لن أخدع مرتين [ الفصل 21 ]
( ملاحظه ، من أرسل الرسالة الي ليكاردو كان الماركيز وليس الماركيزة )
لم تفارق الابتسامة وجه إيزابيلا منذ عودتها من لقائها بثيّو.
ولا عجب في ذلك، فقد تجاوزت السنوات التي قضتها تشتاق إليه العشر.
رغم أنها عاتبته، وكرهته في بعض اللحظات، إلا أنها في كل لحظة كانت تحبه وتفتقده.
والآن، بعد طول انتظار، رأت وجهه مجددًا، وعانقته بذراعيها.
شعرت وكأنها امتلكت الدنيا بأسرها.
لم يكن لديهما وقت طويل للحديث، إذ كان عليهما الاستعداد لوليمة المساء، لكن مجرد رؤيتهما لبعضهما كان كافيًا ليملأ قلبيهما بالفرح.
عادت إيزابيلا إلى قصر الماركيز ماكا بقلب خفيف، وما إن دخلت من الباب الرئيسي حتى التقت بالماركيز.
“ ها أنتِ، كنت في طريقي إليك.”
وكان يقف إلى جانب رجل آخر.
بدا في مثل سن ثيّو، لكنه كان يشبه الماركيز إلى حد كبير.
وما إن وقعت عينا إيزابيلا عليه حتى تجمدت مكانها.
آخر مرة رأته فيها… كانت في لحظات حياتها السابقة الأخيرة.
“أكرهك …”
لا تزال نظراته الحاقدة، التي كادت تخنقها، محفورة في ذاكرتها.
وما حدث حينها لم يكن شيئًا يسهل نسيانه.
“ لا أريد أن أصدق… لكن ماذا بوسعي أن أفعل؟ ذلك الأحمق قال إنه سيفعل أي شيء لينقذك!”
اكتشفت موت ثيّو، وخيانة أحدهم، وفي النهاية ماتت على يد فايتشي.
كان هو الآخر من شاركها لحظاتها في تلك الحياة، ولهذا شعرت بنوع من الارتباط الغريب به، لكنه ارتباط لا تذكره إلا هي.
قال الماركيز:
“ هذه هي الروحانية التي حدثتك عنها. قدّم لها التحية.”
أفاقت إيزابيلا من أفكارها وانحنت بأدب.
“ تشرفت بلقائك، اسمي إيزابيلا.”
انقبض حاجبا ليكاردو.
“ ليكاردو ماكا.”
ردّ باقتضاب ثم وجه نظره إلى والدته.
“ كيف عثرت عليها؟“
“ بالصدفة.”
“ صدفة؟“
لم يخفِ شكّه، فابتسم أندريا باستخفاف.
“ سنتحدث بالأمر لاحقًا، لدينا الوقت الكافي.”
ثم استدار وقالت:
“ لننهِ الاستعدادات للعشاء. ليكاردو، اغتسل وتعال لتساعد.”
“ سيدي دعني أساعد أيضًا.”
“ مساعدتك تكون بتكريس وقتك للتدريب.”
“لكن …”
“ أنسيتي ما وعدتني به؟“
كان يشير إلى اجتماع الجمعية.
رغم أن إيزابيلا لم تكن بحاجة إلى تدريب خاص لذلك، لم تجد داعيًا لتوضيح الأمر، فآثرت الصمت.
وتراجعت بخفة.
“ إذن، أراكم في العشاء.”
ومع رحيل أندريا، بقيت إيزابيلا وحدها مع ليكاردو.
ترددت قليلًا، ثم قالت بحذر:
“سيدي …”
“ ناديني بلقبي، السيد الشاب.”
“ حسنًا… السيد الشاب، مبروك على النصر.”
بادرت بقول ما رأت أنه أول ما يجب عليها فعله.
“ في الواقع، لدي هدية أعددتها مسبقًا… لكنها في غرفتي. هل يمكنني إعطاؤك إياها وقت العشاء؟“
“ هدية؟ لي أنا؟“
قطب جبينه، في تعبير لا يليق بشعره الفضي الناعم.
شعرت إيزابيلا بأن تصرفها قد أزعجه، فأطبقت شفتيها بصمت.
لم تكن من النوع الذي يراعي مشاعر الآخرين بهذا الشكل، لكنها لا تدري لماذا، في حضرة ليكاردو تحديدًا، تجد نفسها تراقب ردة فعله.
