“هل ذلك لأنها مستحضرة أرواح من بيت الماركيز ماكا؟”
الجميع يعرف أنها تُعتبر جوهرة ثمينة لهم، لكن هل هذا ما جعل حكم ليكاردو يتأثر؟
“لا أستطيع أن أنكر أن لذلك تأثيرًا. لكن بعيدًا عن كل ذلك، أنا لم أرَها يومًا تتخذ قرارًا خاطئًا.”
حتى عند حادثة انفجار المنجم، جاءت مسرعة بدافع القلق، لكنها أنقذت الجميع هناك.
وقد قالت إنها ستجرب استحضار الروح لمرة واحدة فقط، لكنها نجحت فورًا.
ألم تقل بنفسها؟ إنها لا تُقدم على أي رهان إن لم تكن واثقة بنسبة 120%.
لقد راهنت على براءة أسرة لويد.
ربما كان لتأثير ثيو دور كبير في ذلك، ومع ذلك فقد وثق ليكاردو بحكمها.
فلو أنها رأت أن أسرة لويد غير بريئة، لما شرعت أصلًا في تنفيذ هذه الخطط.
بل لكانت قد فكرت في طريقة لإخفاء ثيو بعمق أكبر، وربما لكانت قررت أن مغادرة القارة بهدوء ودون أثر هو الخيار الأكثر أمانًا.
لكن كونها اختارت أن تطلب العون من الجميع وتكرس نفسها لإثبات براءتهم، فهذا يعني أنها تؤمن أن تلك هي الحقيقة.
“أنا أثق بجميع أحكامها.”
بجميع أحكامها.
كان تصريحًا قويًا.
مختلفًا قليلًا عن ولي العهد الذي كان يؤمن فقط بأن حب الإمبراطورة للإمبراطور صادق.
نظر ولي العهد إلى عيني ؛يكاردو الثابتتين، ثم ضغط جبهته بيده.
فهو عاش معتقدًا أن الإمبراطورة لن تؤذي الإمبراطور أبدًا.
لكن ذلك يعني أن عليه أن يعترف بأنه كان مخطئًا، وأنه لم يلحظ ما كان يحدث أمام عينيه.
لم يكن الأمر مجرد مسألة كبرياء، بل كان يعني انهيار الأساس الذي ارتكزت عليه رؤيته كلها.
“مولاي؟”
ناداه الخادم مرة أخرى ليحثه على التحرك، فنهض ولي العهد أخيرًا.
“لنذهب أولًا.”
لم يعطِ ليكاردو أي إجابة، واتجه بدلًا من ذلك إلى المشاركة في حفل الدوق ديرفيس.
لكن أثناء الحفل، سُمع ضجيج قادم من الغابة خارج أسوار القلعة. وبينما راح الجميع يتساءلون عمّا يحدث، هرع أحد المساعدين إلى ولي العهد ليبلغه الخبر.
مضمون التقرير كان أن الأمير فايتشي حرك فرسان القصر الإمبراطوري.
وبالتحقيق، تبين أن الأمر على صلة بماركيزة مولان، وأن سبب تحريك الفرسان يتعلق بتهمة الخيانة.
كان ولي العهد قد ظن أن غياب الماركيزة مولان عن الحفل مجرد رسالة سياسية، لكنه لم يكن كذلك.
كل ما يحدث كان مثيرًا للسخرية وخطيرًا في الوقت نفسه.
ولذلك اعتذر ولي العهد وغادر الحفل متجهًا إلى مكان الضوضاء.
كان عليه أن يرى بعينيه.
ما الذي يفكر فيه ليكاردو ورفاقه؟ وما الذي يفعلونه؟
وما أقدم عليه ولي العهد هناك كان قرارًا اتخذه في تلك اللحظة بعينها.
‘لكن لم أتوقع أبدًا أنه سيتخذ ذلك القرار في ذلك الموقف.’
حين كانا يتحدثان، بدا وكأنه لن يصدق ولن يقبل كلامه.
شعر ليكاردو بالقلق وندم على أنه أثار الموضوع أصلًا.
لكن تلك المخاوف بدت بلا جدوى، لأن ولي العهد أيد كلام ليكاردو بكل وضوح.
