الفصل 17
“استيقظوا!!”
يا إلهي.
رايان، الذي تأقلم مع حياة السجن الصارمة لمدة 12 عامًا، استيقظ في السادسة تمامًا و قال إنّ علينا تناول الفطور.
كنتُ أجرُّ خطاي خلفه وأنا أحاول فتح عينيّ المغلقيتن قسرًا، حين توقفتُ أمام لوحة الإعلانات بجوار المطعم.
كانت لوحة إعلانات السفينة، حيث تُعلق الأخبار العاجلة وإعلانات التوظيف بشكل عشوائيّ.
‘كما توقعتُ، إنّه هنا.’
وجدتُ ما كنتُ أبحث عنه.
[مسابقة الإمبراطورية للمبارزة الـ 105
طريقك لتصبح فارسًا مكرّمًا!]
‘سنلتقي قريبًا يا كارلي العزيزة…’
نزعتُ الإعلان واحتفظتُ به، وبينما كنتُ أهمُّ بالرحيل وأنا أتثاءب بكسل..
“أوه؟”
..هذا الإعلان مُعلقٌ هنا الآن.
فجأةً، طار النوم من عينيّ فورًا.
[-WANTED-
مطلوبٌ للعدالة.
الوحش ذو الذكاء البشري، “راتان”.]
رُسمت صورة لوحش بقرون كبيرة. وتحتها كُتبت تفاصيل الأضرار، وآخر مكان شوهد فيه، وقيمة المكافأة.
عُرف راتان بين الوحوش عديمة العقل بأنّه الوحش المتحدث ذو الذكاء البشري.
لم يكن أحدٌ يعرف ماهية هذا الشيء، أو من أين نشأ، أو من أين أتى، حتى تمّ القبض عليه.
وعندما كُشف عن هويته الصادمة أخيرًا…
انقلبت عائلتنا رأسًا على عقب.
كانت حقيقةُ ذلك الوحش صادمةً.
‘و أنا الوحيدة التي تعرف ذلك الآن.’
كنتُ أنوي البحث عن هذا الكائن على أيّ حال.
نزعتُ ملصق المكافأة أيضًا، ثم دخلتُ إلى المطعم.
كان رايان وريڤان يطلبان الطعام.
“أريد عجة بيض!”
صرختُ بسرعة لطلب العجة. فيخنة لحم البقر كانت سيئة المذاق..
“أريد يخنة لحم البقر، وفطائر، وإوزًا مشويًّا مع لحم مقدد. وللتحلية شتولين بالزبدة.”
قال رايان ذلك وهو يتفحص القائمة بدقة، لكنّ ريڤان تجاهله.
“نريد ثلاثة أطباق عجة بيض فقط.”
“يا هذا!”
احتجَّ رايان على الفور.
“هل تمزح معي؟ طبق عجة واحد لا يكفي لسدّ رمقي!”
“لا نملك ما يكفي من المال.”
“كيف لا نملك؟ لقد أحضرتُ نفقة تربية الطفلة معي!”
“يا إلهي، أيها الجشع! تلك اسمها نفقة تربية! هل تفهم معناها؟ لم تتواجد لكي تحشر الإوز في فمك.”
ارتجف رايان غيظًا، ثم أضاف طلبًا آخر بسرعة: “أضف طبق يخنة لحم بقر آخر.”
“آه!”
صرخ ريڤان بذهول، وبدأ يوبخ رايان ويضربه على كتفه: “أيها الأكول الطفيلي! كيف تأكل كثيرًا وأنت لا تملك شيئًا!”
“توقف! هذا مؤلم، حقًّا!”
كنتُ أراقب المشهد بابتسامةٍ دافئة وأنا أمسح أنفي بخفّة.
‘إنهما مقربان حقًّا. رؤيتهما هكذا تبعث على السرور.’
جلسنا حول طاولة بانتظار الطعام.
بدا ريڤان حانقًا لأنّ طبق اليخنة قد أُضيف بالفعل، فظلّ يقرص رايان باستمرار.
“لكن يا صغيرة. كان هناك شيءٌ يحيرني منذ الأمس.”
حوّل ريڤان نظره إليّ بعد أن شبع من قرص رايان.
‘…بخصوص تجربة زرع القدرة تلك.”
كان الوقت مبكرًا جدًّا والركاب قليلون، لكنّ ريڤان كان يحذرُ مما حوله وتحدث بصوت خفيض: “كيف فعلوا ذلك بالضبط؟ ألا يُفترض أن يحصلوا على مساعدة من أصحاب القدرات لزرعها؟”
“آه، هذا صحيح، أليس كذلك؟”
“ليس من المنطقي أن يأتي أصحاب القدرات ويساعدوهم بمحض إرادتهم.”
