“مع ذلك، أنا بخير.
بالطبع، لا يعني هذا أنَّني راضية عن هذه الحياة.
لو كنتُ شخصًا عاديًّا قليلًا، لَكان طفلي قد وُلِد بلا مشاكل.
ولكان نشأ في أسرة عادية، يتلقى الحب ويكبر بشكل جميل.
ولكان التقى شخصًا جيدًا، وقضى وقتًا طيبًا، وعاش حياته هكذا.
لكن، بلقاءه بي، أصبحت حياته تعيسة.”
“آه…”
“وأنا أيضًا، لم أمت، واضطررتُ لأن أعيش أكثر من مئة عام.
من دون أن يكون لي سلطة على أيِّ شيء…
لهذا أقول لكِ يا آيشا:
في الحقيقة، رغم أني أُحسِّن الكلام، إلا أنَّ تصبحي كاهنةً عليا يعني أن ترهني مستقبلكِ.
ولذلك أريد أن أسألكِ للمرة الأخيرة.”
أنا أعرف تمامًا ما الذي يقلقها، ولهذا أومأتُ برأسي بقوة.
“نعم، أنا بخير.
ربما سأندم لاحقًا، لكن… الآن على الأقل، أنا بخير.”
بدأت يدها ترتجف قليلًا، لكن لم يكن لديَّ خيار.
قلت بلساني إنَّني بخير، لكن لا توجد وسيلة أخرى.
إن كان ما رأيتُه هو حقًّا مستقبلنا…
‘على الأرجح… إنَّه المستقبل بالفعل.’
حتى وإن أردتُ أن أظن أنَّه ليس كذلك، إلا أنَّه يبدو وكأنَّه مستقبلُ آيشا، صاحبة هذا الجسد، بلا شك.
إن كان ذلك هو الحقيقة، وإن كان صحيحًا، فهذا يفسر كلَّ الأمور الغريبة التي حدثت لي.
من أول حلم رأيتُه، إلى كلِّ تلك الأمور العجيبة التي حلمتُ بها منذ وصولي إلى هنا.
‘ربما الآن يمكنني أن أظن أن الكاهنة العليا دبَّرت شيئًا.
لأنَّه منذ أن لمستني، بدأت فجأة أرى أمورًا غريبة من المستقبل لم أكن أعرفها.
لكن، تلك الأحلام التي رأيتُها قبل لقائها لم تكن بسببها.’
إن كان ذلك هو الحقيقة، وإن كان ذلك مستقبلنا، وإن كان تغيير المستقبل أمرًا ليس صعبًا كما فعلت هي…
ربما يمكنني أن أسلك طريقًا أسهل قليلًا.
“سأفعل. سأفعل ذلك، لذا أرجوكِ ساعديني.
حتى لا تحدث تلك الأمور التي حلمتُ بها فعلًا.
أريد أن أغيِّر مستقبلي أنا على الأقل.”
عندها فقط، أومأت برأسها ببطء.
“حسنًا، سأساعدكِ في أيِّ شيء.
أولًا، لنبدأ بالعلاج…
لنخرج الآن فورًا ونتابع ذلك.”
لكنني هززت رأسي نحوها.
“مولاتي الكاهنة العليا.”
“نعم؟”
“ألا يمكن أن نفعل ذلك لاحقًا؟”
تجمَّد وجهها قليلًا من كلامي المفاجئ.
“هل يجب حقًّا أن يكون الآن؟
هل هو أمر عاجل؟”
“إن واصلتِ آيشا معي، فسأستطيع التخلص من هذه الحياة ولو بيوم واحد أسرع.”
“آه…”
“لا أستطيع الموت إلا حين تظهر الكاهنة العليا التالية،.”
أنا أعلم كم تعاني، ولهذا أمسكتُ يدها بقوة.
“آسفة، لكن… إن تحركنا الآن، سيعلمون بالأمر.”
“وهل سيكون هناك مشكلة إن علموا؟”
“الآن… لا أستطيع أن أقول لكِ كلَّ شيء…”
حتى لو انكشف الأمر الآن، فلن يتغير شيء.
على أي حال، لا أستطيع كشف كل شيء في الوقت الحالي.
