الفصل: قرب خلف المرآة
الليل هادئً بشكل يبعث على الطمأنينة، وصمت المنزل الممتدّ حتى آخر أركانه يضفي شعورًا بالمسؤولية الحرة مسؤولية أن تكون رين وحدها في هذا العالم الصغير.
خرجت من المطبخ وهي تحمل صحنين كبيرين من الفشار، رائحة الزبدة المذابة والملح تنتشر خلفها في الهواء وكأنها تحضر المسرح لليلةٍ خاصة.
تقدمت إلى العليّة، كل خطوة تزيد دقات قلبها حماسًا وترقبًا.
عندما فتحت باب العليّة، كانت المفاجأة أن ليونيل يجلس في الأرض، أمام المرآة مباشرة، ينتظرها
كان يحدّق إلى الفراغ قليلًا، لكن عندما التفتت نحوه، بدا وكأنه يراقب صحن الفشار بعينين مليئتين بالاستغراب والفضول، دون أن يحرك ساكنًا.
ابتسمت رين بخفّة، وقالت
رين: ها قد عدت… ومع الفشار هذه المرة!
وضعت الصحنين على الأرض بعناية، ثم رفعت يديها لتنفض شعرها قليلاً.
راقبت ليونيل وهو يحدّق في الفشار، وكأنها قدّمت له كنزًا ثمينًا.
قالت له بحماس
رين: لحظة… هل يمكنك فعل شيء غريب قليلًا؟
رفع حاجبه بدهشة
ليونيل: غريب؟ ما هو؟
اقتربت رين من المرآة وقالت
رين: هل يمكنك أن تدخل يدك من خلال المرآة؟ جرب فقط أصبعك.
تردد للحظة، ثم مدّ أصبعه ببطء.
ولم يكد يلمس الزجاج حتى ارتجف وتراجع بسرعة، متفاجئًا وخائفًا قليلًا من الإحساس الغريب.
ضحكت رين بحماس، عيناها تتلألأ
رين: الآن دورك، أنا سأفعل! جربي أنت أيضًا.
مدّت يدها، وعند لحظة مدهشة، دخلت يدها عبر المرآة بالفعل.
ابتسمت ابتسامة واسعة، وأشارت إليه بمرح
رين: انظر! أمسك يدي.
تردد لوهلة، ثم لمس يدها بخجل، ولكن بمجرد أن شعر بالدفء الذي يرسل منها، سحبها بسرعة، وكأنه غير معتاد على القرب.
قال بخجل، صوته منخفض قليلاً
ليونيل: حسنًا… أعطني الفشار.
قدمت له الصحن بسرعة، فأخذه بسرعة، ولف وجهه خجلاً، وكأن شيئًا داخله يجعله غير قادر على مواجهتها مباشرة.
رين لم تفهم سبب لف وجهه، لكنها لم تقل شيئًا، واكتفت بابتسامة هادئة، ووضعت اللابتوب على الأرض أمامهم.
شغّلت الفيلم، وجلست أمام المرآة، بينما ليونيل كان خلفها، واقفًا أو جالسًا في وضع غريب لكنه متحمس، عينيه تتنقل بين الشاشة وبينها أحيانًا.
كان الفيلم من نوع الرعب، وكل مشهد جديد يثير دهشته، لكنه لا يستطيع منع عينيه من التوقف أحيانًا عند رين.
كانت خصلات شعرها البنيّ تتلألأ في ضوء الشاشة، وحركات رأسها الدقيقة تسرق اهتمامه، ليعود إلى الفيلم مرة أخرى بحذر وفضول.
سألها بين الحين والآخر، صوته منخفضًا وفضوليًا
ليونيل: لماذا يصدر هذا الصوت؟
هل هذا الجزء حقيقي؟
هل هذه الأشياء تحدث حقًا؟
كانت تضحك أحيانًا من حماسه، وتشرح له بعناية
رين: لا، هذا مجرد قصة مصورة تتحرك… الصور تتحرك، الأصوات مضافة، وكل شيء مصنوع لتشعر بالإثارة فقط.
ولكن مع كل إجابة، كانت متحمسة
لم يكن الأمر مجرد فيلم…
بل كانت هذه اللحظات التي تقضيها معه، وتراه يتفاعل مع كل تفصيل صغير…
هي اللحظات التي جعلتها تشعر بأنها موجوده
وكان هو، بدوره، مستمتعًا بكل ثانية.
كل حركة للشخصيات، كل صوت مفاجئ، كل ضحكة أو صراخ، كل شعور بالرعب…
كل ذلك أصبح تجربة مشتركة، مع تفاعلها وتفسيراتها، ومع قربها الغامض منه.
ليونيل: هل تشعرين بالخوف حقًا؟
رين بابتسامة خفيفة، تحاول إخفاء توترها
رين: نعم… قليلًا، لكن ليس مثل شعورك… أنت تبالغ!
ضحك بخفة، وهو يلتفت لها للحظة ويعاود النظر إلى الشاشة.
ولكن كانت هناك لحظة توقف فيها عن متابعة الفيلم، فقط ليلتفت إلى خصلات شعرها التي تتمايل بخفة مع حركات رأسها.
انتهى الفيلم أخيرًا، وكانت اللحظة صامتة لبضع ثوانٍ، كل منهما يستوعب ما حدث، كل منهما يشعر بالتأثير الغريب لهذه الليلة.
قالت رين بابتسامة ناعمة، عيونها تتلألأ قليلاً
رين: حسنًا… سأذهب الآن للنوم. تصبح على خير، يا سيد ليونيل.
رفع رأسه، وصوته منخفض لكنه دافئ
ليونيل: تصبحين على خير… رين.
تحرك بعيدًا عن المرآة، وكأنه يعود إلى عالمه الملكي الخاص، بينما كانت رين تشعر بفراغ مفاجئ في العليّة.
لكن ليونيل لم يذهب إلى النوم مباشرة.
جلس على سريره في غرفته، مستلقيًا على الوسادة، وعيناه مفتوحتان قليلاً، تفكر في كل شيء حدث تلك الليلة.
كيف كانت قريبة منه، كيف تضحك، كيف تتفاعل مع كل شيء…
.
استدار قليلًا في السرير، يحاول أن يغلق عينيه، يحاول أن ينام…
لكن صورة يدها، ابتسامتها، نظراتها، وحتى الصوت الخافت الذي تحدثت به أثناء الفيلم، استمرت في مطاردته.
تنهد بعمق، وغمض عينيه أخيرًا بعد دقائق طويلة من التفكير.
تلك اللحظة الغريبة، والفضول الذي لم ينتهِ، والشعور بالدفء الذي تركته رين في عالمه…
حتى نام أخيرًا، بعد أن غاص في أحلامه وهو لا يزال يبتسم بخفة.
يتبع….
التعليقات لهذا الفصل " 5"
احم احم طلع خجول آآآآع كيوتتتت يااخوان بدي اياه 🌚😆😆
عموما شكرا على الفصل الكيوتتت 🌷🌷🌸