ابتسمتُ بارتباك وهززتُ رأسي.
“أنا آسفة. لا أعرف تلك التفاصيل.”
“أوه، لا داعي للاعتذار. لا بأس.”
في الحقيقة، أنا أعرف.
أعرف، لكنني أصمتُ في هذه اللحظة. فهذه معلومة لا يحتاج رايان وريڤان لمعرفتها الآن.
صاحب قدرةٍ ساعد في التجربة؟
للمفاجأة، لقد كان صحيحًا.
الدوق السابق، إيفان فاسنبيرغ.
أي أنّه كان جدي أنا و رايان.
لقد اختفى فجأة بعد أن سلّم منصب الدوق.
‘لكنّه في الحقيقة، قد ذهب ليتواطأ مع العائلة الإمبراطورية.’
حدث هذا قبل ولادتي لذا لا أعرف التفاصيل، لكنني أستطيع تخمين نية جدي.
ربما شعر هو الآخر بالخزي من تصرفات العائلة، فهل قدّم جسده كفأر تجارب طواعية؟
وهكذا بموافقة ضمنية من العائلة الإمبراطورية، قام أساتذة قسم الهندسة السحرية في أكاديمية الإمبراطورية باستخدام دوق فاسنبيرغ السابق لإجراء تجربة زرع القدرة.
تلك هي حقيقة المشروع.
“بعد سماع كلامكِ، يبدو أنّ القيام بتجربة كهذه يحتاج حقًّا لمساعدة صاحب قدرة؟”
قال رايان وكأنّه غارق في التفكير.
“إذًا ربما كان جدي؟”
-بوف!
كنتُ أشرب الماء حينها، فشرقتُ وبدأتُ أسعل من المفاجأة.
“يا إلهي. هل أنتِ بخير يا صغيرة؟ لكن جدك؟ هل تقصد دوق فاسنبيرغ السابق؟”
“أجل. كنتُ صغيرًا جدًّا ولا أتذكر وجهه جيّدًا، لكن حين كنتُ في السادسة ربما؟ أعرف أنّ جدي غادر المنزل. ومنذ ذلك الحين، لا أعلم إن كان العجوز قد ابتلعته الأرض أم صعد إلى السماء…”
“يا للعجب! لم يمت بل اختفى. إذًا من الممكن أن يكون الدوق السابق قد ساعد في تلك التجربة؟”
“ربما؟”
كنتُ أبتلع ريقي وأنا أستمع لحديث رايان وريڤان المتبادل.
بدأ الاثنان يصلان للحقيقة خطوة بخطوة حتى دون أن أخبرهما.
“إذا نجحت تلك التجربة.. فهذا يعني أنّه قد يوجد شخص عادي زُرعت فيه قدرة الدوق السابق، أليس كذلك؟”
سأل ريڤان وهو يحلل بذكاء، ثم ضرب كفيه ببعضهما وسأل رايان:
“ماذا كانت قدرة ذلك الرجل؟”
تمتم رايان متسائلًا “ماذا كانت؟”، ثم هتف “آه” وحرك سبابته بشكل دائريّ.
كان يدور باصبعه كأنّه يرسم دائرة.
إيماءة تدل على إرجاع شيء ما.
“تُدعى قصيدة العودة.”
“هاه؟”
أضاف رايان موضحًا لريڤان المستغرب: “قدرة بركة العودة بالزمن.”
***
عدنا إلى الغرفة بعد تناول الطعام.
“هوووه، هاه.”
كان رايان منبطحًا بين السريرين يمارس تمرين الضغط بيد واحدة.
قال إنّ ممارسة الرياضة بعد الأكل كانت عادته طوال 12 عامًا من السجن.
كنتُ أمسك منشفة وأراقب ظهر رايان الذي يتحرك صعودًا وهبوطًا بذهول.
“يا اخي، أخبرني المزيد عن ماهية قدرة العودة بالزمن.”
( ريڤان ينادي رايان بهيونغ و تعني الاخ الاكبر بالكورية)
“كما قلتُ لك، هووه. إنها القدرة على إرجاع الوقت إلى الماضي. ماذا تريد أن تعرف أكثر؟”
“اريد معلوماتٍ أكثر تحديدًا!”
لمعت عينا ريڤان.
“لو، فقط لو افترضنا أنّ التجربة قد نجحت ذلك اليوم، فهذا يعني وجود إنسان عادي يملك هذه القدرة! لو وجدناه، سيكون قوة جبارة لنا. ألا تعتقد ذلك؟”
“هل أنت أحمق؟ كيف سنجده؟ لا أصدق أنّ تجربة كهذه قد تنجح، ولكن حتى لو نجحت، هووه.”