حتى لو شفيتُ لاري من مرضها، فلن أستطيع معرفة السبب.
ولكي أُسقط الدوقة الكبرى بسرعة وبشكل كامل، يجب أن أكتشف مدى إساءتها للتوأمين.
لهذا أحتاج إلى قليل من الوقت أكثر.
يجب أن أجد الأدلة.
“آسفة…”
“لا عليكِ.
لكن، هل ستخبرينني بالسبب لاحقًا؟
حتى أتمكن من مساعدتكِ فيما أستطيع.”
“نعم! وأرجوكِ… اجعلي هذا الأمر سرًّا بيننا في الوقت الحالي.”
“لن يكون سرًّا إلى الأبد.
لكن بما أنَّ الأمر سيكون مفاجئًا لآيشا، سأبقيه سرًّا الآن.”
“لن يطول الأمر.”
ويجب ألَّا يطول.
سأصنع الأدلة قريبًا.
ويجب أن أُخرج الدوقة الكبرى قبل أن يكبر الأطفال.
‘أولًا، عليَّ إيجاد الأدلة…
ما تفعله الدوقة الكبرى مع لاري…
ثم سأجد ذلك الشخص.
قبل أن يفقد عقله، سيشهد لنا ويعطي الطفل حبًّا حقيقيًّا.’
ما داموا لا يعرفون أن الكاهنة العليا معي، فسيتصرفون كعادتهم.
“حسنًا، أيشا.
لكن، أشعر أنَّ حالة جسد لاريت ليست بخير.
يجب أن تعودي سريعًا.”
“هل الأمر خطير جدًّا؟”
نظرتُ إليها بتركيز، فقد لاحظت أمرًا غريبًا.
أنا أعرف أنَّ تلك الرؤى هي قصتنا الحقيقية، وأعرف أنَّني عدتُ بالزمن، لكن…
لا أفهم لماذا تتلاشى قصة الرواية شيئًا فشيئًا.
‘في البداية، كان الأمر قصة رواية بوضوح.
أنا، والتوأمان، وكل من في هذا المكان، شخصيات في الرواية، وهذا لم يتغير.’
إذًا كان يجب أن تظلَّ أحداث الرواية تتدفق في ذهني.
‘كأنَّ أحدًا جعلني أتذكر الرواية لتحذيري، ثم الآن أخذ مني تلك الذكريات.’
بات الحد الفاصل بين كوني إنسانة عاشت في كوريا أو لا، غامضًا.
ولا أتذكر كيف انتهى أمر لاري…
أتذكر فقط أنَّها كانت مريضة جدًّا…
حينها فتحت الكاهنة العليا فمها.
“لم أرَ عن قرب، لذا لا أستطيع أن أقول شيئًا مؤكدًا، لكن شعرت بذلك.”
“آه.”
“آيشا، تمنح الفرصة، لمن يختاروا أن يكونوا كهنة عليا، ويكون معهِ إحساس ٌلا يمكن شرحه بالكلام.
لقد شعرتِ به، أليس كذلك؟”
الآن حين أفكر، ربما كانت تلك الراحة التي شعرتُ بها حين رأيت الكاهنة العليا، وعدم الارتياح حين رأيت الدوقة الكبرى أو خادمات التوأمين… هو ما تتحدث عنه.
“آه، صحيح…”
“تلك الأحاسيس ستساعدكِ على العيش فهي هبةٌ.”
أمسكتُ يدها بقوة.
“نعم، سأفعل. لذا أرجوكِ انتظري قليلًا.”
“حسنًا، وحين يحين الوقت، أخبريني. سأكون عرابتكِ.”
“حسنًا.”
نهضت ببطء.
ربما كنت متكئة عليها طوال الوقت، إذ شعرتُ بتشنج في ساقي.
لكن، حين هممتُ أن أعرج، شعرت فجأة بالدم يجري في ساقي، وزال الألم.
“أوه…؟”
“هل زال الألم؟”
“هذا عجيب!”
“ربما ستحدث لكِ أمور كهذه كثيرًا.
حتى إن جُرحتِ، أو أكلتِ شيئًا خطرًا، فلن يظهر عليكِ أثر.
