“لماذا يساعد برج السحر الإمبراطورة وفايتشي على الهرب؟”
سألت إيزابيلا مستنكرة، فما كان من الرجل الذي بدا زعيمًا بينهم إلا أن أطلق ضحكة ساخرة.
“لولا نعمة صاحبة الجلالة الإمبراطورة، لما تمكنّا نحن السحرة من العيش أصلًا داخل الإمبراطورية.”
حين حملت الإمبراطورة من أمير هيليبور، لم يكن معلومًا ما إذا كان فايتشي سيولد ساحرًا أم مستحضر للأرواح. ولأجل الاستعداد لأي احتمال، لم تتردد في مدّ يد العون لبرج السحر ودعمه.
وبعد أن تبيّن أنّ فايتشي مستحضر أرواح، تآمرت مع الأمير هيليبور على الحرب، ورأت أن تجعل من فايتشي إمبراطورًا، فاحتفظت بالسحرة قريبين منها.
فمع أنّ الإمبراطورية كانت تزدري السحرة، لم تجد الإمبراطورة قوة أنفع منهم.
“وفي النهاية، إن وصلنا إلى المملكة فسنجد حياة أفضل بانتظارنا!”
لكن لو أُصيبت الإمبراطورة بمكروه، فسيعود الجحيم ليطبق على السحرة من جديد.
لذلك، وما إن بلغهم خبر سجنها في البرج الأسود، حتى انقسموا في الرأي وتجادلوا حول ما ينبغي فعله.
عندها وصلتهم رسالة سرّية من الإمبراطورة نفسها: أن يعينوها على الهرب، وأن يذهبوا معها جميعًا إلى المملكة، حيث أعدّ لهم الأمير مناصب مرموقة.
كانت هذه الوعود قد تردّدت سابقًا غير مرة، غير أنّهم شعروا أنّ لحظة تنفيذها قد حانت أخيرًا.
وهكذا اجتمع دافع الانتقام على ما ذاقوه من قمع، مع يقينهم بأن برج السحر لن يصمد من دون الإمبراطورة، فاندفعوا لمساعدتها على الفرار.
“أتظنون حقًّا أن الأمير سيفي بمثل هذا الوعد؟”
سألت إيزابيلا في سخرية. لكن الساحر كان قد بدأ بالفعل برسم دائرة الانتقال تحت قدميه.
“حتى لو لم يوفِّر لنا مناصب رفيعة، فالمملكة أفضل بما لا يُقاس من هذا المكان الذي لا يروننا فيه إلا كلابًا!”
فمجرد كونهم سحرة يكفي لأن ينالوا احترامًا في المملكة، وهذا وحده سبب كافٍ لهم لمدّ يد العون للإمبراطورة.
“امنعوهم من الفرار!”
صاحت إيزابيلا بأرواحها، وأطلقت في الوقت نفسه قوة التراب من أصابعها صوبه. لكن أزيز الدائرة السحرية ابتلع الرجل دفعة واحدة.
ولم يكد يختفي حتى تبعه سائر السحرة واحدًا تلو الآخر، تاركين خلفهم فراغًا ضربته قوة إيزابيلا عبثًا.
استطاعت أرواحها أن تنتزع بعض السحرة ممن تأخروا قبل أن يبتلعهم الانتقال، لكن معظمهم تمكن من الفرار.
“هاه، هكذا إذًا يريد الأمير أن يعزّز قوته؟”
تمتمت إيزابيلا بأسف على دهاء الأمير وخسّته.
ثم صاحت:
“تيو! كيف الحال عندك؟”
كان ثيو قد استخدم كلاي لمساعدة الجرحى وإخلاء الضحايا. فأجابها:
“لا قتلى، لكن حجم الأضرار أكبر مما توقّعنا. هناك كثيرون محاصرون تحت أنقاض المباني المنهارة.”
“سأترك لك كلاي. أرجوك اهتم بهم!”
ثم وجهت إيزابيلا كلاي الذي كانت تمتطيه نحو البرج الأسود. أسرعت ما استطاعت، لكن حين وصلت كان كل شيء قد انتهى.
البرج الأسود صار رمادًا، وآثار الحريق غطّت أسوار القصر وما جاورها من الغابة.
“أيُّ وغد يجعل من أرواحه قربانًا لفراره!”
دوّى صوت هارسيز غاضبًا حتى ارتجّ الفضاء، فأسرعت إيزابيلا نحوه.
“صاحب السمو!”
“إيزابيلا. تبًّا، لقد أفلتوا من يدي. ماذا عن جهتك؟”
“لا قتلى هناك أيضًا، وما زلنا ننتشل العالقين.”
أجابت وهي تقفز من على ظهر كلاي لتلتحق به.
“تمكّنا من القبض على بعض السحرة الفارين، لكن لا أظن أنّ لذلك جدوى.”
“أجل، لن ينتزع التحقيق منهم شيئًا يُذكر. لم يكونوا سوى بيادق طمعوا في حياة أفضل.”
عندها قالت إيزابيلا بصوت مثقل باليقين:
“صاحب السمو… أظن أنّه قد حان وقت الاستعداد للحرب.”
