“ربما كان هدفهم في البداية أوفيليا… لكن لما آلت الأمور إلى ما آلت إليه، رجّحوا أن يجعلوا الإمبراطور نفسه دمية بين أيديهم.”
قالت إيزابيلا بهدوء، وهي تقدّم له ما تستطيع من عزاء:
“لقد بذلت جهداً عظيماً.”
فأجاب مبتسماً بمرارة:
“الجهد الأكبر بذله جيرميان، ذاك الرجل قاتل حتى اللحظة الأخيرة…”
ثم حوّل بصره نحو ثيو.
حتى وهو في حالة وعيٍ مشوش، ظلّت كلماته الصارخة محفورة في ذاكرته:
“اللعنة! قلت لك إنني لن أموت قبل أن أشهد زفاف إبني، أيها الأحمق! أفق حالاً!”
فها هو الابن الذي طالما تمنى أن يرى زفافه.
ومع أنّه كان واقفاً أمامه بوجهٍ هادئ لا يشبه جيرميان الحادّ الطبع، إلا أنّه لم يستطع إنكار أن ملامحه تميل إلى أمّه دوقة لويد الهادئة الصارمة.
ابتسم الإمبراطور بأسف وقال:
“كان عليّ أن أنصت لها يوم طلبت التخلص من الثمرة… خطئي أرهقكم جميعاً.”
خطأ واحد كلف ذاك الشاب عائلته بأكملها. وكذلك إيزابيلا عانت المصير نفسه.
قدَر الإمبراطور أن يتحمل وزر تلك القرارات، لكن مواجهة نتائجها على أقرب الناس إليه أمر بالغ الوطأة.
انحنى قيو قائلاً بثبات:
“لا أنكر أنّ الأمر لم يكن يسيراً، لكني أؤمن أنّ كل ما جرى كان قدراً محتوماً… فلولاه ما كنت لألتقي بها.”
قهقه الإمبراطور فجأة:
“ها! هذا الجواب الجامد… أترى؟ لقد ورث شيئاً من جيرميان بالفعل!”
ثم انفجر في نوبة سعال عنيف.
“مولاي!”
“أبتاه!”
أسرع إليه الخدم وهارسيز، الذي أشار بخوف:
“ما زال جسدك ضعيفاً يا مولاي. ليتك تؤجلو الحديث.”
تنهد الإمبراطور:
“ومن يضمن أن يكون هناك أجل آخر؟”
صمت هارسيز مطبقاً، فالجرح كان مؤلماً.
ثم التفت إلى إيزابيلا:
“إيزابيلا.”
“نعم يا مولاي.”
“اطلبي ما شئت.”
“عفواً؟”
ابتسم بأسى:
“كأب… لم أمنحك يوماً شيئاً. فات الأوان نعم، لكن ربما يمكنني أن أعوّضكِ في هذا اليوم. قولي ما ترغبين به.”
كان كلامه صاعقاً. لم ينتظر حتى اختبار الكهنة، بل اعترف بها بهذه السهولة. والإمبراطورون لا ينطقون بمثل هذه الوعود جزافاً، إذ يعرفون ثقلها.
ترددت إيزابيلا قليلاً ثم أجابت بصوت هادئ:
“لا أريد سوى أن تستعيد عافيتك. ذلك يكفيني.”
هز رأسه مبتسماً:
“كذبة لا تنطلي حتى على الأطفال.”
ولما ألحت نظراته، قالت بعد تردد:
“أرجو أن تبذل ما بوسعك لإعادة إحياء بيت الدوق لويد.”
ضحك الإمبراطور بخفة ونظر إلى ثيو:
“طلبتِ هدية لنفسك، فإذا بها أمنية من أجل ذاك الفتى!”
ابتسمت إيزابيلا صافية القلب:
“سعادة ثيو، لا… سعادة للدوق لويد، هي سعادتي أنا أيضاً.”
بدا على الإمبراطور التأثر وهو يحدّق في الاثنين معاً.
ثم قال فجأة:
“سمعت أنكما تعتزمان الزواج.”
ارتبك الاثنان معاً:
“ه-هذا… لم نقرر بعد…”
قال ضاحكاً:
“لا تقلقا، لم أقم بواجبي كأب، فلن أتدخل الآن. ليس ثمة حاجة للإخفاء.”
تبادلا النظرات بحرج، فهما قد وعدا بمستقبل واحد، لكن كلمة “زواج” لم يتجرآ على نطقها بعد.
قال الإمبراطور مبتسماً كأنّه حسم الأمر بنفسه:
“جيد. إذاً أمنحكما مملكة هيليبور.”
“ماذا؟!”
تفجرت دهشة إيزابيلا.
كانت مملكة هيليبور قد انهارت تماماً؛ شعبها دمّر القصر بيديه، والأرواح المعتَقة من عبودية السحرة ملأت الأرض بفوضى قوتها.