كان قرارًا صعبًا بلا شك، فما الذي جعله يغيّر موقفه؟
‘على أية حال… يمكن القول إننا حللنا أمرًا واحدًا على الأقل، أليس كذلك؟’
في الحقيقة، حتى إيزابيلا كانت قد ترددت، هل تخبر ليكاردو وولي العهد بشأن هذه التعويذة والسم أم لا؟
كانت تعلم أن الأمر بالغ الخطورة، وأن مجرد فتحه قد ينقلب عليها.
لكنها كانت تدرك أنها لن تستطيع حله دون تعاون ليكاردو وولي العهد.
ورأت أن عودتها من أرشيف دويتشلان هي التوقيت الأمثل لطرح الأمر.
وبما أن النتائج جاءت كما أرادت، استطاعت إيزابيلا أن تهدأ قليلًا.
على الأقل، لم يعد هناك خطر أن تقوم الإمبراطورة بقتل الإمبراطور فجأة.
“صحيح أننا حللنا مشكلة، لكننا وقعنا في وضع أشد عبثية.”
قالها ليكاردو وهو يتنهد.
“ما الذي حدث بحق خالق السماء؟ وما قصة الخيانة هذه؟”
كان يظن أنهم خرجوا لمطاردة إدوارد الهارب، لكن ماذا حصل حتى راح يسمع فجأة كلمة خيانة وسط الغابة؟
“نعم، خرجنا فعلًا للبحث عن السير إدوارد. كنا نتتبع أثر نووم صغير… لكن فجأة…”
فنووم التي تستدعيها إيزابيلا شديدة الحساسية تجاه وجود فايتشي.
ومنذ أن تأثر إدوارد بعشبة الشلل وظهر فايتشي، بدأ نووم تبحث عنها.
وما إن وصلتها تلك الإشارة، أدركت إيزابيلا أن فايتشي بدأ بتحريك مخططاته، فأسرعت بخطواتها.
وبعد لحظات، شعرت حتى أن تواصلها مع أرواحها صار معرقلًا.
“إذن لا بد أنهم مع سحرة المملكة.”
هكذا خطر ببالها.
“فسحرة المملكة يحيطون أنفسهم أساسًا بدرع يعطل التوافق مع الأرواح.”
وكان هذا يتضح أكثر حين تكون داخل أراضي الإمبراطورية.
وفي اللحظة التي أدركت فيها إيزابيلا أن هناك اتصالًا مع سحرة المملكة، استطاعت أن تستوعب على نحو عام المؤامرة التي كان يحيكها فايتشي مع الأمير.
لذلك سارعت بإبلاغ الجميع، الذين خرجوا للبحث عن إدوارد بما أدركته، ثم انطلقت معهم بحثًا عنه.
وبفضل رياح دايفيد، وجهود نووم المتواصلة في تبادل الإشارات، استطاعوا العثور عليهم قبل أن يفوت الأوان.
وما جرى بعد ذلك، كان تمامًا كما رآه إدوارد فايتشي.
“جهاز التشويش السحري من صنع السير جوشوا.”
“وكان التوقيت مناسبًا تمامًا، إذ صادف أنني التقيت بأحدهم اليوم.”
فعلى الرغم من طبيعته الهادئة، كان جوشوا واسع العلاقات. لقد حرص على تكوين شبكة معارف وهو يفكر دائمًا بأنها ستعود يومًا بالنفع على أسرة الماركيز ماكا.
وكان بين تلك المعارف سحرة أيضًا.
وبالصدفة، التقى اليوم بأحدهم وأجرى معه صفقة على بعض الأدوات.
وكان جهاز التشويش السحري أحد الأشياء التي طلبتها إيزابيلا منه.
فهي كانت تدرك أنه إن واجهوا فايتشي، فسوف ينتهي بهم الأمر بالتصادم مع المملكة، وحينها سيكون جهاز التشويش السحري ضرورة لا غنى عنها.
لكنها لم تتوقع أبدًا أن تضطر إلى استخدامه بهذه السرعة.
“هاه… إذن خطته كانت أن يستغل ثيو ليصنفنا جميعًا كـ خونة.”
“نعم. وبطريقة ما، أرى أن عدم حضورك يا سيد ليكاردو جعل الأمور تنقلب لصالحنا.”
