“أعلم أنك تريد أن تساعدني، وأدرك أيضًا أن عجزك عن ذلك يزعجك. ولو كنتُ مكانك لشعرتُ بالمثل.”
احتضنت إيزابيلا ثيو الذي كان يرمقها بوجه متصلّب، محاولة تهدئته.
“آسفة.”
كانت ممتنّة لرغبته الصادقة في المساعدة، لكنها كانت تتمنى أن يفهم أيضًا أنها لا تستطيع أن تسمح له بالتدخل.
قال ثيو وهو يمسح جبينه بخجل:
“لم أفعل شيئًا، فإذا اعتذرتِ لي بدوتُ أنا الأغرب.”
كان يعلم جيدًا أنها لا تحتاج إلى مساعدته، بل وربما كان عرضه هذا يضعها في موقف حرج.
لكن ما أزعجه حقًا هو أنها تتواصل عبر بلورة الاتصال مع هارسيز مرارًا لأجل شؤون الأكاديمية، بينما لم يحدث أن فعلت ذلك معه ولو مرة واحدة.
(بلورة الاتصال بها صورة وصوت منشان هيك)
ورغم علمه أن الأمر كله متعلق بالعمل، فقد تسلّل إلى نفسه شعور بالغيرة.
ومن هنا ولدت في ذهنه فكرة ساذجة: لو ارتبط هو أيضًا بالأكاديمية، لربما استطاع أن يستأثر بمزيد من وقتها.
ومن هذا الخاطر العابر خرج سؤال “هل تحتاجين إلى مساعدتي؟”… لكنه ما إن نطق به حتى ندم، إذ بدا الارتباك واضحًا على وجه إيزابيلا.
قالت له بابتسامة مطمئنة:
“لا، بل أفهم قصدك تمامًا.”
لكن كلماتها لم تزد خجله إلا عمقًا.
ها هو يلتقيها بعد طول غياب، فيحوّل الأجواء بسبب غيرته الطفولية إلى ما يشبه التوتر. فشعر في تلك اللحظة أنه خطيب صغير النفس لم يراعِ ظروفها.
غيرت هي الموضوع قائلة:
“لنسرع. إن تأخرنا فلن نستطيع العودة الليلة إلى الدوقية.”
“سنكتفي بخياطتنا ثم نرجع؟”
“نعم. غدًا صباحًا لديّ اجتماع مع تجّار مملكة موفيو.”
وهي تمسك بيده وتجرّه، أضافت:
“ما زالت هناك أقسام كثيرة لم نجد لها أساتذة بعد.”
ثم سألت وهي تتلفت:
“أليس متجر الفساتين في هذا الاتجاه؟”
في الحقيقة، لم يكن سبب ذهابها إلى خيّاط في الدوقية بدلًا من مصممي العاصمة المشهورين إلا ضيق الوقت، وكثرة الاجتماعات التي تنتظرها.
وبالطبع، كان بوسعها أن تستدعي خياطًا خاصًا إلى مقرّها، لكنها آثرت أن تجعل من الأمر ذريعة لرؤية ثيو. إذ لولا هذا العذر لما وجدت وقتًا على الإطلاق.
قالت متسائلة:
“ترى، أي لون سيكون أنسب…”
فقاطعها صوت رجولي عذب:
“الدوقة إلادور؟”
توقفت إيزابيلا في مكانها، والتفتت مع ثيو إلى مصدر الصوت.
كان رجلاً يرتدي قبعة عريضة الحافة، يبتسم وهو يميل رأسه قليلًا ليتأمل وجهها.
قال برقة:
“حين قيل لي إن هناك امرأة تحمل في عينيها نظرة تشبه البراعم، لم أفهم المقصود. لكنني الآن أرى أنك حقًا تملكين عينين كعيني غصن يافع.”
سألت إيزابيلا وقد بدت متحيّرة:
“ومن تكون؟”
ارتسمت على ملامحه لحظة دهشة قصيرة، ثم نزع قبعته وانحنى بأدب. فتدلت خصلات شعره الفضي القصير متلألئة.
“اعذريني على قلة الذوق. أنا فيليب بوري فون موفيو، الأمير الثالث لمملكة موفيو.”
اتسعت عينا إيزابيلا دهشة:
“آه! أنت إذن…!”
سرعان ما تذكرت الصورة الشخصية التي كان خادمها قد أراها لها من قبل، فتقدمت بخطوة ومدّت يدها نحوه.
