2
الفصل الثاني: أحاديث ما بين زمنين
كان الضوء الذهبي يملأ الغرفة بخفة، كأنه قادم من شمسٍ بعيدة جدًا.
رين تحدق في وجه ليونيل من خلف الزجاج، قلبها يخفق بسرعة، لكن هذه المرة لم تشعر بالخوف…
بل بالفضول.
قالت بخفوت.
رين: إذًا… أنت حقيقي فعلًا.
ابتسم بخفة، و قال
ليونيل: وهل شككتِ؟
ضحكت بخفة وقالت
رين: طبعًا! من يصدق أن مرآة قديمة تجعل شخصًا من القرن التاسع عشر يظهر له في منتصف الليل؟
أجابها وهو يرفع حاجبه
ليونيل: القرن التاسع عشر؟ إذًا أنتم في القرن… كم قلتِ؟
رين: السادس والعشرين من القرن الواحد والعشرين. عام 2026.
تجمد للحظة، ثم قال بدهشة حقيقية
ليونيل: ألفين وستة وعشرون؟! كم مضى من السنين؟!
ابتسمت وقالت.
رين: كثير، جدًا.
ثم أمالت رأسها وقالت بمزاح.
رين: كم عمرك يا صاحب السمو؟
قال بجدية هادئة
ليونيل: سبعة عشر عامًا.
رفعت حاجبها وقالت
رين: ها! أصغر مما توقعت! كنت أظنك في العشرينات.
أجابها وهو يبتسم بخفة
ليونيل: وكم عمركِ أنتِ يا فتاة؟
رين: سادسة عشرة سنة.
ليونيل: أصغر مني إذًا.
رين: أجل، لكن يبدو أنك أكثر جدية مني، ولي العهد دائمًا يجب أن يكون رسميًا، أليس كذلك؟
ضحك قليلًا، وهي المرة الأولى التي تسمع فيها صوته بلا حدة.
قال وهو يقترب أكثر من سطح المرآة، ويجلس قريب من مرآة
ليونيل: قولي لي يا رين… كيف يبدو عالمكم؟
تألقت عيناها بحماس:
رين: عالمنا؟ ممم، متطور جدًا! عندنا سيارات تمشي بسرعة كبيرة، وهواتف صغيرة نكلم بها أي شخص في أي مكان، وأجهزة ذكية، وأضواء لا تحتاج شموعًا، ومدن فيها ناطحات سحاب تلمع مثل الماس.
نظر إليها بدهشة صافية وقال:
ليونيل: أتعنين أنكم لا تستخدمون الخيول أو المصابيح الزيتية؟
ضحكت:
رين: لا طبعًا! الخيول الآن هواية أكثر من وسيلة نقل.
ثم سألته هي هذه المرة بفضول طفولي:
رين: وأنتم؟ ماذا تفعلون في عالمكم؟
قال وهو يرفع رأسه قليلًا بفخر:
ليونيل: نحن نعيش في مملكة “فالورين”. الحروب بين الممالك ما زالت قائمة، والسياسة معقدة. أتعلمين؟ كل يوم تقريبًا أحضر اجتماعات تخص التاج.
رين: ممل، جدًا.
ليونيل (يبتسم): وماذا عنكِ؟
رين: أنا طالبة، أدرس وأرجع للبيت وأقضي وقتي على الإنترنت.
ضحك، ثم قال وهو يهز رأسه بخفة:
ليونيل: عالمكم يبدو كالحلم. لا أستطيع تخيله.
رين: وعالمك يبدو كالقصة التي تقرأ قبل النوم.
سكتا لحظة. كان بينهما صمت غريب، ليس صمت خوف…
بل هدوء مريح، كأنهما يعرفان بعضهما منذ زمن.
قال ليونيل فجأة بفضول:
ليونيل: لو استطعت عبور هذه المرآة… هل ستخبرينني كيف يعيش الناس في عامكم؟
رين (مبتسمة): فقط إن سمحت لي أن أزور عالمك أولًا.
ابتسم هو بدوره وقال:
ليونيل: يبدو أن لدينا اتفاقًا إذًا.
مر صمت، و تحدثت رين مرة أخرى
رين: اعتقد تبدو حياتك كئيبة.
رفع حاجبه بدهشة
ليونيل: أوه، وهل حياتكِ أكثر إشراقًا؟
هزّت رأسها
رين: ربما. أذهب إلى المدرسة، أكتب واجباتي، أتحدث كثيرًا، أزعج الفتيات اللواتي حولي، ألعب ألعاب، وأحتسي الشاي بالحليب.
ليونيل: تتحدثين كثيرًا؟
رين: جداً. لدرجة أن زملائي يرونني غريبة الأطوار ومجنونة، لأني عندما أبدأ بالكلام… لا أتوقف.
ضحك ليونيل بخفة، ثم سأل
ليونيل: ولمَ تحبين الحديث؟
رين: لأنني أشعر أنني موجودة حين أتحدث. لا أحد ينتبه لي إن صمتُّ. ولكن عندما أتحدث كثيرًا… يسمعني أحدهم، ولو قليلاً.
نظر إليها طويلاً ثم قال
ليونيل: أعتقد أنني بدأت أفهمك.
فجأة، مالت رين للأمام وقالت بابتسامة ساخره
رين: بالمناسبة، عصري أفضل من عصرك بمليون مرة.
رفع حاجبه، بُهت قليلًا، ثم قال بسخرية واضحة
ليونيل:أنا أغنى رجل في مملكتي، وأنتِ لا تملكين حتى تاجًا من الخشب.
نظرت إليه بثقة وقالت
رين: لكنني أملك سريري الدافئ، وهاتفي، وراحة بالي، وأمًّا تصرخ عليّ لأنني لم أغسل الصحون. أعتقد أن هذا أريح من همومك الملكية.
تنهّد، ثم قال بخفة
ليونيل: حسنًا… فزتِ عليّ.
ضحكا معًا، وكأن التوتر بين عالمين مختلفين قد ذاب في الدقائق الأخيرة.
ثم عاد يسألها عن أشياء أخرى
ليونيل: كيف تدرسون؟ كم ساعة تنامين؟ ماذا تفعلون في العطل؟ هل يختار الناس أزواجهم بأنفسهم؟
كانت رين تجيبه على كل شيء، تشرح له بإسهاب، تقاطع نفسها، ثم تعود لتكمل، تستخدم كلمات لم يفهمها أحيانًا، لكنها كانت تبالغ في الوصف بحماس.
حين نظرت إلى الوقت، شهقت.
رين: أوه لا! لقد تأخرت! يجب أن أعود قبل أن يعود والداي.
وقفت بسرعة، ثم نظرت إلى ليونيل، وقالت بابتسامة صافية
رين: ليلة سعيدة، يا سيد ليونيل.
أجاب، وهو يُخفض رأسه قليلاً باحترام ناعم
ليونيل: حسنًا… يا آنسة رين.
ثم اختفت من أمامه، بينما ظل هو يُحدّق في الزجاج، وفي قلبه سؤال واحد يتردد:
من هذه الفتاة؟
يتبع….
Chapters
Comments
- 2 - جزء ٢ : أحاديث ما بين عالمين منذ 14 ساعة
- 1 - المقدمة الفصل الأول: حين عبرت المرآة منذ 3 أيام
التعليقات لهذا الفصل " 2"
اععععع وش يصبرني للفصل جايه بس الاهم هل جد ممكن يخشو عوالم بعض لو لا وتخيل شكل ولي عهد يروح مدرسه ويدرس وهي تجرب حفلاته بيكون رهيببب
واو عظمه الفصل