إنَّه دليل على أنَّكِ مختارة، حتى لو لم يظهر ذلك للناس.”
إذًا، ربما لهذا لم أتأذَّ كثيرًا حتى عندما تناولت السم مثل لاري.
“مولاتي الكاهنة، إن أردتُ أن أسألكِ شيئًا، ماذا أفعل؟”
“الأفضل أن تأتي إلى المعبد، لكن سأضع شخصًا موثوقًا بجانبكِ.
بعد أيام، سيدخل إلى بيت الدوق.”
“آه… نعم!”
وفجأة…
“لماذا لا تخرجين؟! أليس هناك أمر خطير؟!”
فتح أحدهم الباب وركض إلى الداخل.
لم أحتج حتى أن أراه لأعرف من هو.
“لوهين! لا يمكنك أن تدخل هكذا بلا إذن!”
“توقيتك مناسب، يا دوق.
لقد انتهيت للتو من الحديث مع أيشا.”
“أه، فهمت.”
كان الدوق، الذي لحق لوهين وهو يحمل لاري النائمة، قد خفَّف تعابيره على الفور.
“أعتذر، مولاتي الكاهنة.
حتى لو انتهى الحديث، كان من قلة الأدب…”
“لا بأس، المشهد جميل.
يشبهك حين كنت صغيرًا.”
“أنا؟ حين كنت صغيرًا…؟ أهذا…”
نظر الدوق إلى لوهين الذي كان يتجه نحوي، وقد احمرَّ وجهه بشدة.
“لهذا يقولون إنَّ الدم لا يُكذِّب.”
“متى كنت أتصرف هكذا…؟”
“في هذه اللحظات، تبدو إنسانًا يا دوق.
ففي السابق، لم تكن تتفاعل مع أيِّ كلام، أما الآن، فأنت تبدو أكثر بشرية.”
“ما زلتِ تحبين ازعاجي، سيدتي الكاهنة.”
ثم تقدَّم لوهين وأمسك يدي فجأة.
“أنا… لستُ سعيدًا أبدًا.”
“أه؟”
كان لوهين، الذي بدا مزيجًا بين الكِبَر والطفولة، قد نفخ وجنتيه.
“كنتُ قلقًا.
أبي كان يمنعني من الدخول، وأنتِ لم تخرجي أبدًا.
هل تعرفين كم كنتُ قلقًا؟”
ابتسمت قليلًا لسماعي كلمة “أبي” بوضوح.
“كنت قلقًا؟”
“أه… لا! لا تظني أني كنتُ قلقًا عليكِ!
إنَّها لاري… لاري هي التي كانت قلقة عليكِ، لذا أنا كنتُ قلقًا.”
“لكن لاري نائمة.”
أشرت إليها بإصبعي.
“لا! لقد استيقظت قبل قليل!”
“صحيح… بالمناسبة، يبدو أنَّك أصبحتَ قريبًا من السيد الدوق.”
“قريب؟ لا.
على أي حال، لا يوجد ما يعجبني فيه.
إنه يعيقني دائمًا.”
لكن، بدا أنَّ لوهين قد تغيَّر قليلًا.
لا أعرف كيف كان الدوق سابقًا، لكن يبدو أن كلمة “أبي” أسعدته، فقد ابتسم قليلًا.
بالطبع، ما زالت أذناه حمراء من كلام الكاهنة العليا قبل قليل.
“يبدو أنَّ الطفلة نامت منذ قليل، أليس كذلك يا دوق؟”
“همم… يبدو أنَّها فتاة كثيرة النوم.”
هززت رأسي نفيًا.
سيدتي الكاهنة، أرجوكِ، قولي لا.
حتى أكثر الناس نومًا لا ينامون هكذا باستمرار.
ويبدو أن الكاهنة العليا فهمتني، فهزت رأسها نفيًا.
“لا، لا يوجد طفل ينام هكذا باستمرار.”
“حقًّا؟”
يبدو أن الدوق الغافل قد بدأ للتو في إدراك الأمر.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون الروابط، لحسابي واتباد، وقناة الملفات في أول تعليق~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 55"