“لم أتوقع أن ألقاك في مكان كهذا، لذلك لم أعرفك. سررت بلقائك أيها الأمير فيليب.”
ابتسم مجيبًا:
“وأنا كذلك لم أتخيل أن أرى الدوقة هنا. لولا تلك الروح النائمة فوق رأسك، لكنتُ مررتُ بك من دون أن أدرك.”
صافح يدها برفق، بينما التقطت هي نووم الذي لم تنتبه إلى أنه ما زال ممدّدًا على رأسها، ونقلته إلى كتفها.
ثم أضاف الأمير وهو يرمق جانبها الآخر:
“ورؤية أونديني التي تحوم حولك، تجعلني أدرك أن هذا هو حقًا الدوق لويد الذي سمعت عنه في الأخبار.”
قدّم ثيو نفسه بصرامة:
“يوستاس ثيودور فون لويد، خطيب إيزابيلا.”
ابتسم الأمير وقال:
“تشرفت. نادني فيليب فحسب.”
وكانت غمازتاه تزدادان وضوحًا كلما ابتسم.
فعلّق ثيو وهو يمسحه بنظرة متفحصة:
“لم أعلم أن أميرًا من مملكة موفيو موجود في الدوقية.”
إذ لا بد أن مثل هذا الحضور يسبقه خبر رسمي كونه شأنًا دبلوماسيًّا.
لكن فيليب ردّ بابتسامة هادئة وهو يومئ بخفة إلى حُرّاس شبه خفيين في محيطه:
“لا تقلق. لقد قللت من الحراسة إلى الحد الأدنى. لم آتِ لأمر رسمي، بل في شأن شخصي بحت. ومع ذلك فقد دخلت الإمبراطورية عبر القنوات القانونية.”
مع ذلك، ظلّت الحدة بادية على وجه ثيو. فوجود أمير أجنبي في أراضيه ليس أمرًا يُستهان به.
وإذا لم تصله أنباء قدومه، فذلك يعني أن وصوله لم يمضِ عليه وقت طويل.
ورغم أنه لم يبدُ صاحب نوايا خفية، ظلّ ثيو متحفّزًا، خصوصًا وقد رأى إيزابيلا ترحّب به بتلك الألفة.
قال ثيو ببرود:
“هل تنوي البقاء طويلًا؟ إن شئتَ سأرتب لك الإقامة في بيت الدوق.”
وكان يعني أنه لن يتركه بعيدًا عن ناظريه. لكن فيليب أجاب بابتسامة لطيفة:
“لا داعي. لن أبقى إلى الليل.”
“هكذا إذن.”
“نعم. غدًا صباحًا عليّ أن أكون في بيت الدوقة إلادور لحضور اجتماع هناك، ورأيت أن الإقامة عندهم أيسر.”
“…بيت الدوقة؟”
كان ثيو قد بدأ يطمئن ولكن حين سمع تلك الكلمة التي أزعجته، لم يستطع إخفاء تصلّب ملامحه.
ابتسم فيليب موضحًا:
“جئت إلى دوقية إلادور لحضور الاجتماع غدًا، ورأيت من سفوح العاصمة منظر دوقية لويد فبدا لي ساحرًا. وحين علمت أن بوسعي زيارتها في يوم واحد، انتهزت الفرصة وجئت.”
بإيجاز، فقد كان مجرد سائح.
والسبب في أن دخوله لم يُثر ضجة هو أنه لم يدخل من جهة مملكة موفيو، بل عبر دوقية إلادور، حيث إن التنقّل بين الدوقية والإمبراطورية كان يسيرًا.
لكن مثل هذه التفاصيل الصغيرة لم تصل إلى سمع ثيو.
ما ترسّخ في ذهنه كانت ثلاث كلمات: بيت الدوقة. غدًا صباحًا. اجتماع.
تلك كانت صيغة مألوفة سمعها من قبل.
انجذبت عيناه تلقائيًّا نحو إيزابيلا، غير أنها من غير أن تدرك اضطرابه وارتباكه وجّهت حديثها إلى الأمير فيليب قائلة:
“يبدو أنك صعدتَ إلى مرتفعات سايل في الدوقية.”
“صحيح، أظن أن ذلك كان اسم الجبل.”
“إن منظر بيت الدوق من هناك رائع حقًا، ولا سيما عند شروق الشمس. أنصحك أن تصعد في الفجر إذا سنحت لك الفرصة.”
“لقد كان المشهد باهرًا حتى في وقت عادي، فكيف عند الشروق؟ لا يمكن أن أفوّت ذلك.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 144"