ولم تكن الفواكه المجففة شائعة كثيرًا، لذا لم ترَ إيزابيلا الزبيب في حياتها السابقة إلا مرة واحدة، وهذه هي المرة الثانية.
وحين أدركت ذلك شهقت والتفتت إلى هارسيز:
“سموك… هل صحيح أنّ جلالته كان يحب أكل الفواكه المجففة؟”
“أبي؟ لا. لم يكن يأكلها. أما أنا فأجل، آكلها كثيرًا. الزبيب بالذات، أتناوله وأنا أعمل إذا شعرت برغبة في شيء صغير.”
“……!”
بهذا أدركت إيزابيلا ما لم تفهمه في حياتها السابقة.
لطالما حيّرها كيف جعلت الإمبراطورة وفايتشي وليّ العهد يأكل تلك الثمرة. لم يكن الأمر إكراهًا ولا إلحاحًا… بل بكل بساطة دسّوها بين الزبيب الذي كان يتناوله كوجبة خفيفة.
“ثم…”
قالها هارسيز وهو يقطّب حاجبيه.
“قبل ثماني عشرة سنة بعد أن هربت أوفيليا، وبدأت الإمبراطورة تعتني بجلالته.”
كان الناس يقولون إنّ خيانة المرأة التي أحبّها دفعته إلى الاتكاء على زوجته الإمبراطورة وحدها.
لكن الحقيقة أنّ السحر الأسود كان قد بدأ آنذاك.
وإذا تذكّر المرء أنّ ذلك التغيّر كان بسبب السحر، وأنّ الإمبراطورة كانت دائمًا بجواره…
“في تلك الفترة، أصبحت الإمبراطورة مولعةً بالفواكه المجففة. وأنا أيضًا بدأت أحب الزبيب بسببها.”
ومن اعتاد أن يأكل الزبيب منذ السادسة من عمره فلا بد أن يألفه.
“إذن…”
لم تستطع إيزابيلا إتمام عبارتها، ووضعت يدها على فمها المشرع دهشة.
حتى من دون أن تُفصح عمّا يدور بخلدها، كان الجميع قد وصل إلى النتيجة ذاتها.
“هاه…….”
أطلق هارسيز زفرة طويلة وهو يستوعب حقيقة أثقل من سابقتها، ثم ضغط جفنيه المطبَقين بكفه.
“أظنني فهمت الآن سبب ظهور روح جلالته فجأة أثناء لقائنا مع دوق لويد.”
تمتم بصوت منخفض في اللحظة ذاتها—
كوااااغ!
دوى انفجار عظيم من خلف النوافذ.
قفز الثلاثة من أماكنهم في آن واحد وأسرعوا نحو النافذة.
ومن خلف الزجاج العريض الذي غطّى جدار القاعة، كان أحد المباني ينهار تحت سحابة من الغبار.
“ما هذا…….”
لم تكمل إيزابيلا عبارتها حتى دوى انفجار ثانٍ أشد وقعًا.
بوووم!
وبجوار المبنى المنهار سقط آخر، فارتجّت الأرض تحت أقدامهم، وارتد الصدى حتى قاعة الطعام.
شعرت إيزابيلا بالاهتزاز يزحف عبر جسدها فاستدعت كلاي على الفور.
“اذهب وتحقق من الأمر!”
اندفع كلاي عبر الأرض نحو موقع الانفجار، فيما استدعى كلٌّ من ثيو وهارسيز أرواحهما هم أيضًا.
“سموك!”
ركض أحد الجنود إليهم في تلك اللحظة وقد بدا عليه الذعر.
“إنهم السحرة!”
“السحرة؟ ولكن مختبراتهم ليست في ذلك الاتجاه.”
“ليسوا سحرة القصر، بل سحرة برج السحر!”
سحرة البرج، لا سحرة القصر الإمبراطوري، وشتّان بين الاثنين.
دوووي—!
اهتزت الأرض مرة أخرى فاستدعت إيزابيلا نسخة إضافية من كلاي.
“الانفجار هذه المرة جاء من اتجاه آخر.”
أشارت بيدها نحو زاوية لا تُرى من خلال النافذة.
“لحظة، ذلك الاتجاه…… البرج الأسود؟”
تمتم ثيو، وفي الحال أدركوا جميعًا خطورة الموقف.
“إنها محاولة فرار! على الحراس أن يتوجهوا فورًا إلى البرج الأسود!”
أصدر هارسيز أوامره وتقدم بخطوات مسرعة.
“لكن سموك! السحرة يثيرون الفوضى في أماكن أخرى أيضًا، وإن حوّلنا الجنود جميعًا إلى البرج فلن يبقى من يصدّ المهاجمين!”