باسم “الثورة” أطاحوا بالملوك والنبلاء، لكن بلا بديل يحكم، بعد أن قُتل معظم الأرستقراطيين أو فرّوا.
فتلاشت مؤسسات الحكم وتحوّلت المملكة إلى أطلال، لتصبح تبعاً للإمبراطورية دون مقاومة.
قال الإمبراطور بهدوء:
“سيكون عليكم أن تبنوا كل شيء من جديد، عملاً شاقاً بلا شك. لكن إن مضيتما معاً، فلن يكون الأمر عسيراً.”
فردّت إيزابيلا بتهكم خفيف:
“مولاي، أشعر وكأنك تلقي العبء علينا وحسب.”
قالتها إيزابيلا بخفة، فضحك الإمبراطور من جديد.
لكن سرعان ما اعترضه سعال شديد حال دون إطالة ضحكه.
“ما أستطيع أن أمنحك إياه في النهاية لا يخرج عن ذهب وفضة أو أرض أو سلطة. لكنك قد قلت إنك لا تريدين منصب الأميرة. مع ذلك، إن رغبتِ فبوسعي أن أجري مراسم التنصيب في أي وقت.”
لقد اعترف بها كابنة، لكنه أراد أن يحترم رغبتها في عدم الجلوس على عرش الأميرة.
“وحيث إن الذهب والفضة لا يستهويانك، فما الذي يبقى غير الأرض؟”
قالت مترددة:
“لكن أن تسمّي هذه أرضاً فحسب…….”
فأكمل الإمبراطور عنها:
“ابتداءً من هذا اليوم، يُعلَن أن مملكة هيليبور التي صارت تابعة للإمبراطورية تتحول إلى دوقية إلّادور. ومن الآن أمنح سلطتها إلى المستحضرة إيزابيلا، وأعيّنكِ دوقةً كبرى باسم إيزابيلا دويتشلان فان إلّادور.”
“ماذا؟!”
“أبتاه؟!”
“……؟”
صرخت إيزابيلا وهارسيز معاً في آن، بينما أمال ثيو رأسه متعجباً.
تدخل أحد الوزراء متردداً:
“مولاي، أليس من الأفضل أخذ رأي مجلس المائدة المستديرة في أمر كهذا……؟”
لكن الإمبراطور تجاهل كلامه قائلاً:
“إن لم يجز، فليُجز قهراً! أنا الذي أقرر ذلك.”
أي عناد هذا؟ أيمكن أن تُفرض الأمور هكذا ببساطة؟
تُقحم اسم دويتشلان هكذا بخفة وتظن أن أحداً لن يلحظ!
قال إنه لن يفرض عليها منصب الأميرة، فإذا به يقيّدها بطريقة أخرى!
فتحت إيزابيلا فاها كسمكة مذهولة من الدوقية واللقب اللذين أُلقيا عليها كقنبلة، والذهول عمّ أرجاء الغرفة.
ساد صمت ثقيل، فقطعته نبرة مستغربة:
“هل يُسمح لدوقٍ من الإمبراطورية أن يتزوج دوقةً كبرى من دوقية؟”
كان صوت ثيو.
وإن كان يسأل إيزابيلا، فإن كل من في الغرفة قد سمعه.
“إن لم يجز، فلعل عليّ أن أقدّم لقب لُويد للإمبراطورية وأفرّ معكِ إلى الدوقية.”
“هاهاهاها!! ككح! كح!”
ضحك الإمبراطور من قلبه على جدية ثيو، حتى خرج الدم ممزوجاً بسعاله.
“مولاي، جسدك لم يتعافَ بعد، رجاءً تمهّل!”
قالها الطبيب فزعاً، لكن الإمبراطور لم يكترث بجسده:
“إنه ابن جيرميان لا محالة!”
ذلك لأنه يشبه أباه تماماً.
حين أراد جيرميان الزواج بامرأة من عامة الشعب، عارضه الكثيرون قائلين: كيف لدوقٍ عظيم أن يقترن بابنة عوام؟
لكنه وضع خاتم الدوقية وشعارها على الطاولة ببرود وقال: إذن أترك منصب الدوق لا غير، وغادر قاعة الاجتماع.
ولو خسروا أقوى مستحضر للماء وأعظم قوة على الجبهة، لهلكوا.
ولأن جيرميان كان صادقاً حد النهاية، اضطر الإمبراطور والنبلاء أن يسترضوه ويستعطفوه.
تزوجها! بسرعة تزوجها!
ابتسم الإمبراطور متذكراً وقال:
“كثيراً ما يُشدّد الحلف بين الإمبراطورية والدوقيات بالزواج. وأرى أن دوقاً من الإمبراطورية مناسب تماماً لدوقة كبرى من الدوقية. ما قولك؟”
ثم التفت إلى الوزير الذي حاول منعه، فخفض الرجل رأسه في غمّ.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 138"