هزّ هارسيز لسانه بضجر، ومرر يده بعنف في شعره، فقد كان يعرف ما عرفته هي.
“منذ البداية، كانت الحرب هي الغاية.”
لقد سرقوا جميع سحرة الإمبراطورية، ليجعلوا الحرب مواجهة صريحة بين السحرة ومستدعي الأرواح.
قالت إيزابيلا:
“نعم، ما وقع داخل القصر اليوم لم يكن إلا تمهيدًا للحرب.”
“وقاحة ما بعدها وقاحة. أن يجرؤوا على ضرب القصر نفسه! بل وأن يهرب قادتهم جميعًا إلى المملكة؟ إن لم نعلن الحرب، ستصبح الإمبراطورية أضحوكة.”
لقد صنعوا هم السبب، ثم أرادوا أن يُلقى عبء إعلان الحرب على الإمبراطورية، كي تُحمل عليها كل تبعاتها. لكن في المقابل، لم يكن ممكنًا التغاضي عن ما حدث والتظاهر بعدم رؤيته.
“كنت أظن أنهم قد يحاولون التلاعب في اختبار الكهنة الكبار، لكن أن يبلغ بهم الأمر إلى هذا الحد؟”
ضغط هارسيز بأصابعه على ما بين حاجبيه وهو يكبح غيظه.
“كم كنت ساذجًا حين ظننت أن تلك المرأة تحب جلالته.”
شعر بفراغ قاسٍ، إذ اكتشف أن كل ما تمسك به لم يكن سوى وهمٍ صنعه لنفسه.
“صاحب السمو.”
نادت عليه إيزابيلا، فقطع صوتها خيط أفكاره.
“صحيح، هذا ليس وقت الندم.”
تمتم، ثم غسل وجهه بكفّيه ليستعيد هدوءه.
“أولًا، أنقذوا المصابين. ثم أرسلوا رسائل إلى جميع الأسر العُليا: بعد ساعتين نعقد اجتماعًا طارئًا. ومن لا يستطيع الحضور بنفسه فليتصل عبر كريستال التواصل.”
“أمرُك مطاع يا صاحب السمو.”
أسرع معاونه لينفذ التعليمات، ثم التفت هارسيز إلى إيزابيلا بابتسامة خفيفة.
“هل يمكن أن أعهد إليك بالإشراف على المصابين؟”
“ما دام ذلك يُرضيك، فأنا على أتم الاستعداد.”
لم تعد هناك إمبراطورة ولا وليّ عهد.
كان من الممكن أن يُكلِّف بالأمر أحد القادة أو فرسان القصر، لكنه اختارها هي بالذات لأنها الأجدر.
“أعتمد عليك.”
تركها عند ذلك مسرعًا ليجهّز الاجتماع، بينما بدأت إيزابيلا هي الأخرى بنقل الجرحى إلى حيث كان ثيو، مستعينة بأرواحها لتسريع عملية الإغاثة.
****
انتهى علاج المصابين بسرعة.
فقد راحت أرواح إيزابيلا تجوب أنقاض المباني المتهدّمة، تبحث عن العالقين وتكشف الركام عنهم لتُنقذهم.
وبعدها تكفّل أرواح ثيو بمعالجة جميع المصابين بلا استثناء.
أما نصب الخيام ونقل الأسرة المتنقلة إلى مكان يشبه المستشفى الميداني، فقد ساعد فيه أطباء البلاط الإمبراطوري.
وبعد أن أُنجز إنقاذ الجميع بسلام، عادت إيزابيلا مع ثيو إلى قصر النار.
كان المفترض أن يعود كلٌّ منهما إلى مكانه، لكن إيزابيلا استغلّت الفوضى لتبقى إلى جانبه، متذرّعةً بأن وجودهما معًا سيكون أنفع إذا ما احتاج المصابون في المستشفى إلى عونهما.
وعند ساعة متأخرة من الليل، رجعا إلى الغرفة، فجلسا جنبًا إلى جنب على الأريكة، مستسلمين للإرهاق.
لكن على الرغم من ندرة خلوتهما معًا كهذا، لم يكن في الجو شيء من الرومانسية.
قالت إيزابيلا، متنهّدة:
“كنت أعلم أنهم يتهيّأون للحرب، لكن لم أظنّ أنهم سيثيرون الأمر بهذه الطريقة.”
فهي كانت تدرك من خلال حياتها السابقة، أن الغاية القصوى للأمير هيليبور والإمبراطورة لم تكن سوى الحرب.
وقد سبق ليكاردو أن حدّثها عن ذلك، فحين سمعت بالأمر أيقنت أنّ ما كان محتومًا قد بدأ.
إلا أنّه بالمقارنة مع حياتها الماضية، حيث خاضت المملكة حربها ضدّ الإمبراطورية بذريعة شريفة هي رفض تسليم الأسرى، بدا هذا الأسلوب الحالي خسيسًا إلى أبعد الحدود.