ربما بسبب العلاقة السيئة جدًا التي كانت بينهما في حياتها السابقة.
“ آسفة… هل تفضل أن أحضرها الآن؟“
سألت بتردد، فتنهد بعمق، وقد بدت عليه علامات الانزعاج.
شبك ذراعيه ونظر إليها، ثم زفر بقوة.
“ اسمك إيزابيلا، صحيح؟“
“نعم .”
“ ومن العامة.”
“نعم …”
‘ أنا من العامة‘ – حقيقة بديهية كونها وُلدت كـ استثناء، فما الداعي لسؤاله؟
“ في احتفال النصر، أنت من نادى ثيو، أليس كذلك؟“
“ نعم! صحيح.”
أشرق وجهها بوضوح عند ذكر اسم ثيو، وتراخى كتفاها من شدة التوتر الذي كان يعصف بها.
راقب ليكاردو تلك التغيرات في ملامحها بصمت، وبدا في عينيه شيء من الحيرة.
“ دعيني أسألك سؤالًا واحدًا.”
“ تفضل.”
“ لماذا لم تكتبي له رسائل؟“
“ عفواً؟“
لم تكن تتوقع هذا السؤال.
ظنّت أنه سيسأل عن مستوى الأرواح التي يمكنها استدعاؤها، أو كيف وصلت إلى قصر الماركيز.
أو ربما إن كان ثيو يعلم بأنها روحانية.
كانت تتوقع أسئلة كثيرة… لكن لا شيء عن الرسائل.
“ لقد مضى على مجيئك إلى هنا قرابة الشهر، أليس كذلك؟“
“ نعم، صحيح.”
“ لكن انقطعت رسائلك منذ نحو أربعة أشهر…”
حتى تاريخ انقطاع الرسائل كان يعرفه بدقة.
‘ معقول… لكن، ليس غريبًا، فقد كانا مقربين جدًا.’
تجاوزت علاقتهما علاقة القائد بجنديه، بل حتى علاقات الصداقة، فقد كانا بمنزلة الإخوة.
“ أعتقد أن الأمر واضح تمامًا.”
“ ماذا تقصد… ؟“
“ كنتِ تنوين التخلي عن ثيو. إما سئمتِ الانتظار، أو ببساطة، دخل رجل آخر حياتك.”
“ ماذا؟!”
اتسعت عيناها بدهشة، غير مصدقة لما تسمعه.
“ لكن بعد انكشاف أمرك كروحانية، ولأن كوم تعد جزءًا من أراضي آلماركيز، وصلت الأخبار إلى أبي، فأصبحتِ روحانية القصر بالصدفة.”
مع أنه لم يكن يعلم أن إيزابيلا هي من جاءت بنفسها إلى القصر، إلا أن ما تخيله لم يكن بعيدًا عن الواقع.
“ ثم اكتشفتِ لاحقًا أن ثيو نائب قائد في وحدتي. كنتِ تنوين تركه، لكن الظروف أجبرتك على الظهور مجددًا.”
“…..”
“ ولكي تتظاهري بأن شيئًا لم يحدث، أقمتِ ذلك المشهد في احتفال النصر.”
“…..”
ظلت صامتة، تستمع إليه، فظن أنه أصاب كبد الحقيقة.
“ قولي. أليس كذلك؟“
ظن أن صدمتها وصمتها دليل على انكشاف نواياها.
نظراته الثابتة نحوها الخالية من أي تعبير، زادت من وقع كلماته عليها.
سادت لحظة من الصمت.
لم تكن إيزابيلا تدري من أين تبدأ في تصحيح تصوّراته المغلوطة.
ما قاله كان محرجًا… وفي الحقيقة، مثيرًا للضحك أيضًا.
لكنها كانت تعلم تمامًا أن ضحكها في هذا الموقف لن يؤدي إلا لمزيد من سوء الفهم.
فطوت شفتيها للداخل وعضّت عليها محاولة كتم ابتسامتها.
لكن ذلك بدوره كان مشكلة.
فقد أساء ليكاردو تفسير تعبير وجهها، فقهقه بسخرية.
“ لا يُعقل…”
مرر أصابعه بين خصلات شعره الطويل، وكانت عيناه البنفسجيتان تتأججان بانزعاج وغضب خافت.