وأضافت كاساندرا، وهي تتابع شرحها:
“لكن، هل تظنون أن ذلك الأمير سيجرؤ على التطرق لأسرة لويد؟”
“ماذا تقصدين؟”
“أعني أنه حين تحدثنا بشأن أسرة لويد، لم يكن الحاضرون سوى نحن ورفاقنا. فإذا حرص فايتشي على إسكات رجاله مرة أخرى، ألن تُطمر هذه القصة تحت السطح؟”
“لكن هذا يعني أن كلمة ‘خيانة’ التي أطلقها تفقد معناها. فقصده الحقيقي لم يكن مجرد اتهام بالخيانة، بل الإيحاء بأن وريث عائلة لويد يتآمر مع المملكة ضدهم.”
“آه، معك حق.”
أعادت كاساندرا ترتيب المشهد في ذهنها.
“لقد وقع في فخ نصبه بيده.”
فمن دون كشف هوية ثيو، لن يستطيع تبرير تحريكه لفرسان القصر.
“لكن على عكس ما خطط له، فقد نجت الماركيزة مولان، ونجا حتى القتلة. وأيضًا اثنان منهم محتجزان هنا في قصر الماركيز كإجراء احترازي.”
خشيت إيزابيلا أن يحاول فايتشي تصفيتهم أو التخلص منهم، لذلك أبعدت الاثنين سرًا.
وسيظن فايتشي أنهم هربوا لا غير.
أما هي فكانت تنوي أن تساومهم لتجعلهم يعترفون.
“النتيجة هي أننا نملك الآن شهودًا وأدلة واضحة، بينما الأمير الذي كان من المفترض أن يكمل حبكة روايته، قد فرّ هاربًا.”
وبما أن إيزابيلا تعرف سر مولد فايتشي، فلن يستطيع الظهور علنًا وتمثيل دوره بسهولة.
ولذلك، فإن النقاش حول ما إذا كان ما جرى خيانة حقًا سيطول كثيرًا.
لقد طغت مسرحية إيزابيلا الكبرى وحربها المعلوماتية على أداء فايتشي المتقن ومكائده.
“لكن، لا تنسي أن مجرد ذكر اسم أسرة الدوق لويد سيجعل الناس لا يمرون على الأمر بسهولة. ثم إنك حبيبته.”
“لا تقلقوا بشأن ثيو. لديه خططه الخاصة.”
حتى إيزابيلا لم تكن تعرف بالضبط أين توجه ثيو.
فقد تفرقت الطرق داخل العاصمة وخارجها، فلم يعد لا نووم ولا ناياس قادرين على تتبعه.
لكن بما أنهما ناقشا مسبقًا ما ينبغي فعله إذا وقعت مثل هذه الظروف، فقد كانت مطمئنة تجاهه.
“لستُ قلقة عليه.”
تجهمت كاساندرا.
فماذا يفيد القلق على رجل ناضج وبطل حرب؟
إذا أراد أن يختفي فسيجيد الاختفاء، وإن كان يخطط لأمر آخر، فهو يعرف كيف يتدبر نفسه.
لكن تركيز كاساندرا لم يكن على ثيو، بل على إيزابيلا.
“أنا قلقة عليكِ أنت.”
“عليّ أنا؟ ولماذا؟ نحن هنا داخل قصر ماركيز ماكا، وأنا معكم جميعًا.”
وكأنها تسأل ألسنا جميعًا في الوضع نفسه؟
لكن بينما كانت إيزابيلا تنظر إليها بوجه مستغرب، تدخل جوشوا وقد ضاق صدره:
“صحيح أننا جميعًا تحت الشبهة، لكن وضع الآنسة إيزابيلا يظل أكثر خصوصية.”
“يكفي أنك حبيبة ثيو، وذلك وحده معقد، لكن فوق ذلك… أنت ابنة أوفيل…!”
توقفت كاساندرا فجأة، كأنها تخشى أن يسمعها أحد، ثم واصلت بصوت خافت:
“أوفيليا… هي أمك، أليس كذلك؟!”
“آه… هذا.”
“حتى إن لم يكن الأمر بمستوى أسرة لويد، هناك كثيرون يرون تلك المرأة أصلًا للعديد من الكوارث.”
فلا يزال الغموض يكتنف ما إذا كانت حقًا جاسوسة للمملكة، وهناك كثيرون يصفونها بالخائنة.
“لـ-لست أقصد أبدًا أن أتحدث عن أمك بسوء.”
قالتها كاساندرا وهي تراقب ردة فعلها بحذر.
عندها سأل ليكاردو مباشرة:
“مستحضرة ارواح الارض الهاربة… أوفيليا… هل هي أمك حقًا؟”
****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 109"