن نظرت إلى الساعة بتأفف مصطنع.
كانوا قد خططوا للالتقاء لاحقًا لشرب بعض الكؤوس سويًا.
“لننزل إذًا؟”
رغم أن الموعد كان مبكرًا بساعة كاملة، لم يُبدِ أحد اعتراضًا.
“نعم… لكن قبل ذلك…”
استوقفت إيزابيلا التي كانت على وشك النهوض من على الشرفة وقالت:
“لدي طلب صغير. أو لنقول مهمة أرغب بتكليفها لكم.”
—–
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 32"