“ هل كنتِ تظنين أنكِ قادرة على إخفاء الأمر إلى الأبد؟“
“ سيدي، يبدو أن هناك سوء فهم… أنا في الحقيقة…”
“ لا تحاولي التبرير.”
قاطعها بحدة، رافضًا أن يسمع أي كلمة تلطيف أو دفاع عن النفس.
“ أشفق على الوقت الذي أضاعه ثيّو بسبب فتاة مثلك.”
“ لكن، أنا…”
“ من الأفضل أن تتخلي عن فكرة أنكِ ستكونين الروحانية الخاصة بعائلة الماركيز.”
“… عفوًا؟“
ما علاقة هذا بكل ما سبق؟ لم تفهم.
نظرت إليه مذهولة، بينما أطلق ضحكة صغيرة خالية من الرحمة.
“ حتى لو كنا في موقف ضعف، لن نضحي بشرفنا إلى هذا الحد.”
كان يعني أنه مهما ساءت الظروف، فلن يقبلوا شخصًا مثلها، من خانت ثيّو ومزّقت قلبه، في صفوفهم.
وهنا، لم تستطع إيزابيلا كتم ابتسامتها أكثر، فابتسمت بخفة.
‘ تمامًا كما كان في حياتي السابقة.’
رغم أنه كرهها بشدة في تلك الحياة، إلا أنه في لحظاتها الأخيرة، لم يتردد في المجازفة بكل شيء من أجل ثيّو.
رجل يضع العلاقات فوق الشرف، والصدق والولاء فوق السلطة.
كانت تخشاه بسبب الذكريات المؤلمة من حياتها السابقة، لكنه بدا لها الآن… أقل تهديدًا.
امتزج في قلبها الامتنان بالحزن، وغلب الامتنان.
“ هل تجدين الوضع مضحكًا؟ يا إلهي، ما هذا النوع من النساء…!”
“ سيدي الشاب.”
حتى طريقته في كبح غضبه ثم فقدان السيطرة عليه، كانت مشابهة جدًا لما كان عليه في الماضي.
“ شكرًا لك.”
“…ماذا؟ “
هذا ليس وقت الشكر!
“ لأنك كنت بجانب ثيّو… لا، في الحقيقة، شكرًا لك على كل شيء.”
في حياتها السابقة والحالية على حد سواء، كانت مدينة له بالكثير.
“أنتِ …”
ارتبك ليكاردو للحظة.
لكن سرعان ما استعاد صلابته، وقال بحدة:
“ إن كنتِ تحاولين كسب نقاط لديّ، فوفّري جهدك. لن أراكِ أبدًا بعين الرضا.”
“ حتى إن لم ترَني كذلك، فسأتبعك على كل حال.”
قالتها بابتسامة هادئة، في عينيها الخضراوين صفاء لا يحمل أي نوايا خفية.
حتى ليكاردو نفسه، لم يستطع إنكار صفاء تلك النظرات.
وذلك بدوره… زاده حيرة.
“ طالما أنك تحب ثيّو، فسأقدم كل ما أملك لأجلك.”
“…..”
ما الغرض الحقيقي من كلماتها؟
إن كانت تسعى للتقرّب منه، فلماذا ربطت ولاءها بحبّه لثيّو؟
لم يجد تفسيرًا منطقيًا.
وبينما كان يحاول تحليل نواياها، انحنت إيزابيلا قليلًا وقالت:
“ سأصعد الآن. أراك في العشاء.”
لم يردّ.
بقي صامتًا وهو يراقبها تغادر.
وقبل أن تصعد السلم، توقفت، واستدارت نحوه.
“ أوه، بالمناسبة…”
نظرت إليه مباشرة، وهو كان لا يزال يحدق بها مغادرًا.
“ أنا لم أتوقف عن إرسال الرسائل.”
“…ماذا؟ “
“ لا أعلم لماذا قلتَ ما قلت، لكنني ظللت أكتب حتى الشهر الماضي… حتى اليوم الذي أُعلن فيه عن نهاية الحرب.”
ابتسمت ابتسامة هادئة تخالطها مرارة.
فمجرد التفكير في تلك الرسائل التي كانت نقطة انطلاق كل مآسي حياتها السابقة، كان كفيلًا بجعل قلبها يعتصر ألمًا.
“ لم أتوقف يومًا واحدًا.”
ـــــــــــ
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 21"