لم أكن أعلم أنني الحبُّ الأول للأمير - 1
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- لم أكن أعلم أنني الحبُّ الأول للأمير
- 1 - لماذا إنجرفت مع الأمر؟
الفصل 01. لماذا إنجرفت مع الأمر؟
“انزل إلى إقطاعية إيفلين حتى استدعيك مجددًا.”
أومأ كارسيون برأسه بخنوع، متحملًا نظرة والدته الباردة..
وُلد كارسيون ضعيف البنية منذ الصغر، وغالبًا ما كان طريح الفراش.
كانت حالته الجسدية غير مؤهلة تمامًا للبقاء في القصر الإمبراطوري، حيث كانت تدور معارك خفية على ولاية العهد..
وكان هذا الواقع قاسيًا جدًا على طفل لم يتجاوز الثامنة من عمره..
داخل العربة المتجهة إلى إقطاعية إيفلين، تمتم كارسيون لنفسه، وقد اعتراه الحزن..
“إرسالي إلى هذه الريف الممل بلا أي شيء… يعني أن أمي قد تخلت عني، أليس كذلك؟”
“ليس الأمر كذلك، سموّك.”
“مجرد سماعك تقول ذلك يجعلني أشعر بالامتنان.”
كانت ملاحظة متشائمة للغاية بالنسبة لطفل في الثامنة.
لكن دويمن، الذي أُبعد أيضًا إلى المنفى لخدمته الأمير الثالث، أصرّ حتى النهاية أن الأمر ليس كما يظن..
لكن كارسيون لم يكن أحمق.
رغم صغر عمره، إلا أنه اختبر في القصر الإمبراطوري كافة أنواع المعاناة، المرّة والقاسية.
“لقد تم إبعادي لأنني عائق في طريق أخي سيدريك، أليس كذلك؟”
“ليس الأمر كذلك…”
صوت دويمن خفت تدريجيًا، واهتزّت نبرته المترددة كطعنة في قلب كارسيون..
لماذا وُلدت أصلًا؟ أنا مجرد عقبة في طريق أخي، ولا أحد يحبني. حتى والدتي التي أنجبتني…
كان الهواء الدافئ والهادئ للجنوب يحيط بجسده، لكن قلبه ظل موحشًا وباردًا..
سأظل هنا بلا صوت، كما لو كنت غير موجود.
تمامًا كما أرادت أمي.
إذا أطعتها بهذه الطريقة، فهل ستنظر إليّ يومًا ما بعينين أكثر دفئًا؟
بينما كان يتخذ قراره الحزين، نزل كارسيون من العربة. لقد وصل إلى قصر إيفلين.
وكأن الطبيعة نفسها كانت تدعم فكرة “الإستجمام”، كان الطقس رائعًا.
“سموك، لا بد أن رحلتك كانت متعبة.”
كان الفيكونت إيفلين وزوجته بانتظاره أمام القصر.
أومأ كارسيون برأسه مجاملة، لكن وجهه ظل قاتمًا.
ثم حدث ذلك..
ظهرت فجأة، في مستوى نظره تمامًا، ثم اختفت مجددًا.
عُقد حاجباه الصغيران، وقد لاحظ خصلة شعر سوداء بارزة خلف الفيكونت باسكال إيفلين.
ابتسم الفيكونت وزوجته بلطف وطمأنا الـ”شخص ما” كي يقترب.
انتظر كارسيون بصمت حتى يكشف هذا “الشخص” عن نفسه.
أخيرًا، أطلت فتاة بعينين دائريتين بلون فيروزي من خلف الفيكونت باسكال..
“مرحبًا، كارسيون. أنا رينيه إيفلين. هل تريد بعض التوت الأزرق؟”
“…..”
من أين تعلمت هذه الفتاة الجرأة لتنادي أميرًا باسمه هكذا؟
في العادة، كان سيوبخها على وقاحتها، لكنه لم يستطع نطق الكلمات.
ربما لأنه لم يُنادى باسمه بهذه النبرة الدافئة من قبل..
لم يكن يدرك السبب بوضوح، لكنه شعر بإحساس غريب في قلبه لم يكن مريحًا على الإطلاق.
فقط عبس بانزعاج، بينما راقبه البالغون بنظرات مشفقة، مدركين عجز هذا الأمير الصغير عن التعبير عن مشاعره..
نظر كارسيون إلى يدي الفتاة الملطختين بعصير التوت الأزرق وردّ بجفاء.
“أنا أكره التوت الأزرق.”