استعاد رايان أنفاسه المرهقة وأضاف:
“لو عُرف أمره، ستقوم عائلتنا بملاحقته وقتله حتمًا. ما لم يكن غبيًّا تمامًا، هوووه، فهل سيجول في الأنحاء ويتباهى بأنّه النموذج الناجح للتجربة؟”
“… هذا صحيح، أليس كذلك؟ لكنني فضوليّ، أخبرني المزيد.”
“آه، أنا أمارس الرياضة الآن. هووه، لا تسألني، اسألها هي. لقد تعلمت في المنزل منذ صغرها لذا لا بدّ أنها تعرف كل شيء.”
عند كلمات رايان، نظر ريڤان إليّ وأنا جالسة على السرير.
“آه.”
بما أنني وعدتُ بإخبارهما بكل ما أعرف، فلا يمكنني التظاهر بالجهل..
“قصيدة العودة هي قدرة تتيح إرجاع الوقت إلى الماضي. سواء كانت ثوانٍ، أو ساعات، أو سنوات، بحرية تامة حتى نقطة استيقاظ القدرة لأوّل مرة.”
“مهلًا، أيّ قدرةٍ احتياليّة هذه؟ إذًا هل يمكن العيش مجددًا بالعودة للماضي لأيّ عدد من المرات؟”
“ربما؟ الآخرون لن يملكوا وسيلة لمعرفة ما إذا كان الوقت قد عاد أم لا، لكن الشخص الذي يعود سيحتفظ بكل ذكرياته.”
“آها. إذًا الشخص الذي يعود هو الوحيد الذي يتذكر؟”
“…….”
فكرتُ في الصمت قليلًا لكنني لمحتُ نظرات رايان. بدا منهمكًا في الرياضة، لكنّ أذنيه كانتا صاغيتين بالتأكيد.
سيُكشف أمري لو أخفيتُ المعلومات..
“… يمكن العودة بصحبة آخرين أيضًا. إذا لمس الشخص الذي يعود شخصًا آخر أثناء العودة، يمكنهما العودة بالذكريات معًا.”
“حقًّا؟!” تحمس ريڤان.
أضفتُ بتعبير يملؤه الأسى: “هذا مقتصر على أصحاب القدرات فقط. لا ينجح الأمر مع البشر العاديين.”
“أوه، يا للأسف.” تمتم ريبان متذمّرًا قائلًا إنّه كان قريبًا.
لينا: ريفان كان محسب ان قدرة العودة بالزمن تشتغل على الكل و كان ممكن يستفيد منها
وأنا أتحدّث معه، غمرني الاكتئاب.
الرجوع مع أحدٍ آخر….
لقد فعلتُ ذلك.
لكن في هذا العالم الآن، أنا الوحيدة التي تتذكر تلك السنوات العشر التي اختفت.
كان حبيبي نايكي هو من أعاد الزمن، لكنّه كان صاحب قدرة مُصنّعة ولم يستطع استخدام قوته بالكامل.
كان الحد الأقصى لما يمكنه تذكره عند إرجاع الزمن هو 30 دقيقة.
وبما أنّه أعاد الزمن عشر سنوات كاملة، فلا بدّ أنّه نسي كل شيء.
لقاؤنا الأوّل، اعترافه الخجول، ذكرياتُ حبنا…
وحتى… أنا.
***
قبل العودة بالزمن. كان دوق فاسنبيرغ يربي ابنته فانيسا بصرامةٍ شديدة.
لأنّ امتلاك فانيسا لقدرةٍ من الدرجة الممتازة قد يشكل خطرًا لو أضمرت ضغينة تجاه العائلة أو حاولت التمرد.
في فترة النمو التي تتشكل فيها مفاهيم الخير والشر، تمّ إبعادها عن أعمال العائلة.
قيل لها إنّ لديها الكثير من الإخوة فلا داعي لأن تتعب نفسها.
لذا، ظلت فانيسا حتى بلغت سن الـ 16 لا تفعل شيئًا، و تعيش كأميرة سعيدة تمامًا.
تبدل فساتينها الجميلة كل يوم، وتتزين بالمجوهرات الفاخرة، وتسافر، وتأكل أشهى الأطعمة.
كانت أيامها عبارة عن سلسلة من فتح الهدايا الثمينة التي يحضرها والدها وإخوتها.
“آنسة فانيسا، هل وصلتِ!”
كانت المرة الأولى التي تشارك فيها فانيسا في أعمال العائلة في صيف عامها الـ 16.
في اليوم الذي ذهبت فيه لرعاية جنود العائلة المصابين أثناء حملة تطهير الوحوش، نيابة عن شقيقتها الثالثة ديانا التي كانت غائبة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 17"