لقد تغيّر مجرى الأحداث كثيرًا، لكنّها لم تتصوّر أن تنقلب الأمور إلى هذا الخراب.
“آه… الحرب ليست لعب أطفال.”
أغمضت عينيها مطلقةً تنهيدة طويلة.
أما ثيو، فراح يراقب تعابير وجهها، ثم صبّ لها كأسًا من النبيذ الذي جاء به أحد الخدم، وقدّمه إليها.
“لا تُثقلِي نفسكِ بالهموم.”
فالحرب ليست أمرًا يمكن لاثنين مثلهما أن يحلّاه بالتفكير.
أجابت متململة:
“لكنني مضطربة. فكما في المرة السابقة، سيُطلب من كل بيتٍ نبيل أن يبعث بممثل له إلى ساحة القتال. وبما أنّ بيت ماكا قد جعلوني ممثلتهم، فلن يرسلوا اللورد ليكاردو، بل سأُضطرّ أنا إلى تمثيل البيت.”
فقال ثيو متسائلاً:
“لكن هل سيجعلونك تمثّلين بيت ماكا وأنتِ قد أعلنتِ أنكِ أميرة؟”
“لا يمكنهم استدعاء الكهنة الكبار أثناء الحرب. إعلان الأميرة مهمّ، لكن الحرب أهمّ.”
وأضافت:
“ولعلّ هذا ما سعت إليه الإمبراطورة وفايتشي حين عجّلا بالأحداث.”
“لكن الحرب لن تبدأ غدًا مباشرة.”
“صحيح.”
فلا بدّ من بعض الوقت قبل اندلاع المعركة الأولى فعليًّا، وهو وقت كافٍ لإعلانها رسميًّا كأميرة.
ثم أردفت قائلة بابتسامة مريرة:
“بل لعلّ المعضلة الكبرى هي أنت. من الصعب أن يرسلوك إلى الحرب، ومن الصعب أيضًا أن يُبقوك هنا.”
ضحك ثيو بارتباك، ثم تصادمت كؤوس النبيذ بين يديهما برنين خافت، وارتشفا معًا جرعة من النبيذ الأحمر.
وفجأة—
طَرقٌ… طَرقٌ.
تردّد صوت يقطع سكين الهدوء، ومعه صوت وصيفة تعلن:
“إنّ وليّ العهد قد حضر.”
اتسعت عينا الاثنين دهشة، وتبادلا نظرة قبل أن ينهضا.
***
دخل هارسيز إلى الغرفة، وملامح التعب تغلّف وجهه.
كان قد فكّ ربطة عنقه وأرخى بعض الأزرار، ثم ما إن وقع بصره على إيزابيلا حتى أطلق تنهيدة عميقة.
“لم أجدك في غرفتك.”
قالت بتردّد:
“آه… هل كنت تبحث عني؟”
“توقّعت أن تكوني هنا.”
ابتسم ابتسامة مشوبة بالمرارة، ثم خطا نحو الأريكة.
“سأشرب قليلًا.”
ملأ الكأس الفارغة حتى حافتها بالنبيذ، وشربها دفعة واحدة كأنّه يشرب ماء، ثم زفر أنفاسًا ثقيلة.
“اعذراني، لقد اختنقت صدري بالهموم.”
ولم تُفرّج التنهدات المتكرّرة عنه شيئًا. سقط جالسًا على الأريكة وأشار إليهما بالاقتراب والجلوس.
“لدي خبر سار… وآخر سيّئ.”
ابتسمت إيزابيلا محاولةً التخفيف:
“إن كان هناك خبر سار في ظلّ اقتراب الحرب، فذلك أمر يبعث على السرور، أليس كذلك؟”
لكنّ تعبيره المظلم جعلها تتساءل.
فأطلق هارسيز ضحكة مريرة وقال:
“صحيح… ولهذا السبب أحسدكما.”
فالخبر السار لا يعنيه، بل يخصّهما.
قالت إيزابيلا بفضول:
“وما هو؟”
“لنبدأ بالخبر السار، لقد وُجدت طريقة لرفع التهمة عن الدوق لويد.”
أشرق وجهها للحظة وقالت:
“ذلك حقًّا خبر عظيم. لكن… أهذا ما ناقشتموه في الاجتماع؟”
سألت بدهشة، إذ لم تفهم كيف يعود من اجتماع يتعلّق بالحرب ومعه مثل هذا الخبر.
قال بجدّية ثقيلة:
“وهنا يكمن الخبر السيّئ.”
“……؟”
“يا وريث الدوق لويد… عليك أن تشارك في الحرب.”
“آه…”
انساب من بين شفتيها أنين صغير، وكأنها كانت تخشى أن تسمعه. لم يكن الخبر صادمًا كلّيًّا، بل توقّعًا صار حقيقة.
فأضاف هارسيز:
“من حيث الأدلة والقرائن، فبراءة بيت لويد باتت شبه مؤكّدة. لكن المشكلة كما هو الحال دائمًا، هي في قلوب النبلاء.”
****
يعني ثيو وبيلا بيروحو للحرب مع بعض😔!
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام كملفات، وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 123"