عندها، امتلأت عينا الفتاة بسرعة مذهلة بالدموع. ارتبك كارسيون.
“… لكن، أعطني واحدة. ربما… لن يكون طعمه سيئًا.”
ما هذا الكلام السخيف؟
بالطبع يعرف طعم التوت الأزرق. هو فقط لم يكن يفضله.
لكن بينما كان يمضغ التوت الأزرق الذي لا طعم له، نظر إلى رينيه التي ابتسمت له بسعادة، وكأن دموعها لم تكن موجودة منذ لحظة..
وفي ذهنه، ظهرت تساؤلات جديدة.
لماذا انجرفتُ مع هذه الفتاة؟
وكان هذا مجرد البداية.
ومع مرور السنين، وجد كارسيون نفسه يعتاد على حياته التي كانت تتخللها رينيه شيئًا فشيئًا.
***
“متى ستعود إذا ذهبتِ إلى العاصمة هذه المرة؟”
سألته رينيه وهي تسند ذقنها بيدها..
كانت قد أصبحت شابة ناضجة دون أن يدرك.
رفع كارسيون رأسه عن دراسته ونظر إليها.
تحت أشعة الشمس الساطعة، بدت رينيه ذات الستة عشر عامًا جميلة جدًا.
حاول إخفاء نظره الذي انخفض تلقائيًا إلى شفتيها الحمراء كحبة كرز، فحوّل بصره إلى النافذة للحظة، ثم عاد والتقت عيونه بعينيها..
“حوالي ثلاثة أشهر؟”
“حقًا؟ لماذا ستغيب طويلًا هذه المرة؟”
“بأمر من جلالة الإمبراطور وجلالة الإمبراطورة. من النادر أن يتفقا على شيء.”
“آه… ماذا لو شعرت بالملل من دونك؟”
بدت وكأنها تشعر بالملل بمجرد تخيل الأمر، وأخذت تحرك قدميها ذهابًا وإيابًا، فلامس طرف حذائها ساق كارسيون.
لم يمانع، بل أسند ذقنه بيده كما فعلت، وكأنه يعكس حركتها كمرآة..
“يمكنني أن آخذكِ معي إن أردتِ.”
“بهذا الشكل، ستجعلني أتردد بشدة!”
“إذاً، تعالي معي.”
قالها بنبرة هادئة، منتظرًا أن توافق..
بدأ صعوده إلى شوتزن قبل عامين. (شوتزن اعتقد العاصمة)
حين بعد أن تعافى تمامًا في مقاطعة إيفلين، لم يُظهر فقط تحسنًا في صحته، بل كُشف عن موهبته المذهلة في المبارزة.
وعندما قرأ الإمبراطور والإمبراطورة ذلك في التقرير، دعياه إلى العاصمة بدافع الفضول..
حتى الآن، لم يكن يمكث هناك سوى أسبوع قبل أن يعود بسرعة.
لكن هذا العام، كان موعد تقديمه الرسمي للمجتمع الراقي، ما يعني أنه لن يكون لديه خيار سوى البقاء لفترة أطول..
لم يمضِ ثلاثة أشهر بعيدًا عنها من قبل.
كلما طال تردد رينيه، زاد توتر كارسيون، فبدأ يتوسل إليها بوضوح.
“تعالي معي. أرجوكِ؟”
“لا أستطيع. لا يمكنني ترك ريو وحده.”
“آه، ذلك الوغد…”
“غروووو…!”
كان الكلب الكبير، الذي كان مستلقيًا بكسل في زاوية غرفة الدراسة، قد كشف عن أنيابه بتهديد بمجرد أن سمع ذلك.
حدق كارسيون به بضيق. لم يُعجبه ذلك الكلب أبدًا، منذ اللحظة الأولى التي رآه فيها.
في الماضي، كان يخيفه حين كان صغيرًا، لكنه الآن مجرد حفنة من الفرو لا تهدِّد أحدًا..
لكن، الآن بعد أن فكر في الأمر…
كان هذا الكلب بالحجم نفسه عندما التقيا لأول مرة.
مرت ثماني سنوات، ومع ذلك لم يتغير حجمه على الإطلاق. والأسوأ، أنه لم يبدو عليه أنه تقدم في العمر.
كم يبلغ متوسط عمر الكلاب عادةً؟
“أيها الوغد، كم عمرك؟ لا بد أنك أصبحت عجوزًا الآن، أليس كذلك؟”
“عجوز؟! لا تقل هذا الكلام، إنه لا يزال لطيفًا!”