عضّ هارسيز على شفتيه وهو يتساءل:
“وماذا عن سحرة القصر؟”
“هم أيضًا في مواجهة مباشرة مع سحرة البرج فيما يبدو.”
كان خبرًا سيئًا، فمعظم سحرة القصر كانوا أضعف بكثير من سحرة البرج.
فالإمبراطورية لطالما قمعت السحرة وفضّلت الروحانيين، لذا لم يكن سحرة القصر سوى من عقدوا تسويات كثيرة في سبيل مقاعدهم داخل القصر، وبالتالي كانوا بعيدين عمّا يسميه سحرة البرج بـ “السحر الحق”.
“تسك.”
نقر هارسيز بلسانه وضيق عينيه، ثم استدعى أرواحه.
أيهم أولى؟ احتواء الفوضى في القصر أم منع الفارين من البرج؟
في تلك اللحظة تقدمت إيزابيلا.
“سموك، سأحمي القصر أنا وثيو. لسنا عاجزين أمام بضع سحرة، بل نستطيع مواجهتهم.”
ترددت نظرات هارسيز بين الاثنين، ثم انتقلت إلى الأرواح العديدة المستدعاة من خلفهما.
ورغم أن بينهما من يخضع للمراقبة، لم يكن أمامه خيار آخر الآن.
“أوكِل الأمر إليكما.”
وما إن انطلق مسرعًا نحو البرج الأسود، حتى استدعت إيزابيلا نسخة ثالثة من كلاي.
“ثيو، ابحث عن الجرحى وابدأ بعلاجهم، أما أنا فسأطارد السحرة.”
“لكنني أشعر بأجهزة قمع التوافق، هل ستكونين بخير؟”
“العين بالعين والسن بالسن، أليس كذلك؟”
أخرجت إيزابيلا أداة للتحكم بالسحر والتوافق وسلّمتها إلى نووم.
وما إن وضعها نووم على رأسه حتى اختفى من أمام أعينهم.
صرير مزعج—!
بعد لحظات تعالت صرخات حادة، إذ بدأت أداة التوافق تتصادم مع أداة القمع.
“لننطلق!”
قفزت إيزابيلا على ظهر كلاي الذي تضخّم حتى صار كجدار هائل، وانطلق يعدو بضربات قوية تهز الأرض.
دُوووم! دُوووم! دُوووم!
“أمسكوا بالروحانية! إن سقطت الروحانية اختفت الأرواح معها!”
كان السحرة وكأنهم على علم بقدومها، فانقضّوا وهم يصرخون.
لكن إيزابيلا كانت تملك من نووم ومولدن ما يكفي لمواجهتهم، فلم يتمكن أحد منهم من الاقتراب منها قيد أنملة، بل وجدوا أنفسهم محاصَرين بأرواحها.
انطلقت من عصيّ السحرة سهام برقٍ هادرة.
بوووم!
لكنها ارتطمت بجدار الحماية الذي نسجه الأرواح وتلاشت في غبار كثيف.
“إنها الرياح! الرياح هي ما يقضم الجدار!”
صنعت تعاويذ الرياح دوامات حادة تنهش الحاجز، غير أن رمال إيزابيلا انسلّت إليها شيئًا فشيئًا، حتى التبس الأمر: أهي رياح السحرة أم رياحها هي؟
“لا! لا يجوز أن نفقد زمام المبادرة!”
صوت تشقق حاد!—
اصطدمت الرياح بالرمال، وتفتت الاثنان في صخب مدوٍّ.
“هي ليست سوى واحدة! واصلوا الهجوم حتى تنهار قدرتها على التوافق……!”
شووووش!
رفع أحد السحرة رأسه فجأة حين أغرقه ماء متساقط من السماء.
“ماذا؟!”
ارتسمت في الأفق هيبة روح مائية جبارة، إيلايم تمشي الهوينى وتسكب الماء في كل اتجاه.
كان في الماء أثر من قوة الشفاء، لكن السحرة لم يستطيعوا الاستفادة منه لتضادّه مع السحر، فيما أخذت جروح الجنود وموظفي القصر بالاندمال شيئًا فشيئًا.
“لكن قالوا إن الشاب الصغير محجوز في قصر النار……!”
أحدثت المعلومة الخاطئة ارتباكًا شديدًا بين السحرة.
“اللعنة، ماذا عن الجهة الأخرى؟”
صاح قائدهم، فأجاب أحدهم وهو يحاول إبقاء حاجزٍ سحريٍّ قائمًا، بينما يفتح وسيلة الاتصال.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 122"