“قلتِ إنكِ التقطتِه من الغابة عندما كنتِ في السادسة، أليس كذلك؟ إذًا، لم يتبقَّ له الكثير.”
“هاه؟! كيف يمكنك أن تقول شيئًا قاسيًا كهذا؟ اعتذر فورًا!”
“آسف.”
“ليس لي، بل لريو! وإلا، لن أتحدث معك مرة أخرى.”
“…..”
أطبق كارسيون شفتيه بامتعاض..
أنا الأمير الثالث للإمبراطورية العظمى أرنوفل، ومع ذلك يُطلب مني الاعتذار لهذا الكلب المزعج؟!
كان يجب أن يتخلص منه، لا أن يعتذر له. خاصة أنه يمنعه من أخذ رينيه معه إلى شوتزن…
“أسرع.”
“… آسف، أيها… الكلب…”
“كارسيون.”
“حسنًا، حسنًا. آسف، أيها الوغد ريو.”
اعتذر كارسيون على مضض عندما قابلته رينيه بنبرة صارمة.
لكن في داخله، كان الغضب يغلي.
ما هذا الكلب المزعج؟ كيف يمكن أن تكون تعابيره بهذا التنوع؟!
لقد بدا متفاخرًا وكأنه قد فاز، وكان هذا يستفزه أكثر.
والأسوأ، أنه كان يغيّر تصرفاته تمامًا عندما تنظر إليه رينيه، ليهز ذيله بلطافة متظاهراً بالبراءة..
ذاك الوغد، لا بد أنه ثعلب متنكّر في هيئة كلب.
كان من السخيف أن يشعر بالغيرة من حيوان أليف، لذا قرر كارسيون تجاهل الأمر.
“أنتِ أيضًا في السادسة عشرة. لنقم بظهورنا الأول معًا.”
“ماذا؟ لكنني لم أزر شوتزن من قبل.”
“يمكنكِ الذهاب معي هذه المرة. هل يُعقل أن نفترق لثلاثة أشهر؟”
“هذا صحيح، ولكن… ريو…”
“هناك الكثير من الخدم في القصر، فلماذا تقلقين بشأنه؟ رينيه، نحن في السادسة عشرة.”
بدت رينيه متأثرة بكلامه، وبدأت تفكر بجدية.
لكن في تلك اللحظة، أطلق ريو أنينًا حزينًا وهو يفرك جسده بساقها، وكأنه يتوسل إليها ألا تتركه.
بدت مترددة، ثم تمتمت محاولة العثور على عذر:
“لكنني لا أعرف أحدًا في المجتمع الراقي، وليس لدي شريك أيضًا…”
“إذن، هل ستتخلين عن حفلة تقديمك إلى المجتمع بسبب ذلك الكلب؟”
“غروووو…!”
ذلك الوغد يفسد اللحظة المهمة مجددًا!
تجاهل كارسيون الكلب الذي كان يكشر عن أنيابه له وحده، وركز على رينيه. كانت هذه لحظة حاسمة.
“كفي عن التفكير، وتعالي معي.”
“ماذا؟”
“إذا كان عدم وجود شريك هو المشكلة، فأنا أيضًا لا أملك واحدة. لا داعي لأن ترقصي أول رقصة لكِ مع شخص بالكاد تعرفينه. لدينا بعضنا البعض، وهذا هو جوهر الصداقة، أليس كذلك؟”
… آه، تبا.
لم يكن يجب أن أقول ذلك في النهاية..
شعر كارسيون باليأس بسبب زلة لسانه، لكنه في الوقت نفسه كان سعيدًا بنجاحه الجزئي.
في ذلك العام، ظهر كلاهما رسميًا في شوتزن في المجتمع الراقي، ورقصا معًا أول رقصة لهما.
كصديقين… فقط.
آه… سحقًا…
على أي حال، هكذا عاش كارسيون أيامه غارقًا تمامًا في سحر رينيه إيفلين.
متى يجب أن أعترف لها؟
ماذا لو اعترفت وفقدتها كصديقة أيضًا؟
ظل يكافح مع هذه الأفكار المعذبة والجميلة في آنٍ معًا، لكنه كان واثقًا من شيء واحد—أن رينيه ستكون معه حتى آخر يوم في حياته.
دون أن يدرك، وبكل غطرسة، آمن بذلك تمامًا…
غير مدركٍ أنه بعد عامين فقط، سيفقدها إلى الأبد.
واتباد ki_lon2